ندوة ديترويت حلقة ثالثة من سلسلة حلقات نهضة الكلدان

أذا أعتبرنا أن مؤتمر نهضة الكلدان الذي عُقِدَ في في “سان دييكو” في نهاية آذار من السنة الماضية يمثل الحلقة الأولى، وأن المؤتمر الذي تلاه في السويد للفترة من 15 – 19\10\2011 يمثل الحلقة الثانية، فأن الندوة التي عُقدَتْ في مدينة ديترويت الأمريكية لمدة يومين، التاسع والعاشر من شهر آذار الحالي والتي نظّمها المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد في أمريكا وكندا، تعَد بحَقْ الثالثة من ضمن هذه الحلقات. حضر الندوة عدد غفير من المهتمين بالشأن القومي الكلداني في أمريكا وكندا، كما تم تغطية الندوة أعلاميا من قِبل مختلف وسائل الأعلام من ضمنها تلفزيون العراق وفضائية (MEA) المحلية وعدد من الأعلاميين الناشطين في أمريكا.

أٌفتُتِحَتْ الندوة بمبادرة رائعة من قِبَل مُنَظّميها وهي الصلاة الربيّة والسلام الملائكي على أرواح الشهداء بدلا من ما جرى العمل به في مثل هذه المناسبات وهو الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، وأفتتح الندوة الأستاذ فوزي دلّي بتقديمه للمحاضر الدكتور عبدالله رابي الذي قدّمَ محاضرته في القسم الأول من الندوة وكان موضوعها (من يقف وراء تهميش الكلدان ؟ وما هي الخيارات السياسية لشعبنا الكلداني ؟؟) وبأسلوبه العلمي والهادىء الذي تمَيَّز به ومخزونه العلمي والثقافي بحكم خبرته الأكاديمية لسنوات طويلة أستطاع أن يُشَخِّص الغبن الذي طال الكلدان منذ اليوم الأول لأستلام بريمر مقاليد الأمور في العراق، حيث وصل الأمر الى تهميش الكلدان بصورة خاصة والذين يمثّلون أكثر من 80% من نفوس المسيحيين في العراق. وأستطاع أن يوصل فكرته الى المستمعين الذين كان لبعضهم أسئلة جرت مناقشتها، أما القسم الثاني فتكلم فيه الأستاذ قيس ساكو مبيناً دور الكلدان الوطني في العراق منذ تأسيس الحكم الوطني الثاني فيه(1) ومساهمتهم فيه وبأخلاص وتفانٍ في تطويره بما تمَيَّزوا فيه من علوم وثقافة وأقتصاد، وكان هو أيضا وفيّا لهم فلم يبخل عليهم بحقوقهم التي يستحقونها عن جدارة فبرز من بينهم العلماء والأطباء والمهندسين والضباط والفنانين وكانوا مثالارائعا للمواطن الحريص على وطنه وأستعداده للدفاع عنه حتى الأستشهاد.

في اليوم الثاني 10\3\2012 أبتدأ المؤتمر بالساعة الحادية عشرة صباحا حيث أداره الأستاذ فوزي دلي وحضره أعضاء المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد في أمريكا وكندا وممثلوا الأحزاب والتنظيمات الكلدانية في مشيكان – ديترويت – وشيكاغو وكندا وبعد كلمات ترحيبية أعطى المجال للأستاذ عامر جميل الذي كان محور حديثه وكلمته حول” كيف يكون للكلدان تأثير ودور في الساحة السياسية ؟؟ ” جرت مناقشة الموضوع بشكل مفصّل من قبل الأخوة الحضور طارحين آرائهم وأفكارهم التي أتفقت جميعها على وجوب توحيد الخطاب الكلداني وأنبثاق قيادة موحدة طالما أن لجميع التنظيمات والأحزاب نفس الهدف وهو الوطنية العراقية، وعدم المساس بالتسمية القومية الكلدانية أو الدخول في مشاريع يتبناها أعداء العراق في تقسيمه الى دويلات هزيلة تنفيذا لأجندة أعدائه التاريخيين. حيث أستمرت المناقشات حتى الساعة الرابعة مساء وتم التوصل الى تشكيل لجنة للعمل على توحيد الخطاب القومي بين التنظيمات والأحزاب الكلدانية.

لم تفارق تفكيري المناقشات التي دارت خلال اليومين الماضيين بين الأخوة الكلدان كلٌ يشرح وجهة نظره التي يعتقد بأنها تساعد على وحدة الصف بين الأحزاب والتنظيمات الكلدانية، لا بل بين الكلدان بصورة عامة، الكلدان الذين يتميّزون ( كما وصفهم الأخ العزيز مؤيد هيلو ) بالغيرة والمحبة والأخلاص لبيتهم وجيرانهم وأصدقائهم وعملهم ولوطنهم – حد الأستشهاد – ووداعتهم مع جميع مواطنيهم بصرف النظر عن ديانتهم أو قوميتهم، يحترمون خيارات وخصوصيات الجميع في معتقدهم وأفكارهم، والذين هم ورثة أعظم حضارة في التاريخ الأنساني وتشرّفوا بنور الأيمان المسيحي منذ القرن الأول للمسيحية هؤلاء الكلدانيون الذين يحملون كل هذه الصفات والأخلاق، لماذا يا تُرى أنحسَرَ دورهم في وطنهم؟ هل بسبب أتّصافهم بكل هذه الصفات؟ قد يكون الجواب بالأيجاب بسبب الزمن الردىء الحالي الذي طغَتْ فيه روح الأنانية والغدر والكذب في سبيل الوصول الى الأهداف والمصالح لدى الدول الأستعمارية التي تملك القوة الغاشمة والتي نَحَّتْ جانبا مبادىء العدالة والأخلاق سواء كانت وضعية أو سماوية. ومما يحزّ في النفس أن يكون من بين من عملوا على محاربة وتهميش الكلدان مَن يَدَّعون بوحدة الشعب والأمة ولكنهم كانوا أول الحاملين لسيوف الغدر بمحاولاتهم الحميمة لألغاء وجود الكلدان وكيانهم، بتحالفاتهم ومؤامراتهم الشرّيرة مع كل مَنْ يستطيعون أغراءه للنيل من الكلدان. وهم من ينطبق عليهم قول عمر بن الخطّاب الى قائد جيش القادسية سعد بن أبي وقّاص “أحترزوا من ذنوبكم! فأني أخاف عليكم من ذنوبكم أكثر مما أخاف عليكم من عدوّكم!! ” فما العمل؟

العمل برأيي هو التكاتف وتوحيد الجهد الكلداني أحزابا ومنظمات وجمعيات وأتحادات في جبهة واحدة ولننظر الى الأمام ونتهيأ منذ الآن لتوحيد الصف الكلداني ليس فقط التهيؤ للأنتخابات النيابية القادمة سواء حدثت في موعدها أو قبله، بل في سبيل نيل كل حق من حقوق الكلدان في وطنهم وقطع دابر المتلاعبين بمصيرهم، ولتكن الشخصيات الكلدانية المرشحة لأية منصب أو أنتخابات سواء كانت لأنتخابات المجالس النيابية أو مجالس بلديات المحافظات لتكن ناتجة عن أتفاق الكلدان قيادة و شعباً، ولنأخذ ما قام به الكلدان في أمريكا وبالذات في مدينة ديترويت عبرة لنا للوصول الى أهدافنا، والقصة كما رواها صديق حدثت كما يلي وهي:

قبل سنوات قريبة ومع تزايد موجة العلمانية والألحاد في أمريكا عملت أحدى الجمعيات الملحدة والتي تضم من بين أعضائها مجموعة ممن يُطلَقْ عليهم ب “المثليين” مسرحية عن العشاء الأخير الذي أسس فيه الرب يسوع المسيح لسر القربان المقدس، وأستهزاءً بالمناسبة وضعت على منضدة العشاء السري مجموعة من عُلَب البيرة تحمل علامة أحدى شركات البيرة، ظنا من الشركة أنها مناسبة أعلامية للترويج عن منتوجها. أغاظ هذا الفعل الشنيع جاليتنا الكلدانية في ديترويت ولا سيّما أصحاب المحلات التجارية، فتضامنوا جميعا على مقاطعة منتوج تلك الشركة التي جنّ جنونها للخسارة التي سوف تواجهها جراء مقاطعتها من قِبَل الجالية الكلدانية، حاولت التوسط لدى جهات عديدة ولكنها لم تتوصّل الى أية نتيجة لأصرار الجالية الكلدانية على موقفها حتى تعتذر الشركة عن فعلها هذا وتُثَبِّت في نظامها الداخلي بمنع أستخدام منتجاتها للأساءة الى الدين المسيحي، وفعلا لم يتم شراء منتوج الشركة الا بعد أن رَضَخَتْ الشركة للمطالب الكلدانية.

كم سيكون مؤثرا وقويا أذا ما أنتظم الكلدان في جبهة واحدة في سبيل نيل حقوقهم بعددهم الذي يتجاوزالمليون في داخل العراق وفي المهجر على مختلف الجهات، وكم سيكون عدد الكلدان الذين سوف يدخلون الى البرلمان أو مجالس المحافظات دون منيّة الكوتا لو توحّدت كلمتهم وجهودهم لصالح قوميتهم وأمتهم الكلدانية؟؟؟

(1) الحكم الوطني الأول – كان حكم نبوخذ نصر بعد قضائه على الأمبراطورية الآشورية عام612 (ق.م)

بطرس آدم
14\3\2012

You may also like...