من اجل حكومة وطنية

 

في الثلاثين من شهر نيسان الماضي خرجت الجموع العراقية لتثبت للعالم بأننا شعب متحضر يبحث عن الافضل وينتهج النهج الديمقراطي الحقيقي لتداول السلطة من خلال انتخابات يشترك فيها العراقيين بجميع اشكالهم وقومياتهم وطوائفهم ومذاهبهم، فمنذ 9-4-2003 وانهيار نظام الحكم في العراق بمساعدة القوات الدولية بعد تدمير البنيتين التحتية والفوقية بسبب سنوات من الحصار قبل الضربة العسكرية ، والضربة العسكرية التي لم يشهد مثيلها في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، والتي دمرت فيها الدوائر والمؤسسات والمنشآت والمصانع وانتهت حقبة زمنية كاملة لنظام حكم جمهوري مركزي، لتبدأ بعده الية ونظام حكم جديدة بعملية سياسية وفق منهج جديد لم يكن العراقيين قد عرفوه سابقا، اعتمد على الشراكة والتوافق والتوازن في الحكم وفي العملية السياسية باسلوب “الديمقراطية” ، كما جاء في الدستور العراقي الدائم المادة الاولى – اولا  “جمهورية العراق دولةٌ اتحاديةٌ واحدةٌ مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ”.  وعلى ضوء تحليل هذه المادة من الدستور اعتمدت الشراكة الوطنية في الحكم والتوازن في مؤسسات الدولة من حيث الاشتراك بأدارتها والعمل فيها من جميع المكونات والاطياف العراقية،  اما التوافق الذي يمثل اتخاذ القرارات المصيرية لتسيير الدولة العراقية من خلال قبول جميع الاطراف العراقية بقرار معين، ان كان داخل قبة البرلمان او في المؤسسات التنفيذية، وكون هذه العملية بصورة عامة عملية جديدة على البلد فقد شوهتها بعض التصريحات والاطراف واخلت بميزان التوازن الحقيقي في العملية السياسية المتفق عليه دستوريا ، ومنذ عدة سنوات بدأت اطراف نافذة من العملية السياسية بالنخر بالاسلوب الديمقراطي وبمسيرة العملية السياسية وتحويلها الى دكتاتورية بغطاء ديمقراطي من خلال الخروج عن بنود الدستور والخروج عن الاتفاقات ورسم سياسات تخدم مكون معين دون الاهتمام بالاخرين ، وهذا ما ادى الى حدوث  بعض العراقيل والازمات بين المكونات والكتل السياسية بسبب عدم نضوج الفكرة الاساسية للعملية السياسية بصورة واضحة وجلية لدى الحكومة في بغداد.

 لذلك فأمل العراقيين لحل اشكاليات العراق المصيرية القائمة حاليآ يعتمد على التغيير الذي كان هدف العراقيين في المشاركة في الانتخابات والتي تجاوزت نسبة المشاركة فيها 60%  حسب ادعاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية وهي نسبة عالية جدا بالنسبة لبلد مثل العراق .

 في الختام الواجب الوطني والضرورة الحضارية تفرض على الكتل السياسية الفائزة بالانتخابات التسلح بالعقلانية التي تقود البلد حتما الى انجاح عملية الحوار وتفعيلها على جميع المستويات السياسية والشعبية لبناء الثقة المتبادلة بين جماهير كل المكونات القومية في العراق الفدرالي . ونطالب الجميع ان يتخطي ما يعترض المسيرة الوطنية بروح ديمقراطية من خلال مبدأ الحوار الاخوي البناء والشفاف والحرص الشديد على حقوق كل مكونات الشعب العراقي والعمل على تعزيز مبدأ المكاشفة والمصارحة  من اجل التوصل الى حلول حقيقية وعملية  ناجعة ومنصفة تظهر الحق وتعيدهُ الى اصحابه الحقيقيين بغض النظر عن انتماءآتهم  القومية والدينية والفكرية وحجمهم في محيط العراق الاتحادي.

 بقلم لؤي فرنسيس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *