ام ترمي أطفالها في نهر دجلة وتثير تساؤلات حول تكرر الجرائم بحق الأطفال

أم تلقي طفليها بنهر دجلة

صدم عراقيون ومستخدمو مواقع التواصل العرب بخبر عن سيدة رمت طفليها من جسر الأئمة فوق نهر دجلة بالعاصمة بغداد.

وأظهر مقطع مصور، انتشر بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سيدة تحمل طفلا وتجر آخر من يده قبل أن ترميهما في النهر دون تردد وتركتهما يغرقان وكأنهما مجرد قشة.

بدا المشهد استعراضيا للوهلة الأولى، فقد شكك معظم العراقيين بصحة المقطع.

غير أن شكوكهم تبددت بعد أن سارعت قوات الأمن بالقبض على السيدة، التي اعترفت بعد التحقيق معها بفعلتها.

وبعد مرور يومين، أعلنت الشرطة في وقت متأخر من مساء الاثنين، العثور على جثة الطفلة بينما لا يزال البحث مستمرا عن شقيقها، حتى كتابة هذه السطور.

وذكر نشطاء أن الطفلين هما ابنا السيدة العراقية مشيرين إلى أنها “تخلصت منهما نتيجة تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد”.

في حين أرجعت مواقع وصفحات إخبارية السبب إلى خلافات مع طليقها، الذي كسب منها حق حضانة الطفلين.

بالموازاة، تداول نشطاء مقطع فيديو قالوا إنه لوالد الطفلين الذي كان قريبا من موقع الحادثة، بحسب ما ذكره نشطاء.

وأظهر مقطع مصور الأب وهو يبكي بحرقة على طفليه.

 

سر غامض وحلول مبهمة

هزت الحادثة الرأي العام العراقي وحازت على اهتمام وسائل الإعلام والمدونين في عدد من الدول العربية.

وأدان المعلقون هذا الفعل الذي وصفوه بـ “الوحشي” وطالبوا بإنزال أقصى العقوبات بحق السيدة.

وتساءل آخرون عن الدوافع والعقوبات المحتملة لهذه الجريمة. كما نادى بعضهم بضرورة تعديل قوانين الحضانة وحماية الأطفال

وقف النشطاء وخبراء الاجتماع حائرين أمام المشهد واستصعب عليهم فهم التركيبة النفسية للأم وصراعها على الحضانة و ‘كيف اختارت خسارة طفليها نهائيا على أن تخسرهما لصالح زوجها ‘.

لذا دعا بعضهم إلى التريث حتى ظهور نتائج التحقيق.وطالبوا بالبحث في أسباب انتشار الجرائم بدلا من المطالبة بتغليظ العقوبات .

ويناشد نشطاء الحكومة بإنشاء دورات لتأهيل الآباء نفسيا وإحداث وحدات للفصل في قضايا الحضانة التي عادة ما تنهي بصراعات بين الطرفين يذهب ضحيتها الأطفال.

كما يرى هؤلاء أن “محاربة الفقر والجهل فضلا عن إنصاف المرأة المطلقة قانونا من شأنه الحد من هذه الجرائم”.

في حين يرى آخرون أن “الخصاصة والفقر” لا يبرران ارتكاب هذه الجرائم التي تؤكد تجرد مرتكبيها من الإنسانية”.

ولم يجد أصحاب هذا الرأي سوى تطبيق عقوبة الإعدام كحل للحد من تلك الأفعال التي بات تتكرر بشكل ملحوظ.

وفي هذا السياق علق أحدهم: “يحتضن نهر دجلة الطفلين ولن يتخلى عنهما. كم من قصص ومشاكل ألقيت في قاع ذلك النهر ولا نعلم عنها شيئا”.

“ليست الجريمة الأولى من نوعها”

لا تعد “جريمة نهر دجلة” الأولى من نوعها، فقد سبقتها جرائم مماثلة، آخرها إحراق أب في كربلاء أطفاله النيام انتقاما من زوجته، بحسب ما أفاد به الخبير النفسي ومدير مركز سيبار للتحليل وإدارة التوقع، كمال الخلاني، لمدونة ترند.

ويرجع الخلاني ارتفاع معدلات العنف إلى “الآثار النفسية التي مرت بها الشخصية العراقية طوال العقود السابقة وما تبعها من ضعف في تطبيق القوانين الخاصة بحماية أفراد الأسرة، ومن ضمنها قانون محاربة العنف الأسري المعلق منذ سنين، إذ ترفض بعض الجهات السياسية إقراره بحجة أنه يتعارض مع الدين”.

ولكي يكون العلاج “جذريا”، يدعو الخلاني إلى تدشين مراكز لتثقيف المقبلين على الزواج، وإنشاء مراكز نفسية لتأهيل الأفراد، خاصة في المناطق التي شهدت صدامات وصراعات.

ويضيف: “بعض الجرائم التي شهدتها البلاد قد ترجع إلى اضطرابات نفسية تدفع الفرد إلى ارتكاب جرائم عنيفة لا تتناسب مع طبيعة الفعل ورد الفعل”.

ويختم بالقول: “جريمة نهر دجلة” لن تكون الأخيرة ما لم تبد كافة مكونات المجتمع موقفا جديا يعجل بإقرار قانون يحد من العنف الأسري ومعالجة الوضع الاقتصادي”.

وقد أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من الارتفاع الملحوظ للعنف، خاصة ضد الأطفال، منذ انتشار جائحة كورونا في العراق.

ولا يقتصر الأمر على العراق، ففي كل يوم تقريبا يضيف العالم العربي جريمة جديدة بحق طفل إلى سجلّه الذي لم يجف الحبر عليه بعد.

bbc العربية

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *