مُغالطات غبطة بطريرك الكنيسة النسطورية

 

البطريريرك النسطوري مار دنحا الرابع! ما أجهله بالتاريخ بل ما أبرعه بتعمد الجهل للتاريخ وهو الأصح، حيث يتنكَّر  لتسلسله التاريخي الإرتدادي، أسألك يا سيدي أليس تسلسلُك يرتبط بالبطريرك الكاثوليكي مار يوحنان سولاقا؟ وأنت البطريرك المُرتد رقم( 8) منذ ارتداد شمعون الرابع عشر سليمان 1700 – 1740 حتى آخر البطاركة الشمعونيين” شمعون الحادي والعشرين ايشاي الذي اغتاله أحد عملاء جماعتكم النسطورية المتزمتة عام 1975 في مدينة سان فراسيسكو الأمريكية بسبب تمسكه بجذوره القومية الكلدانية عن طريق احتفاظه بلقبه الكلداني على غرار سابقيه الستة ومن خلال ختمه المقروء ( مْحيلا شمعون بطريركا دكلدايي ) أما أنتم فلم يقتصرارتدادُكم على قوميتكم الكلدانية بتغيير ختمكم فحسب، بل على لقب كنيستكم النسطورية التي كانت ولا زالت بحسب الواقع التاريخي جزءاً من الكنيسة الكلدانية النسطورية التي نبذت الغالبية العظمى من أبنائها المذهب النسطوري المفروض على آبائهم وأجدادهم قسراً منذ أواخر القرن الخامس حيث ثاروا على طغيان بطاركة عشيرة آل أبونا الإستبداديين محتكري الرئاسة عن طريق الوراثة، وقاموا باختيار مار يوحنان سولاقا رئيس دير الربان هرمزد ليكون بطريركاً بديلاً لشمعون السابع الملقب”بر ماما” وتمَّ ما أرادوا وأصبح مار يوحنان سولاقا أول بطريرك كاثوليكي وأول شهيد للإيمان الكاثوليكي الحق نتيجة تآمر البطريرك النسطوري “بر ماما” عليه وذلك بنفحه مبلغاً كبيراً من المال لباشا العمادية عام 1955 لقاء اغتياله معتقداً بأن الساحة ستخلو له ثانية لإعادة نفوذ عشيرته وطغيانها على الشعب الكلداني ولكن هيهات!

 

كان البطريرك ماردنحا الرابع قساً نسطورياً بسيطاً في ايران، وبأمر من شاه ايران أقيم بطريركاً عام 1976 واتخذ له مقراً في شيكاغو/ عاصمة ولاية إلينوي الأمريكية وخرج على التقليد النسطوري بتلقيب ذاته بـ “شمعون” حيث اتخذ اسم دنحا ليتخلص من الختم المتوارث”محيلا شمعون بطريركا دكلدايي” ولا أريد الدخول في تفاصيل حياته الخاصة إذ يكفي أنني عرَّفته بسلسلته البطريركية المتصلة بالبطريرك الكاثوليكي الشهيد مار يوحنان سولاقا، واللبيب من الإشارة يفهم!. بيد أن هذا البطريرك لم يحذو حذو أسلافه السبعة المرتدين، واعتبرهم جبناء بعدم تنكرهم لقوميتهم الكلدانية وعدم تغيير أختامهم وعدم التباهي بانتحالهم التسمية السياسية الآشورية المزيفة، ولذلك راح يُمارس السياسة من أوسع أبوابها الى جانب تزمته المخزي بالتسمية الآشورية الموطنية الوثنية على حساب مهامه الكهنوتية والرئاسية لكنيسته النسطورية التي غيَّر تسميتها الى كنيسة المشرق الآشورية بطريقةٍ اعتباطية بعيدة كُل البعد عن الحقيقة التاريخية، فمنذ انعزال الجزء الصغير من أبناء الكنيسة الكلدانية النسطورية في منتضف القرن السادس عشر واصلوا الإحتفاظ بتسمية كنيستهم الصغيرة الموحشة بـ” الكنيسة النسطورية” وهو أكبر دليل على تخبط هؤلاء الكلدان النساطرة ” كلدان الجبال” ومنذ تحولهم الى التسمية  الآشورية التي أنعم عليهم بها المخادع الإنكليزي “وليم ويكرام” في الربع الأخير من القرن التاسع عشر حيث ازداد عنادهم وتزمتهم بالمذهب النسطوري الغير معترف به من قبل جميع كنائس العالم باعتباره هرطوقياً، واعتقد هذا البطريرك بأن تغييره وسرقته لإسم كنيسة المشرق وإضافته إليها اللفظة الآشورية المزيفة بدل الكلدانية ستُعيد إليها شيئاً من الشرعية أمام كنائس العالَم ولكن هيهات! فإسم كنيسة المشرق توارى منذ انشطارها الى شطرَين بسبب الهرطقتين النسطورية والمينوفيزية في القرن الخامس وحلَّ محلَّه إسم “الكنيسة الكلدانية النسطورية أو الكنيسة النسطورية اختصاراً” فهل يجهل غبطة البطريرك ماردنحا الرابع هذه الحقيقة التاريخية أم يتجاهلها بتعمد؟

 

ولنأتي الآن الى نصوص رسالته البطريركية لعيد الميلاد 2011 التي وجَّهها الى أتباعه كلدان الجبال النساطرة ” الآشوريين المعاصرين المزيفين” ووسع نطاقها لتشمل المسيحيين عموماً، كانت الرسالة على ركاكتها اللغوية ذات مقدمةٍ روحية جيدة ظاهرياً. تحدث عن ميلاد يسوع الرب مقتبساً آيات عن الإنجيليين لوقا ويوحنا. سرد فيها بعض الأمثلة ووصف ” الميلاد” بإعجوبة كبيرة وترنيمة الملائكة في بيت لحم بالرائعة حيث المجد في العلى والسلام على الأرض والرجاء لبني البشر، كما أشار الى الأخوَّة المسيحية والمعموذية والمحبة. كل ذلك جيد يا غبطة البطريرك، ولكنك للأسف أفرغته من معناه الروحي الحقيقي إذ لم تقتدِ بتواضع المسيح المخلص الذي إتخذ من مذود في مغارة ليضطجع فيه، أما أنت فمن مدخل الكبرياء والتعالي المشوب بالجهل بعيداً عن روحية الميلاد تحدثت بقولك:” اليوم نحن المسيحيون نعيش في بلدان المشرق نُعرَف بأسماء ثلاث كنائس هي: الكنيسة الكلدانية، الكنيسة السريانية، وكنيسة المشرق الآشورية. كمسيحيين مؤمنين يجب أن نحب ونحترم ونعمل معاً كأعضاء قطيع مسيحي واحد، وكأمة واحدة، لسنا ثلاث أمم، لكن أمة واحدة وشعب واحد، بالدم، بالتاريخ، باللغة. وكلنا كأمةٍ آشورية مسؤولون لكي نُحافظ على سلامة أبناء أمتنا كشعبٍ واحد”

غبطة البطريرك: بأيِّ منطقٍ شوفيني تحدَّثتَ؟ عن أيَّة أمة مزعومة تقصد ؟ بالتأكيد تقصد الدولة الآشورية التي انقرضت منذ أكثر من خمسة وعشرين قرناً أليس كذلك؟ وهل لا تعلم أن الذين قضوا عليها القضاء المبرم كانوا أسلاف كلدان اليوم؟ في أوج عظمة تلك الدولة المنقرضة لم تتمتع بصفة القومية لإفتقارها الى مقومات القومية، إذ كانت دولة مكونة من العديد من الأقوام تماماً كما هو حال الدولة العراقية اليوم، فهل تعتبر” العراقية” قومية؟ وإنما تسمية موطنية لأقوام مختلفة وهكذا تُعتبر” الآشورية” . نعم نحن شعب مسيحي واحد لأمةٍ حقيقيةٍ واحدة هي الأمة الكلدانية وكلُّ مَن يقول خلاف ذلك هو حاقد وجاهل وعدوٌّ للحقيقة والتاريخ!

 

ولماذا تعمدتَ يا صاحب الغبطة ذكر ثلاث كنائس فقط ؟ فماذا عن الكنيسة الآثورية القديمة التي انفصلتم عنها أو انفصلت عنكم في ستينات القرن الماضي والتي يرأسها اليوم البطريرك أدَّي الثاني؟ هل أختصرتم كيانها بكم؟ كما اختصرتم كيانَي السريان الكاثوليك والأرثوذكس في كيان سرياني واحد؟ أليست الكنائس التي تجاهلتها ذات كيانات مستقلة ورئاسات خاصة؟ أهذه هي الروحية التي إستوحيتها من وحي الميلاد يا صاحب الغبطة؟ ثمَّ يُضيف غبطة البطريرك مار دنحا وبتبجح لا يحسده عليه أعتى المتزمتين والمتعصبين على الباطل: ” لذلك جميع أبناء أمتنا المسيحيين من أيِّ كنيسةٍ يجب أن يكونوا منتبهين وساهرين لكي يحافظوا على السلام والأمن والإتحاد، يعملوا بايمان مع بعضهم البعض كشعب آشوري واحد. وأن يبتعدوا عن الكراهية والغيرة والجدالات الهدامة التي تجلب خسائر وانقسامات كبيرة لنجاحات أية أمة” سيدي البطريرك إسمح لي أن أقول لكم ولا تعتبروا كلامي جسارة على مقامكم فمِن المعروف عني أنني لآ أجامل مطلقاً على حساب الحقيقة. إن عباراتك السابقة هي عبارات مُرائية وتعصبية ومخالفة للمنطق والحقيقة، فليس هنالك شعب آشوري وإنما شعب كلداني نسطوري المذهب منتحل للتسمية الآشورية ذات المدلول الوثني حيث اُستُمِدَّت من إسم الإله الوثني آشور، وعند تحطم الصنم آشور اندثرت وزالت التسمية الآشورية مع فناء الشعب الذي تداولها ردحاً من الزمن قبل الميلاد.

 

لقد استغلَّ غبطة البطريرك النسطوري مار دنحا مناسبة دينية للتغطية على تورطه السياسي المكشوف والمستتر، مُحاولاً خلط الأوراق والتمويه على البسطاء من أبناء الشعب من جهة ومن جهةٍ اخرى التشجيع المبطن لأحزاب منتحلي التسمية الآشورية المزيفة للمضي قُـدُماً في نهجهم التعصبي الشوفيني ضِدَّ القومية الكلدانية وشعبها النبيل وتاريخها الأثيل. تُرى ما هو موقف كتاب الكلدان النساطرة كلدان الجبال والمتعاطفين معهم من المتأشورين الكلدان من الفقرات السياسية الواردة في رسالة عيد الميلاد للبطريرك النسطوري مار دنحا الرابع؟ ولماذا استولى عليهم الجبن للرد على رجل الدين النسطوري وشجب تدخله في السياسة؟ ولماذا يجن جنونهم عندما يصدر تصريح ما لرجل دين كلداني فيكيلون له اللوم ويتهمونه بالتدخل في الأمور السياسية؟ أليست بعض فقرات هذه الرسالة مليئة بالتلفيقات والإفتراءات السلبية المسيَّسة التي تُمجِّد الباطل ضِدَّ الحق؟ حتى متى يا سيدي البطريرك تبقون متشبذين بالإسطورة الويكرامية الفرضية العقيمة؟ إن هذه التسمية كانت نقمة على متبنيها الأوائل حيث أدَّت بهم الى الفناء الأبدي، إنبذوها قبل أن تُصبح نقمة عليكم أنتم منتحلوها المعاصرون لا سمح الله، لا تخافوا البدءَ من جديد، لأنها ستكون بداية مبنية على الثوابت القومية الكلدانية الأصيلة!!! حتى متى ستستوعبون العِبر مما جلبه عليكم الإنكليز خادعو آبائكم من الويلات والمصائب التي أدَّت الى خسارتكم الهائلة بالأرواح والممتلكات، نحن إخوتكم الكلدان نرثى لحالكم، ويؤلمنا تيهانكم، ونتقبل تجنيكم علينا الصارخ المبني على الأباطيل المختلقة التي تلفقونها بسعة صدر وطول أناة وثقةٍ بالرب القدير بأنه لا بدَّ أن يشملكم بعطفه وحنانه يوماً فتعودون الى حظيرة كنيسة امتكم الكلدانية ثمَّ تُصبحوا جزءاً فاعلاً في كنيسة المسيح الأوسع الكنيسة الكاثوليكية الجامعة المقدسة! اللهمَّ إنك السميع والمستجيب القادر على كُلِّ شيء!

 

الشماس د. كوركيس مردو

You may also like...