لقاء مع قداح عراقي

                                                                                                       
سرت أبحث عن زهرة قداح عراقي ليعطر صفحتي لهذا اليوم, هذا القداح يميل للهدوء وللسلام,  سمته البساطة وعدم التكلف عمره زاده وقارا تجمل بأروع الصفات الرجولية, يحترم المراءة حد القداسة, يكتب لها يشجعها, يطالب بحقها وكانها جزءا منه. سألته أين أنت من الوسط الثقافي؟ فاجابني أنا أعتبر نفسي ذلك المثقف الذي لا يؤثر في الوسط الثقافي. فياترى هل هذا تواضع منه!!
ضيفي هو أبن قضاء العزيزية من محافظة واسط …رفعت نافع الكناني فأهلا وسهلا بك.
 

البازي: قبل البدأ بحوارنا قلت لي كنت تمتنع عندما يسألك أحدهم أن يقدمك في محاورة…هل لنا أن نعرف السبب؟
ج/ المحاورة غالبا ما تتم مع كتاب معروفين او مفكرين لهم باع طويل في عالم الثقافة والعلم والادب لغرض الاطلاع على ما تكتنز افكارهم ورؤاهم من فيض من العلم والمعرفة طوال سنين مديدة …. وانا المبتدأ منذ بضع من السنوات في هواية اسميها الكتابة او شئت ما قلت انها خواطر وملاحظات لا ترقى الى الكتابة بمعناها الواسع ثم من طبيعتي انني لا احب ان اخذ اكثر من حجمي او بعبارة اخرى تكبير حجمي اكثر من الحقيقة التي انا فيها. وإلا مارأيك إنت؟
البازي: قد أختلف معك فيما قلت لأني أؤمن أن لكل إنسان له دور ومادمنا قد خضنا عالم العلم والمعرفة وأستطعنا أن نتسلح بسلاح الثقافة ودخلنا مضمار الكتابة فأقول جميل هو أن نلقى الضوء على أي شخصية أن كانت معروفة / معروف أو في بداية المشوار وفي النهاية سنجعل المتلقي يتعرف على هذه أو تلك الشخصية.  فبالنهاية االهدف من الحوار هو للتعريف بالشخصيات والكشف عن نفسياتها ومكانتها ومستوياتها الثقافية والفكرية والاجتماعية وفي تقديم الأحداث في صور معينة.
البازي: معلوماتي تقول أن مركز محافظة واسط الحالي هي مدينة الكوت التي من سماتها أنها محاطة بالمياه من ثلاثة جهات من الشرق والغرب والجنوب…سؤالي بماذا تميزت الكوت ؟
ج/  مدينة الكوت تتميز بموقعها الجغرافي الفريد ، فهي تتوسط خارطة العراق وتمثل نقطة التقاء جهاتة الاربع، وتعتبر شبة جزيرة لاحاطتها بنهر دجلة من ثلاث جهات … (حصار الكوت)  في عام 1915/1916 اهم حدث تاريخي حيث حاصر الجيش العثماني نظيرة البريطاني في الحرب العالمية الاولى ولقنة هزيمة قاسية تكبدت القوات البريطانية اكثر من 13000الف قتيل منهم 8000 بريطاني (باعتبار ان الجيش يضم هنودا وجنسيات اخرى) وتم دفنهم في المقبرة الخاصة بالانكليز والتي مازالت باقية في وسط المدينة والتي تعتبر موقع او اثر سياحي  يميز المدينة… هناك معلم اقتصادي وسياحي وهو سدة الكوت التي انشأت عام 1937  لغرض حصر المياة وتوزيعها لنهري الغراف والدجيلة … وهناك معلم اخر وهو (سجن الكوت الشهير) الذي انشأ في العهد الملكي وكان يمثل حقبة تاريخية مجيدة للاحزاب الوطنية وخاصة الشيوعيين لما احتوت جدران هذا السجن من ذكريات ومواقف وطنية أرخت لتاريخ العراق الحديث. وتتميز المدينة بمعلم اقتصادي انشأ في زمن الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم وهو معمل الصناعات النسيجية والقطنية والذي كان لة الاثر الكبير في النمو الاقتصادي لهذة المدينة وتشغيل اعداد كبيرة من المواطنين من كلا الجنسين . اضافة ان للقطاع الزراعي وما تملكة من مشاريع زراعية عديدة في مناطق مختلفة من المحافظة هو ما يميز اقتصادها وخاصة زراعة الحبوب والتي تعتبر من المحافظات الكبيرة الانتاج على مستوى البلاد . وللكوت شهرة وميزة وفرادة في كثرة وتنوع وغزارة اسماكها ، واسماك الكوت اشهر من نار على علم كما يقولون .
البازي: كنت برفقة زوجي عام 1991ـ1992 حيث كان يعمل مهندسا لري العزيزية,  وعند تواجدي هناك وجدت أن قضاء العزيزية تميزت بمميزات خاصة نعتز بها. فقد وجدت فيها خليط من القدامة والحداثة كالمساكن القديمة والحديثة, وجدت جمال وبساطة في أزقتها, أحسست ببساطة ناسها…سؤالي هل لك أن تحدثنا عنها…وماذا تركت في نفسك من ذكريات؟
ج/…تقع مدينة العزيزية في منتصف الطريق بين بغداد وواسط. سميت بهذا الاسم تيمنا بالسلطان العثماني عبد العزيز …  سكنها اجدادي  قبل العام  1863 الذي يمثل تاريخ بناء المدينة ومن اوائل الذين شيدوا  المدينة القديمة وبنوا مساكنها .. المدينة التي ولدت فيها ورأيت النور فوق اديمها وترعرت بين ازقتها وحاراتها والتي احبها واعتز بها وأشبهها  كعاشقة  تغفو بأمان على ضفة نهر دجلة الخالد … كانت في الاربعينيات والخمسينيات اشبة بحديقة كبيرة  تلفها وتحيطها اشجار النخيل والفواكة المثمرة وشجيرات الزينة المختلفة ، وتتوسط سوقها الرئيسي حدائق غناء فيها انواع الورود والزهور… واليوم يتحسر اهلها على تلك الواحات الخضراء  التي كانت تدار بامكانيات بسيطة  وبجهود فلاحين لا يتعدى عددهم  اصابع اليد الواحدة   …   يمتاز اهلها وناسها بالمروءة والكرم والشهامة اضافة لثقافة اهلها  وتميزها عن كثير من المدن الاخرى  بصفة التحَضر والمدًنية بالرغم من ارثها العشائري التي تنتمي الية …  خاصة اذا ما عرفنا ان المدينة وما جاورها من مناطق تابعة لها تسكنها عشائر شمَر التي نزحت اليها من جزيرة العرب قبل اكثر من قرنين ونصف من الزمان …… لم تحصل فيها حوادث عنف او تهجير طائفي بسبب اهلها الاخيار المسالمين ونبذهم للعنف  والتفرقة والطائفية ..  كان وما يزال السلام والتآخي والمودة ،  الصفة المميزة لهذة المدينة على مستوى العراق  وهناك ميزة تتميز بها هذة المدينة وهي ان كل موظف ينقل اليها من مدن العراق الاخرى  يبقى ويستقر فيها بعد التقاعد مهما كان طيفة ولونة  …  وفي ذلك دلالة واضحة على ان اهلها كرام  واصحاب نخوة وشهامة ،  يملكون حسن المعشر الطيب واحترام الضيف واكرامة . لم استطيع مفارقتها والرحيل عنها طوال سني عمري التي تعدت الستين … انها كياني وهويتي التي اعتز وافتخر بها .
البازي: رفعت نافع الكناني ماذا عن طفولتك؟
ج/ برغم الهدوء والوداعة الذي اتصف بة اليوم … لكنني كنت شقيا في صغري وعلى درجة من الشراسة والعنف …  الان عندما يراني كبار السن يقولوا سبحان هذا العقل والهدوء اين كان في الصغر  !! ،  تصوري في العطلة الصيفية نذهب الى بيت جدي محمد الخضر في الاعظمية منطقة النصة وهناك بيت الصفرة مشهورين على مستوى بغداد وليس الاعظمية  بالشجاعة والشقاوة … فكنت انتهز الفرص لاضرب من في سني بوكس ( لكمة ) على عينة او ارميه بحجارة تفشخ ( تشق ) رأسة وتدمية ويثور ابناء الصفرة للبحث عن من فعل هذا بابنهم لكي يقطعوه ، لكنني اهرب لبيت جدي واختفي !!! وفي الصباح الباكر نسافر خفية للرجوع الى العزيزية وهكذا كل عطلة صيفية … تصوري ست ثائرة هذا ما كان يفعله محاورك في الصغر …. علما ان ابنائي لم يمروا في مثل هذة المرحلة ابدا انهم طيور هادئة وديعة . 
البازي: هل هناك من ذكرى معينة معهم؟
ج/   اما عن الذكريات عنهم فانا اعتبرهم اصدقائي نتحاور في كل شيئ يخصني ويخصهم وطرح الاراء والفكر مستمرة منذ طفولتهم ولحد الان  … استمع لهم ويستمعوا لي لاتوجد هناك فواصل بيننا تمنعنا من بحث اية مشكلة  … لا اتدخل في خصوصياتهم … احثهم على مساعة الغيروالعمل بهة واخلاص في مواقع عملهم … تصوري في نيسان 2003 عندما بدا القوات الامريكية بالدخول للعراق ووصلوا الى مدينة العزيزية لم يبق معظم الاطباء والطبيبات الا وغادروا المدينة وبقت ابنتي الدكتورة شيماء في المستشفى تؤدي واجبها في معالجة النساء وخاصة في صالة الولادة والعمليات وهذا الموقف مسجل لها ويذكرة اهالي العزيزية
البازي: هل تأثرت بالوالد أم الوالدة أو أحد من المقربين؟
ج/ والدي الحاج نافع  رحمة اللة كان تاجرا معروفا اضافة لكونة مختارا للعزيزية منذ الخمسينيات ولغاية الثمانينات  وشيخ عشيرة بيت خضر الكنانية … كان ذات توجة فكري يساري وانتخب سكرتيرا لمنظمة الشبيبة الديمقراطية بعد ثورة 14 تموز 1958  ومن الشخصيات السياسية والاجتماعية البارزة وتم التطرق لمسيرتة النضالية في كتاب المفكر الاستاذ جاسم الحلوائي ( الحقيقة كما عشتها ) وتم اعتقالة عدة مرات لنشاطة السياسي والفكري  .. تعرض للاعتقال والتعذيب القاسي بعد انقلاب 8 شباط الاسود  1963… تعلمت منة الكرم والامانة والشهامة والشجاعة وحب الناس وخدمة الاخرين .  اتذكر في الصغر كان بيتنا تودع فية النساء المحجوزات او ( الدًخيلة ) التي  عندها قضية مع زوجها او اهلها  نظرا لسمعة بيت الحاج نافع المختار وحفظهم لشرف و حقوق الناس الداخلين  ( نحمد اللة على هذة السمعة  والسيرة ) لقد اورث لي محبة للناس واحترامهم  وخدمة عشيرتي  قبل المال والاملاك … ويذكرنا الناس بها  وخاصة كبار السن عند لقاءنا معهم حاليا . 
والحاجة  حمدية محمد الخضر الكناني والدتي رحمها اللة الحاجة  حمدية محمد الخضر الكناني انسانة رائعة تحمل من الثقافة الشيئ الكثير، مؤمنة حد الزهد متدينة بنقاء لا يوصف … كانت تحب الناس بالوانهم  وتحمل الحب والاحترام والمساعدة لكل افراد العشيرة والاقرباء وتعمل على مساعدة المحتاجين والفقراء والارامل … ختمت القران الكريم  275 مرة وكانت تهدي ثواب قراءتة للناس المقطوعين الذين لم يوجد لديهم ابناء  والفقراء والذين لم يتعلموا القراءة  كانت قارئة جيدة للكتاب  وتمتلك عدد كبير من الكتب التاريخية والاجتماعية والدينية والمصحاف القيَمة  وحصتي منها العديد من تلك الكتب التي طبع بعضها قبل اكثر من سبعين سنة  علما بانها لم تكمل دراستها بالرغم من ان والدها المرحوم محمد الخضر افندي كان موظفا خدم بداية انشاء الدولة العراقية واستمر بالوظيفة لحين التقاعد بداية العهد الجمهوري واذكر زرتة مرة في بناية القشلة عندما كانت مقرا لدوائر وزارة الداخلية…  كانت والدتي تتفقد العوائل الفقيرة وتساعدهم   في تجرد ونكران ذات عجيب وكانت تجبرنا في اغلب الليالي لتفقد الارامل والمرضى والمعوزين … اضافة لذلك كانت تؤمن بحرية وحقوق المراة وعلمتنا ان نحترم المراة لانها مصدر تقدم المجتمع واستقرار العائلة   …. 
اجدادي من والدي ووالدتي محمود افندي ومحمد افندي  رحمهم اللة ( تطلق كلمة الافندي على الرجل الذي لدية وظيفة او مركز مرموق في العهد العثماني والملكي ) كانوا موظفين في العهد العثماني واستمرت خدمتهم للعهد الملكي والجمهوري وتنقلوا في كثير من مدن العراق بناءا على ما تقتضية الوظيفة من بغداد الى العمارة  الى الكوت الى النجف الى بعقوبة ومدن اخرى  وكانوا يمتلكون ثقافة واسعة ومكانة اجتماعية متميزة وكان يطلق على جدي محمود افندي ( العارفة ) لرجاحة عقلة وافقة الواسع وما يحملة من ود ومحبة للاخرين وقضاء احتياجاتهم وفض مشاكلهم  وكان اضافة لوظيفتة من محبي وهواة تربية الخيول . ( للعلم والدي ووالدتي ابناء عمومة )
البازي: علمت أنك من عائلة تحب العلم والثقافة وتربي ابناءها على سلك طريق العلم لخدمة البلد…كيف ذلك ومن كان المشجع الأول لكم…وهل حققتم ذلك؟
ج/ العائلة لها تاريخ مع الوظيفة وخدمة العراق ، وسبق ان قلت بان اجدادي كانوا موظفين خدموا الدولة العراقية منذ قيامها 1921  بل ان جدي محمود الخضر كان موظفا في الدولة العثمانية  … والموظف قديما ، ما هو المعيار الذي يؤهلة لنيل الوظيفة ان لم يكن يحمل  العلم والثقافة  والشخصية الاجتماعية المرموقة … واستلمها والدي من الاباء في بذل كل الجهود في وضع نفسة قدوة لبناء مشروع ثقافي وعلمي من خلال اكمال ابناءة وبناتة دراساتهم الجامعية والعالية … اعتقد انها سلسلة متواصلة من العطاء والبذل لخدمة العراق
البازي: رأيت فيك الوفاء والاخلاص لبعض الأشخاص ممن اثروا فيك ؟ هل لك ان تذكر لنا تلك الشخصيات وماهو دورهم؟
ج/ اكملت دراستي الابتدائية والثانوية في العزيزية وتتلمذت على ايدي اساتذة اجلاء مثل المرحوم الاستاذ الاديب يوسف نمر ذياب مدرسا للغة العربية والاستاذ المعروف الناقد فاضل ثامر اطال اللة في عمرة مدرسا للغة الانكليزية واكملت الدراسة الجامعية في جامعة البصرة  _هيئة القانون والاقتصاد قسم الاقتصاد وكان من اساتذتي الدكتور  شريف الشيخ والدكتور علي الشيخ الساعدي والدكتور عبد الامير ارحيمة العبود والدكتور كمال الخياط والدكتور عبد الرضا الطعان وغيرهم  وكان اساتذتي في المعهد القومي للتخطيط الدكتور ماجد خوشيد والدكتور بديع القدو الاستاذ المشرف على بحثي والدكتور عصام حويش وزميلي في الكلية صديقي العزيز الدكتور سامي متي بولص  الذي كان من الاوائل الاذكياء في الكلية ..
تصوري سيدتي كلما رايت احد من اساتذتي القدماء … واللة انحني امامهم باجلال وخشوع واقبل اياديهم الخَيرة التي افنت سنوات عمرها في تعليمنا واكمال بناء شخصياتنا بكل اخلاص وتفاني .
البازي: حدثنا عن الخلفية العلمية… وماهو عملك الحالي؟ 
ج/  بكالوريوس اقتصاد   جامعة البصرة 70 _ 1971
     دبلوم عالي في تخطيط التنمية   المعهد القومي للتخطيط  1988
كنت مديرا لفرع الجهاز المركزي للاحصاء في قضاء الصويرة  … وكان عنواني الوظيفي ( باحث اقتصادي )  ومن ثم احلت نفسي على التقاعد في نيسان 1990بعد ان ايقنت ان العمل الوظيفي  في تلك المرحلة اصبح لا يمثل طموحي ولا يمكن لي ان اقدم شيئا نافعا  للبلد …. وكذلك لكثرة الاعباء المالية التي  كانت ترهقني بسبب ان البنات الاربعة في تلك الفترة طالبات في جامعة بغداد جميعهن بسبب تقارب اعمارهن ويتطلب ذلك بذل جهود مضنية لاتمام مسيرتهن الدراسية ذات التكاليف الباهضة وخاصة ان تلك الفترة كانت بداية الحصار الظالم على العراق … لذلك اتجهت  للعمل في تجارة الملابس وادارة مشروع زراعي  تمتلكة العائلة واعتبر هذا العمل مطابق نوعا ما مع الاختصاص الدراسي لانة يصب في خانة علم الاقتصاد
البازي: أرى أن للمراءة مكانة خاصة عندك وتحاول دائما ان تشجعها …ماالسر وراء ذلك؟
ج/ المراة هي الحياة وبدون هذا الكائن اللطيف لا يمكن ان يحيا الانسان على هذة الارض ان قضيتها لا يمكن ان نفصلها عن مجمل قضايا الشعب العراقي … حقوق المراة لا يمكن اختصارها في مجرد سن قوانين لصالحها هناك مشاكل عديدة تتعرض لها منها الجهل  التقاليد البالية البطالة التحرش الجنسي الاختطاف  الزواج المبكر النظرة القاصرة لها ..  مشاكل الارامل والمطلقات والعوانس وما يستوجب لهن من رعاية اجتماعية مميزة … لكل هذة الاسباب يجب ان نعمل جميعا وكل من موقعة لتحريرها وتعليمها وتثقيفها والوقوف الى جانبها لانها الام والاخت والزوجة والحبيبة .
البازي: حدثني عن النساء اللواتي أثرنّ  في شخص وحياة رفعت نافع الكناني؟ (الوالدة/ الأخت/ الزوجة(
ج/ اعتقد ان الجميع مما ذكرت  اثروا ايجابيا على مسيرة حياتي … الوالدة هي مدرستي الاولى تعلمت منها الحب والسماح والطيبة والتضحية واخواتي هيفاء وشذى اعتبرهن سندي في هذة الحياة ويحملن نفس الصفات التي امتلكها وافتخر بهن وابناءهن وما وصلوا الية من مراتب علمية متقدمة  … اما زوجتي وشريكة حياتي فهي النصف الاخر الذي سهر الليالي لبناء شخصية الابناء والتضحية بصحتها وراحتها لاكمال دراستهم وكانت خير معين ورفيق في هذة الحياة 
البازي: هل لك أولاد؟ حدثني عنهم…وماذا زرعت فيهم وماذا اعطوك؟
ج/ لي خمسة ابناء اعتبرهم اصدقائي ونتاج العمر الذي افتخر بة  اذكرهم حسب تسلسل الاعمار : –
شيماء / طبيبة متزوجة من الدكتور محمد جمعة الكندي    بورد مفاصل وكسور / بغداد
انمار  / مدرسة كيمياء متزوجة من الدكتور عدي الصالحي   بورد قلبية وباطنية  / بابل
زينب  / مدرسة اجتماع متزوجة من المحامي علي الماجدي / بغداد
مها  / بكالوريوس علوم سياسية ( لم تحصل على الوظيفة لحد الان ) متزوجة من المهندس اسعد الماجدي / بغداد
محمد  / مهندس في وزارة الكهرباء بعقد منذ  3 سنوات  ينتظر التثبيت على الملاك الدائم   غير متزوج 
احفادي سبعة  ثلاثة ذكور  واربعة بنات
ابنائي زرعت فيهم الخير والمحبة …  واعطوني الوفاء والحنان
البازي: من هو الاقرب لهم حضرتك ام زوجتك…وكيف وصلوا الى هذه المستويات العلمية؟
ج/ الابناء نتاج العائلة ومرآة عاكسة لشخصياتهم احطناهم بالرعاية والحنان والتشجيع علاقتنا لم تكن علاقة رئيس ومرؤوس … نحن قريبون منهم  ولكن للام احساس متغلغل في نفوس الابناء وخاصة البنات لما تملكة من قلب كبير ورقة في التعامل ….. وصلوا عندما تعهدنا على بذل كل ما نملك من مال وراحة وصحة  في سبيل انتاج عائلة لها مستقبل في خدمة الوطن تماما كما بذل اباءنا وامهاتنا في ايصالنا لما نحن علية انها عملية متواصلة من الابداع  والتضحية . .
البازي: متى بدأت الكتابة وكيف وأي المواضيع تناولتها؟
ج/ اهوى الكتابة في المواضيع السياسية والاقتصادية واحيانا الكتابة عن مواضيع لها صفة الفن والادب وكانت لي كتابات بسيطة في عمر الشباب من نوع الملاحظات  والتعليقات والخواطر على قضايا اقتصادية واجتماعية في بعض الصحف والمجلات عندما كنت في 18-19من العمر …  وخلال السنوات الاخيرة بعد التغييروبالتحديد في 2007 بدأت الكتابة في عدة مواقع الكترونية …  كانت البداية في موقع الحوار المتمدن والمؤتمر الوطني العراقي وموقع الناس ، ومواقع اخرى وصحف ومجلات تؤخذ ما انشر في تلك المواقع … مشارك في الكتابة بمجلة صوت المثقفين التي تصدر عن رابطة المثقفين في قضاء العزيزية.
البازي: والسنوات التي بعدها ماذا أضافت لك…وهل تغير نمط كتابتك أم لا؟
ج/ كلما اخطو خطوة الى الامام اشعر بانني في بداية خط الشروع … عندما اكتب اليوم وانشرة اجد في اليوم التالي بانني تعجلت النشر وان الافكار التي طرحت تحتاج الى اضافة وتنقيح  ومصادر اكثر … تصوري كل موضوع اكتبة اعيد كتابتة عشرات المرات  واضيف واحذف واتامل بين السطور واكتب بلغة سهلة ابغي منها ان يفهمها الناس بكل مستوياتهم … كل يوم ازداد تعلم  والثقافة اعتبرها ( وعي ) يتكون في الانسان من خلال الخبرات المنقولة وما يرثة الانسان من قيم  وتقاليد تحكم تفكيرنا وتصرفاتنا ومانكسبة من القراءة ووسائل الاتصال المختلفة. واعتبر التغيير صفة ملازمة لكل قلم هادف ، فالكتابة ابداع تتطلب مواصلة العلم والتعلم  وبتنمية مدارك وامكانيات الكاتب تخطوا الى الامام وعندما تتوسع المدارك تتغير الانماط .
البازي: كنت أتصور أن الدخول الى عالم الكتابة هو عالم جميل سيحمل لي المتعة وراحة البال ولكني صدمت مثلك عندما هاجمي كوسج ثقافي او حوت ادبي وتساءلت حينها هل خلق هذا البحر لهم فقط… فما هو ردك؟
ج/ المياة العميقة مسرح واسع لاظهار الحيتان الكبيرة  والدولفينات  مهاراتهم في الغوص والصيد الثمين … اما نحن فالسباحة في المياة الضحلة القريبة من الساحل افضل وأأمن لنا وخاصة ان رياضة السباحة قد تعلمناها منذ زمن قريب والايام كفيلة بمساعدتنا في الغوص بعيدا عن الساحل انشاء اللة .
البازي: ماذا عن هواياتك …هلا حدثتنا عنها وهل لديك ذكريات منها؟
ج/ احب الرياضة وقد مارستها في مرحلة الابتدائية والثانوية والكلية وكنت لاعب كرة قدم معروف مهاجم ماهر في صناعة الاهداف وتتذكرني مدينتي عندما يؤرخ لتاريخ الرياضة في المدينة والمحافظة ، وقد تم تأسيس فريق لكرة القدم باسم ( فريق الايمان الرياضي ) بداية الستينيات وكان لة مقر اداري مؤجر في السوق العصري تدفع تكاليفة من تبرعات الرياضيين انفسهم ومحبي الفريق , ويضم نخبة من اللاعبين الجيدين وتحت اشراف ورعاية الشخصية الاجتماعية المعروفة الشهيد السعيد السيد عز الدين الخطيب الذي كان راعيا للحركة الرياضية ولة الفضل الكبير في خلق قاعدة رياضية واسعة في المدينة .
البازي: علمت أنك تهوى الفن بأنواعه ومنها الرسم…هل لك لوحات وعن ماذا تتحدث وهل مازلت ترسم؟
ج/ اهوى الفن التشكيلي بانواعة وخصوصا الرسم الزيتي وكنت في الثانوية لا افارق غرفة المرسم وهناك لوحات زيتية كثيرة من ابداعي لا زالت على جدران بعض البيوت لحد الان واشتركت في معارض كثيرة على مستوى المدارس الثانوية .  كنت ارسم المناظر الطبيعية واللوحات التي تعبر وتحكي عن معاناة المراة العراقية وارسمها باوضاع مختلفة … اقدم شكري للفنان الاستاذ حسين محمد راضي القرة غولي لان لة الفضل في صقل موهبة الرسم عندي …. تركت هواية الرسم عند دخولي الجامعة .
البازي: هناك من همس لي  وقال أن رفعت يردد بعض الأغاني لأم كلثوم..هل هذا صحيح؟ وهل لك مع تلك الأغاني ذكريات؟
ج/ لاغاني ام كلثوم وقع خاص لجيلنا الذي يتذوق بشغف روعة الموسيقى الشرقية … مع الاسف ان صوتي لا يعينني على الغناء واخاف على مسامعك صدقيني  !!! لكنني اجيد الاستماع والتامل لهذة الاسطورة .. الذكريات تصيب مخيلتي بالخدر  !! لكن روعتها تبقى شامخة في الذاكرة بكبرياء من دون زيف !!   لسه فاكر كان زمان ….
البازي: حكمة تعتز بها بل تؤمن بها … لماذا؟
ج/  (  القناعة كنز لا يفنى ) اعتز بهذة الحكمة وطوعت حياتي وفق هذة النظرة التي لاتعني الكسل والخمول …. او الابتعاد عن الطموح المشروع … انها قناعة الشخص الذي وصل مرحلة يمكن ان يعتبرها مقنعة  لتطلعاتة  ورغباته  في هذا العالم المجنون
 البازي: هلا وضحت لي الأمور التالية:ـ
ـ ماذا تريد للناس وماذا تنتظر منهم؟
ج/ احب الناس جميعا ولا يعرف قلبي الكره او الحسد ابدا اؤمن بحقوق الناس وحرية معتقداتهم  وعدم التفريق حسب العرق او الدين او الطائفة او الجنس .  والعمل الجاد اساس تقييم الانسان. لا اعرف الحقد  ولا ازعل من الذي يؤذيني ويؤلمني… الصراحة تسبب لي مشاكل كثيرة مع الناس … احب الهدوء وميزتي الكلام القليل … اكرة مرض الكذب بشكل مطلق … وامقت عادة التزلف  والمحاباة… وانتظر منهم التوحد والتألف والتقدم .
ـ أنت ناشط وداعم للمراة ماذا تريد أن تحقق من ذلك؟
ج/ مجتمع خالي من التعصب ضد المراة يحترم حقوقها ويحفظ مكانتها ويحترم ادميتها ويعمل على تحقيق اهدافها المشروعة في التعلم والعمل والحياة الامنة …
ـ الدين وتطبيق تعاليمه؟
ج/  مؤمن واطبق فروض الدين… واصلي لوجهة الله تعالى لينقذ الانسان من هذا الظلم الذي وقع عليه
ـ هل أنت قريب الى الله؟
ج/  عندما اعمل باخلاص
ـ صفاتك الأنسانية ماهي؟
ج/ التفائل…ويعيبني الكثير لشدة تفائلي في المستقبل……  اتمنى الخير لكل الناس …  عندما تضغط عليك الحياة فتذكر ان الصبر هو العلاج …  هناك مفارقة احب الرقم 13 واعتبرة رقمي المفضل بالرغم من كرة الناس والتشاءم منة والابتعاد عنة … ولي معة ذكريات سعيدة على مدى هذا العمر الطويل !!
ـ التقدم التكنولوجي والمعرفي ماذا قدما لك ؟
ج/ التقدم التكنولوجي والمعرفي في وسائل الاتصال كالانترنيت والقنوات الفضائية  ووسائل الاتصال السريع وغيرها من وسائل  التقريب بين الناس مكنت المثقف والمتابع من التوسع والانتشار  والتعلم والتلاقي بين  الاراء والثقافات بالاضافة لصقل مواهبة وقدراتة الثقافية والاطلاع السهل لافكار غيرة ومحاورتة  بواسطة هذة التقنيات الحديثة وما لها من اثر كبير في اتساع رقعة الثقافة … بل ان هناك نعمة كبيرة من هذة التقنية وهي ان اية بقعة بعيدة  في العالم اصبحت قريبة وسهل الوصول اليها ومعرفة اخبارها وما يتعرض سكانها من كوارث طبيعية تقتضي المساعدة او اضطهاد عرقي او سياسي يمكن كشفة للعالم بصورة سريعة جدا من جهاز صغير يحمل في اليد او حاسوب في بيتك او حقيبتك ومن دون الرقيب.
البازي: نتحدث عن الديمقراطية كثيرا وهناك الكثيرون يهتفون بتحقيقهم للديمقراطية ولكن ماهو شعورك عندما تسمع ان هناك مسؤول في الدولة او عضو في مجلس النواب يرفع قضية على كاتب او صحفي لمجرد ان المسؤول غير راضي عن طرح الكاتب أو الصحفي أو  كشفه للوقائع؟
ج/ اشعر بالغثيان عندما اسمع ان هناك مسؤول في الدولة او عضو في مجلس النواب يرفع قضية على كاتب او صحفي لمجرد ان المسؤول غير راضي أن الطرح او كشفة للوقائع والمعلومات السلبية  لعامة الناس . افتخر كمثقف ان العراق خالي من اي سجين يحمل فكرا … والحرية في الكتابة تأخذ حيزا كبيرا لا يمكن تصورة قبل بضع سنوات … الديمقرطية ووسائلها حديثة العهد في العراق وبعض السياسيين لايمكنة من هضم موضوعة الديمقراطية بسبب انة لا يؤمن بها اطلاقا وتم فرضها علية لان العراق الجديد يسير في مفترق طرق جديدة لم يعتاد عليها واقع بعض المسؤولين في الداخل والخارج
البازي: أنت تؤمن بأن من الضروري ان يكون المثقف او الفنان مستقلا مهما كان لون وشكل ثقافته لماذا برأيك؟
ج/  نعم  … من الضروري ان يكون المثقف او الفنان مستقلا مهما كان لون وشكل ثقافتة ( لكن يجب ان يعبر عن هموم شعبة ومعاناتة )  وبعيدا عن الضغط الحكومي ولا يمكن ان يكون هناك وفاق او مصاهرة بين المثقف والحكومة لان الحكومة والمسؤولين عنها يرغبون بصفهم على انهم ملائكة لا يعرفون الخطأ ويفنون اعمارهم في خدمة شعوبهم  !!!   ويبذلون الكثير في ان يصبح المثقف تحت عباءتهم . اذن لا اؤمن بتسلط الحكومة على وسائل الاعلام  ومفاصل الثقافة  والفنون لان ذلك سوف يضر ويؤدي الى تخلفها بسبب ان المثقف والفنان يبقى دوما ينظر ما تجود بة يد الدولة والمسؤول فتبقى الثقافة والفن بعيدة عن الابداع والتطوير ورهينة النظرة المادية القاصرة … وتبقى تعمل وفق مفهوم اعطيني اكثر امدحك والمع صورتك اكثر وبذلك  نرجع الى نفس النقطة قبل التغيير عندما تصدح الحناجر والاقلام  ارضاء للقائد والمسؤول مما يؤدي الى تخلفنا عن مواصلة الابداع  وما يحصل في العالم المتحضر من تقدم ثقافي وفني يجاري ما يشهدة العالم من تقدم في كل مناحي الحياة .   
البازي: رجعت للمواضيع التي نشرتها ورأيت أنك تحمل هموم كثيرة أتمنى أن تعطيني صورة من تلك الهموم عبر الكلمات التالية:ـ
ـ المراءة في العراق؟
ج/ غد مشرق
ـ المراءة في الأهوار؟
ج/ انسانة منتجة
ـ المراءة العراقية المتمثلة بشخصية ناهدة الرماح؟
ج/ اسطورة التحدي
ـ مشاكل البيئة؟
ج/ لا تهم المسؤول … لان اطفاله خارج الوطن
ـ المدارس في العراق؟
ج/ مشكلة المستقبل
ـ حقوقنا كشعب؟
ج/ ننتزعها بعد حين
ـ الأنتخابات؟
ج/ الشاطر من يجيدها
ـ حماية المراءة والطفل؟
ج/ مسؤولية الجميع
ـ أطفال العراق؟
ج/ مستقبل واعد
ـ شبابنا أين مصيرهم؟
ج/ سيكونوا تحت الشمس
البازي: سأترك لك ورقة وقلم لتكتب لنا كلمتك الأخيرة؟
ج/ كلمتي الاخيرة هي باقة ورد عطرة منتقاة من اجمل حدائق العراق وبساتينه  في اذار الربيع ، اهديها للانسانة المثقفة ثائرة شمعون البازي التي اعتز بها كونها امرأة عراقية اصيلة وصاحبة ذوق رفيع وشخصية ادبية وفنية راقية واشكرها جزيل الشكر لاجراء هذا الحوار الذي اعتبره رسالة محبة وتعارف لزملائي كتاب وقرائي الاعزاء . 
 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *