نحو مصالحة بين السنة والشيعة أم بين إيران والخليفة عمر(رض)؟

(البحث في محاولة لتحقيق مصالحة بين إيران والخليفة عمر بن الخطاب (رض)) كان عنواناً لندوة تلفزيونية في إحدى الفضائيات العربية. ولقد بدا العنوان في ظاهره محل دهشة واستغراب ان لم نقل محل تهكم واستهزاء، حين اختزل الصراع السني الشيعي بين الجمهورية الاسلامية في إيران وبين الخليفة الراشدي (رض) في وقت يتقدم الصراع هذا على ميلاد الجمهورية الاسلامية الايرانية وحكومات ايرانية ايضا سبقتها بقرون. واوحى العنوان المذكور، وكأن إيران هي السبب في أستمرار الصراع الطائفي بين السنة والشيعة والذي، أي الصراع، يمتد الى ما يقارب الالف عام ويزيد، وعلى أمتداد الالف عام هذا، كان الصراع قائماً وبدرجات متباينة واشكال متفاوتة اظهرت المذهبين السني والشيعي وكأنهما دينان مختلفان وليسا متفرعين من دين واحد ألا وهو الاسلام، وإلى أن وصل في عصرنا الحالي إلى قيام الطرفين السني والشيعي باستهداف بعضهما بعضاً وقتل رجال دين ومصلين من كلا الجانبين، ناهيكم عن مشادات كلامية جارحة طالت اعلام الاسلام ورموزه مثل: عمر بن الخطاب وزوجة النبي (ص) عائشة بنت أبو بكر (رض) وذلك على يد جماعة لا مسؤولة من الشيعة طافت شوارع مدينة الأعظمية السنية ببغداد لتسيء الى الرمزين المذكورين ورموز اسلامية اخرى مقدسة لدى السنة، من جانبهم فان السنة، ايضاً اساؤا الى رموز الشيعة ومذهبهم بل ان احد السياسيين السنة بلغت اساءته للشيعة حد القول: انهم (أولاد المتعة). و الأخجل من كل هذا ان حركة طالبان السنية في أفغانستان عند احتلالها لبلدة مزار الشريف الشيعية في شمال افغانستان وفي أحد الاعوام فأنها هتكت أعراض (800) فتاة وأمرأة شيعية والمخازي تتوالى.

أعود إلى العنوان: (البحث في محاولة لتحقيق مصالحة بين أيران والخليفة عمر بن الخطاب (رض)) وأقول انه كان الأحرى بتلك الفضائية ان تجعل من العنوان: (البحث في محاولة لتحقيق مصالحة بين السنة والشيعة) وهل بالأمكان لتحقيق مصالحة بينهما وطي صفحة الصراع الحالي الدموي والرهيب بينهما كذلك على أرض العراق وسوريا والبحرين ولبنان وشرق السعودية ومصر وفي باكستان وافغانستان..الخ ؟.

في عام 1964 برأت دولة الفاتيكان اليهود من دم السيد المسيح، اذ كان الاعتقاد بين المسيحيين ينص على ان اليهود من تسببوا بقتل المسيح، ونادت، أي الفاتيكان ببراءة اليهود من دمه، وبذلك فأن الفاتيكان أقدمت على خطوة جريئة وأنسانية، ولست أدري لماذا تمنح جائزة نوبل؟

بتبرئه اليهود من دم المسيح، طويت صفحة العداء بين المسيحيين واليهود بالمرة، وبفضل ذلك الاجراء من جانب الفاتيكان دخل الجانبان المسيحي واليهودي في أوثق العلائق فيما بينهما، وبمرور الايام تزداد هذه العلاقات قوة ومتانة.الطريف ان جمهوراً عريضاً من العرب وقفواموقف المعارض من الفاتيكان في حينه حتى ان صحيفة مثل الثورة العربية ذات الاتجاه الناصري ببغداد تهجمت على الفاتيكان واذكر من رسومها الكاريكاتيرية رسماً للسيد المسيح وبيده مسدس قرب فوهته من رأسه. كتب تحته: اذا لم يقتله اليهود فمعنى انه أنتحر! علماً ان الاسلام لايقول بقتل السيد السميح أصلاً. وستظل تبرئة اليهود من دم المسيح من الاعمال الخيره والمشرفة لدولة الفاتيكان.

تأسيساً على مامر، أرى بأن السنة والشيعة أحوج ما يكونان الى العمل بالمثال الفاتيكاني، ان عليهما ان يفكر بجد وشجاعة لانهاء صراع طائفي دموي مقيت بينهما يغطي مايزيد على الالف عام والذي ادى ومايزال الى أزهاق ارواح خلق كثير، ترى هل من ضرر لوقامت المراجع الشيعية في كربلاء والنجف وقم باصدار فتوى لتبرئه الامويين من دم السيد الحسين (ع)؟ لتبرئة يزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف الثقفي من دم الحسين واتباع ال البيت؟ فالنظر الى عمر وعائشة النظرة الى علي والحسين وفاطمة. لقد اثبتت المسيحية انها دين عفو وتسامح ومحبة وسلام.. الخ من المعاني السامية يوم برأت اليهود من دم السيد المسيح، في حين يقول المسلمون وعلمائهم، أن الاسلام هو دين محبة وتسامح وسلام، ومع ذلك تجدهم أبعد ما يكونون فيه عن المحبة والتسامح، بدليل استمرار نزاعهم الطائفي وعجزهم عن اصدار فتوى تبريء السنة والشيعة من دماء اريقت قبل الف عام وما تزال تراق الى يومنا هذا.ثم هل من الصحيح والعقلانية ان يجعل شيعة وسنة اليوم من انفسهم طرفا في صراع نشب قبل نحو الف عام بين هذا الطرف اوذاك من المسلمين ؟ ان علماء السنة والشيعة مدعون الى التقريب بين السنة والشيعة.

وعلى اهل السنة والجماعة وعلى الشيعة وال البيت، على مراجع الشيعة والسنة وكبار علمائهم ومشايخهم ان يعلموا انهم في خلافهم وطائفتهم صاروا أضحوكة في نظر العالم المتمدن الذي يسخربهم ويستهزي، وإذا أرادوا السلم والتقدم والرفاه لشعوبهم وبلدانهم، ماعليهم الا ان ينهوا النزاع الطائفي والدموي بينهم، وان يقتدوا بالفاتيكان وكل المناهضين للعنصرية وللتعصب الديني والمذهبي، ويسارعوا الى قبر صراعهم الطائفي العنصري، لأن في ذلك خير لهم ولابنائهم ولأجيالهم، والله محب للخير.

عبدالغني علي يحيى

Al_botani2008@yahoo.com

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *