ماذا تعرف عن سر المعموذية؟ عبدالاحد قلو

وكما قلنا في مقالنا عن تعريف الاسرار التي تأتي من كونها القوى التي تخرج من جسد المسيح الحي ابدا والمحي بمعنى انها من روائع الله في عهدنا الجديد المنظورة لحقائق غير منظورة. ويعتبر سر المعموذية من احد هذه الاسرار السبعة المقرة من قبل الكنيسة والتي لا يمكن تكراره او اعادته لحامله. ان سر المعمودية هو ركيزة الحياة المسيحية كلها ورتاج الحياة في الروح، فبالمعمودية نولد ثانية لنصبح اولاد الله، بعد ان نعتق من براثن الخطيئة متحدين في المسيح ونصير اعضاء في الكنيسة ونصبح شركاء في رسالتها. ان المعمودية هي عطية لانها تمنح للذين لا يأتون بشيء وهي نعمة لأنها تعطى للمذنبين ايضا وهي تغطيس لأن الخطيئة تدفن في الماء ومسحة لانها مقدسة وملكّية واستنارة لأنها نور وضياء وثوب لأنها تستر خزينا وغسل لأنها تطهّر وختم لأنها تحمينا ولأنها علامة سيادة الله. قلنا بأن المعمودية هي غسل الميلاد الثاني والتجديد بالروح القدس لأنه يلهم ويحقق هذا الميلاد من الماء والروح الذي بدونه “لا يستطيع احد ان يدخل ملكوت الله” (يو 5:3).

كيف نحتفل بالمعمودية؟

احتفلت الكنيسة بالمعموذية منذ يوم العنصرة بعد ان اعلن القديس بطرس للجمع الذي تبعه “توبوا، وليعتمذ كل منكم بأسم يسوع المسيح لغفران خطاياكم فتنالوا موهبة الروح القدس” (أع 2،38). لذلك ان تحقيق شرط الايمان المسيحي يكون مرتبطا دائما بالمعموذية كما قال القديس بولس الرسول للسجّان في مدينة فيلبّي”آمن بالرب يسوع تنل الخلاص انت وأهل بيتك”.
ان المدخل الى فهم سر الاحتفال يظهر جليا في معنى المعمودية ونعمته والكنوز التي يعنيها هذا السر ويحققها في كل متعمد جديد. يتخلل طقس الاحتفال بأشارة الصليب التي تشير الى وسم المسيح على المزمع ان ينتسب اليه بنعمة الفداء التي استحقها لنا المسيح بصليبه. وبعدها يتم اعلان كلمة الله من خلال نور الحقيقة الموحاة على الذين ينالونه. وتتلى ايضا بعض التقاسيم على المعمذ بمعنى الانتعاق من الخطيئة ويمسح بزيت الموعوظين وان المحتفل او (اشبينه بالنيابة عنه) يعلن ايمانه بالله ويكفر بالشيطان معترفا بأيمان الكنيسة التي”يوكل اليها بالمعمودية” (رو 17:6). تتلى بعدها صلاة استدعاء للروح القدس ليحلّ على هذا الماء وبذلك يولد المعمذون فيها “من الماء والروح القدس” (يو5:3 ). وبعدها يمارس الطقس الاساسي في المعمودية اي تعميذ المقتبل له اما بغطسه في الماء ثلاثا او بصب الماء ثلاثا على راس المعمذ وحسب رغبته او ولي امره عند التعميذ. يستخدم بعدها زيتا معطرا يقدسه الاسقف كمسحة على جبهة المعمذ الذي يصبح ممسوحا من الروح القدس ومتحدا بالمسيح. ويكون بذلك قد منح سر التثبيت اوالميرون وحسب طقوس الكنائس الشرقية، اما في الليتورجيا الغربية تؤذن بمسحة اخرى بالزيت المقدس التي تمنح من قبل الاسقف للمعمذين سابقا وفي احتفال اخر وبذلك يكون ذلك تثبيتا لمسحة المعموذية ويكملها.
لابد من الاشارة الى ضرورة ان يلبس المعمد بعد مراسيم العماذ بالملابس البيضاء التي ترمز الى لباس المسيح ونهوضه مع المسيح وكذلك يمنح شمعة التي ترمز الى ان المسيح قد انار المعمذ الجديد الذي اصبح ابن الله في الابن الوحيد وبأمكانه الآن ان يتلو صلاة “الابانا.

ماهية مزايا المعموذية؟
ان المعمودية تجعلنا اعضاء في جسد المسيح من خلال انتمائنا الى كنيسته حيث من اجران المعموذية يولد شعب الله الأوحد، شعب العهد الجديد “انّا قبلنا المعمودية جميعا في روح واحد لنكون جسدا واحدا” (1 كو 13:12). في المعموذية نشترك في كهنوت المسيح ورسالته النبوية والملكية وهي التي تخولنا نصيبا في كهنوت المؤمنين العام.
ان المعمذ الذي انتمى للكنيسة لم يعد ملك ذاته بل ملك من مات وقام من اجله لذلك يكون مدعوا الى ان يخضع للآخرين ويخدمهم في شرْكة الكنيسة واطاعة رؤساء الكنيسة ويخضع لهم وان يمحضهم الاحترام والمحبة. والمعمذ من حقه ان يتمتع بحقوق في حضن الكنيسة بنيله للاسرار ويغتذي بكلمة الله ويجد دعما في ما تقدمه الكنيسة من رفود روحية اخرى.
ان المعموذية اخيرا هي الاساس الذي تقوم عليه الشرْكة بين جميع المسيحيين وهي الرباط الأسراري للوحدة القائمة بين الذين ولدوا ثانية بالماء والروح.

عبدالاحد قلو
– من كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية

You may also like...