كلدان الشتات ونعتهم بما لا يستحقونه

  من متابعتي المستمرة اعلامياً، الاحظ تكرار عبارة “كلدان الشتات والداخل” في مناسبات متعددة اما شفاهية او في بيانات ومقالات المسؤولين الروحانيين وبعض الكتاب. وذلك في سياق الحديث بالدرجة الأساس عن النقد الذي يتعرضون له من بعض الكتاب الكلدان في المهجر. والعبارة عادة تكون مُلحقة بعبارات أخرى كما سأُبين ادناه. مما تترك أثراً كبيراً في نفوس الكلدان المنتشرين في بلدان الشتات، وبالأخص عندما يطلقها الرؤساء الروحانيون، وهي تعبر عن مغالطات وتفهم غير واعٍ لواقع كلدان الشتات كما سأوضح. لا يمكن تغطية واقعهم في المهجر في مقالة مثل هذه، بل نحتاج الى مجلدات، لكن سأقدم مؤشرات مقتضبة تعكس واقعهم من خلال قياس متغيرين يمكن اعتمادهما في التفسير هما، بناء الذات ودعم لكلدان الوطن.
حقائق عن واقع كلدان المهجر في اثبات الوجود والذات
من استقراء المعلومات عن الكلدان في بلدان الشتات، تبين وجود حقائق أساسية وواقعية شاهدة للعيان تعكس مدى قدرة وقابلية الكلدان في تحقيق وجودهم واثبات شخصيتهم كأفراد او مجموعة بشرية اثنية في مختلف المجالات الحياتية منذ ان وطأة اقدامهم الأرض في هذه البلدان، مما ثبت تفوقهم ونجاحهم في مختلف المجالات الحياتية. وكما يلي:
على المستوي الاقتصادي والعلمي:
نرى اليوم الكلدان أصحاب اعمال كبيرة لها تأثيرها الاقتصادي في بلدان المهجر، فهم يساهمون في نهضة وحركة الاقتصاد المحلي، ففي مشيكن الامريكية وتحديدا في ديترويت هناك الاف من اصحاب المخازن التجارية للبيع المفرد ومخازن البيع بالجملة، ومحطات تعبئة الوقود، والمطاعم، والمخابز، مذاخر الادوية، وعيادات الأطباء، ومكاتب الهندسية والاستشارات في مختلف الميادين، وأصحاب الشركات الكبرى تقدم اعمالاً منوعة. اذ تشكل مساهماتهم 60٪ من الأنشطة الاقتصادية في الولاية. وفي ساندييكو وصلت مساهمات الكلدان الاقتصادية في السوق المحلي لتفوق عشرين مرة قياساً لمساهمة الأمريكيين في المدينة وهكذا في ملبورن وسدني وتورنتو وويندزر وغيرها.
للكلدان حضور كبير في الجامعات، علماء وأساتذة في كافة فروع المعرفة العلمية، كما وجودهم جليٌ في كافة المؤسسات الأخرى ومنها الحكومية، فمنهم كبار الحكام، الأطباء، المحامين، المهندسين والباحثين والاعلاميين في مختلف الشؤون الاجتماعية والإنسانية والطبيعية وأعضاء في الجمعيات العلمية العالمية، ولهم وجود في الأحزاب السياسية المحلية، ولهذا نلاحظ من هم في مجالس البلدية والبرلمانات المحلية للولايات والفيدرالية. فهم يؤدون ادواراً مؤثرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية حيثما وُجدوا.
اما على المستوى الديني: حرص الكلدان منذ بدء حياتهم في المهجر على ايمانهم الديني وعلى مواصلة طقوسهم الدينية وتعلقهم بكنائسهم التي ورثوها من الإباء في الوطن الام، فمتى ما وُجدت مجموعة منهم في مدينة معينة، تبادر الى التفكير في بناء الكنيسة واحياء المناسبات الدينية، فوجود الابرشيات الكلدانية الكبرى الأربعة في المهجر وكنائس أوربا الكلدانية هي ثمرة تلك الجهود التي بُذلت من قبلهم. دشن الكلدان اساسات كل كنيسة في المهجر دون أي مساعدات خارجية، مثل الفاتيكان وبطريركية بابل للكلدان او الدولة، بل من أموالهم، وتخطيطهم، وثم مطالبتهم بكهنة لأداء واجباتهم الدينية.
نشأت ابرشية مارتوما في ديترويت بعد ان زاد المؤمنون وكثرت الكنائس فتتطلب تحولها لأبرشية، فاختير سيادة المطران (إبراهيم إبراهيم) راعياً لها، ولإدارته الناجحة المتميزة وبالتعاون مع أبناء الكلدان الغيارى وصل عدد كنائسها اليوم الى احدى عشرة، بالإضافة الى الكنائس التي أسسها في غرب أمريكا في ولاية كاليفورنيا، وقد بلغت تكاليفها ملايين الدولارات. ولما حدث زخم كبير لإدارة الأبرشية الواسعة الأطراف والممتدة عبر الولايات الامريكية، أصبحت الحاجة الى تأسيس ابرشية مار بطرس في كاليفورنيا، وتسلم ادارتها سيادة المطران (سرهد جمو) وهي الأخرى ازدهرت ازدهاراً كبيراً في عهده على كافة الأصعدة، ولا تزال.
تمكنت الابرشيتان في السنوات الأخيرة من تهيئة كهنة ومنهم الشباب المولودين في المهجر سواء من خلال تلقي علومهم الدينية في المؤسسات الدينية الأخرى مع تزودهم بالمعرفة لطقوس الكنيسة الكلدانية واللغة الكلدانية من قبل السادة المطارنة والكهنة القدامى، او تهيئة كهنة ابرشية مار بطرس عن طريق دير (مار أبا الكبير) الذي انشأه المطران (سرهد جمو) في ساندييكو.
بعد ان زاد عدد الكلدان في كندا، وكل مجموعة في مدينتها أقدمت على بناء الكنيسة او شرائها، وثم طلبت كاهن لإدارة شؤونها الدينية، صمم مثلث الرحمات المطران (حنا زورا) منذ قدومه الى كندا عام 1991 لبناء كنيسة، فبذل جهوداً استثنائية لبناء مطرانية ضخمة وجميلة تستوعب أكثر من ألف مؤمن في مدينة تورنتو (كنيسة الراعي الصالح) وافتتحت عام 2011، وصلت تكلفتها اربعة ملايين دولار من تبرعات المؤمنين، اضافة الى العمل التطوعي لابناء الرعية في كافة المراحل البنائية والاعمال الفنية والتجهيزات، فتحولت الى ابرشية مار ادي وتتكون من اثنتي عشرة كنيسة.
بالطبع هكذا تأسست ايضاً ابرشية مار توما في سدني الأسترالية بهمة الكلدان الغيارى وكهنتهم هناك، وتتكون حالياً من سبع كنائس مزدهرة. وكذلك كنائس الكلدان المنتشرة في المدن الاوربية على هذا النحو بُنيت بسواعدهم.
تقدم الكنائس الكلدانية المنتشرة في الشتات خدماتها الدينية للمؤمنين، وتعليم اللغة الكلدانية في صفوف منتظمة مجازة من قبل الحكومات المحلية، على سبيل المثال، أسس المطران يوحنا زورا المدرسة الكلدانية لتعليم الكلدانية كإحدى اللغات المُعترف بها ضمن وزارة التعليم في مقاطعة اونتاريو، وكان يتراوح عدد الطلبة في عهده ما بين 250-300. تضم الصفوف من الروضة الى انهاء التعليم الثانوي، ولا يقف البرنامج الدراسي فيها عند حدود تعليم ابجديات اللغة فحسب، بل يتعداها الى تعليم الصلوات الطقسية لكنيستنا الكلدانية.
كما شاهدت شخصياً قبل سنوات الصفوف الدراسية في ابرشية مار بطرس في ساندييكو، وزحمة النشاطات الروحية والاجتماعية والثقافية والتعليمية المنوعة، كتعليم اللغة والطقس، كما لا تخلو اية كنيسة في ابرشية مارتوما في مشيكن من نشاطات تعليم اللغة والطقوس ايضاً، إضافة الى الأنشطة الاجتماعية والثقافية. وكذلك الحال في ابرشية مار توما في سدني، حيث الدروس المنتظمة لتعليم اللغة الكلدانية بإدارة الكنيسة وتمويل من الدولة، ودروس تقوية القراءة للشمامسة المبتدئين وتعليم الالحان الكنسية والطقس الكلداني.
اما على المستوي الاجتماعي: وقد استطاع الكلدان الحفاظ على قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم، تلك التي تنسجم مع واقع المجتمعات الغربية المتحضرة، كما حافظوا على لغتهم المعاصرة في الحديث داخل الاسرة الى جانب اللغات الأجنبية، حتى الأجيال الحالية. وبالطبع لا يمكن الجزم اطلاقاً لدى كل الاسر، هذا لا يجوز.
تقوم المجاميع الكلدانية في كل مدينة بإحياء مناسباتهم الدينية من التذكارات بحسب شفيع قريتهم، وكما أسست جمعيات خيرية ونوادي اجتماعية تحمل أسماء قراهم لتلبية متطلبات الحاجات الاجتماعية والنفسية وتعريف الأجيال الحديثة بتقاليدهم وعاداتهم. على سبيل المثال حرص كلدان مشيكن ان تكون العديد من أسماء مؤسساتهم تحت تسمية كلدانية، منذ السبعينات من القرن الماضي، وأبرزها الجمعية الكلدانية العراقية الامريكية (شنندوا) أكبر تجمع كلداني ضخم في العالم، نادي الشبيبة الكلداني، مؤسسة الجالية الكلدانية، المركز الكلداني الأمريكي، جمعية نساء الرحمة، سان جود الكلدانية للطلبة والشبيبة، ومتنزه الكلدان الكبير البالغ مساحته 150 ايكر، المتحف الكلداني، المصرف الكلداني، برنامج (تبني عائلة) الكلداني، وبرنامج بسموثا (الصحة) الكلداني، وجمعية المحامين والأطباء الكلدان وغيرها.
وهكذا في مدينة شيكاغو حيث المركز الكلداني، وفي ساندييكو المركز الكلداني الأمريكي، وفرع مار توما لمنظمة فرسان كولمبس الامريكية. وفي كندا الصالون الثقافي الكلداني، وفي استراليا جمعية الثقافة الكلدانية، اتحاد الكلداني الأسترالي، جمعية الحضارة الكلدانية، إضافة الى اتحاد ادباء وكتاب الكلدان. والرابطة الكلدانية العالمية في بلدان المهجر.
اما على المستوى الإعلامي، هناك العديد من المؤسسات والأنشطة الإعلامية بكل أنواعها السمعية والمرئية، تقدم خدماتها الثقافية والاجتماعية والقومية، ففي ديترويت الكلدانية مثلاً، مجلة شمس الكلدان، نجم الكلدان، إذاعة صوت الكلدان التي تبث برامجها المنوعة لأكثر من أربعين سنة، فضائية (ام، ي، أي) بإدارة وملكية لشخصية كلدانية. وقد قُدمت في ديترويت مئات الأغاني الكلدانية وعشرات المسرحيات والمهرجانات السنوية لأزياء القرى الكلدانية وتراثها وامسيات كلدانية سمفونية وأخرى خاصة بالشعر والقصة وكلها تقدم باللغة الكلدانية.
وفي ساندييكو أيضا هناك حركة إعلامية نشطة، فهناك، راديو الكلدان وعدة إصدارات إعلامية من المجلات والصحف تخص الكلدان، وتُقام مهرجانات تراثية كلدانية سنوية، كما هناك فضائية القيامة بإدارة كلدانية. وفي كندا بدأت قبل جائحة كورونا مهرجانات كلدانية في مدنها، ويندزر، فانكوفر واوكفل وتورنتو، وقدمت أنشطة منوعة، وتوقفت للوقاية الصحية، كما هناك صحف يمتلكها الكلدان، جريدة اكد سابقا وتوقفت عن النشر، صحيفة نينوي في تورنتو ومجلة ميسوبيتميا في ويندزر. ومثل هذه الأنشطة تُقام في مدينتي سدني وملبورن الأستراليتين في كل المناسبات السنوية التي تخصهم، وهناك مؤسسة حديث فكتوريا الاعلامية، وسيتم قريباً تأسيس الراديو الكلداني، ومجلة تصدرها جمعية الثقافة الكلدانية ومجلة بابيلون. ولا تخلو تجمعات الكلدان منها في المدن الاوربية.
دعم كلدان الوطن (الداخل):
يبادر كلدان الشتات بمساهمات فعالة لدعم ومساعدة كلدان الداخل. تتجلى هذه المساهمات في:
الدعم المالي النقدي المتدفق باستمرار من المجاميع الكلدانية في المهجر.
لم تتوان ابرشية مار توما في مشيكن في دعمها المستمر بمبالغ نقدية بين حين واخر لبطريركية بابل للكلدان والابرشيات المحتاجة الأخرى في العراق. وتقوم الكنيسة وبمعية المؤسسات الكلدانية بالعمل لجمع التبرعات من أبناء الكلدان. وبرزت هذه المساعدات لأهلنا في البلد الام بعد عام 2003 حينما تعرض المسيحيون العراقيون الى الاضطهادات والتهجير والعوز المعاشي، سواء في العراق او في دول الجوار.
بادرت المطرانية منذ بداية الازمة، فوصل المبلغ ما يقارب المليون ونصف المليون دولار في حينها، ولا تزال تتدفق المساعدات. لعل أبرز برنامج ساهم في دعم المسيحيين في العراق ودول الجوار، هو برنامج (تبني عائلة)، حيث من بداية عام 2012 ولغاية 2018 أرسل أكثر من أربعة عشر مليون دولار، ولا يزال البرنامج قائماً. كما تعد إذاعة صوت الكلدان من المؤسسات البارزة التي ساهمت في جمع التبرعات، فوصل ما جمعته الى (300000) دولار.
شُكلت لجان، مثل لجنة الرحمة، من الأطباء الاختصاصيين والصيادلة، فتمكنوا من فتح سبعة مراكز طبية للمهجرين. بالإضافة الى لجنة التعليم التي تكفلت في مد احتياجات المدارس المستحدثة للمهجرين. وتم إنفاق المبالغ المذكورة في توفير المسكن والغذاء والكساء والأدوية والتجهيزات الطبية ومستلزمات ضرورية أخرى من خلال التواصل مع اللجنة المشكلة برئاسة المطران بشار وردا والمطران اميل نونا.
واشتملت المساعدات المسيحيين المهجرين الى جورجيا ولبنان وتركيا.
اما كلدان ساندييكو الامريكية، قدموا الكثير لمساعدة مسيحي العراق. تمكنت لجنة مُشكلة من تامين وارسال 620 ألف دولار عام 2014 للمهجرين. بالإضافة الى تامين مبلغ 400000 دولار وارسالها بوجبات شهرية للمهجرين في العراق ولبنان والاردن.
ومنذ عام 2014 ارسلت منظمة (امل) للمسيحيين في العراق التي هي ثمرة فرسان كولمبس فرع مار توما في كنيسة مار بطرس مساعدات بحدود 2.6 مليون دولار، لها برنامج (تبني عائلة) بمبلغ 100 دولار شهرياً حيث تقوم عائلة كلدانية في ساندييكو بتبني عائلة في العراق. حالياً تقوم بأرسال مساعدات الى قرى سهل نينوى ودهوك وزاخو وبغداد لتغطية 400 عائلة مسيحية محتاجة.
وبحسب معرفتي، ساهم الكلدان في كندا وأستراليا واوربا بمئات الالاف من الدولارات نقداً ومساعدات عينية للمسيحيين في العراق، ناهيك عن المساعدات الفردية التي ساهم بها اهل القرى في المهجر لأخوتهم المهجرين في قراهم، فعلى سبيل المثال بادرت لجنة من أبناء مانكيش في المهجر وبمبادرة من موقع مانكيش الالكتروني عام 2014 بتامين وارسال مبلغ 80000 دولار امريكي الى بلدتهم خُصصت لتوفير احتياجات ضيوفهم المهجرين من سهل نينوى، كما ساهموا ايضاً في جمع مبلغ قدره 20000 دولار لترميم كنيسة مار كوركيس الشهيد في بلدتهم. وهكذا عمل كلدان دهوك في المهجر بترميم كنيستهم القديمة.
وهناك كما هو معروف مساعدات مالية يقدمها المهاجرون الى ذويهم بشكل خاص في العراق، وهي أيضا تعد مساهمات فعالة من كلدان الشتات بالإضافة الى مشاركتهم في التبرعات المذكورة أعلاه.
مساهمات فعالة أخرى:
إضافة الى الدعم المالي الذي فاق كثيرا، بل لا مثيل له، مساعدات اية دولة او مؤسسة كنسية كالفاتيكان مثلاً وبطريركية بابل للكلدان، او اية كنيسة أخرى، هناك مساهمات فعالة في المهجر من قبل الشخصيات الكلدانية المؤثرة والجمعيات والمؤسسات الكلدانية المتنفذة تخص المسيحيين في العراق عن طريق طرح معاناتهم لحكومات الدول الغربية وفي المحافل والمنظمات الدولية. ومن جهة اخرى تسهم في مساعدة القادمين من العراق سواء شخصيات دينية او مدنية سياسية لتقدمها لجمعيات ومؤسسات وأصحاب القرار في الحكومات الاجنبية، سواء للدعم المالي او السياسي، على سبيل المثال ما تقوم من أدوار فعالة جمعية (الجالية الكلدانية) المؤثرة وذات السمعة الرفيعة في ديترويت. وكذلك فرع مارتوما لجمعية فرسان كولمبس لكلدان ساندييكو ومن اهم ما حققته، تأثير على الحكومة الامريكية للاعتراف بالإبادة الجماعية ضد المسيحيين والايزيديين في العراق. وهكذا مساهمات للكلدان قائمة في كل أماكن تواجدهم.
هل يا ترى بعد هذا العرض من المساهمة لكلدان الشتات في اثبات ذاتهم والهوية الكلدانية شعبياً ورسمياً لرفع مكانتهم ورايتهم، ودعم ومساعدة كلدان الداخل والمسيحيين قاطبة في البلد الام، يستحقون ان ينعتوا بعبارات مثل: (ما الذي عمله كلدان الخارج لنا، وماذا قدموا، وهم بعيدون عن واقعنا، لا يرون غير الماضي الذي يتباكون عليه من دون ان يقدموا شيئاً للكلدان، لا عمل لهم غير انهم جالسون امام الكومبيوتر وينقدون الكنيسة ماذا قدموا لكلدان الداخل، عليهم ان لا يتدخلوا بشؤون كلدان الداخل، قوميون متعصبون، وبعضهم لا يعرف يكون جملة مفيدة ونعوت أخرى تمادت لشخصية الكتاب) وما شابه من العبارات غير اللائقة تجاه كلدان الشتات من قبل الرئاسة الكنسية وغيرها في تعميم دون الشعور بما يطلقون. لا بل تعرضوا الى الاهانات والشتائم والازدراء من قبل بعض الكتاب.
نعم عملت بطريركية بابل للكلدان ميدانياً، والابرشيات الكلدانية الأخرى في شمال العراق وغيرها لمساعدة المهجرين في محنتهم، ولكن لو لا هذا الامداد المالي الضخم من قبل كلدان الشتات لما تمكنوا ان يحققوا إلا شيئاً محدوداً على الأرض. ولهذا المحصلة هي ثمرة التعاون بين كلدان الشتات وكلدان الوطن الام. فإذن لماذا هذا التقسيم المفترض للكلدان الذي يعكس سلباً على نفسيتهم في المهجر، وهم جزءٌ من كلدان العراق، الا يستحقون الوقوف لهم اكراماً واجلالاً لما يبذلونه من جراء أعمالهم الشاقة تجاه أهلهم الكلدان شعباً وكنيسةً في العراق؟ بدلاً من الانكار والنعوت غير اللائقة. أ ليس من حقهم المشاركة في ابداء الرأي في شؤون الكلدان او المسيحيين في العراق بما يستوجب مصلحتهم في العراق أو فيما يخص الكنيسة بجوانبها غير الروحانية؟
عبارات عُممت وبوضوح على كلدان الشتات، طالما تم ذكر (كلدان الشتات) في سياق الحديث او الكتابة. هذا الأسلوب في التعبير، ان دل على شيء، فهو يدل على ضعف روحية تقبل الراي الاخر المختلف، وضعف الحجج المنطقية للرد على من ينقدهم، بالرغم انهم يدعون ويوجهون الاخرين باحترام الراي الاخر وتقبل النقد، وتشبثهم بفرض الآراء لتصورهم ان النقد غير بناء، يا ترى هل النقد البناء هو التمجيد والمديح فقط؟ النقد البناء بحسب المنهجية العلمية هو، تبيان الجوانب السلبية لتجاوزها مستقبلاً وتبيان الجوانب الإيجابية لدعمها. ولا يستثنى أحد من السلبيات مهما علا شأنه منصباً او علماً، وطالما نعيش في عصر الاعلام المفتوح، لابد ان يكون النقد اعلامياً ليطلع الراي العام ويكون أكثر تأثيرا. ونعتهم بالجلوس امام الكومبيوتر غير مقبول، لان الكومبيوتر أصبح اليوم هو أداة طرح الراي والتعبير عنه امام الكل ومن منا لم يجلس اليوم، أنفسهم الذين يؤكدون في كل مناسبة على هذا الموقف، هم جالسون امام الكومبيوتر أكثر من غيرهم بدليل كتاباتهم اليومية فينسون حالهم وينعتون الاخرين في ذلك، ما هذه المفارقة؟ وهل من كاتب يستغني عن الكومبيوتر اليوم؟ اللذان ينقدان ايجاباً او سلباً كلاهما يجلسان امام الكومبيوتر!!
لو تم التبرير ان المقصود هم الناقدون من الكتاب الذين من وجهة نظر المتلقي كتاباتهم مُسيئة، لابد من التساؤل لماذا هكذا نوع من المقالات؟ ويُفترض التعاطي معهم بأسلوب تفاهمي هادئ غير متشنج وانفعالي والرد بالمثل من قبل شخصية تتمتع بمنصب كنسي عالٍ. فهذا مبرر غير كافٍ وصحيح طالما هناك كما اشرت أعلاه عبارة تدل على التعميم (كلدان الشتات وتكرارها في كل مناسبة) فالكُتاب هم ضمن مجاميع الكلدان في الشتات ويساهمون بما ذكرته أعلاه من دعم كلدان الداخل. نعم كلهم مساهمون وبشكل فعال سواء كأفراد او ضمن المؤسسات التي ينتمون اليها في المهجر. يساهمون في رفع شأن الكلدان عراقياً وعالمياً في مناطق تواجدهم، كل وبحسب قدراته الفكرية وامكاناته المالية. وهم أعضاء في الكنيسة ولا يتهربون من اداء واجباتهم تجاه كنيستهم، لهم كامل الحقوق في النقد وتبيان الخطأ الفكري والعملي الصادر من أي شخصية وباي مركز ديني وسياسي بشرط عدم المساس بشخصية المعني. وهم يقولون، أي المتذمرون من كتاب كلدان الشتات: ان الكنيسة هي الجماعة!! فالكتاب هم أعضاء في هذه الجماعة.
وفي ضوء ما تقدم، من ينعت كلدان الشتات بكذا تعابير فهو على خطأ لان واقعهم ليس كما يتصورون، بل المعطيات والحقائق الواقعية تشير الى عكس ذلك كما قدمت اعلاه.

د. عبدالله مرقس رابي

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *