مناهج تأريخنا المبتور انجبت داعش واخواتها

يفكر ويؤكد الكثير منا وخصوصا من النخبة المثقفة بان مايحصل في العراق وسورية من ارهاب هو من صناعة غربية، أي هو فعلة امريكية اسرائيلية او من الدول الغربية الاخرى ، وهذا ما تم شرحه في مقال سابق لنا ( ازدواجية التعامل مع ما يسمى بنظرية المؤامرة) ، ونؤكد اليوم بان داعش ليس صنيعة احد بل هو فكر ديني متطرف وافراده ليسوا من المرتزقة الذين يبحثون عن المال وانما هم اصحاب عقيدة فكرية متطرفة، ربما شبيهة بالفكر الماسوني الذي ولد من خلال شحن الحاخامات الطائفي في زمن مضى ، وجاء بالماسونية التي ارهبت العالم عقود من الزمن، كما ولادت داعش الارهابية من خلال شحن طائفي ديني متطرف لجهود مجموعات من رجال الدين الاسلامي ومدارسهم لعشرات العقود والتي تسببت في ظهور طلبان والقاعدة وبوكوحرام وداعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة والارهابية ، وهم ثمار لتلك المدارس والتي هدفها الغاء وقتل الاخر ، والغريب العجيب انه لم يظهر من العالم الاسلامي رسميا بعيدا عن الفرديات ، أي تكفير او تجريم حقيقي لداعش من المؤسسات الاسلامية كالازهر وغيرها من المؤسسات ، لكن كان هناك تكفير وتجريم فردي من رجال دين كما التجريم الذي يعلن عنه من الدول العربية رسميا والذي يفسر بخوف انظمتهم من انتشار داعش في بلدانهم فتضرب مصالحهم .

اما الجانب الاخر من مشكلة وجود داعش وتزايد افراده فيكمن في المناهج الدراسية وخصوصا درس التاريخ في البلدان ذات الحكم الاسلامي ، فان هذا المنهج المهم في المراحل الدراسية عموما لم يكن يوما صادقا مع تلامذته ودارسيه ، او بالاحرى كان يأخذ الجانب الايجابي والمثالية فقط ويترك السلبيات او نقول المسببات التي ادت لظهور هكذا تأريخ دموي، فمثلا التأريخ يتحدث عن أمجاد الدولة الأموية وفتوحاتها العظيمة، ويتناسى مافعله يزيد بن معاوية لأهل المدينة من ابادة جماعية، ويتحدث عن بطولات عبد الملك بن مروان ويغفل بان هذا الرجل قصف الكعبة بالمنجنيق ، يتحدث التاريخ بمثالية عن فتح الأندلس وشجاعة طارق بن زياد في إحراق السفن ويخفي أنه عُذب وسجن ومات متسولاً لأنه أصر على تسليم السبايا الأسبانيات للخليفة الوليد في دمشق!! كما اخفاء اسباب مقتل الكثير من الخلفاء  في عهد الدولتين العباسية والاموية وقبلهما .

فكُتاب المناهج التربوية كان عليهم اكمال القصص التاريخية وعدم تدريسها مبتورة ووضع جميع الجوانب بما فيها المأساوية ، فإن أردت التعلم من التاريخ فعلمه لأبنائك بحسناته وسيئاته.. وإن أردت منهم احترامه فلا تحوله الى أسطورة مثالية يكتشفون ضعفه لاحقا..

إن أردت عدم تكرار أخطاء الماضي فافعل مثل ألمانيا في الحاضر حين اعترفت بفظائع العهد النازي وأصدرت قوانين تمنع تكرار ما حدث وتولي الحركات المتطرفة للسلطة! فحين تعلم أبناءك التاريخ بطريقة خاطئة سيطبقونه بطريقة خاطئة .

بقلم لؤي فرنسيس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *