مقابلة مع سياسي كلداني مضطهد بويا كوركيس \ عنكاوا(10)

نتابع وجمهورنا الكريم لنشر ما عاناه شعبنا من ضيم وقهر ودموع ومأساة ومآسي عديدة ومتنوعة ، سببه ظلم وجور وعصف سلطات فاشية متعاقبة حكمت الشعب العراقي بالحديد والنار في العهدين الملكي والجمهوري معاً ، دون معالجة حاجة وحقوق المواطن العراقي المتطلع والحالم بغد أفضل.

بسبب تلك السياسات الهوجاء العميلة لدول أجنبية من خلال أجهزتها القمعية وجبروتها ، نفذت تلك السلطات المؤذية والمدمرة لشعبها ووطننا حباً بالسلطة والمال والجاه ، ونحن اليوم نجني من ورائها الغربة والتغرب والنزوح المتواصل والقتل المستمر والسجون والمعتقلات العاتمة القاهرة ووووالخ لعموم الشعب العراقي الذي عاني الأمرين من تلك السياسة الطائشة ومن قبل  أنظمة مختلفة ملكية كانت أم جمهورية ، قومية أو بعثية حكمت الشعب بدون وازع ضميري أنساني وقومي وحتى ديني ، وها نحن نتواصل وأياكم كنموذج صارخ لمعاناة الشعب العراقي بسبب الحروب الطاحنة المدمرة للأنسان وللبنى التحتية للوطن وفقدان القدرة الشرائية للأنسان العراقي ، لتضعف عنه حتى الروح الوطنية الذي ذاق المر والهوان من جراء الأعمال البربرية الهمجية المشينة.


س43 : ما هي الأمور التي لفتت أنتباهكم وعملتم لمعالجتها وأنتم في طهران؟

ج:  خلال تواجد أبناء وبنات شعبنا الكلداني وعموم المسيحيين في طهران حيث هُم في المخيمات وخارجها ، قمت بالتنسيق مع قس سوري الأصل مقيم في طهران ، تربطه علاقة وطيدة مع السفير السوري ، وعن طريقه توصلت من لقاء السفير السوري ، متجاوباً معي في العمل الأنساني لمساعدة اللاجئين وصرف فيز سورية لهؤلاء ، حيث تمكنوا من مغادرة طهران الى دول الغرب الأوروبية ترانسيت ، ومن هناك حصلوا على اللجوء في تلك الدول.
س44:  ممكن أن تحدثنا عن عائلتك وهي في عنكاوا ؟ وعن مصيرها؟
ج: بعد أن أستقريت وأمنت وضعي في طهران ، دخلت العراق عن طريق كوردستان متسللاً الى أقرب قرية قريبة من عنكاوا ، تمكنت من مغادرة عائلتي (زوجتي والطفل روبن) بأستثناء المرحومة والدتي ، حيث أمتنعت عن مغادرة عنكاوا بسبب الممتلكات والأراضي الواسعة التي في حوزتنا.  
س45: وماذا عن مصير المرحومة والدتكم؟ وكيف تعاملت السلطة معها؟

ج:للأسف الشديد بدأ القلق يراودني تجاه المرحومة والدتي ، خصوصاً بعد وصول عائلتي مع طفلها الى طهران وأمتناع المرحومة عن اللحاق بنا ، وفيما بعد وصلتني اخبار لا تسر العدو فكيف بالصديق وأبنها الوحيد؟ مفادها قدوم السلطة البعثية الجائرة العديمة الأنسانية للأمومة والطفولة والعاجزين ، بقطع الماء والكهرباء عنها وسلب ونهب محتويات الدار من آثاث وغيرها مع حجز جميع العائدية لنا من ممتلكات ثابتة ومتغيرة بما فيها الأراضي الزراعية المفوضة بالطابو.. تواصلت السلطة البعثية  تحقيقاتها الجائرة مع المرحومة من قبل الأمن بشن حرب نفسية قاتلة وأستفزاز متواصل ، حيث كانت تبقى في الأمن من الصباح وحتى المساء بدون أكل ولا شرب ، أنتقاماً منها وعسفاً لها لغرض رجوعي الى عنكاوا للنيل مني ثانية ، كونهم مصرين على تواجدي ضمن البيشمركة المناضلين المقاومين للسلطة الدكتاتورية ، فلم ترضخ لهم ولكل ما جرى لها بل بالعكس كانت صلبة وقوية في مواجهتهم ، وترسل الأخبار الجيدة عنها وبعدم رجوعي للعراق مهما كانت النتائج.
س46:  ممكن أن تسعفنا بمعلومات أخرى عن مصيرها المؤلم هذا ، وكيف حسم الموضوع؟

ج: يتحصر بلهف.. ثم يتواصل الحديث بألم .. بموجب الأخبار المتداولة في المنطقة (أقاربي وأصدقائي) ممن عايشوا وتابعوا الحدث ، بعد فترة قامت السلطة بترحيل المرحومة والدتي مع عدد كبير من نساء عنكاوا من عوائل الشيوعيين العنكاويين الحاملين السلاح ضد السلطة الهمجية في كردستان العراق ، حيث نقلوا العوائل بالسيارات العسكرية المكشوفة ورموهم في جبال ووديان كوردستان ، غير آهبين لما يجري لهم ووعورة المنطقة والظروف القاهرة ومواجهة الحيوانات المفترسة ومعرفة وجهتهم وطريقهم الى أين هم سائرين وهم غرباء عن المنطقة وتعقيداتها الجغرافية.

س47:  وماذا بعد كل هذا الظلم والجور والتعسف والموت المحقق ، ماذا جرى لها!!؟؟

ج:توقف برهة .. ثم أجاب مشكوراً.. كانت تسكن مع والدتي معلمة عانسة من أهالي كويسنجق كلدانية القومية مؤجرة غرفة عند والدتي ، وحال سماعها بنبأ ترحيلها من عنكاوا قامت بأخبار أهلها وأقاربها بالموقف ، فتتبعوا أثرها في منطقة قضاء كويسنجق وقرية أرموتا ، فعثروا عليها مصابة بكسر في رجلها دون أن تتمكن من الحركة ، فتم حملها ونقلها الى قرية أرموتا معتمين على خبر تواجدها لتعيش مع عائلة من القرية ، وبعدها رحلوها ليلاً الى عنكاوا في بيت أقاربنا ، لتجرى مساومة مع مدير أمن عنكاوا لقاء فدية من المال رشوة له مقابل حرية تواجدها في عنكاوا وهي طاعنة العمر.

س48:   وماذا عن عموم صحتها وكسر في رجلها ، وهي أمرأة طاعنة في السن؟

ج: بموجب الأخبار التي وصلتني من أقاربي فلم تتعافى من الكسر الذي أصابها ، وهكذا بقيت تتألم تجاه نفسها ونحوي والعذابات التي ترافقها ليل نهار من وضع نفسي  سيء للغاية ، مع تفكير سلبي متواصل كل لحظة وتغرب ولدها وعائلته عنها ، لتجتمع كل معاناتها وعذابات الزمن القاسي لها ، فتدهورت صحتها رويداً رويداً حتى فارقت الحياة ونحن متألمين أكثر منها بسبب الغربة القاتلة التي جمعتنا معاً ، في غيابها وعدم قدرتنا من رؤياها قبل مفرقتها للحياة ، وهذا ترك لي ولعائلتي جرح كبير وعميق ينزف بأستمرار دون أن يكون له علاج.

حكمتنا: (أذا الأنسان فقد حسه وضميره ونهجه ومسيرته الأنسانية ، يتحول الى وحش كاسر بالضد من نواياه الحقيقية المطلوبة).
 
(تابعونا)
منصور عجمايا
1\تموز \2016

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *