لقائي مع الأخ علي الكلداني في بغداد


وضعت امامي برنامج لزيارة بغداد ، ومن هناك رأيت ان ازور الأخ علي الكلداني في الناصرية ، وبعد ذلك تولدت فكرة السفر الى البصرة حيث قضيت فيها 13 سنة وفعلاً اتصلت ببعض الأصدقاء ، لكن فوجئت بدعوة الأخ علي الكلداني التي يقول فيها :

تتشرف التجمعات الكلدانية في اور المقدسة الناصرية

بدعوتكم

لحضور المنتدي الثقافي العالمي والذي سوف يقام في بغداد شارع المتنبي المركز الثقافي البغدادي صباحا ومساء يوم غد الجمعة 2013،9،27

وسوف تشارك التجمعات بنشاطين .. الخ

وهكذا رأيت ان البّي الدعوة وأختصر الطريق بالسفر الى الناصرية ومن ثم الى البصرة ، لقد كان يوم الجمعة موعداً تقليدياً لزيارة شارع المتنبي الذي تتخلله نكهة تاريخية وثقافية وتراثية ، وهكذا خرجت من البيت في منطقة الأمين الثانية وانا انتظر سيارة تاكسي تقلني الى شارع المتنبي وطال انتظاري بكونه يوم جمعة ، الى ان قدمت سيارة خصوصي لاحظت عليها علامة سيارة الأجرة كما ان السيارة كانت تبدو عليها علامات التعب والإستهلاك تماماً كالشاب الذي كان يسوقها الذي حاول ايقافها امامي لكن ضعف الفرامل ( البريكات ) جعلها تقف بعيداً عني ، فقلت للسائق الشاب ، إن هدفي هو شارع المتنبي وكما ارى ان سيارتك تبدو تعبانة ، فقال اركب يا استاذ وأنا مستعد ان اوصلك الى الموصل او الى البصرة ، فيبدو واثقاً من سيارته ، وانا من جانبي ارتأيت ان اخوض المغامرة .

في البداية شرع السائق يشرح مميزات سيارته ثم اشار الى نوع العطل البسيط ، ولكن في الطريق كانت تتقطع وتحاول ان تقف وهو بدوره يضخ لها الوقود لكي تستمر في السير ، وأراد الأنعطاف نحو شارع الجمهورية فتبين انه مقفل امام السيارات القادمة فكان عليه الدخول نحو شارع الرشيد وازدادت مصاعب تواصل السير ، وأخيراً توقفت بعد وصولنا الى بناية البريد وأبت السيارة ان تتواصل إذ انطفأ محركها وانقطع السير وراءنا وتعالت ابواق ( هورنات ) السيارات وراءنا ، فعرضت على السائق ان يأخذ الأجرة وأن اساهم في دفع سيارة لنركنها الى جانب الشارع لكي نسمح للاخرين بالمرور ، وهكذا كان علي ان اقطع شارع الرشيد سيراً على الأقدام الى شارع المتنبي ، لكن بعد تقاطع حافظ القاضي كان شارع الرشيد مخصصاً للمشاة فحسب ، إذ ليس صالحاً لمرور المركبات وربما لدوافع امنية ، وعلى العموم فإن ما آل اليه حال شارع الرشيد اليوم يبعث على الألم والبكاء ، انه مكب لرمي القمامة تنتشر فيه المطبات والحفر ويبعث الكآبة في النفس بدل انبعاث عبق التاريخ الذي اشتهر به .

في شارع المتنبي كان كما الفيته ايام زمان من المعارض الأرضية للكتب وتزاحم الرواد واصوات الباعة وانتشار المصوريين والإعلاميين ، ولفت نظري وجود الكثير من الشابات السافرات في الشارع وفي المركز الثقافي البغدادي في مبنى القشلة والساعة البغدادية القريبة ، وفي تلك الساحات تواعدت مع الأخ علي ايليا الكلداني في المركز الثقافي البغدادي وكان قد حجز خيمة لنشاطه الذي يشمل معرض صور لنشطات جمعيات المجتمع المدني المرتبطة معه وهي :

 

1 ـ جمعية اور

2 ـ رابطة أطفال محبة فرج رحو

3 ـ رابطة نساء الكلدان

4 ـ فرقة عينكاوا الجنوب للتمثيل

5 ـ جماعة اللاعنف الطلابية .

وكان الأخ علي الكلداني يرحب بالزائرين ويشرح لهم منظمات المجتمع المدني هذه تعمل على وضع المحبة والوئام بقلوب المكونات العراقية ، وهي تقوم بزيارات لكل المكونات في مناسباتها وأفراحها وأتراحها ، ان كان هذه المكونات من الأسلام او من المسيحيين او من المندائيين المهم هو إعلاء شأن الهوية العراقية وخلق اجواء القبول والتعايش بين تلك المكونات العراقية .وقد ورد في فولدر الجمعية : بأن الجمعية هي نواة فكرية تؤسس لثقافة وطنية داخل المجتمع العراقي من خلال استراتيجية فكرية وعملية متكاملة تهدف تحقيق التواصل والقترب في وجهات النظر الوطنية المختلفة .. وإعادة صياغة مفهوم التعايش السلمي وفق المبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان والقيم والأعراف الدولية بإطار الوطن الواحد بعيداً عن كل الأعتبارات الضيقة والفئوية .

هذا ورحب الأخ علي الكلداني بزيارتي كما كنت سعيداً بلقائه ، وقد اختصر سفرتي الى الجنوب بلقائي معه في بغداد ، وأهدى لي مجسم لزقورة اور الكلدانية التاريخية ، كما اخذنا صور كثيرة مع الزوار وكان جلهم من الشباب والمهتمين بالثقافة وكانت اجواء جميلة للحوار والتفاهم تتخللها اجواء الموسيقى العراقية وقرءة أشعار وقصائد الشعر وعرض الأعمال الفنية …

وقد علق احدهم على لافتة مكتوب عليها ( ابناء اور المقدسة ) واقترح علينا التفكير في إسباغ لفظة المقدسة على مدينة اور ، فاقترحت على الأخ علي ايليا الكلداني ان تبدل العبارة المذكورة بعبارة ( ابناء اور الكلدانيــــــــة بدلاً من اور المقدسة ) وهي اقرب الى الواقع حيث ان ابونا ابراهيم الخليل قد خرج من اور الكلدانيين .

 

الأخ علي الكلداني له طموحات مشروعة ، وبين حاجته للترويج الإعلامي لنشاط جمعياته ، كما انه من الضروري دعوته الى مؤتمرات ونشاطات كلدانية ، ويجب ان لا نهمل المسألة المادية التي تكون ضرورية للقيام بأي نشاط .

الأخ علي الكلداني يرتأي ان المشاعر القومية هي مشاعر وجدانية وليست بالضرورة متعلقة بالدين ، فالدين الواحد قد يتضمن ابناء عدة قوميات ، او اصحاب القومية الواحدة يمكن ان يتضمن ابناء عدة اديان ، ويضيف بأن لهم مشاعر قومية كلدانية .

وحسناً فعلت البطريركية الكاثوليكية الكلدانية حينما وجهت الدعوة لأبناء اور الكلدانية من الأخوة المسلمين بحضورهم مؤتمر التعليم المسيحي ، فقد كتب الأخ علي الكلداني :

 

 

بالالتفاتة الرائعة والأبوية الطيبة من قبل غبطة سيدنا مار لويس روفائيل الأول ساكو شارك وفد من كلدان الناصرية بالمؤتمر التعليم المسيحي حيث التقى الوفد بداية بسيدنا شليمون وردوني ، تم الترحيب بهم اشد الترحيب وأيضا تم إلقاء كلمة من قبل الوفد الكلداني الناصري وقد تحدث السيد علي إيليا الكلداني قائلا :

بداية اشكر الرب علي إتاحة هذه الفرصة لي بان التقي مع أبناء عمي وأيضا الشكر الكبير لغبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو علي أتاحه الفرصة لنا بالمشاركة بهذا المؤتمر الذي تعلمنا به أشياء كثيرة وقرب بيننا وبين أبناء عمنا حيث تم اطلاع الجميع على أعمال ونشاطات التجمعات الكلدانية في أور المقدسة الناصرية وما قدمناه خلال ثمانية سنوات سابقة من عمل وجهد وعزيمة واعتزاز باصوالنا ومنبعنا الأصلي الكلداني حيث صفق الجميع بكل حرارة لنا فبارك الله للجميع وحفظ أبناء شعبي أينما كانوا .

اجل انها خطوات مهمة للتفاهم والتعايش المجتمعي لكي يرفل وطننا في ثياب الأمن والأستقرار بين مكوناته الجميلة .

د. حبيب تومي ـ بغداد في 02 ـ 10 ـ 13

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *