مسيحيو سوريا بين الحكم الكردي ورحى المعارك…حرب طويلة الأمد والأرمن يعودون إلى أرمينيا

صحيفة “النهار”:

استناداً إلى رئيس “اتحاد الرابطات المسيحية” حبيب افرام، فإن مواطني الأقليات المسيحية السورية مثل الأرمن والسريان والأشوريين يواجهون خيارات ثلاثة: النزوح إلى مناطق وادي النصارى في شمال سوريا للإقامة موقتاً، أو التوجه إلى لبنان لاستئجار منزل وتسجيل الأولاد في المدارس في انتظار جلاء صورة الوضع في سوريا، أو العمل للحصول على سمات هجرة، وعدد طالبي هذا الخيار حتى الساعة ليس كبيراً ولا يذكر، ذلك أنهم أسوة بغالبية السوريين ينتظرون انتهاء أعمال العنف وعودة الأمور إلى نصابها.
ويشرح افرام الذي يقيم على تواصل شبه يومي مع أبناء ملته السريان والأشوريين والكلدان في سوريا، وخصوصاً في شمال شرق سوريا وتحديداً في القامشلي وانحائها حيث الغالبية الساحقة من السكان الأكراد، أن ثمة امرأ واقعاً جديداً في تلك المناطق حسم لمصلحة قيام منطقة حكم ذاتي كردي مستقلة عن الدولة السورية. ويشير إلى وجود نحو 24 حزباً كردياً تتوزع الولاء بين تأييد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، والجناح الآخر المؤيد لـ”حزب العمال الكردستاني”، وتالياً ثمة مليونا كردي، يقيم بينهم نحو 150 ألف مسيحي من السريان والاشوريين والكلدان الذين يرجح افرام أن يصبح وضعهم شبيهاً بوضع مسيحيي العراق المقيمين في كردستان بعد جلاء صورة الوضع في سوريا.
الطرف الأضعف
وفي رأيه أن جميع أطراف الصراع في سوريا يحاولون الإفادة من عامل الوقت بطريقة أو أخرى، بدءاً من السلطة التي أصبحت على اقتناع بأنها لم تعد قادرة على السيطرة على الجغرافيا السورية كاملة، لذلك تسعى جاهدة إلى تعزيز حضورها في العاصمة السورية والخط الممتد من دمشق شمالاً في اتجاه حمص والمناطق الشمالية الساحلية في سوريا. في حين تعمل المعارضة المسلحة على استنزاف قوات السلطة في حرب عصابات طويلة الأمد، ووسط هذا الصراع العنيف يبقى المسيحيون الطرف الأضعف الذي لا يمكنه خوض غمار هذا الصراع العنيف لأسباب كثيرة.
أما عن حلب، فيشرح أن ثمة 150 ألف إلى 200 ألف مسيحي في المدينة، لا يزال قسم كبير منهم مقيماً ويسعى إلى إبعاد كأس الصراع العسكري بوسائله الخاصة ومن خلال التواصل مع القوى المنتشرة على الأرض، سواء أكانت قوات النظام أم “الجيش السوري الحر”. والثقل المسيحي الأكبر في حلب هو للطائفة الارمنية التي يقدر عديدها بنحو 60 ألفا، ولدى هؤلاء إحياؤهم الموسومة بثقافتهم الارمنية مثل السليمانية، العزيزية، الميدان وغيرها، ولهم حضور في الأحياء المسيحية القديمة مثل الجديدة. ورغم أن وسائل الإعلام لم تورد تفاصيل عن حوادث أمنية في هذه الأحياء، أشارت أوساط متابعة للموضوع إلى تحرك عدد لا بأس به من العائلات الأرمينية إلى خارج حلب خشية وصول القتال إلى أحيائها ومنازلها، وذلك أسوة بما جرى في الأحياء الأخرى.
ويقول افرام إن المسيحيين لا يحملون السلاح، لكنهم يريدون أبعاد كأس الصراع المرّة عن أحيائهم ومناطقهم، وان الحضور المسيحي في تأييد الثورة السورية هو على مستوى القيادة والكوادر الوسطية، في حين أن لا مقاتلين مسيحيين بين صفوف الثوار. أما على مقلب النظام، فيسقط الجنود والضباط المسيحيون ضحايا أسوة بالعسكريين الآخرين في جيش النظام.
هجرة معاكسة
المثير في أمر مسيحيي سوريا هو ما يتناقله الارمن في لبنان عن هجرة معاكسة يقوم بها بعض من ارمن حلب في اتجاه دولة ارمينيا. وذكرت تقارير اعلامية نقلاً عن السلطات في يريفان ان عدد الأرمن السوريين ممن تقدموا بطلبات الحصول على الجنسية الأرمينية بلغ 3248 طلبا خلال الأشهر الـ 6 الأولى من العام الجاري، إذ تقدم 2957 منهم عبر السفارات الأرمينية في الخارج، والباقون عبر الهجرة والجوازات في أرمينيا. واستناداً الى التقارير، فإن الحكومة الارمينية وافقت على تسهيل إجراءات الحصول على الجنسية الأرمينية للارمن المقيمين في الخارج. ويمكّن هذا الإجراء أرمن الشتات وخصوصاً في سوريا ولبنان من تقديم طلبات للحصول على الجنسية الأرمينية من سفارات البلاد في الخارج وتسلّمها من بلدانهم دون الحاجة الى زيارة أرمينيا لمن يرغب في الحصول عليها. وبررت حكومة يريفان الامر بأن حصول الشتات الارمني على جنسية موطنهم الام يتيح للدولة الارمينية المطالبة في أي وقت بعودتهم فورا في حال تدهور الأوضاع في سوريا ولبنان. واشار التقرير الى تقدم 18 عائلة سورية ارمنية بطلبات لجوء إلى أرمينيا بسبب الأوضاع في سوريا، علماً ان الحكومة الارمينية في اطار تشجيع “العودة”، على ما يبدو، تتعهد توفير منازل للسكن إضافة إلى رواتب شهرية وتوفير جزء من الحاجات الأساسية لتلك العائلات، وجعل الغاز والكهرباء والمياه مجانا لهم طيلة فترة إقامتهم في أرمينيا.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *