نحن الكلدان ماذا جنينا من الكوتا المسيحية لندعم إقامة محافظة مسيحية ؟

والله لا اريد الخوض ولا احبذ الكتابة في المواضيع التي تشير الى تهميش حقوق شعبنا الكلداني وهو يشكل الأكثرية من المكون المسيحي ومكوناً وجزءاً اصيلاً من النسيج المجتمعي العراقي عموماً . ولكن حينما يتجسد الظلم والقهر والتهميش لهذا الشعب امامي ، لا املك قرار نفسي وأضطر للكتابة . اجل خرج الكلدانيون من الكوتا التي خصصت للمسيحيين من المولد بلا حمص ، وكتبنا وحللنا وألقينا اللوم على انفسنا اولاً وعلى من يعمل ضدنا بالسر والعلن ويصرف الملايين ويشغل ماكنة إعلامية رهيبة ضدنا ثانياً .
لقد نادينا وطلبنا بكوتا قومية للكلدان والسريان والآشوريين ، لكن اخوة لنا أفهمونا اننا اخوان في الدين ولا فرق بيننا ، وكانت النتيجة ابتلاعهم لكل المقاعد تحت ذريعة اننا شعب مسيحي واحد . وكما فعل بالأمس صدام حسين حين ابتلع الكويت بحجة انهم شعب عربي واحد .
إن الكوتا المسيحية لم تعكس المساواة والعدالة بين المكونات المسيحية التي تشملها تلك الكوتا ، فقد هيمن على مفاصلها الأحزاب الأديولوجية الآشورية ، لقد تولدت لدينا تجربة مرة من سيطرة هذه الأحزاب فالحركة الديمقراطية الآشورية كان دعمها المباشر من قبل الحاكم الأمريكي بول بريمر ، وحزب المجلس الشعبي كان دعمه من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني .
حسناً مع ذلك ايدنا الحزب الآشوري باعتبارنا مكون مسيحي واحد لكن هذا الحزب ، مع الأسف ، لم يتسم بالعدالة والمساواة بين مكونات هذا الشعب ، وتصرف معنا نحن الكلدانيون باستعلاء وكأننا عبيد لهم ، فقد استغلوا مواقعهم لالغاء تاريخنا وتراثنا وقوميتنا وبعثرة كنيستنا ، وقد افلحوا في مسح اسم قوميتنا الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، واليوم يلهثون وراء إلغائها من الدستور العراقي ، اتساءل إن كان لنا هكذا اخوان وأصدقاء فسوف لا نحتاج اعداء .
اجل إنها تجربة مُرّة كالعلقم مع الأحزاب الآشورية المتشددة ، وإن بعض الأخوان الموالين لهذه الأحزاب من الكلدان يريدون منا ان نكف عن الكتابة وأن نصفق لهذه الأحزاب ونسكت عما تقترفه من تفرقة فجة بين ابنا شعب واحد . إن هؤلاء يختزلون مطالب وحقوق الشعب الكلداني ببضعة مناصب تتكرم بها هذه الأحزاب
اقول لهؤلاء نحن لا نطلب صدقة او إحسان ، إننا نطالب بحقوق شعب اصيل . فلماذا تستكثرون علينا هذه المطالب ؟ أقصد بذلك الأخوة الكلدان الموالون للاحزاب الآشورية ، وفي الحقيقة نحن لا نعاني من الأخوة الآشوريين بل نعاني من الكلدانيين الذين تنكروا لقوميتهم الكلدانية ، ويبخلون علينا حتى الأعتزاز بتلك القومية بل يلصقون بنا تهم الخيانة والتآمر والتقسيم .. الى آخره .
تجربة الكوتا المسيحية كانت تجربة مرّة ومحزنة ، فهل يؤيد الكلدانيون إقامة محافظة مسيحية ، وماذا يكون نصيبهم من القرار السياسي والأقتصادي والقومي في تلك المحافظة ؟
ألا يكون مصيرنا مرهوناً بأوامر تلك الأحزاب المهيمنة على الساحة ؟ ألا يكون نصيبنا الخروج من المولد بلا حمص كما كانت تجربة الكوتا المسيحية ؟
اعتقد سوف نخرج من عبودية حكام اهل الذمة وندخل في عبودية اخرى . إجل انها عبودية اخرى فماذا يفيد الأنسان بعد ان يفقد حريته وهويته ، ويصبح تحت وصاية آخرين يقررون اسمه وهويته وانتماؤه .
في قرارة نفسي اؤيد اي حكم ذاتي لشعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، لكن ما فائدة هذا الحكم ان نصبح تحت رحمة احزاب قومية متشددة ؟ وهي تصبح وصية على مصائرنا ، الم يلجأ حزب المجلس الشعبي الى إلغاء القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ؟
أنا شخصياً منحت ثقتي بهذا الحزب ( المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ) ليكون مظلة حقيقية لهموم شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين ، وكان بودي ان اساهم بإمكانياتي المتواضعة في تطوره وتقدمه لكن اسقط بيدي حينما لمست ان مقدمة اولاياته تنحصر في هزيمة القومية الكلدانية من الساحة الكوردستانية والعراقية .
اما الأخوة في الحركة الديمقراطية الأشورية فقد اختزلوا تمثيل شعبنا المسيحي بتعيين احد اقرباء سكرتير الحركة بالمنصب المخصص للمسيحيين عموماً ( مع تقديرنا لشخصية السيد الوزير ) . فليس لنا تحفظ عليه بقدر تحفظنا على مسلك الحركة الذي يفرق بين ابناء الشعب الواحد ، إن تعامل الأحزاب الآشورية مع ابناء شعبنا الكلداني هو بمثابة تعاملهم مع اناس اقل منزلة منهم ، وهذا لا نقبله ، فنحن

شعب اصيل لسنا افضل من الآخرين ولسنا اقل منزلة من الآخرين .
ثمة رؤى مختلفة الى موضوع إقامة محافظة مسيحية ، ان إطلاق مثل هذه العبارة ( محافظة مسيحية ) غير مستحبة وليست مقبولة ، لكن احزابنا بعد ان ابتلعت طعم الكوتا المسيحية اصبحت مجبرة على قبول مفهوم المحافظة المسيحية . وإن قبلنا مفهوم محافظة مسيحية ووضعناه عنواناً فسيعترض عليها الأزيدية والشبك وغيرهم من المكونات فهؤلاء ليسوا مسيحيين فلماذا يقبلون بتلك التسمية ؟
إذا اردنا ان نقنع الآخرين بذلك علينا ان نقنع شعبنا بذلك اولاً ، وان نتعامل مع بعضنا بمنطق الديمقراطية وقبول الآخر ، وليس بمنطق الغالب والمغلوب وأن نكف من كيل الأتهامات لكل من ينادي بحقوق شعبه ، إن قوميتنا الكلدانية مذكورة في الدستور العراقي برغبة الشعب الكلداني ، وكانت مذكورة بالدستور الكوردستاني برغبة الشعب الكلداني ايضاً وحينما لجأت تلك الأحزاب وتلجأ اليوم الى إلغائها فإن هذه الخطوة تعتبر استفزازاً واحتقاراً للشعب الكلداني واسمه وتاريخه ، إنه عمل لا يمت الى الودية والأخوية بأي شكل من الأشكال ، نحن نؤيد اي تعاون او عمل مشترك على ان لا يكون بمنطق السيد والتابع ، الكلدان شعب حر وينبغي ان تحترم إرادته لا ان تفرض عليه وصاية ، نحن في زمن الحرية وزمن حقوق الأنسان وحقوق الاقليات ولا مكان لمن يريد قهر إرادة الشعوب . نحن مع اي استقلال ذاتي بأية صورة تضمن كرامتنا وتجعلنا نعيش حياتنا كبشر متساوون في الحقوق والواجبات مع الأخرين ، نحن جزء من النسيج المجتمعي العراقي نقدس هوية الوطن العراقي ، ونحترم الجميع ونطلب من الجميع احترامنا بنفس القدر .

حبيب تومي / اوسلو في 30 / 08 / 11

You may also like...