كلدان سان دييكو… الرادع القوي بوجه المخططات الاقصائية لما يسمى (تنظيمات شعبنا…)

 

منذ أكثر من عام، وانأ بعيد عن الكتابة في الشأن القومي لظروف خاصة بي، لكنني كنت متابعا يوميا لكل ما ينشر، وحريصا على معرفة كل ما يدور في الأوساط ذات الشأن القومي والسياسي، فيما يخص أبناء شعبنا من الكلدان والسريان والأشوريين.

وحينما وطأت قدماي ارض الولايات المتحدة الأمريكية بلاد الحرية والمستقبل قبل شهر، انتابني شعور بالحنين للكتابة لهذه الأمة الكلدانية العظيمة التي يحاول بعض الأقزام أن ينالوا من شموخها وعظمتها وتمزيقها من خلال العزف على أوتار الوحدة.

انتابني هذا الشعور خصوصا بعد حضوري المهرجان الكلداني الذي عقد في مدينة سان دييكو، وسط أجواء مفعمة بالفرح والسرور مع الحشود الهائلة التي تجاوز 7 الآلاف حيث رسمت البهجة على وجوههم لمشاركتهم هذا العرس الكلداني الكبير حيث البيارق الكلدانية ترفرف عاليا في سماء سان دييكو والشعارات التي رفعت والتراث الفلكلوري ومشاركة الشباب الكلداني ورفعه العلم الكلداني في رقصاتهم ودبكاتهم.. الذي يعبر عن مدى اعتزازهم وحبهم لأصالتهم القومية.

افتتح هذا المهرجان من قبل سيادة المطران مار سرهد جمو يرافقه ممثل عمدة مدينة الكهون مع عدد كبير من الآباء الكهنة والشخصيات ورؤساء الجمعيات والنوادي وقدمت باقات زهور لهم ترحيبا بهم أثناء الافتتاحية.

بعدها ألقى الدكتور نوري بركة رئيس المجلس الكلداني العالمي ورئيس المعهد الكلداني – الامريكي كلمة باللغة الانكليزية مرحبا بالحشود الحاضرة من الكلدان والأميريكان ويقدم شكره للجنة المشرفة وجهودهم المبذولة على إقامة ونجاح هذا المهرجان.

بعد القى السيد حكمت عم بولص رئيس جمعية ماركوركيس الكلدانية كلمته وقال”.. ان الغاية من عقد هذا المهرجان هو التعريف بالإرث الثقافي والاجتماعي والحضاري للكلدان لتوظيفه في حاضرنا وتحمل مسؤولية نقله إلى الأجيال القادمة…”

بعدها القى السيد توني امبروز ممثل عمدة مدينة الكهون كلمته ابتدأها بعبارة (شلاما اللوخن…) التي نالت تصفيق وترحيب من الحاضرين.

وكانت الكلمة الأخيرة من حصة المطران مار سرهد جمو حيث القى كلمته الهادفة التي لاقت الأذان الصاغية وتصفيق الحاضرين أثنى فيها الكلدان الحاضرين ودورهم الكبير في بناء مجتمعهم الكلداني الجديد في أمريكا وقال: “…. يجب علينا ان لا نقف عند حدود ارثنا وحضارتنا في السابق بل يجب علينا جميعا ان نخطو خطوات واثقة الى الأمام من اجل امتنا ومن اجل انفسنا في مجتمعاتنا الجديدة……”.

بعد هذه المقدمة أود الربط بين المهرجان عنوان المقالة ما تخطط له ما تسمى (تنظيمات شعبنا….) لإلغاء ومحو الاسم القومي الكلداني بتبني المشروع القرقوزي (الكلداني السرياني الاشوري) تحت ذريعة الوحدة القومية.

قبل أسبوعين أو ثلاثة تقريبا عقد وفد من هذه التنظيمات، القادم من العراق ندوة في مدينة سان دييكو، محاولين زرع بذور الانقسام والتفرقة بين ابناء الكلدان في هذه المدينة، بحجة الوحدة، وتوحيد الخطاب السياسي، وزوالنا من ارض الآباء والأجداد، والكثير من العبارات الرنانة التي تدغدغ المشاعر، وكانت الندوة في محورين الاول التغيير الديموغرافي والثاني حول التسمية (الكلداني السرياني….).

ولكن الشيء الملفت للنظر في هذه الندوة أن عدد القائمين بإدارة الندوة هو 7 وعدد الحاضرين هو 15 شخص… يا للمهزلة!!

فمنذ البداية كانت رسالة واضحة لهم ولمشروعهم الفاشل من قبل كلدان سان دييكو الذين اصبحوا على دراية تامة ومعرفة بما يحاك لهم وان مشرعهم الوحدي ليس سوى الضحك على الذقون.. فالحاضرين لم يكونوا ربما سوى من المقربين لهم لكي يحافظوا على ماء وجوههم بحضور اقل عدد ممكن الى الندوة.

ولكن إذا ما ناقشنا معهم المحور الاول حول حرصهم على عدم التغيير الديمغرافي لمناطقنا… فأين انتم ومنذ أسبوعين ولحد هذه اللحظة لم ينطق الناطق الرسمي لهذه التنظيمات بشأن قرار حكومة الاقليم الذي تقرر استملاك 88 بالمائة من أراضي أبناء شعبنا في كورى كافانا بدهوك؟؟؟؟.

لربما أن الدرس السابق الذي تلقاه الناطق حينما صرح بشأن الأبراج الأربعة في عنكاوا كان شديدا وقاسيا!!!

ام ان التفسير الاخر لهذا الصمت هو ان هذا لا يشمل ضمن سلسلة (التغيير الديمغرافي) أذا كان في كردستان حسب مفهوم وأيدلوجيات هذه التنظيمات؟؟؟

والمحور الثاني الذي كان حول التسمية حيث صرح (صحٌاف) التنظيمات من خلال الندوة وقال: “أن موضوع التسمية ليس له ثقل في الداخل بعكس ما هو في الخارج….”.

نعم في هذه المرة أصبت الهدف وفيها “سأدينك من فمك” فإذا ما قسمنا الموضوع بين الداخل والخارج فان الكلدان هم نفسهم في الداخل والخارج هم من القوش وتللسقف وباطنايا وتلكيف وبغداد…و…. يحملون نفس الأفكار والمبادئ والالتزام القومي، ولكن العامل المتغير هنا بين الداخل والخارج هو (مســاحــة حـريـة الفكــر والتعبيــر) ففي الداخل واقصد العراق الكل يعرف كيف يتم محاربة وأبعاد كل تنظيم يلتزم الفكر القومي الكلداني والأمثلة كثيرة ومعروفة!! فكيف سيكون لهذا الموضوع ثقل في الداخل في ظل أنظمة وحكومات تنهج فكر الحزب الواحد؟؟؟؟.

اما في الخارج فالنتيجة عكس ذلك تماما كما يعترفون بها ويصرحون، وبسبب توفر (مســاحــة حـريـة الفكــر والتعبيــر) فان الحسابات والأرقام تتغير، مما يقودنا الاستنتاج، إلى مدى اعتزاز الكلدان بقوميتهم الكلدانية وتمسكهم بأصالتها وهم لا يعرفون ولا يعترفون بشيء اسمه (الكلداني السرياني الاشوري) حينما تتوفر الحرية اللازمة لذلك.

لكنهم مؤمنين، بأنهم جميعا، من الكلدان والسريان والأشوريين، شعب واحد، مع اعتزازهم بهويتهم القومية الكلدانية. لذا فأن موضوع التسمية في الخارج بات يشكل ثقلا وعبئا كبيرا على هذه التنظيمات ولمشروعهم الوحدوي بسبب ان معظم ابناء شعبنا يتمركزون خارج البلاد ولهذا فان مشروعهم الوحدي سيولد مشلولا ومعتوها.

فاروق يوسف خيا
عضو الاتحاد العالمي للأدباء والكتاب الكلدان
عضو الهيئة التنفيذية للمجلس الكلداني العالمي
faroukyar@yahoo.com
كاليفورنيـــــــــــا
8 – تشرين الاول 2012

You may also like...