مفاجأة شماسٍ لِشماس في كـنيسة مار توما الرسول / سـدني ( 2 )

عـندما نكـتب عـن أمرٍ بـين شماسَـين إثـنين فإن ذلك يعـني بـين شماسَين

إثـنين ، ومياه الإكـليروس رائقة ، لـذا فـليرزم عُــدّته صاحـب الشص

والـطـُـعـْـمِ العـفِـن .

حـينما إنـتـقـلتُ من الكـوت إلى بغـداد في عام 1978 وكالعادة المألوفة

سألني معاون المدير عـبد الحـسين دْعَـيِّـﭺْ عـن رغـبتي في الإنـتماء إلى

الحـزب ، فـقـلتُ له : آني مستـقـل وأنجـز أعـمالي و أؤدّي واجـبي الوطني

، طيّـب شـنو إللي راح يتـغـيَّـر بيّ إذا إنـتميتْ ؟ قال : وْ شـنو تـريده

يتغـيَّـر بـيك ؟ قـلتُ : مثلاً أصير وزيـر ! فـقال : وزير رأساً ، ليش أنتَ

تـﮔـدَر تـدير الوزارة ؟ قـلتُ : جـرّبوني ، إذا ما أﮔـدر ، حـوّلوني إلى مدير

عام ، وإذا ما ﮔـْـدَرتْ ، خـَـلـّـيني مدير قـسم ، وإذا ما دَبَّـرتــْها ، بمعـنى

آني عاجـز وبالتالي ما أنفع إلكم ! قال : أشوفـك هـوايَ مغـرور بنـفـسكْ !

قـلتُ : وليش ما تسمّيها ثـقة بالنفـس ؟ قال : والله خـوش ، لو كل

المنـتمين مثـلك ! ﭽان الحـزب عَـزّل من زمان ، فـسكـتُّ أنا وسكـتَ هـو .

العـبرة من المشهـد السابق هي أني لستُ ممن يـبحـث عـن المناصب

والأنـواط ولا ألهث وراء الكـراسي الدوّارة فهذه لها عُـشّاقها ، وإلاّ ، فأنا

وآخـرين أمثالي أكـرَمَـنا الله ( والشكر له ) بما يؤهـلنا لذلك ، وكم من

فـرصة تـوفـرَتْ أمامي ولكـني لم أفـكـر فـيها ، وقـد أثـبَـتُّ ذلك مؤخـراً

وعـملياً أمام جـميع المؤتمرين من الأدباء والأساقـفة والكـهـنة الكـلدان

بدون إستـثـناء في سان ديـيـﮔـو ، وأشكـرهم جـميعاً عـلى مشاعـرهم

وثـقـتهم المطلقة بي ، حـين إخـتارني مار سرهـد جـمو مرّتين وبتأيـيد

مطلق من المؤتمرين فـتـنازلتُ لغـيري بحـجة أو بأخـرى . إن طبـيعـتي

هـذه تجـعـلني أخـتار دائماً الصف الخـلفـي مع الشمامسة في الكـنيسة ،

والمقاعـد الأخـيرة في الجـلسات ، ما عـدا طبعاً وبدون شك ! إذا تـطلـَّـب

الموقـف فعـندئذ أكـون في الصدارة دون أن أنـفـض الغـبار من عـلى كـتف

أحـد ، مثـلما جـلستُ قـريـباً جـداً من سيادة المطران باوي سورو ( بطلب

منه ) حـين دعانا إلى حـفلة توديعه في أستـراليا مساء يوم 8 آيار 2006

وقـرأتُ له قـصيدة صفـق لها أبناء شعـبنا الآشوري سبع مرات .

ويتـرتــَّـبَ عـلى طبـيعـتي هـذه أن لا أتـلهَّـف إلى إظهار نـفـسي أمام

الناس ، فالعـمل خـلف الكـواليس ممتع ، وعـندي من المعارف الكـثيرون

ولاحـظـتُ ذلك في سان ديـيـﮔـو ( دون أن أعـرفهم سابقاً ) ، كما لا أجاهـد

لإسماع صوتي للناس فإنهم عـلى عِـلم بنغـماتي ومقاماتي ، ولكـن حـينما

نعـمل سوية مع مجـموعة تـتـناوب الأدوار بـين أفـرادها ، فإنّ كل فـرد

عـندئذ يتـوقع لنـفـسه دَورٌ يؤدّيه – كـلٌ حـسب مقـدرته – وإنْ لم يحـصل

ذلك بمرور الزمن ، إذن هـنالك خـلل !! وخاصة أمام جـمهـور كـَـنـَسيّ

ذكي دقـيق الملاحـظة وبارع في الإستـنـتاجات والتأويلات والتساؤلات ،

وكم مِن مرة سُـئِـلـْـتُ        . لقـد إستـبشرنا خـيراً بالعـهد الجـديد في

كـنيستـنا وهكـذا كان ، فـكـتبنا وعـبَّـرنا عـن مشاعـرنا الكـثير الكـثير ،

ومن بـين تلك النماذج أنـقـل مقـطعاً وردَ في مقال لي عـند مطلع عام

2007 جاء فـيه : (( من موقعه المهـيب متواضع بـيننا ، إننا هـنا

فـرحـون به قائـداً لشعـبـنا ، منسجـمون معه راعـياً لأبرشيّـتـنا ، إننا

ملتـفـّـون حـوله زعـيماً لكـنيستـنا ، نسأل عـنه كل يوم ويسأل عـنـّا

……. )) وهـكـذا أشارك الشمامسة جـماعـياً في القـداس الإحـتـفالي أو

غـيره ، أما المشاركات الفـردية كـقـراءة الرسالة مثلاً أو الطلبات أو

قـراءة من العـهد القـديم أو خـدمة القـداس الإحـتـفالي أو أيّة فـعالية فـردية

أخـرى ، فـفي السابق كان يؤدّونها شمامسة يصطـفــّـون في المقاعـد

الأمامية يخـتارهم المرحـوم الشماس لويس منصور من بـين الجالسين

عـلى يمينه ويساره فـقـط ، وهـذا يعـني أن ليس لـدينا فـرصة المشاركة

نحـن الخـلفـيّـون ( والحـق يُـقال – لم يكـن عـن قـصد ) ولكن بمرور مدة

طويلة وبعـد نفاذ الجـعـبة من الصبر ، قـلتُ للشماس لويس مازحاً :

شماس ، إنك تـدور بزاوية 90 درجة شرقاً و 90 غـرباً فـقـط  ولا تـنـظر

إلى الخـلف ، إجـعـل زاوية دورانك 150 أو 180 على الجهـتين فـسترى

وجـوهاً أخـرى ليست جالسة في صفـكم ! وفي الحـقـيقة ( لِـﮔــَـفـها وهـيّة

طايرة ) إبتـسم وإعـتـذر الرجُـل لويس ، فـقـلت لا داعي لذلك ، إنها رمشة

ضوئية فـقـط ، ثم إقـتـرحـتُ جـدولاً إسبوعـياً لتـقـسيم الأدوار بـين

الشمامسة ، أخِـذَ به مشواراً من الزمن ثم تــُرِك بسبـب تلكــُّـؤ البعـض

عـن الإلتـزام بالجـدول الدَوري حـسب إعـتـقادي ، وأودّ أن أضيف أنّ

شمامسة ربما لا يرغـبون بالمشاركة الفـردية فـهذا لا غـبار عـليه ولا

تـعـليق . وبعـد وفاة الشماس لويس بأيام ، غادرتُ إلى خارج أستـراليا

لِما يقارب السنـتين ، ورجـعـتُ في صباح عـيد القـيامة 2010 ثم عاودتُ

الحـضور كالسابق ، وبالتأكـيد فإن هـناك مَن يسد شاغـر المرحـوم ليقـوم

بأغـلب واجـباته الشماسية أو بعـضها .

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *