مشروع لترميم بابل الاثرية يربط مستقبلها بماضيها

 

 

جيف ألن المدير الميداني للمشروع: صدام حسين قام بعمل فضيع لصبه الخرسانة والحجر على اطلال صرح شيد منذ 2500 عام

بغداد/ متابعة المسلة:

تحاول منظمة غير حكومية امريكية ترميم بابل التي كانت حدائقها المعلقة واحدة من عجائب الدنيا السبع، بعدما تضررت بالحرب وقبلها بعمليات البناء التي قام بها صدام حسين لتستعيد مكانتها في تراث البشرية.

وبالمطرقة والمنشار والازميل، ينهمك عمال عراقيون عند بوابة عشتار في ازالة وتفتيت البلاط الخرساني في اطار عملية ترميم هذه البوابة التي تبدو صعبة.

وتغطي الواح الاسمنت التي صبت في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين المسافة بين جدارين شاهقين مزينين بمواكب الثيران والتنين.

وهذا التدخل اضر بالصرح الذي شيد منذ 2500 عام “وسرع من تدهور الموقع”، على حد قول جيف ألن المدير الميداني للمشروع.

واضاف “نحاول وقف او على الاقل إبطاء الآليات التي تجعل البوابة تضعف”.

وبابل واحدة من اكثر المدن التاريخية الاثرية شهرة في العالم. وقد تعرضت على مدى التاريخ لأضرار واذى.

ومشروع “مستقبل بابل” جهد مشترك بين المنظمة غير الحكومية الامريكية الصندوق العالمي للاثار التي تعمل على حفظ المواقع التراث والثقافية الرئيسية، والهيئة الوطنية للآثار العراقية.

والهدف الاساس من المشروع كان استكمال خطة لادارة المواقع في بابل لكنها توسعت لتشمل الترميم واعادة صيانة اجزاء مختلفة من الموقع ايضاً.

وقال جيف الن “في 1980 كان هناك تدخل كبير في البناء الحديث اضيف على واجهات بوابة عشتار وتغييرات في التضاريس الخلفية اضافة الى تسطيح قاعدة البوابة بخرسانة”.

واضاف ان “كل هذه الاشياء تسهم الى حد كبير في زيادة حجم الاضرار في الموقع واضمحلاله وما نقوم به في بوابة عشتار هو محاولة ايقاف او على الاقل الابطاء في انهيار البوابة”.

ويعد ازالة الخرسانة من الجدران امراً جوهرياً للحفاظ على بوابة عشتار في بابل التي كانت قاعدة لبوابة اخرى تحمل الاسم نفسه وتعرض في برلين.

والى جانب مشاكل الترميم الحديث الذي يغطي الجدران الاصلية لبوابة عشتار فان المياه الجوفية تحت البناء تشكل خطراً آخر يهدد بتآكل اسسه.

وقال المصدر نفسه ان ازالة الاسمنت “ستسمح للارض بالتنفس وبتبخر الماء، لانه في الوقت الحاضر المياه لا يمكنها الخروج والطريق الحالي الوحيد لها هو التسرب الى الجدران”.

الى ذلك، صبت طبقة من الاسمنت على عجل فوق البوابة وتحولت الى مجرى لمياه الامطار على الجدران.

وتغطي اجزاء من البوابة كميات من الآجر الحديث التي سيتعين ازالتها واستبدالها باخريات تحمل مواصفات تاريخية بصورة دقيقة.

كما انتزع سكان القرى المجاورة في الماضي الكثير من الآجر الاصلي من مدينة بابل الاثرية واستخدموه في بناء منازلهم الفقيرة.

وشيّد جدار من حجر حديث ذي نوعية رديئة ليرمز لبناء قديم يمتد على ما تبقى من طريق سلكه الاسكندر الاكبر.

وقال آلن “انه عمل فظيع لانه شيد على اطلال البناء الاصلي”.

وشيد كذلك عدد من الابنية ذات طراز حديث على اطلال المواقع الاثرية.

وبدأ البناء في بابل عام 1970، لكنه تسارع في زمن حكم الرئيس السابق صدام حسين، بحسب الن.

ويقول الن بهذا الصدد ان “صدام حسين اعطى أوامر لجعل بابل باحلى حلة امام زوارها المشاركين في المهرجان الذي كان يقام سنويا فيها”.

واضاف ان “ذلك يعد كارثة لسلامة الموقع وكارثة لاعمال الصيانة”.

وقد شيد صدام كذلك عدداً من التلال والبحيرات الصناعية في الموقع الاثري.

وشيد قصر على سفح احدى التلال الصناعية التي اقيمت، يحمل توقيعه وصوره ويتعرض حاليا للتشويه من الداخل بواسطة الكتابة على جدرانه.

وشبه الدكتاتور السابق نفسه بنبوخذ نصر الثاني الذي وسع سلطة بابل واعاد بناء المدينة، لكن انتهى به المطاف مثل داريوس الثالث الذي اشرف على سلسلة من الكوارث العسكرية وهرب، او على الارجح قتل على يد رجال من مواطنيه.

لكن الاساءة الى موقع بابل القديمة لم تقتصر على عصر حكم الرئيس صدام حسين.

فقد انشأ البريطانيون خلال فترة استعمارهم للعراق خطاً للسكك الحديد يمر عبر الموقع حسبما يقول الن، فيما انجزت الحكومة العراقية لاحقا ثلاثة انابيب لنقل النفط عبر المدينة القديمة.

الى ذلك، شيد موقف للسيارات من الاسفلت داخل المدينة التي استخدمتها القوات الاميركية و البولندية ايضاً قاعدة عسكرية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 واطاح بصدام حسين. وقد سبب ذلك مزيداً من الاضرار.

ويقول الن “لقد اسيء لهذا الموقع لعقود عقود من الزمن، ويجب ان يتوقف ذلك”.

ويوضح الن ان “المشكلة الان لا تكمن بصدام او الاحتلال العسكري الذي كان هنا، بل في الناس الذين بنوا منازل حول الموقع” مشيرا الى انه “لا احد يفعل شيئا لان الحكومة لا يمكنها ان تتعاون داخل نفسها لفرض القانون السارية”.

ويشاهَد عدد كبير من المنازل التي شيدت من الاجر والاسمنت من الموقع القديم في مدينة بابل، بينما هناك قرية اسمها سنجار يقيم بها ألف نسمة داخل حدود الموقع وقرب بوابة عشتار.

ويعد بناء منازل حديثة في على ارض بابل مشكلة اذ ان نظام المياه الثقيلة لهذه المنازل يعرض الموقع للخطر وقد يسبب تسرب المياه الى الارض اضرارا كبيرة لبقايا المدينة.

وسعى العراق من دون جدوى لادراج مدينة بابل من قبل منظمة اليونيسكو على قائمة التراث العالمي، لكنه يخطط للمحاولة مرة اخرى.

ويقول حسين العماري ارفع مسؤول في هيئة الاثار في محافظة بابل “عملنا اليوم هو اعادة بابل واستكمال ملفات المدينة لادراجها ضمن قائمة التراث العالمي، ولكن هذا يتطلب مبالغ كبيرة من المال”.

ويبدو ان الحكومة العراقية لا تمول الاعمال الجارية في بابل بسخاء.

ويقول الن “هناك نقص في تمويل المواقع التراثية”.

من جانبه، اعرب العماري عن امله ان “تكون بابل مصدراً رئيسياً للدخل العراق ومكاناً لاستقبال السياح”.

لكن مع صعوبات لا تعد ولا تحصى يجب التغلب عليها في الموقع والمخاوف الامنية المستمرة في العراق تبقى هذه الاهداف بعيدة المنال.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *