ما الذي تكسبه القوش والبلدات الكلدانية الأخرى من ثروتها النفطية؟



في سنة 1922 كتب احد الرحالة وهو السيد محمد ابن السيد احمد الحسيني المعروف بالمنشئ البغدادي حين مروره بقرانا وبلداتنا الكلدانيــــــــــــة ومنها القوش حيث يكتب لدى قدومه اليها من دير الربان هرمز يقول ص85:
من دير الربان هرمز الى القوش فرسخ واحد، والقوش نفوسها نحو الفي بيت كلهم من الكلدان. وجبلهم هذا في حكم باشوات العمادية، وإن القوش نصف منها يعتبر من الموصل والنصف الآخر تابع الى العمادية.
وعن تلسقف يقول انها تبتعد من القوش 4 فراسخ ويسكنها نحو الف بيت (البيت: عائلة ـ كاتب المقال) كلهم كلدان. وتلكيف التي تبعد عن تلسقف فرسخان يسكنها الفي بيت كلهم كلدان. وعن كرملش يكتب: انها تتكون من اربعين بيتاً كلهم نصارى كلدان ويضيف ص78 وفي تلك الأنحاء قرى كثيرة كلها نصارى كلدانيون وسريانيون، وجميعها تزرع الحنطة وتتعاطى النسيج.
اليوم هذه البلدات الكلدانيــــــــــــــة مستهدفة من قبل حملتين واحدة لتغيير تركيبتها السكانية في محاولات التغيير الديمغرافي والجدير بالملاحظة ان غلاة الفكر القومي العروبي هذه الأيام يتحفطون عن فكرة فرض العروبة او التعريب، لكن مع ذلك تجري محاولات محمومة في منطقتنا لأحداث خلل ديموغرافي في مدننا وبلداتنا السريانيـــــــــة والكلدانيــــــــــة.
المشكلة الثانية كامنة في محاولات احداث التغيير في هويتها القومية الكلدانيـــــــــة، فثمة اخوان لنا يحملون فكر قومي مبني على الغلو العنصري في إقصاء الآخر، في الحقيقة ان مثل هذه الأفكار يصعب الدفاع عنها في الوقت الحاضر، باعتبار ان هذا الغلو يكبل الحريات ويناقض منظومة حقوق الأنسان ومبدأ التعايش والتسامح بين مختلف مكونات النسيج المجتمعي العراقي.
المكون العربي الذي عمل بالأمس ويعمل اليوم لإحداث خلل ديموغرافي في كينونة البلدات الكلدانية والسريانية، فقد نجحت تلك المساعي في تغيير مدينة تلكيف، واليوم ثمة محاولات اخرى للتوجه الى البلدات الأخرى مثل تلسقف وباطنايا والقوش والطريقة هي بتوزيع اراضي للموظفين في الدولة العراقية دون النظر الى اتخاد مسقط رأسهم بنظر الأعتبار، إن هذا التوجه ينم عن نوايا ليست ودية اتجاه المكون الكلداني الأصيل وعدم احترام خصوصيته القومية والثقافية والدينية، وهذا المنحى ينطبق بشكل وآخر على المدن السريانية مثل برطلة وبغديدة.
الأستاذ اثيل النجيفي محافظ نينوى يعلن بشكل مستمر انه ضد التغيير الديموغرافي في المنطقة لكن المحصلة النهائية تسير مع تيار التغيير بالرغم من سماعنا لتصريحات من مسؤولين كبار تعلن عن موقفها في عدم قبولها لعملية التغيير الديموغرافي.
إخواننا الأشوريين بدلاً من تصفية نياتهم وتعاملهم الودي من الكلدان الذين منحوهم ثقتهم، لجأوا الى طريق ملتوي متعصب يتلخص في إلغاء القومية الكلدانيـــــــــــــة من الخارطة القومية والسياسية العراقية وذلك بتوظيف معطيات دينية، فيعملون دون كلل على تبخيس وإلغاء الهوية القومية للشعب الكلداني، إذ يحاولون ارجاع سطوتهم التاريخية لتكوين اقليم آشوري، وبما ان ديموغرافيتهم ضعيفة جداً في سهل نينوى، فإنهم يحاولون الألتفاف على التاريخ والمشاعر القومية لدى الكلدان وجعلهم مجموعة دينية كنسية تابعة لقوميتهم الآشورية وبذلك يحققون لأحزابهم الشوفينية الأكثرية القومية الآشورية لتحقيق تلك الأحلام التاريخية التي مضى زمنها بعد السقوط قبل عشرات القرون من الزمن الماضي.
اليوم كان نصيب مدننا وبلداتنا الكلدانيـــــــــــــــة انها واقعة ضمن المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية واقليم كوردستان ويجري التعتيم على مكون عراقي اصيل وهو الشعب الكلداني وحقوقه، فالحكومة المركزية العراقية قد تعمدت تهميش حقوق هذا الشعب وتمثيله السياسي بحجة عدم وجود ممثليه في البرلمان العراقي، فهل ان الشعب الذي ليس له نواب تسقط حقوقه السياسية والقومية؟ وإننا بهذا الصدد ان تعلن الحكومة العراقية عن كوتا قومية للشعب الكلداني.
اما اقليم كوردستان فينبغي ان نعترف بالواقع وهو قيامه بإنجاز عدة مشاريع خدمية في القوش، لكن كل ذلك لا يضاهي هضم الحقوق القومية والسياسية للشعب الكلداني في هذا الأقليم، إذ كان في مقدمة هذا التهميش هو التعمد في إلغاء اسم القومية الكلدانية من مسودة الدستور في اقليم كوردستان وذلك بشكل مجحف ومناقض مع دستور العراق الأتحادي.
إن حكومة اقليم كوردستان وبرلمانها خاليان من اي تمثيل كلداني حقيقي، إن اقليم كوردستان مع الأسف يعمل على تشجيع ودعم الأحزاب الآشورية التي تفرض وصاية على شعبنا الكلداني، إن اقليم كوردستان الذي يسعى لتطبيق تجربة ديمقراطية رائدة، فإنه يناقض نفسه حينما يعمل على هضم حقوق الشعب الكلداني ويجعل منه شعب مغلوب الإرادة تابع للاحزاب الآشورية ذات التوجهات الإقصائية المتزمتة بحق الشعب الكلداني.
اما الطرف الثالث في هذه المعادلة الذي يحاول إهمال الدور الكلداني في المنطقة فهي الأحزاب الآشورية التي تسعى لتشكيل اقليم اشور في مدننا وقرانا الكلدانية، وإنهم يجعلون منا تابعين وخاضعين لأحزابهم الأقصائية ونرغم ان نقبل وأن نكون قانعين وراضين عمّا يتكرمون به.
نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 15 . 7 .12 خبراً جاء فيه:
ان الدكتور بايزيد حسن، عضو لجنة النفط والطاقة بمجلس النواب العراقي، في اتصال لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس مجلس النواب، أسامة النجيفي، «وقع أمرا نيابيا يقضي بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في مزاعم قيام محافظ نينوى بإجراء مفاوضات مع حكومة الإقليم للتنقيب عن النفط في المناطق المتنازع عليها الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة نينوى، وتحديدا في منطقتي (القـــوش وبعشيقة)، وهذا ما تعتبره الحكومة العراقية مخالفة دستورية.. الخ
ما يهمنا في هذا الخبر هو النزاع الحاصل بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كوردستان حول هذه المنطقة التي تشير الدلائل الجيولوجية بأنها غنية بالثروة النفطية، لحد الآن ان المسالة طبيعية ونحن الكلدان جزءاً من هذا الوطن ، لكن الذي يدعو الى الحيرة والتساؤل، لماذا هذا النزاع على مورد النفط في المنطقة في حين يجري تهميش متعمد لحقوق الشعب الكلداني الذي يقطن هذه الأرض، لماذا تريدون خيراته وتهملون حقوقه؟
نحن بانتظار ان تتبادر الحكومة العراقية ان تحترم حقوق الشعب الكلداني وتدعم تنظيماته وتعلن عن دعم هذا الشعب بمنحه كوتا قومية كلدانية في البرلمان العراقي.
وفي اقليم كوردستان يبقى المطلب الأول مقدماً للقيادة الكوردية المتمثلة بالأستاذ مسعود البارزاني رئيس الأقليم، والأستاذ نيجرفان البارزاني رئيس الوزراء، ورئيس البرلمان في اقليم كوردستان الأستاذ ارسلان بايز.
إن الشعب الكوردي بعد ان كان مظلوماً لا يليق به ان يكون ظالماً، ويجب ان لا يقبل على نفسه ان يكون تحت تأثير احزاب قومية إقصائية متزمتة.
نحن الكلدان في مدننا وبلداتنا نطالب بحقوقنا كاملة وبشكل مستقل بمنأى عن اية وصاية.
فنحن شعب اصيل في الوطن العراقي، واليوم يجري الحديث عن استغلال الثروة في منطقتنا، لكن يجري التعتيم على حقوقنا القومية والسياسية، ونتمنى ان تفتح صفحة جديدة لمنح هذه الحقوق في الوطن العراقي عموماً وفي اقليم كوردستان خصوصاً.

حبيب تومي
سان دييكو/ كاليفورنيا
في 19 / 07 / 12

You may also like...