نعم يونادم كنا لايمثلنا انها نهضة كلدانية حقا

   

الدكتور عبدالله مرقس رابي
استاذ وباحث اكاديمي
                            يدرك المتابع لتاريخ الكلدان المعاصر بوضوح ،ان وسائل وطرق تعامل الكلدان مع الاوضاع السياسية في البلدان التي يقيمون فيها وفي بلدنا الام العراق تمتاز بالحكمة والفطنة والصبر والتأني واحترام الاخرين بما فيهم الحكام على مختلف ايديولوجياتهم السياسية ،الا ان بعد الاحتلال الامريكي للعراق سنة 2003 لاسقاط النظام السابق وتدمير العراق حضاريا واقتصاديا وعلميا وثقافيا ،تحول النظام السياسي في بغداد الى نظام دينيي طائفي تحكمت فيه الاحزاب الدينية المحافظة التي تتبنى التعاليم الدينية في فلسفتها السياسية، تغيرت طبيعة العلاقة بينهم والحكومة الجديدة في ضوء المتغيرات المستجدة.
    وقد تأثرت طريقة التمثيل في البرلمان العراقي بتلك الفلسفة الطائفية، فقسم العراق الى مناطق شيعية وسنية،ولضمان حصة الاكراد والتركمان في البرلمان تم تقسيم الحصص من جهة اخرى على اساس قومي ، وخصصت خمسة مقاعد للمسيحيين المكون الديني الذي يشمل كما هو معروف من الكلدان الكاثوليك الذين يمثلون الاغلبية بنسبة 75% وتتوزع نسبة 25% بين النساطرة (الاشورين المعاصرون)والسريان الكاثوليك والسريان الارثودكس والارمن الكاثوليك والارمن الارثودكس واللاتين والروم الكاثوليك والارثودكس،وعلى اساس هذه النسبة ستكون حصة الكلدان الاغلبية اربعة مقاعد والطوائف الاخرى مقعدا واحدا فقط.وعليه لضمان حصة المكون الكلداني الاصيل في البرلمان كان على مفوضية الانتخابات ان تعلن المنافسة على اربعة مقاعد من المرشحين الكلدان ومقعد واحد للمكونات الاخرى من المسيحيين وفي كلتا الحالتين لو تعاملت المفوضية مع الكلدان على اساس ديني طائفي أو قومي فهم الاغلبية .
       ولكن كما بدأ من الانتخابات الماضية كانت عملية التمثيل في البرلمان معقدة بحيث منحت المقاعد الخمسة للمسيحيين على اساس ديني ،انما الترشيح كان قائما على الاساس القومي للطوائف المسيحية وكانت لهذه الازدواجية في التعاطي أثرا سلبيا لحرمان الكلدان وتهميشهم من التمثيل البرلماني وذلك لسببين رئيسين هما:
 أولا: لعب الحاكم المدني الامريكي (بول بريمر)دورا قذرا في وضع اسس النظام السياسي في العراق بعد الاحتلال،وكان من ابعاد هذا الدور تقرب منه يونادم كنا مسؤول الحركة الديمقراطية الاشورية والمعروف بشخصيته المراوغة والمتصيدة لتحقيق الاحلام الوهمية للاشورية التي لاوجود لها منذ سقوطها عام 612 قبل الميلاد على يد الكلدان ، وقد ساعد هذا التقارب الذي حصل بطرق كشفت فيما بعد على اعلاء شأنه في الساحة السياسية في الوقت الذي غابت فيه الاحزاب السياسية الكلدانية في بغداد لتأدية دورها، فاعطي زخم كبير للاحزاب الاشورية وهمش الكلدان وحصرهم بتصريحات غير منطقية على انهم طائفة دينية، وعليه تبنت الاحزاب السياسية العربية والكردية هذه الفكرة الخاطئة نحو الكلدان.
 ثانيا: وكان للعمل الذي اقدم عليه سركيس آغاجان في تأسيسه المجلس الكلداني السرياني الاشوري وتبنيه التسمية الثلاثية الهزلية والمثيرة للاندهاش والسخرية ،بدعم غيرمحدود من اقليم كوردستان -ولايزال لغز هذا الدعم مجهولا لحد الان –  تأثيرا كاملا في احباط الكلدان في العملية السياسية سواء في الاقليم أو في بغداد العاصمة،وذلك لمشاركته في القوائم الانتخابية،أي المجلس وترشيح الاشخاص الموالين له من الكلدان والاشوريين والسريان .
 علاوة ان عملية الانتخابات لم تكن نزيهة وقد تخللتها خروقات عديدة في حينها معروفة للجميع ،فهي انتخابات البلدان النامية وبالطبع ستكون نائمة ،وعليه يتوهم الذين يعتقدون ان كنا وجماعته انتخب من قبل الكلدان والسريان والاشوريين لان التمثيل واسس الترشيح اساسا كانت مبنية على طرق غير صحيحة كم بينت آنفا .
  استحوذ مناصري آغا جان ومرشحي الحركة الديمقراطية الاشورية على المقاعد المخصصة للمسيحيين وعلى اثرها استبعدوا الكلدان بهذه الطريقة الملتوية من المشاركة في العملية السياسية العراقية ،وقد توهمت الاحزاب السياسية العربية والكردية ان المسيحيين هم طوائف متعددة كما هم المسلمون ولايفضلون الا مرشحي طوائفهم.
    وقد توهم يونادم كنا توهما كبيرا عندما رأى نفسه اللاعب الوحيد في الساحة وبدأ تجميع ما بوسعه من امكانات لتحقيق فلسفة حزبه الشوفينية التي تؤكد على اقصاء والغاء الاخرين ،وطاب له في الحديث باسم المسيحيين وباسم الامة الاشورية وطوائفها السريانية والكلدانية كما يحلو له تسميتها وبارك بطريرك الامة الاشورية الوهمية تلك المحاولات في رسالته الرعوية لعيد الميلاد الاخير .
  نعم توهم كنا ،لان الكلدان بالمرصاد، كنيستهم الحريصة على مؤمنيها واقلام كتابهم التي دوختهم وجعلتهم لايميزون يسارهم عن يمينهم،فهي حقا نهضة كلدانية بعد ان شعر الشعب الكلداني بتهميشه واقصائه في العملية السياسية والادارية في بلده العراق قبل ان يكون بلد العرب والكرد والاشوريين المعاصرين الذين جاء بهم الانكليز من جبال ولاية حكاري التركية ,فلم يكن هناك من يسمى نسطوريا أواشوريا في الاراضي العراقية قبل نهاية الحرب الكونية الاولى .اذ ان الحكومات العراقية المتعاقبة تعاطت سياسيا واداريا مع الكلدان فقط دون غيرهم،الم تشعر الاحزاب والحكومة الحالية باخطائها في تعاملها مع الغربى عن الارض العراقية وأهل العراق وورثته الكلدان ،نعم الكلدان لهم الحق في وراثتهم للعراق لان دولتهم كانت آخر دولة اقيمت على الارض العراقية من السكان الاصليين.
     لماذا اذن يمثلنا يونادم كنا؟ سؤال مطروح على الحكومة العراقية والاحزاب السياسية العاملة في العراق اليوم،فاذا لم تعرفوا الحقائق فهذه هي:
  انكم تتعاطون مع الشعب العراقي ضمن السياقات الطائفية الدينية ،فان يونادم ينتمي الى ألطائفة النسطورية التي تشكل نسبة ضئيلة جدا من المسيحيين في العراق فهو لايمثل الكاثوليك الكلدان والسريان والارمن واللاتين، والارثودكس السريان والروم والارمن.أما اذا تتعاطون وفقا للسياقات القومية فان يونادم اشوري معاصر نازح من الاراضي التركية أثناء الحرب العالمية الاولى،وعلى اي اساس يمثل الشعب الكلداني والسرياني والارمني.اليس هذا تخبط ومهزلة في السياسة العراقية الحالية ؟أ تجهلون أم تتجاهلون هذه الحقائق؟
  وعليه لاتستغربوا من الصوت الكلداني الاصيل ،صوت البطريرك عمانوئيل الثالث دلي الذي انطلق من قلايته موجها اليكم والى كل المعنيين ليقول ان يونادم كنا لايمثل المسيحيون جميعهم بالذات الكاثوليك منهم وضمنا الكلدان هم من الكاثوليك ،قد يتوهم البعض ويعتبر ان هذا تدخلا سياسيا من قبل رجل الدين،فهو لم يطالب بمنصب سياسي ولايحرض المسيحيين على انهم كلدان بكل طوائفه،والغاء الهوية القومية للآخرين كما فعل البطريرك النسطوري مار دنحا قبل أيام معدودة ،فكل ماجاء في بيان غبطته هو ايضاح للمسؤولين السياسيين في الحكومة العراقية ان هذا الشخص لايمثل الكاثوليك ،فهومن حقه ان ينظم علاقات المؤمنين والكنيسة الكاثوليكية في العراق بطريقة مناسبة مع الحكومة العراقية تضمن حقوقنا  ،وبالاخص طالما هناك سياقات طائفية في التعامل السياسي مع الشعب العراقي.
     ومن هذا المنطلق نضم صوتنا مع غبطة البطريرك لاعادة النظر من قبل الحكومة العراقية في تعاملها وتعاطيها مع الشعب الكلداني ويمثله اشخاص كلدانين كاثوليك يتانفسون على المناصب المقررة لهم في البرلمان أو في الشوؤن الادارية الاخرى,وليس وفقا لمزاج اشخاص لاينتمون الى الكنيسة الكاثوليكية والشعب الكلداني. وعلى الوسائل الاعلامية العراقية ان تعي تماما ان يونادم كنا لاتعطي تصريحاته التي يطلقها صدى الا لدى الاشوريين المعاصرين فقط، أو عند النساطرة من المسيحيين.
اعتذر من القراء الاعزاء لخروجي قليلا عن السياق الاكاديمي في طرح الفكرة هذه المرة وذلك كما يقال طفح الكيل ونفذ الصبر .

 

 

You may also like...