معلولا..كيف هربت تقلا من أبيها الوثني لتعتنق المسيحية



ميدل ايست أونلاين
دمشق – من سمر أزمشلي

أهم المقاصد السياحية السورية مازالت تحافظ على تاريخها الديني

ساهم موقع معلولا المنعزل في الجبال في استمرار اللغة الارامية بلهجتها السريانية الشرقية لغة السيد

المسيح لكن هذه الحصانة لم تحمها من غزو اللغات الأخرى لأنها بلدة سياحية من الطراز الأول كونها

تضم فجا عميقا يعتقد خبراء انه انشق أمام القديسة تقلا أثناء هروبها من ابيها الوثني في العام 68

للميلاد.


وتقول الروايات الدينية المسيحية إنه خلال هروب القديسة تقلا قبل 1932 سنة من جنود ابيها

الوثني الراغب في قتلها لاعتناقها الديانة المسيحية وجدت نفسها والجبل من امامها والجنود خلفها.


بدأت بالصلاة فاذا بالجبل ينشق أمامها لتهرب ناجية بذلك من ملاحقتهم ولا يزال الفج مع الدير الذي

اقيم في موقع الصلاة موجودين إلى اليوم ويؤمهما الزوار من كل انحاء العالم في بلدة معلولا على

طريق دمشق – حمص.


ومع الجهود التي تبذلها الجهات المختصة لإعادة تأهيل المدينة من خلال ترميم احيائها وساحاتها

ودور العبادة فيها يتوقع مهتمون بالسياحة أن يتضاعف عدد زوار المدينة التي تعتبر مقصدا سياحيا

بامتياز.


وتضم معلولا عددا كبيرا من اوابد الاديرة والكنائس والمزارات اندثر معظمها وبقي بعضها الاخر قائما

يستقبل الزوار من جميع انحاء العالم للتبرك وايفاء النذور سنويا. من أهمها دير مارسركيس وباخوس

الذي يعود بناؤه إلى القرن الرابع الميلادي على أنقاض معبد وثني صمم على نمط الكنائس الشهيدية

البسيطة المظهر وسمي باسم القديس سركيس احد الفرسان السوريين الذين استشهدوا خلال عهد

الملك مكسيمانوس ولايزال الدير محتفظا بطابعه الجليل.


وإلى الفج لاسيما القسم الغربي منه حيث ينقسم الجبل إلى قسمين يحتضنان ممرا صخريا يقع دير

القديسة تقلا الذي يعود بناؤه إلى القرن الخامس الميلادي وهو دير كبير فيه كنيسة قديمة محفورة في

الصخر بجانبها مقام القديسة تقلا وهوعبارة عن غرفة صغيرة يزورها الناس للتبرك.


وتحافظ معلولا على تاريخها الديني بطريقة فريدة فزوارها لا يحتاجون إلى دراسة الاوابد والاحجار

ليشعروا عمق التاريخ بل يكفيهم الاقتراب من أحد أبناء البلدة لادراك أن التاريخ لايزال حيا يتكلم اللغة

نفسها التي سادت الشرق الادني منذ القرن الاول قبلا الميلاد. ذلك أن أغلب سكان معلولا لايزالون

يتحدثون الارامية إلى اليوم.


ولاشك ان موقع البلدة المعزول في الجبال على بعد نحو55 كيلومترا من العاصمة سمح باستمرار

تداول اللغة الارامية وقبل سنوات تحقق حلم اهالي مدينة معلولا في تجسيد حلم اجدادهم منذ الاف

السنين باعادة الحياة إلى لغتهم الأم عبر افتتاح مركز لتعليم لهجة السيد المسيح حفاظا عليها من

الانقراض ليكون الأول في العالم الذي يتضمن تعليم الارامية الفصحى كتابة وفق خطوط وضعها خبراء

اللغات القديمة.


وتعتبر الارامية إحدى اللغات السامية التي بدأت نقوشها في القرن الحادي عشر قبل الميلاد في بلاد

الشام والعراق قبل أن تتنقل إلى مصر.


ويضاف إلى رصيد معلولا التاريخي جمال المدينة المعماري فالبلدة تقع كالعقاب في وكره وبيوتها

مؤسسة على الصخر متصاعدة فوق بعضها ذلك أن 75 في المئة من البيوت المحفورة في صخور

جبل ينهض 1500 متر عن سطح البحر اضافة إلى عدد كبيرمن المغاور التي تعود إلى العصر

الحجري حتي ليخيل للناظرين انها مبنية فوق بعضها البعض ومسالكها إلى ذلك ضيقة وفي منعطفات

الجبل مغاور وكهوف واسعة يتحصن فيها السكان في الغارات معتصمين بمواقعها الحصينة ولاتزال

السلالم الخشبية العالية والقديمة شاهدا حيا على ذلك الزمن العصيب.


والداخل إلى معلولا يحس بعالم هو أشبه ما يكون بعالم السحر والأساطير ويقول أحد السكان هيأت

الطبيعة هذه البلدة كما هيأتها الاحداث لتكون لوحة رائعة يمتزج فيها الماضي بالحاضر والواقع

بالاسطورة والقداسة والجمال.


ويضيف كل شيء هنا ينتمي إلى الماضي مع ذلك فانه يعيش في قلب الحاضر فالاوابد والأحجار

الضخمة والمغارات المحفورة في الصخر تحكي تاريخ آلاف السنين منذ العهد الارامي الذي كانت فيه

معلولا تتبع مملكة حمص إلى العهد الروماني الذي سميت فيه باسم سليوكوبويس إلى العهد البيزنطي

الذي لعبت فيه دورا دينيا هاما عندما أصبحت بدءا من القرن الرابع مركزا لاسقفية استمرت حتى

القرن السابع عشر الميلادي.


واليوم تعتبر معلولا واحدة من اجمل المصايف السورية وأول الأماكن السياحية التي يقصدها السياح

العرب والاجانب لاسيما في الأعياد والمواسم الدينية حيث تقام فيها المهرجانات الفلكلورية التقليدية

سواء في عيد الصليب او عيد القديسة تقلا أو عيد مارسركيس.(سانا)


You may also like...