مؤتمر مشيكان القومي الكلداني العام حقَّق مُعظمَ أهدافه المرجوَّة!

لقد كتب الكثيرون من ذوي الإتجاهات المختلفة بصدد المؤتمر القومي الكلداني العام قبل انعقاده وخلال أيام انعقاده في مشيكان للفترة من 15 – 19 أيار 2013 فإنَّ تلك الكتابات بإيجابيتها وسلبيتها كانت مصدر ثراء فكري للمؤتمِرين الذين سادت بينهم الأخوة والألفة والإنسجام لم يسبق لها مثيل من قبل، فكانت جلسات المؤتمر غنية بالمواضيع المُدرجة في جدول أعماله، والمهيَّئة مُسبقاً من قبل الباحثين وأصحاب الفكر، تدارسها المؤتمِرون بمنتهى الجدية والإهتمام.

تمحور نقاش المؤتمِرين بالدرجة الأولى حول كيفية الحصول على حقوق الكلدان الوطنية والقومية المشروعة، ولماذا سُلِبت منهم وبطرقٍ ملتوية وهم أعرق المكوِّنات الأخرى أصالة في بلدهم الأم العراق؟ ولماذا الكلدان بالذات من دون كُلِّ مكوِّنات العراق تعرَّضوا لهذا الغبن والإجحاف؟ لماذا يُطالَب الكلدان بالواجبات وفي ذات الوقت يُحرَمون من الحقوق؟ هذا كان الدافع المُلح لقيام الكلدان بعقد مؤتمرهم العام ليرسم لهم طريقاً يؤدي بهم الى إزالة الظلم الفادح الواقع عليهم، وذلك عن طريق توحيد خطابهم السياسي وعملهم الميداني في داخل العراق، وهذا لا يتأتى من دون دراسة أفكار واقتراحات كافة أعضاء المؤتمر!

إذا كان هدف الكلدان من مؤتمرهم المطالبة بحقوقهم، أليس الأمر بديهياً ومن صميم تطلعاتهم؟ وهل يعني ذلك أنهم ضِدَّ الآخرين أو على حسابهم؟ بالتأكيد لا! فبأيِّ حَقٍّ يُروج الآخرون بأن مطالبة الكلدان بحقوقهم هي تمزيق للأمة؟ ومَن هي هذه الأمة الموهومة؟ الكلدان لا يعرفون امة اخرى غير امتهم الكلدانية، ولا يعترفون بأيّة أمة لا أساس لها ولا مقومات وإنما هناك دُعاة ذووغايات رديئة وبعيدة المدى يُروِّجون لهذه الفكرة الأكذوبة لإيذاء الكلدان! فهناك السيد خيري أبونا على سبيل المثال لم تَرُق له كلمة سيادة المطران ابراهيم ابراهيم الإفتتاحية للمؤتمر واصفاً إياه بمنظر المؤتمر وهذا مجرَّد افتراء، فقد كُلِّفَ شرفياً لإفتتاح المؤتمر، وكلمته كانت الوحيدة التي عَبَّر بها عن صُدق مشاعره القومية فحيّاه أبناء الكلدان بالفرح والإفتخار! فهو لم يحضر الجلسات أبداً ولا أبدى رأياً معيناً لا من قريب ولا من بعيد. إنَّه الحِقد الدفين على الكلدان ورموزهم الذي يغلي في صدور الذين على شاكلة السيد خيري، ولكن هيهات. تُرى، لماذا هو وأمثاله لم ينتقدوا الكلدان النساطرة (آشوريي اليوم المزيَّفين) الذين تنكَّروا لإصولهم الكلدانية وانصاعوا صاغرين لتعليمات وليم ويكرام الأنكليكاني عميل المخابرات الإنكليزية الذي أنعم عليهم بالتسمية الوثنية الآشورية التي تسمَّى بها آشوريو التاريخ المنقرضون! ألم يعقدوا مؤتمرات بالعشرات خلال العقود الأخيرة لإحياء الأسم الآشوري الميِّت منذ أكثر من خمسةٍ وعشرين قرناً؟

الكلدان يُعلنون لعموم الشعب العراقي بأنهم امة أصيلة لبلاد ما بين النهرين ومثلت آخر حكم وطني لأقلِّ من قرن بقليل أي منذ عام 626 – 539 ق.م، وهيمنت من خلاله على مجمل بلاد الشرق الأوسط. وبعد بزوغ نجم بشارة الخلاص المسيحية كانوا السباقين للإيمان بها ولم يَطُل الوقت بهم حتى أسَّسوا كنيتهم “كنيسة المشرق” فوق أرضهم بيث نهرين وإن كانت مُحتلة من قبل الفرس الفرثيين ثم الساسانيين، ألم يكن عملُهم هذا جبّاراً؟ أليس من حقِّ أحفادهم المعاصرين أن يُطالبوا بأن تُحترمَ حريتهم وتُصانَ كرامتُهم ويُعطى وزنٌ لشخصيتهم؟ أليس المطران ابراهيم ابراهيم أحد أحفاد الكلدان العظام، إنَّ المطران نطق بالواقع الموضوعي القائم بالعراق، وليس بالمنطق الخيالي الذي ينطق به الآخرون، وللمطران دراسة مستفيضة عن البطريرك يوسف اودو ومنذ أن كان تلميذاً في السيمنير كان يميل الى خط المثلث المراحم البطريرك اودو القومي. ليس هناك أيُّ فرقٍ بين الأمة الكلدانية والكنيسة الكلدانية، فالأخيرة هي بنت الأولى، وعندما ذكر سيادة المطران ابراهيم< بأن البطريرك كان يقول بأن الأساقفة يجتمعون من كُلِّ ابرشيات الأمة الكلدانية> إن الأساقفة في زمن البطريرك يوسف اودو وقبله، كان أساقفة أبرشيات الملاّبار الهندية وبلاد التتر كانوا يؤمنون بالامة الكلدانية وكانوا من أصل كلداني. لم يكن المطران الشهيد توما اودو يعترف بأولئك بأنهم آشوريين وقد اعدمَ من جرّاء معاضدته لهم، بل كان متأكِّداً بكونهم كلداناً نساطرة لأنه كان يعلم بانقراض آشوريي التاريخ ومنذ أكثر من ستة قرون قبل الميلاد. وللعلم فإن الدولة الآشورية كانت تتألف من أقوام كثيرة حالها حال الدولة العراقية اليوم فهل يمكن اعتبار العراقية قومية، ولذلك لا يمكن اعتبار الآشورية قومية؟ نعم وبالتأكيد كان المطران يعقوب وتلميذه نصيبيين كلدانيين كما كان مطران نصيبين اللاحق برصوما الشهير، وكذلك زميله مار نرساي الملفان ومار يزدين وعشرات المؤلفين والقديسين وحتى الذين أسسوا الكنيسة المونوفيزية اليعقوبية مثل يعقوب البراذعي وأخسنايا وشمعون الأرشامي كانوا كلداناً!

لم تكن معارضة المثلث المراحم مارعمانوئيل الثاني توما العظيم لدمج المعهدين شمعون الصفا الكلداني ويوحنا الحبيب الدومنيكاني بسبب ولائه المذهبي كمه تدعي يا سيد خيري، لأن مذهب الكلدان والدومنيكان هو مذهب واحد الكاثوليكي، أما الدافع الوحيد لعدم موافقة البطريرك كان قومياً صرفاً، حيث أراد أن يتشرب تلاميذ المعهد من التراث الكنسي الكلداني وينهلوا العِلم مِن مؤلفات الآباء الكلدان، فلماذا تشويه الحقائق. لقد تجشم البطريرك الكلداني عناء السفر من الموصل الى قوجانُس نزولاً عند رغبة المرحوم البطريرك بنيامين روئيل عم الفتى اليافع شمعون بنيامين الذي سرق البطريركية من المطران ابراهيم أخي البطريرك بغيابه وبمساعدة الأنكليكان الذين منعوا البطريرك الكلداني من اللقاء بالبطريرك بنيامين روئيل عند وصوله الى أشيثا وبذلك افشلوا عملية قيام الوحدة الكنسية. أما محاولة مار شمعون بولس التوحيدية فكانت تُخبيء وراءَها العودة الى الهرطقة النسطورية ولذلك قال له بأن الوحدة لا يمكن أن تتم إلا عن طريق روما. ما كنت لأتطرَّق الى هذه المواضيع في مقالي هذا لو لم يستفزَّني مقال السيد خيري ابونا المليء بالمغالطات بسبب انزعاجه من موقف سيادة المطران ابراهيم القومي!

وبالعودة الى عنوان المقال نقول: للأسباب التي تقدَّمَ ذكرُها أعلاه انعقد المؤتمر القومي الكلداني العام في مشيكان معقل كلدان المهجر الأمريكي، أمَّه المشاركون الكلدان القادمون من مختلف البلدان. كان المؤتمر تظاهرة قومية رائعة سادها الحب والإنسجام وملأها الفرح والإبتهاج ارتاح لها الشعب الكلداني بأكمله. إنَّ البيان الختامي للمؤتمر قد تضمَّن تلخيصاً لكُلِّ ما اتَّفق عليه المؤتمِرون. عاشت الأمة الكلدانية!!!

الشماس د. كوركيس مردو

في 20 / 5 / 2013

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *