معالجة الواقع العراقي الدامي ، في استقطاب وطني ناجح خادم للعراق وشعبه


أزاء الواقع المتردي لما يمر به العراق منذ عقد ونيف بعد التغيير عام 2003 ولحد الآن ، حيث العراق يمر بكوارث مفجعة مصاحبة لموت الأنسان العراقي بأرخص وأبخس الأثمان ، حتى خرج عن المعادلة الأنسانية الأقتصادية التي ركز عليها الفيلسوف المادي والمناضل العنيد  والمفكر المتطور كارل ماركس المولود مع بداية القرن التاسع عشر ، لتنتهي به الحياة حتى نهاية الربع الأخير من القرن نفسه ، تلك النظرية الأنسانية التي قيمت الأنسان وقدراته الفكرية والعضلية ليكون ( الأنسان أثمن رأسالمال ، وهو أغنى ما موجود في الكون). وللأسف أصبح الأنسان العراقي بمختلف أعماره وقدراته الفكرية والعضلية الأنتاجية ليصبح (العراقي أبخس قيمة وأردئها في الكون) ، وهذه حالة فريدة من نوعها في بلد يملك قدرات بشرية متطورة عبر التاريخ القديم والحديث ، ناهيك عن ما يحتويه العراق من خيرات أنتاجية ضخمة يعتبر الرابع وفق التصنيف الأقتصادي في العالم ، من خيرات جمة ومعادن وفيرة كصناعة النفط وهو المصدر الثاني في العالم ما بعد السعودية ، بالأضافة الى معادن الكبريت والفوسفات والأسمنت والحديد بأنواعه المتنوعة ، ناهيك عن كونه بلاد النهرين الخالدين والروافد الخمسة ضمن مساحة العراق ، مع المنتج الزراعي والصناعي المشلولين  وممارسة التجارة الناجحة وخيرات واردات النقل بحرياً وأرضياً وجوياً ، مع السياحة الرائدة للمراقد الدينية التاريخية والمواقع السياحية الترفيهية ، من اقصى الشمال وحتى أوطأ نقطة في جنوب البلاد..
لذا يتطلب متابعة الأمور التالية لمعالجة الوضع المتردي القائم:
1. الجانب الأجتماعي:
هذا الجانب هو مهم جداً في تغيير ومعالجة الأفرازات السابقة المدمرة للحالة الأجتماعية العراقية لقرون بعقود متعددة قبل التغيير وما بعده ولحد اللحظة. وهذا يتطلب زرع روع الألفة والتعاون بمحبة صادقة بين أبناء وبنات الشعب العراقي الواحد ، كي يكمن تماماً  لبناء الأسر الراقية من الوجهة الصحيحة والسليمة الخالية من العنف والعنف المضاد ومعاكسة للوضع القائم ، من أجل بناء الضمير الأنساني المفقود ، للمتآلف والمتطور الحي بين مكونات المجتمع العراقي  ، الذي وللأسف فقد كل قيم الحضارة والتقدم والتطور الأنساني المطلوب ، للتعامل مع الآخر والقبول به مهما كان نوعه وشكله ولونه ودينه ومعتقده وعرقه وطائفيته ونشأته ، ولابد من أيجاد لغة الحوار البناءة بين جميع شرائحه ، على أسس وطنية عراقية سليمة خالية من الشوائب والنواقص الأجتماعية.
2.الجانب السياسي:
السياسة في جميع دول العالم نشأت لتقديم التضحية والفداء والنضال من أجل الآخرين بدون مقابل ، وفق الأيديولوجية الخادمة للأنسان والبلدان للوصول الى الهدف المعني ، وعليه الأنسان السياسي في العالم أجمع يفترض تقّييمه واحترام أدائه ، ليكون له وزنه في المجتمع المنحدر منه وهذا ما هم فاعلون حقاً ، في خلاف السياسي العراقي الذي يعاني الأمرين في نضاله العنيد من أجل الحرية وتحقيق العدالة الأجتماعية ومنع أستغلال الأنسان لأخيه الأنسان وووالخ ، وغالباً ما كان ولا يزال معرضاً للسجن والتعذيب والتنكيل ودمار الأنسان ليس وحده فحسب بل  ولعائلته المنتمي اليها ، بفعل الأنظمة الشمولية الفاشية الرعناء والطائفية المقيتة ، ولحد الآن يعاني من العنف المتنوع والمزدوج ،  بما فيه الأغتيالات الظاهرة والممارسة فعلاً بالضد من الوطنيين السياسيين ، بفعل سيطرة وجبروت الأسلام السياسي الديني المتشبث بالسلطة بأي ثمن كان وعلى حساب الوطن والمواطن ، هذا النظام المتهريء الذي أثبت فشله الدائم عبر قيادته للسلطة في تغييب نظام الدولة القائم دكتاتورياً فاشياً ما قبل التغيير في 9 نيسان 2003 تواصلياً ما بعد هذا التاريخ ، والذي فقد بموجب تصرفات قادة الأسلام السياسي السنية والشيعية والتعنصر القومي الكردي ، في تقاسم السلطة والمواقع للأستفادة الذاتية دون مراعاة مصالح الوطن والمواطن على حد سواء.
3.الجانب الأقتصادي:
هذا الجانب الحيوي لديموة الحياة الأنسانية وفق الوجهة المنظمة لأقتصاد البلد ، والذي عانى المواطن العراقي من جراء أخفاق قادة السلطات المتعاقبة قبل التغيير وبعده ، في تدمير الأقتصاد العراقي وقدرة المواطن الشرائية نتيجة تضخم العملة العراقية من خلال طبع هائل للعملة العراقية دون غطاء (عملة ورقية مزيفة)، مما فقدت قيمة الدينار العراقي ثمانية آلاف مرة قبل التغيير مقارنة بمرحلة السبعينات وحتى بداية الثمانينات من القرن الماضي ، بالأضافة الى البطالة المقززة والتي تجاوزت 30% ناهيك عن البطالة المقنعة وهي الأخرى تجاوزت 30 % ، وهذه كارثة أجتماعية وسياسية وأقتصادية في الهدم للهرم الوطني وتطوره اللاحق ، لتجاوز محنه وصعوباته الجمة المرافقة للمواطن العراقي ، مع تعطيل البنى التحتية للعراق بمنع تشغيل المعامل والمصانع العراقية الجاثمة على الأرض دون تفعليها وأستغلالها لمص البطالة العراقية بنوعيها قبل التغيير وبعده ، وللأسف المياه الصافية تمر وتسير من أقصى الأعالي وحتى الجنوب دون أستغلالها في الزراعة وتطورها الأنتاجية ، ناهيك عن الفساد المالي والأداري داخل أجهزة السلطات الأسلامية المتعاقبة.
4.الجانب التعليمي:
يحتل العراق موقع تراجعي كبير علمياً وثقافياً وأدبياً ونفسياً وصحياً وتعليمياً ، بسبب ما آلت اليه العملية التعليمية بكافة مراحلها الدراسية ، منذ  ما يقارب أكثر من أربعة عقود خلت ، والتي أدت الى خلق أجيال متشردة أمية شاردة من الدراسة لأسباب عديدة ، منها الحروب المتواصلة وفقدان الأمن والأمان والأستقرار ، بالأضافة الى الحالة المعيشية الصعبة والعقدة للعائلة العراقية ، خلال عقود من الزمن الدموي الدامع الغابر.  مع ممارسات القتل العمد والتهجير القسري والأتاوات للكوادر العلمية والتعليمية المتمكنة ، في القيام بواجباتها على أحسن صورة وطنية ممكنة لمعالجة ما يمكن معالجته ، ناهيك عن الفساد المالي والأداري المستشري في البلد ، بالأضافة الى الميليشيات المتحكمة بأمن الوطن والمواطن ، دون رقابة ولا تنفيذ للمهمات السلطوية المتعاقبة ، حتى أصبح العراقيون يعيشون وفق شريعة الغاب ورحمة القتلة السافلين.
5.الجانب الصحي:
هذا الجانب الحيوي المطلوب لرعاية المجتمع صحياً ونفسياً كان ولا يزال متلكاً وغير فعالاً ، يتطلب بناء مؤسساته الخادمة للأنسان العراقي لجهود كبيرة جداً وأموال طائلة ، لبناء المستشفيات والمستوصفات وصولاً الى ضمان صحي لجميع العراقيين على حد سواء ، لتقديم الخدمات الصحية المطلوبة تواجدها لخدمة الأنسان العراقي لضمان صحته وعافيته ، فالكادر الصحي حيث هو الآخر عانى من أغتيالات متكررة وعديدة ولا زالت قائمة في تصفية الحسابات الشخصية والأتاوات ، كما وتوجيهاً لميليشيات سلطوية متنفذة بأخذ الأتاوات في وضح النهار ، ناهيك عن هجرهم وتغييبهم في أي وقت كان بعلم ودراية من السلطة نفسها. مما أوجد فراغاً كبيراً لمعالجة الصحة للعراقيين من جميع النواحي. وعليه يتطلب بناء منظومة صحية لائقة بالمواطن العراقي بعد توفير الكادر الفعال القادر على أداء واجباته على أفضل صورة ممكنة.
6.الجانب الخدمي والعمراني:
قبل بروز داعش وأحتلاله لثلث العراق مساحة وربع عدد نفوسه ، التي أصبحت ضمن سيطرة داعش منذ حزيران 2014  ، أضيفت للعراق أزمات جديدة دامية ودامعة منتهكة لحقوق الكائنات الحية ومنها الأنسان النظيف لما عاناه ويعانيه من ظروف قاهرة لا حدود لها ، لأن الأنسان العراقي بات بين قوسين أو أدنى من حيث أزمة الحياة التي ترادفه ، من فقدان خدمات أساسية لديمومة الحياة من ماء وكهرباء وتعليم وصحة وتعثر العملية الأنتاجية صناعية وزراعية و…الخ ، ناهيك عن فقدان العمران وتوقفها الدائم والمستمر منذ 1986 ولحد اللحظة ، بالرغم من الزيادة السكانية الكبيرة الحاصلة في العراق ، وهذا يتطلب توفير أكثر من 15 مليون وحدة عمرانية لمعالجة الجانب السكني في العراق ، والوطن يملك قدرات وطاقات وأمكانيات مادية هائلة ومصادر الطاقة المتعددة والكبيرة من الكفاءات البشرية العلمية المقتدرة ، والنفط  والكبريت والفوسفات والسياحة وأقتصاد زراعي وصناعي وتجاري فريدة من نواعها في العالم ، وللأسف الأنسان العراقي يعيش في أردأ وضع أنساني ساعياً للحصول على أقامة في بلدان العالم أجمع ، أنها كارثة أنسانية لا مثيل لها في أي بلد من بلدان العالم.
العلاج:
أزاء هذا الوضع المؤلم الدامي للعراق وشعبه يتطلب الآتي:
1.نبذ وقلع لكل ما هو طائفي ديني وقومي عنصري ،  فكرياً وعملياً وبأقرب وقت ممكن للصالح العام.
2.أنهاء نهج المحاصصة الحزبية والتكتلات السياسية التي تخدم مصالحها الذاتية بعيداً عن حب الوطن والشعب.
3.أبعاد جميع القوى الفاسدة من سدة الحكم ، ومحاسبتهم قانوناً عن طريق محاكم عادلة ومنصفة بدون تحيز ولا تمييز.
4.تحالف جميع القوى الوطنية التي تهمها مصالح الوطن والأنسان لقلع قوى الشر من سدة السلطة.
5.أنهاء العشائرية والولاءات العائلية والمحسوبية والمنسوبية ، وجعل الأنسان المناسب في الموقع المحق وفق القدرة والكفاءة والنزاهة.
6.أصدار قانون أنتخابي عادل ينصف الجميع بشكل متساوي بعيداً عن التكتلات الطائفية والقومية العنصرية.
7.الولاء التام يكون للعراق ومصالحه الوطنية وأنسانه الذي عانى ويعاني الأمرين.
8.تعزيز دور السلطات الثلاثة تنفيذا للقانون والدستور الدائم العادل والمساوي للجميع بدون أي تفريق بين أبناء الشعب الواحد..
9.تعزيز دور الأعلام (السلطة الرابعة) ومنحها مساحة واسعة أعلامياً لمراقبة أداء وعمل السلطات الثلاثة.
10.يخضع جميع المواطنين لقانون عادل منصف للجميع ، مع تفعيل دور المنظمات المهنية للمجتمع المدني.
11.حصر كامل ودائم للسلاح بيد أجهزة أمن الدولة فقط (الجيش والشرطة).
12.أجراء أنتخابات شفافة وعادلة تطلق نتائجها في نفس اليوم  من أنتهاء المدة الزمنية ليوم الأنتخابات ، وتحت أشراف فعلي من قبل الأمم المتحدة.
13.تشكيل مفوضية أنتخابات مستقلة تماماً ، بعيدا عن المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية.
14. العراقيون متساوون تماماً من حيث الحقوق والواجبات.
15.الأحتكام الى دستور مدني ديمقراطي شفاف ، بعيدا عن تسييسه دينياً وسياسياً وقومياً وطائفياً.

حكمتنا:(لا حقوق أنسانية ، في غياب روح المواطنة الحية ، وبناء العراق على أسس سليمة وصحيحة).

منصور عجمايا
أيلول\2017 

ملاحظة: هذه المقالة نشرت في مجلة بابلون العدد السابع الصادرة في أيلول عام 2017 ، من قبل أتحاد الكتاب والأدباء الكلدان في ملبورن

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *