كلدان العراق في لبنان لائحة انتظار طويلة بحثاً عن مأوى دائم


 المدى / ترجمة/ عبدالخالق علي
بين طلب اللجوء والعودة إلى الوطن، يحاول عشرة آلاف من كلدان العراق المسيحيين ان يتخذوا من لبنان وطنا وقتيا لهم بالرغم من وجود الكثير من المصاعب، فبعد مرور ثلاث سنوات على هروبه من بغداد كان تامر اليأس بالكاد يلتقي زوجته واطفاله الثلاثة في غرفة صغيرة في “الحي العراقي” في “سد البوشرية”، وهي قرية مسيحية تقع على أطراف بيروت.
الياس هو واحد من بين عشرة آلاف كلداني عراقي يعيشون في لبنان، اغلبهم ينتظر الاستيطان في احد بلدان الغرب. قبل أسبوعين وصلته رسالة من السفارة الأميركية عن طريق مكتب المفوض السامي للاجئين التابع للأمم المتحدة فتصور الياس أن انتظاره قد انتهى أخيرا. لقد غيرت الرسالة التي طال انتظارها كل شيء لكن ليس بالشكل الذي تصوره الياس، حيث أنها قسمت العائلة إلى نصفين. يقول “لقد دمرت الولايات المتحدة آمالنا في أن نحيا معا عن طريق منح ولدي البطاقة الخضراء “غرين كارد” عدا زوجتي وابنتي وأنا.
الاسقف اوسارجي –زعيم الطائفة الكلدانية في لبنان– يرى من الأفضل أن يستقر كلدان العراق وقتيا في لبنان كما حصل مع الأرمن. بعد أن غادر ولده إلى الولايات المتحدة، سمح المسؤولون الاميركان لزوجة الياس بالهجرة أيضاً دون بقية أطفالها. الآن يعتمد الباقون من العائلة على المال الذي ترسله لهم من الولايات المتحدة.
قصة الياس ليست الوحيدة بين طائفة الكلدان العراقيين، فالرسائل التي تتعلق بطلبات اللجوء غالبا ما تكون روتينية وموجزة. أحيانا يتم منح كل أفراد العائلة البطاقات الخضراء بينما يتم رفض العوائل الأخرى. في كثير من الحالات تتم الموافقة على فرد واحد أو اثنين من العائلة بينما يرفض الآخرون دون إعطاء تفسير لذلك. في نفس الوقت تمتلئ قرية “سد البوشرية” باللاجئين، فلا تكاد تخلو غرفة من ساكنيها حتى ينتقل إليها مستأجرون جدد حسب (ديانا كينا) العراقية التي تتهيأ لاصطحاب عائلتها إلى كندا. لقد حاول المجتمع الكلداني العراقي إعادة بناء نفسه في موطنه الجديد إذ أن العودة إلى العراق ليست من خيارات الأكثرية منهم. يقول الاسقف اوسارجي “ان الحائرين بين اللجوء والعودة هم في الواقع يضيعون وقتهم”، ويضيف “ان هناك حاليا أكثر من الفي عائلة عراقية من الطائفة الكلدانية تقيم في مناطق مسيحية لبنانية مثل “زاهلي وسد البوشرية وجديدة وروضة” حوالي عشرة الاف ينتظرون اعادة توطينهم في بلدان اخرى للتخلص من الاقامة الوقتية في لبنان”. ان الاعمال الورقية والتأشيرات وغيرها من الاجراءات اللوجستية الخاصة بالمنفى تسبب قلقا يوميا للعراقيين الذين يحتاجون الى كفيل وترخيص اقامة للبقاء في لبنان لكنهم يفتقرون الى فرص العمل. قالت دانا سليمان، الناطقة باسم المفوضية السامية للاجئين، “ان اللاجئين يواجهون الكثير من المعوقات القانونية التي تمنعهم من الحصول على وضع قانوني كلاجئين ومن ثم العثور على وظيفة، هذا عدا العرقية والاضطهاد الذي يواجهه الكثيرون”. تستمر سليمان بالقول “ان منظمتها عادة ما تسعى الى اعادة توطين اللاجئين العراقيين في الولايات المتحدة والدول الاسكندنافية وكندا واستراليا، الا ان كل حكومة لها حصصها ومتطلباتها الخاصة ولا تريد التجاوز عليها”.
إن إعادة التوطين تقترن بالسياسة في لبنان حيث يخشى زعماء السياسة والدين من اي تغيير يطرأ على التوازن الطائفي الحالي. حسب الاسقف اوسارجي، فلم يستطع حتى البابا جون بول الثاني اقناع لبنان ان تستوعب كلدان العراق. في عام 2003 عندما اضطر الكثير من العراقيين لترك مناطق سكناهم بسبب الاجتياح الاميركي، فقد تم اتخاذ قرار للحصول على ارض مساحتها 300 الف متر مربع في وادي ابلاه – بيكا من اجل اعادة توطين كلدان العراق الا ان الفكرة قوبلت بالرفض خاصة من قبل السلطات المسيحية في لبنان التي خشيت من قوة سياسية مسيحية منافسة . لو كانت الكنيسة قد رفضت اعادة التوطين، كما يقال ، فان ذلك كان بسبب رغبتها في تشجيع الأشخاص على العودة إلى وطنهم وليس لاعتبارات سكانية ( ديموغرافية). لم تلق التماسات البابا آذانا صاغية حتى لدى الحكومة، كما ان الكنيسة لم تأخذها على محمل الجد خاصة الكنيسة المارونية، حيث قال الأب كميل مبارك رئيس جامعة الحكمة في بيروت ” لقد نوقشت قضية اعادة التوطين في سياق قانون التجنيس لذلك فانها خرجت من يد الكنيسة”. واشار مبارك الى الدور الذي لعبته الكنيسة المارونية في مساعدة اللاجئين كدليل على حسن نيتها، حيث قال “في الواقع إن المسيحيين من أي طائفة هم هبة من الله وان عدد الكلدانيين لا يشكل اكثر من واحد بالمئة من السكان المارونيين. لقد جمعنا تبرعات في الكنائس وسلمناها إلى الأسقف اوسارجي”، لكنه انتقد عدم وجود خطط لمساعدتهم، وأيد الاسقف اوسارجي ذلك وأضاف انه يشعر بالقلق من التدفق المتوقع لالاف اخرى من الكلدانيين من سوريا. ان عدد اللاجئين لا يمكن توقعه بسبب عدم تسجيل الكثيرين منهم لدى المفوضية السامية للاجئين او الكنيسة .
 عن : توبيكس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *