نحن شركاء ولسنا تابعين

 

عام 2003 كان لأقليم كوردستان خيارات اخرى غير بقائه ضمن العراق لكنه اختار العراق لأنه ابن العراق وشريك في العراق اسوة بالمكونات العراقية الاخرى “فنحن شركاء ولسنا تابعين” جملة مقتضبة قالها السيد الرئيس مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان بألم، لوضح فيها مدى تضحيات اقليم كوردستان لأدامة صيرورة العملية السياسية العراقية، في العراق الفدرالي الجديد والقديم، وبالمقابل يجابه بتصرفات حكومة بغداد السلبية مع الاستحقاقات الدستورية للاقليم، تدفع الاقليم باتجاه لم يختاره سابقا.

نحن شركاء ولسنا تابعين جملة لها دلالات ومدلولات كثيرة لدى مريدي السياسة العراقية من الذين لاقوا الظلم والاضطهاد في الزمن السابق اسوة بما لاقاه الكورد والمكونات العراقية الاخرى ، واليوم اولائك الساسة قد وصلوا الى المناصب الاولى في الدولة العراقية ليطعنوا الاقليم في الظهر بالخروج عن الدستور الدائم الذي كانوا هم اول من صوت عليه، والنكول بالاتفاقيات الموقعة قبل وبعد سقوط النظام، والتي نصت على ان الجميع شركاء في الدولة العراقية ولا يجوز ان نعيد زمن التبعية وقيادات الضرورة ، فالشراكة تمثل المقاسمة والمناصفة بالحقوق كما الواجبات للجميع بالتساوي، واذا اخل طرف بعقد الشراكة، وتحمله الطرف الاخر مرة ومرتين وثلاثة وغض النظر مرات اخرى احتراما للاخوة التاريخية وتكريما لدماء الشهداء العراقيين اثناء مقارعة الانظمة الشوفينية التي كانت حينها تمثل شراكة حقيقية في النضال والتضحية بينهم، وحباً بالعراق ارضا وشعبا  ، لكن ربما في النهاية يضطر الطرف المظلوم الى انهاء الشراكة والابتعاد عن الشريك مجبرا لا مخيرا.

وفي ظل المتغيرات السياسية الحاصلة في الواقع العراقي الذي يواجه الكثير من التحديات الداخلية والخارجية وتحكم العلاقات المتشعبة المفتوحة اقليميا ودوليا وتدخلاتها السلبية والايجابية ، سوف يكون لأنهاء شراكة الاقليم مع الدولة العراقية الفدرالية وقع سلبي كبير على الدولة العراقية وخاصة بالفراغات السياسية والاقتصادية والامنية والثقافية والرياضية التي سيتركها الانفصال على المستويين الداخلي والخارجي، وذلك كون الاقليم اليوم يبين الوجه الحضاري الحقيقي للعراق ويظهر مدى نجاح العملية السياسية وتحقيق ممارسة الديمقراطية في الدولة العراقية، كما هو مثال للتعددية والتعايش بين المكونات على عكس الدولة العراقية، وهو الملاذ الامن للهاربين من جهنم الارهاب بالعراق الفدرالي ، وهو بيضة القبان لموازنة العملية السياسية وخصوصا بين متصدري القرار من السياسيين في المكون السني كما في المكون الشيعي ، كونه يقف كدرع حصين ليبعد العراقيين عن اي حرب اهلية داخلية مدفوعة الثمن مسبقا من خارج الحدود وباسلوب دبلوماسي متحضر من قبل السيد الرئيس مسعود بارزاني الذي يعتمد الحوار دائما لفك الخصام .

اما اقتصاديا فحدث ولا حرج فالاقليم هو المركز التجاري والصناعي والزراعي والتنموي الرئيسي المتبقي للعراق الفدرالي في هذه المرحلة ، كما له دوره المؤثر الايجابي الرئيسي في عمليات الاستثمار في جميع القطاعات المهمة للدولة العراقية لما يتمتع به من استقرار امني غير موجود في المناطق الاخرى ، وامنيا فان منظومة قوات حرس الاقليم التابعة لوزارة الدفاع العراقية تعتبر اليوم العمود الفقري للجيش العراقي للدفاع عن وحدة العراق الفدرالي والحفاظ على اهله ومؤسساته المستقلة والغير مستقلة بمختلف اختصاصاتها الثقافية والاقتصادية والسياسية والقانونية بالاضافة الى مراكز الاصلاح والتدريب والتاهيل والتعليم المتواجدة بالاقليم ، اما ثقافيا وفي ابسطها بعد ايام تعلن عاصمة الاقليم اربيل ( هولير ) عاصمة السياحة العربية لجمالها وتطورها واستقرارها بالاضافة الى المعارض الدولية التي تقام سنويا فيها ، وامور كثيرة لامجال لذكرها في هذا المقال .

في الختام على الزعامات العراقية التي ستتزعم البلد بعد اعلان نتائج الانتخابات التي جرت في الثلاثين من نيسان الماضي إن ينتبهوا الى كيفية إرساء أسس العلاقة الصحيحة بين الشركاء وتبني فكرة التعددية والشراكة الحقيقية في ادارة البلد للجميع بالتساوي، وإذا كانت لكل مرحلة سياسية تاريخية اسسها واساليبها، فان أولوية فكرة حكومة الشراكة الوطنية وايصال الاستحقاقات لكل من له حق هي مفتاح لحل اغلب واعقد الأزمات من اجل دفع العراق الفدرالي صوب استكمال الكيان العراقي من جميع النواحي وبمعايير وطنية حقيقية لصياغة مشروع وطني يذلل جميع الازمات الحاصلة . 

 بقلم لؤي فرنسيس

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *