مبروك للفائزين.. وهل جرى هندسة النتائج ؟

 

الحدث الأنتخابي في العراق بنهاية نيسان المنصرم جسد بشكل كبير التعددية السياسية ، واسبغت على العملية تواصيف تستحق التقدير ، حيث تنافس في هذه الانتخابات 9039 مرشحا للفوز باصوات أكثر من 20 مليون عراقي، أملا بدخول البرلمان المؤلف من 328 مقعدا ، اي بمعدل حوالي 28 مرشح لكل مقعد ، وبالنسبة للكوتا المسيحية فإن 90 مرشح يتنافسون على الفوز بـ 5 مقاعد اي بمعدل 18 مرشح لكل مقعد وبعد ظهور النتائج ، كان من يصرح بأن النتائج مطبوخة في دهاليز التزوير ، او على الأقل جرى هندستها لتكون على صيغة تركيز نفس الواقع المعاش ،وفي كل الأحوال ينبغي التهيؤ لأنتشال العراق من واقعه المزري ، ويجب تكريس الجهود لبناء عملية سياسية بمنأى عن تقسيم حصص الطوائف .

 اما ما يتعلق بالكوتا المسيحية ، فكانت هنالك بعض المفاجئات ، لكنها لم تكن حاسمة ، هذا وكانت النتيجة النهائية للكوتا فوز المجلس الشعبي بمقعدين ، وقائمة الرافدين التابعة للحركة الديمقراطية الآشورية بمقعدين ، وقائمة الوركاء التابعة للحزب الشيوعي العراقي بمقعد واحد ، وادناه الأصوات التي حصلت عليها قوائم الكوتا المسيحية وندرجها حسب اعلى الأصوات فأدنى :

1 ـ قائمة المجلس الشعبي : 19371

2 ـ قائمة الرافدين ( الزوعا ) : 18382

3 ـ قائمة الوركاء الديمقراطية : 7602

4 ـ ابناء النهرين  : 5821

5 ـ ائتلاف بلاد النهرين : 5318

6 ـ قائمة البابليون  : 4790

7 ـ تحالف سواريي الوطني : 3877

8 ـ اور الوطنية  : 3706

9 ـ كيان شلاما  : 3403

المجموع = 72270 صوت ،وتكون عتبة الفوز بحدود 14500 صوت

إنه تقريباً نفس عدد الأصوات الذي حصلت عليها الكوتا المسيحية في انتخابات عام 2010 م .

والملاحظات هنا ان قاعدة احتكار مقاعد البرلمانين العراق الأتحادي والكوردستاني من قبل الزوعا والمجلس الشعبي قد جرى تجاوزها ،وهكذا كان المقعد الخامس من نصيب قائمة الوركاء المدعومة من قبل الحزب الشيوعي العراقي .

وهذه بعض الملاحظات .

1 ـ المقعد الذي حصلت عليه قائمة الوركاء على حساب قائمة الرافدين التابعة للحركة الديمقراطية الاشورية ، وهكذا رغم احتفال الزوعا بالفوز في الأنتخابات الاخيرة ، فإنها لا يمكن إخفاء امتعاضها من خسارتها لمقعد واحد وبقي لديها مقعدين فحسب ، والمآخذ على الحركة ان المقعدين قسمت بين سكرتير الحركة وابن اخته ، ورغم الجدل الحاصل حول الفوز بمقعد كركوك من قبل وزير البيئة السيد سركون لازار صليوا ، لكن المقعد الذي حصل عليه السيد يونادم كنا ، كان عن استحقاق وجدارة فقد فاز الرجل رغم الدعاية المناوئة له من عدة جهات ، فأبلى بلاءً حسناً في مسألة الدعاية الأنتخابية ، والذين منحوا له اصواتهم كانت عن قناعة وعن مبدأ ، ومع هذا الفوز فإن الحركة الديمقراطية الآشورية تأكد لديها في هذه الأنتخابات بأنها لم تعد اللاعب الوحيد في الساحة .

2 ـ شهدت هذه الدورة تدخل كبيرمن قبل الأحزاب الكبيرة للتأثير على النتيجة بغية مجئ اناس موالين لتلك الأحزاب الممولة والداعمة حتى بأصوات الناخبين ، وقد اكدنا ان يكون لنواب الكوتا المسيحية خطاب مستقل بمنأى عن تأثير الأحزاب الكبيرة ، وأن يكون لهم خطاب موحد فيما يتعلق بمصير شعبنا ، لكن النتيجة كانت عكسية حيث ازداد تدخل تلك الأحزاب واصبحت الكوتا مقسمة حسب موالات اعضائها لأولياء نعمتهم وداعميهم .

3 ـ قياساً بنتائج انتخابات عام 2010  لقد فقدت القوائم التي اشتركت في تلك الدورة الأنتخابية وهذه ، الكثير من الأصوات ، وما بقي عالقاً في ذهني ، فإن الزوعا كانت اصواتها بحدود 28 الف صوت واليوم مجموع اصواتها بحدود 18 الف صوت اي بخسارة حوالي 10 الآف صوت ، وهذه النتيجة مخيبة لآمال الحركة ، وهي نتيجة حتمية لما آل اليه حال الحركة من انشقاقات في صفوفها . والمجلس الشعبي خسر حوالي 2000 صوت وقائمة اور الوطنية فقدت حوالي 2000 صوت .

4 ـ طريقة وآلية منح المقاعد للقوائم الفائزة قد اوقع تلك القوائم في حالة من الحيص بيص ، كل طرف له قراءته لتوزيع المقاعد الفائزة ، فمثلاً السيد خالص ايشوع الذي حصد آلاف الأصوات لم يتاح له الفوز بالمقعد بذريعة شموله بإجراءات المساءلة والعدالة ، وإن كان الأمر كذلك كيف سمح له بالأشتراك في الأنتخابات ؟ وكيف كان عضواً في البرلمان في الدورة السابقة ؟

5 ـ بنظري ينبغي على الكيانات الفائزة ان تبتعد عن اسلوب إرسال عبارة التشفي بالخاسرين والأبتعاد عن مظاهر الغرور والتبجح ، لأن هذا الأسلوب جزء من الثقافة البعثية المتأصلة في نفوس بعض ابناء شعبنا والذين تحولوا اليوم لمولاة الأحزاب القومية الإقصائية العاملة في ساحة شعبنا .

6 ـ في الحقيقة ان البرلمان الجديد تنتظره مهمات كبيرة وصعبة ، فهناك قضايا متعلقة ، إذ عجز البرلمان الماضي وضع الحلول لها منها مسألة الميزانية التي جرى تحويلها الى هذه الدورة  ، والقضايا والمشاكل المتعلقة مع اقليم كوردستان والتي لم نلاحظ اي خطوات مهمة لوضع الحلول الناجعة لها طيلة الأربع سنوات . وهنالك تحديات كثيرة تنتظر البرلمان الجديد ، لعل اهمها هو هاجس الوضع الأمني ، فالعاصمة العراقية ، قلب العراق ومدن اخرى لا زالت ساحة مفتوحة للإرهابين والعصابات والميليشيات ، وعجزت الحكومة بخططها وأساليبها التقليدية من وضع الحواجز وقطع الطرق ونشر نقاط التفتيش التي باتت نفسها عرضة للإستهداف ، وبات وأصبح وامسى الأمن والأمان والأستقرار صعب الوصول اليه .

وهنالك امام البرلمان العراقي من اعقد المشاكل وهي تعيين رئيس مجلس النواب ومن ثم تعيين رئيس الجمهورية الذي يكلف رئيس الوزراء من القوائم الفائزة بتشكيل الوزارة ، وبعد ذلك توزيع الحقائب الوزارية ، وما أدراك ماذا يعني توزيع الحقائب الوزارية والمناصب الرفيعة ، إنها مشكلة المشاكل بين اناس هدفهم الأول تحقيق المنافع الشخصية والحزبية ، والشعب ينتظر تشكيل الحكومة لجعل دولاب عجلة البناء والتطور يتحرك نحو الأمام في العراق ، فيا ترى كم يستغرق ذلك ؟

في مسألة نواب الكوتا المسيحية ، ماذا يكون موقعهم في البرلمان الجديد ؟ هل يسعى كل منهم الى جمع النار ( لخبزتة ) ويكتفون بحذف الواو بين تسميات شعبنا ، فيكون سعيهم بعد عناء كبير بتفسير الماء بالماء ، لحد اليوم لم نلمس موقف قومي جاد من نواب الكوتا المسيحية سوى تبادل الأتهامات فيما بينهم رغم ارتباطهم بالمرحوم تجمع احزاب ( كـ ـ س ـ ا ) الذي دفن اسمه في  مقبرة المنظمات الفاشلة لأن اساسه كان مبني على الرمال المتحركة حسب المصالح وبهدف واحد هو محاربة الأسم القومي الكلداني لا غير .

اليوم نأمل ان يكون هنالك نوع من التنسيق بينهم فيما يخص مصلحة شعبهم الذي اوكلهم لتمثيله في البرلمان العراقي .

بشأن النتائج العامة للانتخابات فلم يكن هناك فوز حاسم لأي طرف يمكنه من تشكيل الحكومة منفرداً ، فدولة القانون التي حصدت  95 مقعداً والتيار الصدري احرز 34 مقعداً والمجلس الأعلى الإسلامي 31 مقعداً وهي تشكل التحالف الوطني الشيعي ويضاف اليها منظمة بدر وحزب الفضيلة والأصلاح ويكون لهؤلاء ما يزيد على 165 مقعد الذي يؤهلهم لتشكيل حكومة ، لكن حكومة الأغلبية هذه سوف تكون حكومة طائفية بامتياز وبعيدة عن منطق الأغلبية السياسية التي يدعو اليها المالكي ، والرأي المتكون عن الأنتخابات فإن التزوير كان بعيداً عنها لكنها لم تكن بعيدة عن محاولات هندسة نتائجها وفق النمط المطلوب بعد سقوط النظام في 2003 . ومن المظاهر الأخرى التي نخشاها بأن الأخبار تتحدث عن سعي كتل برلمانية كبيرة لتقديم مغريات مالية لنواب جدد من أجل الانضمام إليها ، فالكتل الكبيرة تحاول استمالة الكيانات الصغيرة بغية تشكيل كتل اكبر ونأمل ان لا يكون برلمانيو الكوتا المسيحية جزءاً من تلك اللعبة .

 

د. حبيب تومي ـ القوش في 25 ـ 05 ـ 2014

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *