محافـظ ميسان وعـبارة ( الإخـوة المسيحـيّـين )

نـُـشِرَ في الشبكة الإلكـترونية ( أخـبار العـراق ) بتأريخ 12 / 2 / 2011 خـبرٌ عـن زيارة محافـظ ميسان عـلى دواي لازم لكـنيسة أم الأحـزان وقال : إن الإخـوة المسيحـيين إخـوة لـنا ونعـتبرهم الطائفة الثانية في البلد التي ضحـت من أجل العـراق الذي يسع الجميع ، وأضاف دواي : ” لن نسمح لأي شخـص بالتجاوز على الإخـوة المسيحـيـين في ميسان ” ، ويمكـن قـراءته عـلى الرابط التالي :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,482801.0.html . من حـيث المبدأ لا يسعـنا إلاّ أن نـشكـر المشاعـر المعـلنة للمحافـظ عـلي دواي لازم ونحـترم شخـصه الكـريم ، فهو الرجـل الأول في المحافـظة وعـلى عاتـقه تـقع مسؤولية الحـفاظ عـلى أمان وراحة وهـناء وممتـلكات سكان ميسان قاطبة ، ولكـنـنا لابد وأنْ نـلقي الضوء عـلى كـلماته البراقة مثل ( الإخـوة ، الطائـفة الثانية ) ونـقـول :
أثـناء خـدمتي العـسكـرية الإلزامية في كركوك عام 1972 – 1973 كان معي جـنود أكـراد من السليمانية وأربـيل ورغـم عـدم إنـتهاء صلاحـية بـيان 11 آذار إلاّ أن المنطقة الشمالية لم تـكـن خالية من الشوائب إنْ لم نقـل الشكـوك بالنوايا المتبادلة المدفـونة لـدى الطرفـين والتي أدت إلى إنهيار البـيان في نهاية المطاف . وفي أحـدى جـلساتـنا الودّية داخـل المعـسكـر بعـد الدوام كانت لديّ مداخـلتي فـقـلتُ : أنا أرى أنّ كـلمة ( الإخـوة ) ليست لائـقة عـندما نـذكـر ونشير إلى الأكـراد زملائـنا وأبناء شعـبنا المتساوين بنا ، لأنها توحي وكأنـنا نـتكلم عـن غـرباء ، بدليل عـندما نلاقي غـريـباً ونريد الإشارة إليه بإحـترام نـقـول (( الأخ )) …. أو حـين نـصادف إمرأة لا نعـرفها ويتـطلب الموقـف أنْ نشير إليها ونـكسب ودّها فإنـنا نـقـول (( الأخـت )) أو الأخـت فلانة …. ، أما إذا كانوا من معارفـنا وأحـبائـنا فإنـنا نـذكرهم بالإسم مباشرة مثـل لمياء ، عـلى ، جـرجـيس ، منيرة ….. . وهـنا أومأ إليّ عـريف الفـصيل الذي يكـنّ لي الإحـترام ، فـرافـقـته إلى مكان خارج جـلستـنا وقال لي هامساً وبلغة المُـنبِّه : إن كلامك خـطير وغـير مقـبول ، أليس الأكـراد إخـواناً لنا في الوطن ، ومتساوين معـنا بالحـقـوق والواجـبات ؟ كـن حـذراً عـند الكلام فـقد تحاسَب عـليه يوماً !! ثم أنت ياهو مالتك بالموضوع ؟ . ورغم نياتي الصافـية والمخـلصة في مداخـلتي تلك ، إلاّ أنـني بعـد كلام العـريف ، فـكـرتُ وخـفـتُ وتـنـدّمتُ وقـلتُ لنـفـسي ( صدﮒ ! آني ياهـو مالتي ، وليش أدَخـّـلْ نـفسي بمتاهات ، ويجـوز ما أطلع منها سالم ) ؟ ولما مرّت بضعة سنين وعـُـقِـد المؤتمر الإسلامي في السليمانية وحـضره صدام حـسين ، وضمن خـطابه قال الكلام ذاته الذي أنا قـلته في جـلستـنا الودية المذكـورة ، حـين قال : (( أنا لمّا أذكـر الأكـراد في شمالنا الحـبـيـب ، ما أريد أﮔـول إخـوانـنا الأكـراد ، لأن هـذه الكـلمة ـ إخـوان ـ يـﮔـولوها للغـرباء ، والأكـراد مو غـرباء بل أبناء الوطن الواحـد )) ، فـصفـَّـق له الحاضرون بحـرارة ، ومع الأسف لم يحالفـني الحـظ يوماً أن أرى عـريفي العـزيز المشار إليه كي أذكـِّـره بالماضي . ورجـوعاً إلى السيد المحافـظ ، ألا يرى معي أن عـبارة ( الإخـوة المسيحـيّـين ) تـعـني الغـرباء المسيحـيّـين أو الضيوف المسيحـيّـين ؟ أو إنّ حـماية إخـوته المسيحـيّـين ليست من واجـباته ولكن لكـونه صاحـب نـخـوة عـربـية فـيتـفـضل ويحـميهم ، أو إنه يقـوم بعـمل خارج واجـبه الرسمي ، وبمثابة تـضحـية منه بوقـته وراحـته ؟ 
أما عـبارة ( الطائـفة الثانية ) التي وردتْ في كلام المحافـظ فـنحـن نستـفـسر عـن معـنى الطائفة أولاً ! هـل أن مفهومها عـنده هـو عـددهم القـليل اليوم ، ناسياً أصالتهم وكـثافـتهم في عـراق البارحة قـبل مجيء ( الأخ ) المحافـظ مع جـيوشه غـزاة ومحـتـلون أرض الرافـدين قـبل 14 قـرناً من السنين ؟ أم أنهم سواح أو ضيوف مؤقـتون ويترتب عـليه أن يحـميهم منـطلِقاً من شهامته العـربـية أو تسامحه الإسلامي ؟ عـلماً أن السيد أياد جمال الدين عـضو مجـلس النواب في العـراق http://www.youtube.com/watch?v=lKjVSluln6U&feature=related قال : أنا لا أؤيـد عـبارة ((( حـقـوق الأقـليات ))) لأن هـذه التسمية هي تـكـريس للتميـيـز ضد قسم من المواطنين ووصمهم بسِمَة هي التقـليل من شأنهم ولكـنهم مواطـنون لا يقـلون أهـمية عـن غـيرهم ، ولكـنـني أؤيد عـبارة ((( حـقـوق الإنسان ))) فهي مساواة بـين الناس ، ولو كان تـعـبـير الأقـلية وارد في أميركا لـَما كان بإمكان أوباما أن يصبح رئيساً للولايات المتحـدة الأمريكـية بإعـتباره من أقـلية سوداء ، فأنا مع رفع التميـيز ضد أي إنسان ولأي سبب كان . ونرجع الآن إلى معـنى كـلمة ( الثانية ) في قـول السيد المحافـظ !! تــُرى مَن هي الطائفة الأولى كي يكـون المسيحـيّـون طائفة ثانية ؟ أخي المحافـظ : أنـت ونـحـن نـعـيش في القـرن الواحـد والعـشرين وعـلينا جـميعـنا أن نـفـكـر بعـقـلية عـصرنا الحالي وليس بعـقـلية الوثيقة العـمرية سيئة الصيت ، ثم شئـنا أم أبـينا فـنحـن في طريق العـولمة وليس الـتــَـكـَـوُّخ ( سجـن الذات في كـوخ ) ، ومطلوب منا أن نـوسّع عـيونـنا ونـمدّ أبصارنا ونـفـتح آذانـنا ونرحّـب صدورنا ونـحـرّر ذواتـنا من قـيود تـقاليدنا وسجـون عاداتـنا ، ونـثور عـلى بؤس أفـكارنا ونـطغي عـلى ظلام تعاليمنا والبالي من مناهـجـنا ، ونـنبـذ الرديء من توجـيهات أشخاص أئـمتـنا والتي لا تـخـدم إنسانيتـنا التي يريدها الله منا ، حـينـئذ نستـحـق العـيش مع أبناء جـنسنا في حـديقة عالمنا ، بالزاهي من ألوانـنا والفـوّاح من عـطورنا ، وعـنـدئـذ ينـتعـش الأقارب معـنا ، ويشتاق الأغارب إلينا ويتـودّد الأجانب لنا ، فـهـنيئاً لك عـزيزي المحافـظ وأنت بـين المسيحـيّـين الميسانيّـين إخـوانك .

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *