كنيستنا الكلدانية … كنيسة راسخة

كَثُرَتْ الكتابات في الآونة الأخيرة ( رُغم عدم توقفها طيلة السنوات العشرة الماضية ) عن الكنيسة الكلدانية وخاصةً بعد أستقالة غبطة أبينا البطريرك الكلي الطوبى , وتحديد موعد أجتماع السينودس القادم لأختيار خلفاً لغبطته لقيادة شعب الكنيسة الكلدانية واضعين شروطاً ومواصفات أقل ما يُقال عنها نابعة من أهداف وغايات شخصية قصيرة النظر , وتلميحات نقدية للبعض من أساقفتنا الأجلاء , وتزلفاً لآخرين منهم , وهم بذلك يَثبتون بأنهم قُصْيري النَظَر تجاه كنيسة الرب يسوع المسيح ( له المجد) حين تأسيسه لها .

وقبل الدخول الى لب الموضوع , أود أن اُذَكِّر القارىء الكريم ببعض التوصيفات التي قيلت عن كنيسة الرب يسوع المسيح من البعض من الآباء والمفكرين الغيارى وهي أن الكنيسة ليست مؤسسة مدنية تستند على جهود بشرية في أدارتها , بل هي مؤسسة ألهية , أسس قواعدها الرب يسوع المسيح وحدد أهدافها ودعاها للذهاب الى العالم أجمع (مرقس 16:15), وأن كنيسة العراق هي كنيسة القديسين والشهداء الذين عاشوا فيه وبذلوا حياتهم في سبيل أيمانهم وتعرّضوا على مرّ العصور لأضطهادات بسبب أيمانهم ومبدأيتهم وحفاظهم على الأمانة وتطبيقهم للأهداف التي تأسست لأجلها, ولم يكن من بين تلك الأهداف أبداً البحث عن الراحة الجسدية أو أِركان سيف جهادهم الروحي أو مسايرة الحُكّام أو الأوضاع السائدة أو التزَلُّف لدى رؤساء هذا العالم على حِساب مبادئهم وأهدافهم الروحية ,لأنها لو كانت كذلك ,لَما أٌطلِق عليها تسمية ” الكنيسة المجاهدة – على الأرض” تمييزا عن ” الكنيسة المُعَذَّبة – في المطهر ” والكنيسة المُمَجَّدة – في السماء “, فأذن كُتِبَ على كنيستنا الحهاد الروحي , فأن لم تكُن مُجاهدة أو مُضطَهَدة أو مُحارَبة من قِوى الشر , فذلك يعني أنها حادَتْ عن الأهداف التي تأسست من أجلها , وعليه فأن ما حَصَلَ ويَحْصُل لكنيستنا الكلدانية على مرّ التاريخ ولا سيّما في العقد الأخير , فأنه دليل وبرهان على صحّتها وبقأنها سائرة على خط السكة الصحيح , وكلما حورِبَت من الأعداء وقِوى الشر فأن ذلك دليل على صحة مسيرتها .

في سؤال لمقدم برامج فضائية ( cbc) عادل حمودة , سأل الأب مكاري يونان عن كثرة الشياطين وتلبُّسها أجساد أشخاص في دولنا المشرقيّة , وظمور هذه الحالة في دول الغرب , فأجاب قائلا : لنتأمّل التفسير في هذه الظاهرة , هنا بالذات ” ويقصد الشرق” فالشعب بطبيعته مُتَدَيِّنْ, رافض عمل الشيطان سواء كان مسلم أو مسيحي , لذلك ترى أن الشيطان عندما يرفضه الأنسان , يصارعه ويظهر في حياته , ويدافع عن سلطته في المكان الذي فيه وهكذا , ولكن في بلدان الغرب ” بلا تحديد ” فيها الأنسان يصنع الخطيئة وعنده الموضوع هو عُرْف وطبيعي وليس بخطيئة, فمثلاً خطيئة الجسد في تلك البلدان هي أمر عادي, فيقول لك أنها كالأكل والشرب فأنها حاجة جسدية , ولكن في مفهومنا الشرقي فأن الزناة مصيرهم بحيرة النار , فكل هؤلاء يعيشون في الزنا , فالشيطان يحاربهم لييييييييييه ؟؟ لذلك فالشياطين يملكونهم ولا حاجة لمحاربتهم .

وعليه فأن ما جرى ويجري لكنيستنا الكلدانية من أضطهاد أو محاربة أو تهميش أو حتى النقد, فأن جميعها حالات صحيّة , وسبق وأن قالها الرب يسوع المسيح وذكر الأهوال والمصاعب التي ستلقاها الكنيسة في مسيرتها الأيمانية , ولذلك فأنا لا أطلب لكنيستنا الراحة والهدوء الجسدي والمادي , ولا المديح البشري , ولا مظاهر العظمة والفخفخة الدنيوية الزائلة , لأنها ليست من شِيَمها .

بعد حوالي عشرة أيام سوف تحل علينا مناسبة دينية هي فترة صوم وتوبة وتأملات روحية هي الباعوثا “صوم نينوى – صوم العذارى – صوم النجاة من وباء الطاعون ” وكانت عاملا فعّالا في أجتياز الأنسان لفترات عصيبة من القلق والألم والأضطهاد والتهديد بالعقاب والموت الجسدي, فتحنّن عليه الرب فأزال عنه تلك الشرور وخلّصه منها بعد أن صام لمدة ثلاثة أيام وصلّى وتضرّع الى ألهه لكي ينَجّيه في تلك الأوقات الصعبة , أنها فترة مناسبة لكي نستغلّها جميعاً كنائس وأساقفة وكهنة وشعباً , لنرفع عيوننا وأكفّنا نحو السماء طالبين من عرّيس الكنيسة , الرب يسوع المسيح , أن يُنزل روحه القدّوس ليشترك وبفاعلية وأن يُظلِّلْ أجتماعات الآباء الأساقفة يوم 28\1\2013 ليتوصّلوا وبالأجماع لأختيار أحدهم ليكون الراعي الجديد لشعب كنيستنا الكلدانية مهما كان عمره أو عِلمه أو خلفيته الأجتماعية لأنهم جميعاً مؤهلين لخدمة كنيستنا الكلدانية , واضعين نُصبَ أعينهم بأن مَن يرعَ الكنيسة هو الروح القدس قبل أن يكون البطريرك أو الآباء الأساقفة , وما هو الا أداة لذلك الروح .

بطرس آدم

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *