مَن يقـبل زوعاوياً بإسم زوعا فأجـر زوعا يأخـذ خـَـهـْـيا أومـْـثا كـَـلـْـديـثا

بقـلم : مايكل سـيـﭙـي – عَـبر البحار مؤقـتاً

برأس مرفـوع نقـول لكـل قارىء عـزيز بأنـنا لسنا نجـني عـلى أحـد حـين نهـتـف ( خـَـهـْـيا أومـْـثا كـَـلـْـديـثا ) فالـﭙـولونيّـون أيضاً يعـتـزّون بأمتهم الـﭙـولونيّة والعـرب يعـتـزّون بقـوميتهم العـربـية ، وإذا كان هـتافـنا هـذا مدعاةَ جـرحٍ لبعـض الرفاق فـليكـتبوا إلينا كي نداوي جـرحهم بالبلسم الكـلداني .
إسمحـوا لي بمقـدّمة كي أوضح نظرتي إلى المعـلن والمخـفي . أتـذكـر وأنا صبيّ في كـركـوك 1957 أن مصوّراً فـوتوغـرافـياً وافـته المنيّة فـتهـيّأ المخـلصون له وشكـّـلوا لجـنة ( غـير رسمية – الدنيا كانت بخـير ) وحـدّدوا عـصر يومٍ لبـيع أجـهزته في محـله القـريب من دكان والدي فحـضرتُ متـفـرّجاً عـلى طريقة البـيع بالمزاد فـكان كـل مصوّر يرغـب بالشراء يتـقـدّم إلى داخـل المحـل ويسجـل إسمه سِـرّاً والمبلغ الذي يرتأيه لشـرائه تلك الأجهـزة ، وبـين فـتـرة وأخـرى كان مسؤول من لجـنة البـيع يعـلن للحـضور عـن أعـلى سعـر وصل إليه المزاد دون معـرفة المُـزايـد وفي النهاية رسَـتْ المزايـدة عـلى أحـدهم عـلناً . كـما لاحـظـتُ طريقة أخـرى في بـيادر ألقـوش 1960 لبـيع الغـنم بالمزاد حـيث كان كل قـصاب يهـمس عـلى إنـفـراد في أذن صاحـب الغـنم لـيُـعـلِمه بالسعـر الذي به يرغـب شراء تلك الماشية دون إعلان السعـر الأعـلى الذي يُـعـطيه القـصابون وفي النهاية تـُـباع الأغـنام لأحـدهم دون أن يعـرف الآخـرون بكـم من الدنانير بـيعـتْ . وفي بغـداد – الباب الشرقي 1970 حـضرتُ مزاداً شعـبـياً كـله نـصبٌ وإحـتيال ، وفي مزاد الصبّاغ – ساحة الأنـدلس 1980 كانوا ينصبون الفخاخ لإيقاع المُـزايـدين ذوي النيات السليمة بها ، وهـناك من التجار الغـشاشين ( يـطـَـيِّـرون العـقـل بممارساتهم الشيطانية ) أثاري الناس كـلها تـغـش وإحـنا ما نـدري !! ومن جانبي فأنا لم أتعاطَ ولا أجـيد العـمل في هـذا الحـقل المالي المنحـرف ، ولستُ مقـتـنعاً بها جـميعها لأنـني لا أرغـب العـمل في الخـفاء إلاّ أنـني حـضرتُ مزاداً عـلنياً حـكـومياً في سدني وإشتـريتُ سـيارة منه بإرادتي الحـرة وأنا مقـتـنع بالسعـر .    
وللتمهـيد لمقالنا نـقـول : حـين نكـتب فهـناك من الناس الفارغـين والمتـفـرغـين يُـشغِـلون وقـتهم في العـمل في الظلام أو في الضباب لنشر تأويلاتهم وتحـليلاتهم ودسائسهم ونميمتهم وهم لا يفـقهون ولا يتجـرّؤون عـلى المجابهة بل وبـدون ملل ينـقـلون نـفاقهم إلى مَن يعـطي لهم أذناً صاغـية متـناسين أن المسيح قال : ( ليس ما يدخـل الفـم ينجـس الإنسان بل ما يخـرج من الفـم هـذا ينجـس الإنسان . متى 15 : 11 ) .
ولـندخـل في مقدّمة الموضوع ، فحـين يطرق بابنا ساعي البريد نفـتحه له ونقـبله كموظف ذي مهـمّة معـروفة نستلم منه رسائـلنا وليس كفلاّح وواجـبنا الأدبي أن نشكـره أمّا أجـرُنا يكـون عـند ربنا بمقـدار قـبولنا له ، وإذا طرق بابنا عابر سبـيل فإنـنا نفـتحه له أيضاً لنستـفـسر منه مأربه فـنساعـده ونكون قـد قـبلناه بصفـته كسائل حاجة فـنستحـق أجـرنا بمستـوى قـبولنا له ( ولسنا بصدد مَن يوافـينا ) وإذا طرقه ضيفاً فإنـنا نستـقـبله كـضيف وكـما نـقـول بالعاميّة نضعه عـلى رأسنا وهـذا هـو قـبولنا له فـغـداً نكـون ضيوفه فـيكـرمنا وهـذا هـو أجـرُنا منه . ولا شك إذا طرق شرطيّ بابنا نـتفاجأ فـماذا عـساه أن يريد منا ؟ وفي ذات الوقـت نقـبله بإعـتباره سلطة فـنـتجاوب معه ونستحـق ثـناءه لتعاونـنا معه وهـذا هـو أجـرُنا منه . فـنحـن نـتفاعـل إزاء جميع الأمثـلة تلك بالقـبول مستحـقـين أجـرنا ولكـن لكـل مقام مقال ، فـلا يمكـن أن نقـبل مستجـدياً بصفة زعـيم ، ولا منظـف المفـروشات كـعَـدُوٍ ، ولا نقـبل مخادعاً أو مراوغاً كـملاك . إن هـذه ليست فـلسفة مبتـكـرة من عـنـدنا ولكـنـنا تعـلمناها من معـلمنا الأعـظم يسوع المسيح حـين يقـول : ( مَن يقـبل نبـياً بإسم نبيّ فأجـر نبي يأخـذ ، ومَن يقـبل باراً بإسم بار فأجـر بار يأخـذ . متى 10 : 41 ) . إنه منطق رب الأكـوان ومَن له رأي مخالف لمضمونه أو لنـصِّه فـليكـتبه عـلناً ليقـرأه الجـميع ولا يهـمس هـنا وهـناك حـين نـقـول : إن مَن يستـقـبل وفـداً من أعـضاء حـزب زوعا بإسم زوعا ، فأجـر زوعا يأخـذ ..
ولنأتي إلى جـوهـر المقال ، فحـين رفـض سيادة المطران إبراهـيم إبراهـيم قـبولَ زيارة وفـد من المجلس الشعبي إلى مقـر مطرانيته في شـيكاغـو فإنه حـدّد موقـفه بمحـبّة أولاً ثم بعـلنية وصراحة وجـرأة ! مبـيّـناً أن ليس عـنده أيّ تعامل مع أولئك السادة وبالتالي ليس عـنده إستـعـداد لإستـقبالهم كأعـضاء في حـزبهم وهم ناكـري قـوميته بلسانهم عـلناً وبكـتاباتهم آيديولوجـياً ، وفي الوقـت نـفـسه وإنطلاقاً من موقعه كأسقـف مبتعِـداً عـن أية ضغـينة شخـصية ومتجـنباً المذهـبـية والقـومية قـدّم شهادة حـية عـلى محـبته المسيحـية لهم حـين قال إنّ أبواب المطرانية مفـتوحة للجـميع وقـبـِلـَهم كـضيوف عـنده بمرافـقة آخـرين غـيرهم . إذن المطران مار إبراهـيم إبراهـيم إستـقـبل رجالاً ضيوفاً فأكـرمهم وكان الشكـرُ أجـرَه ، ولا شك إذا زارهم غـداً فإنهم سيستـقـبلونه ضيفاً كأسقـف أيضاً وليس كـوزير أو قائـد سياسي .
وهـنا تـذكـّـرتً بعـضاً من أوضاع العـراق أيام النظام الماضي حـين كان المسؤول يتـخـذ قـراراً ليس قـرارُه . فـكـنا نـقـدّم طلباً مباشراً إلى الوزيـر ويتأخـر الردّ عـليه ثم نراجعه مباشرة مرة ثانية ، عـنـدئـذ كان جـواب الوزيـر المسكـين : لقـد رُفِـعَ طـلبكم إلى جهات عـليا !! فـكـنا نعـلـّـق فـيما بـينـنا ونـقـول (( يا با ، أنتَ العالي ، من هم أولئـك الجهات العـليا ؟ )) وفي الحـقـيقة لم نكـن نستبعـد أن السيد الوزيـر العالي هـذا ربما يرفع تلك الطلبات إلى سكـرتيرته أو إلى موظف في مكـتبه ولكـنه أعـلى درجة حـزبـية منه ( صُـدُﮒ يـﮔـولون إنّ للضرورة أحـكام ، ولكـن حَـﭽـي بـيناتـنا ، إحـنا ياهـو مالـتـنا بالإنـﮔـليز ؟ ) .

You may also like...