ماساة وانتخابات / بقلم عصمت رجب

قبل 16 عاماً، كانت الجميع منشغلا بما يمكن أن يحمله عام 2003 للعراق مع توجه الرئيس الأميركي حينها، جورج بوش الابن، لبناء تحالف دولي واسع لاسقاط النظام السياسي العراقي،  وقد مرت مايقارب الستة عشر عاما، حيث كان العراقيون يحاولون أن يطمئنوا أنفسهم وأبناءهم، ويقولون بعد عقد من الآن، ستكون الأمور أفضل، ((علينا التحمل))، كنا نتصور بان تغيير النظام السياسي ووضع أسس جديدة لبناء دولة معاصرة سيستغرق بضع سنوات وسيكون الحال افضل،  ولكن 16 عاماً من الزمن مرت وما زال الملايين يتحملون تبعات الحروب والسياسات الطائشة، ليس للنظام السابق فحسب بل لمن تلاه .

سوف ندخل العام السابع عشر بعد اسقاط النظام السابق ومررنا بخمسة دورات انتخابية وفي كل دورة انتخابية نتوقع التغيير والتحسن نحو الافضل ولكن الحال تسوء دورة بعد اخرى ففي الدورات الانتخابية السابقة كنا نعاني من تاخير اعلان  النتائج وتاخير تشكيل الحكومة ويدخل البلد في عنق زجاجة ضيق جدا اما الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا والتي فاق بها توقعنا بالتغيير نحو الافضل فاليوم مر عليها 43 يوما ولا امل لدينا لا في اعلان النتائج ولا في تشكيل الحكومة ولا في استقرار الاوضاع فالمفوضية العليا للانتخابات جرى سحب اليد منها وهناك من احرق صناديق الاقتراع ليخفي موقفه وهناك من اسقط برنامج البايومتري وهناك من يهدد بحروب اهلية داخلية ، ومازلنا نتأمل ونقول عسى ان يتغير الحال في العراق اسوة بالدول المجاورة، فتلك هي تركيا الجارة الملاصقة بحدودنا جرت فيها الانتخابات يوم 24/6/ وتم اعلان النتائج بعد ساعات من انتهائها وجرت الامور بسلاسة مع وجود مئات الاختلافات الفكرية والقومية والمذهبية داخلها بتعداد سكان يفوق العراق باضعاف ، فالفرق بين الانتخابات في تركيا وبينها في العراق هو ان اصحاب القرار في تركيا  يضعون مصلحة تركيا فوق جميع الاعتبارات مهما كانت اما في العراق فيبدأ سياسيونا بمصالحهم الشخصية ثم مصالح ابنائهم ثم ابناء عمومتهم المقربين وبعدها عشيرتهم وثم فئتهم المذهبية او القومية ويأتي العراق اخر مايفكرون به ، لكن جميعهم ينادون بالتغيير ولانرى من التغيير سوى التصريحات والخطابات الرنانة .

فهناك تحديات اساسية امام البلد لتحقيق التغيير الحقيقي تجمعنا بين الحاجة الى الاستقرار الداخلي وبين المخاطر الاقليمية نبدأها بالعبور بهذه المرحلة الانتخابية وتجاوزها من خلال القبول بالنتائج الاولية وعلى المحكمة الاتحادية المصادقة على النتائج كما صدرت في اليوم الاول وهي مسجلة لدى الكيانات والاحزاب والثانية بناء تحالف قوي يعتمد الشراكة الحقيقية بين المكونات العراقية لتشكيل حكومة وطنية قوية تستند الى الفائزين من الاخوة الشيعة والاخوة السنة والكورد وجميع المكونات الاخرى وبعد تشكيل الحكومة تعتمد مجموعة مهام اساسية يأتي في مقدمتها اعادة الحياة الى المناطق التي نكبها داعش واعادة النازحين في الداخل الى مناطقهم والنقطة المهمة الاخرى هي تنظيم العلاقات الاقليمية والوقوف بوجه التدخلات واستغلال الثغرات الامنية الداخلية كما وضع اسس رصينة للعلاقة بين اربيل وبغداد وفق الدستور ، اما المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ بهذه الانتخابات ايضا تقع عليهم مسؤولية لاتقل عن الفائزين اذا ارادوا للبلد الاستقرار والتطور .

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *