مصر: مجازر متكررة ضد الأقباط والأسباب واحدة

منذ ليلة رأس هذه السنة حتى أول من أمس الأحد هذه هي المجزرة الثالثة التي يتعرض لها المسيحيون الأقباط في مصر.


عبد الوهاب بدرخان

فمن كنيسة ” القديسين” في الإسكندرية إلى كنيستي ” حي المقطم” في القاهرة و قرية ” المريناب” في أسوان، سقط نحو 60 قتيلا و أصيب المئات في ظاهرة تتكرر بوتيرة مقلقة، و هناك عشرات الحوادث التي سجلت خلال الأعوام الأخيرة.

و مهما اختلفت الظروف من واقعة إلى أخرى تبدو الأسباب الجوهرية واحدة تقريبا وأهمها اثنان: أولهما تراجع ملموس في التسامح الديني الذي اشتهر به المجتمع المصري بسبب شيوع التيارات الدينية المتطرفة و تقلص الحريات و تفاقم الصعوبات الاقتصادية والمعيشية.

أما السبب الآخر فيعود إلى غياب الاحتكام إلى القانون و حقوق الأديان و المساواة بين رعاياها و هو وضع تفاقم أيضا مع الانتقال من القمع الشديد في ظل النظام السابق إلى الانفلات و عدم اليقين اللذين يسمان المرحلة الانتقالية الراهنة.

لعل الانطباع الأول إثر مجزرة الأحد في قلب القاهرة هو ما عبر عنه كثيرون بقولهم أن ليست هناك دولة و الأسوأ أن روايات كثيرة تتفق على أن الاحتجاج على هدم كنيسة “المريناب” جاء بعد إساءة محافظ أسوان التصرف بالصلاحيات القانونية التي يتمتع بها. فهو استسهل استصدار قرار الهدم و ترك لمجموعة من المتشددين و ليس لرجال الأمن القيام به على افتراض أن قراره قانوني و لا شبهة عليه.

لذلك كان من الطبيعي أن يصبح المطلب الأول و الملح الآن إصدار قانون ” العبادة الموحد” الذي يساوي بين المواطنين ودياناتهم.

وبالنظر إلى حساسية الأوضاع السياسية و الاجتماعية لم يعد جائزا أن يعهد إلى موظفين اتخاذ قرارات تناسب ميولهم و تعصباتهم. لكن بالطبع أظهرت المأساة الأخيرة أن ثورة 25 يناير تركت ثغرات كبيرة في الأمن. فليست هذه المرة الأولى التي ينسب فيها إلى غرباء مندسين التدخل في التظاهرات لحرفها عن سلميتها وعن غاياتها.

فمن المؤكد أن من أطلق النار أولا على الجنود أراد استدراج الجيش إلى العنف المفرط لإحداث شرخ بينه وبين الأقباط و كذلك لإحراج المجلس العسكري و تكثيف الشكوك بعملية الانتقال السياسي.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *