كـيف ينـظر الأخ عـبـد الله رابي الموقـر إلى لقاء الـﭘـطريركـين المشرقـيّـين

في السابع عـشر من تموز 2014 كـتب الأخ عـبـد الله رابي مقالاً عـن زيارة غـبطة الـﭘـطريرك لويس ساكـوhttp://www.ankawa.com/index.php/ankawaforum/index.php?topic=745761.0غـبطة الـﭘـطريرك دنخا الرابع والتي تمت في 12 حـزيران 2014 فـرسم لـنا رؤيته إليها ورأيه فـيها … إنها وجهة نـظره واجـبة الإحـتـرام .

إنـطلق الأخ عـبـدالله رابي من محـبته وأمله في تحـقـيق الـتـقارب بـين الكـلـدان والآثـوريّـين ، ومنها تطرق إلى رغـبة الـﭘـطريركـين في تحـقـيق الوحـدة حـين كـتـب في مقاله :

ــ إهـتمام وإصرار وإدراك الطرفـين الضرورة القـصوى للتـقارب والنقاش لإزالة المعـوقات من أمام طريق الكـنيستين للوحـدة ــ …

أما الواقع الـذي نـراه ، هـو أن غـبطة الـﭘـطريرك لويس ساكـو ومن حـيث المبـدأ يطمح بصدق حـقـيقي إلى وحـدة يتـكـلم عـنها حـسب رؤيته ، ورغـم أنه في قـمة الكـنيسة الكـلـدانية ، ولكـنه يرى الوحـدة بأنها كـنسية سـريانية مشرقـية ، ولا حاجة لـلكـلـدانية ، فإذا تحـقـقـتْ عـلى يـده فإنه سيسجـلها بإسمه كـخـطوة ناجحة تأريخـية …. أما بالنسبة لـنا كمؤمنين فلا زلـنا في طور ودَور مراقـبتها ، تبـدو أمامنا وكأنها في الساعات الأولى من صبحـية شـتائية لـنـدنية والشمس لمّا تـبهـرنا أشعـتها الـﭘـرتـقالية …… أماغـبطة الـﭘـطريرك دنخا فـهـو صادق أيضاً في الوحـدة التي ينـشـدها إلاّ أنه يعـرضها أمام شعـبه لوحة مضيئة في عـزّ نهارها صيفاً وتحـت سطوع الأشعة الشمسية ، إنها في إعـتـقاده أولاً وأخـيراً آثـورية فلا يعـتـرض عـلى تسمية لغـته بالسريانية فهي آثـورية أيضاً ، وإذا صادف أن رأى عـضواً في جـسمه يـنكـر إسمه الـقـومي كآشوري http://www.youtube.com/watch?v=x3Q8nK0vAxk 12/11/2009 فإنه سوفيقـطعه من جـسمه وهـذه قـضية لا مساومة عـليها لأنها حـتمية .

إن مبادرة غـبطة الـﭘـطريرك لويس ساكـو القادم من مقـره العـراق إلى كـنـدا وأميركا ورغـبته مع وفـد المطارنة الكـلـدان المرافـقـين له ، في زيارة غـبطة الـﭘـطريرك دنخا في مقـره بشيكاغـو كانت الأولى نعـم ، ولكـنها لم تأتِ مفاجئة بـدون عـلم المقـر وسيـد المقـر ، فـمار لـويس لم يكـن زائـراً عابرَ سبـيل أو حارساً يؤدي تحـية لصاحـب جلالة ، ولا ساعي بريـد يوصِل رسالة ، ولا مواطناً يتابع أمر إضبارة …. ومن جانب آخـر ، إنْ كان للزيارة تلك أبعاداً نـفـسية وإجـتماعـية ووجهاً لوجه دونما حاجة إلى وسيط ــ كما ذكـر الأخ عـبـدالله ــ لأنهم إخـوة … طيب ، كـنا نـتـوقع ونحـن شـرقـيون أن يكـون غـبطة الـﭘـطريرك دنخا في إستـقـباله عـنـد باب مقـره عـلى الأقـل من باب إحـتـرام أصحاب السيادة ، الحاملين من الأكاديميات دكـتـوراه شهادة ! …. وسـواء كـنا كـلـدانيّـين أو آثـوريّـين أو سريانيّـين أو مسيحـيّـين أو أية قـومية وديانة أخـرى كعـراقـيّـين ، فـتـقالـيـدنا وعاداتـنا ومراسيم إستـقـبال ضيوفـنا وأنماط حـياتـنا واحـدة … إلاّ أن مار دنخا لم يلتـزم بها ، لإحـتمالات عـديـدة لسنا في هـذا المقال بصددها ! وإنما كان في الإستـقـبال أسقـفان في الحـديقة الأمامية لمقـره ، ثم إنـتـظروا 30 ثانية ــ حـسب الـﭬـيـديو ــ حـتى قـدِم غـبطة الـﭘـطريرك دنحا من غـرفـته المجاورة دلالة عـلى جاهـزيته وتـواجـده فـيها …. ويـبـدو أنه أرادها عـلى النمط الـذي نعـرفه وعـشناه في مجـتمعـنا الشرقي ، والـذي كـثيراً ما لاحـظنا مثـله عـلى شاشات التـلفـزيون حـين يحـضر ويجـلس أولاً المحـتـفـلون في القاعة ، ومن ثـمَّ يـدخـل السيد الرئيس أو المحافـظ أو الوزير … وكـلنا نعـرف الغاية من كـل ذلك .

لا نميل إلى الإكـثار من المصطلحات عـلى القارىء الكـريم ، إلاّ أنّ الأخ عـبـدالله رابي صنـف ذلك اللقاء الـذي تحـقـق ، كعلاقة جـديـدة ضمن مفاوضات متعـددة ووصفها بـ ــ مفاوضات إبتـكارية ــ … في الحـقـيقة إنه مصطلح أنيق ولكـنه قـد لا يناسب اللقاء المشار إليه أن يكـون إبتكارياً ، لأنه وإنْ كان أولياً بـين الـﭘـطريركـين … آمنا بالله … ولكـنه لم يكـن جـديـداً في كـنيستـينا ، فـلقـد كانت هـناك لقاءات وحـوارات وجـلسات ومناقـشات منـذ أيام المرحـوم الـﭘـطريرك بـيـداويـذ في فـتـرة التسعـينات ولـذات الهـدف الوحـدوي ، وكـلها تـوقـفـتْ بسبـب الموانع التعجـيزية التي إعـتادت الكـنيسة النـسطورية الآثـورية أن تـضعها في طريق آمال الوحـدة التي ينـشـدها ﭘـطاركة الكـنيسة الكاثـوليكـية الكـلـدانية ، والتي لم ولن تـتغـير عـنـد الإخـوة المسؤولين الآثـوريّـين سـواءاً الكـنسيّـين منهم في كـنيستهم أوالعـلمانيّـين في عالمهم ، والتي تـتمثـل إحـداها في أنـنا جـميعـنا يجـب ويجـب أن نـكـون آثـوريّـين شـئـنا أم أبَـينا … دون ــ وهـذا لسنا نـطـلبه منهم ! ــ قـبولهم بأن نـكـون جـميعـنا كـلـدانيّـين ، هـذا بالإضافة إلى عـدم إقـتـناعهم بالإستـظلال تحـت خـيمة الـﭬاتيكان ورفـضهم سلطة خـليفة مار ﭘـطرس قـداسة الـﭘاﭘا في روما … وإذا كان رؤساء الكـنيسة الكـلـدانية مستعـدين لـبعـض التـنازلات من أجـل الوحـدة حـتى تـقـبـيل الأرجـل ــ حـسب تعـبـير الـﭘـطريرك ساكـو ــ دون المساس بالمبادىء الكاثـوليكـية والكـلـدانية طبعاً !! فإن رؤساء الكـنيسة النـسطورية الآثـورية ليسـوا مستعـدين حـتى لـتـقـبـيل الجـبـين …. وقـد كـتـبتُ في مقال سابق : أنّ الجـماعة لن يأتـوا معـك وسوف أذَكـِّرك .  

إن ستراتيجـية الإخـوة الآثـوريّـين هـذه ليست حـديثة العـهـد ، فـقـد سبق أن وضحـوها منـذ لقاءاتهم القـديمة مع المرحـوم بـيـداويـذ ، وﭘـطريركـنا الحالي السعـيـد الـذكـر عـلى عِـلم بها ، إلاّ أنها تأكـدَتْ ثانية أثـناء اللقاء المباشر الـذي كـتب عـنه الأخ عـبـد الله رابي ، وذلك حـين طرح غـبطة الـﭘـطريرك ساكـو إقـتـراحه مجـدداً حـول الوحـدة الكـنسية هـباءاً ، ردَّ غـبطة الـﭘـطريرك دنخا مفـضلاً وحـدة العـلمانيّـين أولاً ! مـدّعـياً بأنها هي التي ستـقـود إلى الوحـدة الكـنسية …. وهـو عـلى دراية تامة بأن العـلمانيّـين لن يتحـدوا ! فـيكـونوا شماعة يعـلق عـليها أية إخـفاقة لإنبثاق الوحـدة المنادى بها ، فالمسألة ليست إضطهادات ماضية أو ثـقافة عـشائرية ، فـجـميعـنا مضطهـدون ومتأثـرون بقـيم مجـتمعاتـنا حـتى صرنا بنسبة أو بأخـرى عـشائريّـين ، ولا هي مبنية عـلى هـيمنة إفـتـراضات وتـصورات مسبقة ، وإنما العـلة تكـمن في حـب الإمتلاك والتمسك بالسلطة وعـدم قـبول الإستـظلال تحـت خـيمة سلطة أعـلى … لاحـظ أخي القارىء : ﭘـطريركـنا الكـلـداني كـنسي الـنـزعة وإيمانه يسترشـده من وصية المسيح التي ليس فـيها التهافـت عـلى الأولوية السلطوية … أما ﭘـطريركهم الآثـوري قـومي الـنـزعة تـقـوده فـكـرة المشيخـية العـشائرية والرئاسة القـروية .

ومن هـنا تظهر مقـومات الأخ عـبـدالله رابي واللازمة لإنجاح أي حـوار ، غـير متـوفـرة : فأهـداف الوحـدة التي ينـشـدها كـل من الـﭘـطريركـين متباينة ، والمواقـف متـنافـرة ، والأساليـب الشخـصية متعاكـسة ، والـنـزعة العاطفـية متـناقـضة بل حـتى الموضوعـية مخـتـلفة في هـنـدسة الفـريق دينية كانت أم دنـيـوية ، وعـليه فلا إبتـكار مرتـقـب متـوقع ولا وثيقة إنـدماج سوف تـوَقـَّـع ، وأن إخـتلاف الأهـداف بات واضحاً لا حاجة بنا إلى بحـثه في الواقع .

أما الأساليب الشخـصية التي أشار إليها في قـوله : أن الدراسات تـدل عـلى أنها تخـتـلف بإخـتلاف الثـقافات ، مستـشهـداً بأمثـلة كالمخاطبة بالإسم الأول للشخص في الثـقافة العربـية والفرنسية واليابانية حـيث يعـتبر سلوكاً دالاً عـلى عـدم الإحـترام ، أما الأمريكي أو الكـنـدي فـيعـتبره سلوكاً ودياً ومن ثم فهو أمر طيب ، وهكـذا يخـتـلف نوع وطريقة أداء التحـية مثلاً وأمور أخـرى  ….

 أقـول إن ذلك لا يـبـرّر طريقة الإستـقـبال التي قام بها غـبطة مار دنخا،إلاّ إذا أخـذنا بنـظر الإعـتـبار تأثـره بالأراضي الإيرانية وأميركي المقـر والجـنسية ….. فـتـكـون المسافة بـين قارتين شاسعة جـداً ، فـهـو من ديرة وﭘـطريركـنا الموقـر من ديرة أخـرى حـيث أصله من العـراق وولـد في العـراق ونـشأ في العـراق وإستـقى تعـليمه من العـراق ومقـره في العـراق وجـنسيته عـراقـية .

أما تـقـبـيل الأيادي فـتلك مسألة أخـرى ، متـذكـراً رئيس دير السـيـدة الـذي قـبَّـل يـد صدام حـسين إثـر زيارة الأخـير للـدير فـتـذمر منه الكـثيرون رغـم الفارق المنـصبي والسلطوي والـدنيوي بـينهما ، مع فارق الـنـظرة الشعـبـية إلى كـل منهما عـلى إنـفـراد ……. ولكـن في مثال الـﭘـطريرك ساكـو الموقـر لا يقارن بـذلك أبـداً ، فالمتباينات واضحة ، ومع ذلك هـو حـر في سلوكه الشخـصي فـقـط .

النـزعة العاطـفـية : وما أدراك ما النـزعة العاطـفـية يا أخي ، فـرغـم أنّ غـبطة ﭘـطريركـنا لا يـؤمن بثـقافة غـيـبوبة الماضي ولا نؤمن بها ، ومع ذلك لم يفـلح في مهمته الوحـدوية مع مار دنخا ، فـكـيف به لو كان قـد لـوَّح ونادى بالحـضارة الكـلـدانية ــ الزمكانية ــ ومسلة حـمورابي القانـونية والأنـظمة الستينية الفـلكـية والبطارية البابلية ونظرية فـيثاغـورس السومرية وقـل ما شـئت من أرض أور مـدينة أبونا إبراهـيم المقـدسة الكـلـدانية ….. ؟ .

وذكـر الأخ عـبـدالله رابي في مقاله عـن كـنيسة الآثـوريّـين : أن إسمها كان الكـنيسة الشرقـية ، ثم أصبحـت الكـنيسة الشرقـية النسطورية ، وأخـيراً إستـقـرت عـلى الكـنيسة الشرقـية الآشورية  … دون أن يعـلل تلك النقـلات التسموية ، وفات عـليه أنهم أضافـوا إليها مؤخـراً كـلمة كاثـوليكـية قـبل أن يفـسروا معـناها !! كما لم يأتِ عـلى ذِكـر كـنيسة المشرق الـقـديمة أبـداً والتي تـولـدت نـتيجة إنـشطار في كـنيسة الآثـوريّـين النـسطورية .

أما قـوله : تميز الإكـليروس في الكـنيسة الشرقـية الآشورية بأن يكـون  أكـثر إهـتماما في المسائل الإجـتماعـية والسياسية من الإكـليروس في الكـنيسة الكـلدانية …. أراه محـقاً بعـض الشيء ومتجـنباً الصواب بعـضاً آخـراً ، صحـيح نحـن الكـلـدان ليس عـنـدنا رئيس عـشيرة بالصورة العـربـية والكـردية وغـبطة ﭘـطريركـنا ليس من نوع قالت قـوميتـنا وحـكـت لغـتـنا ، إلاّ أن ﭘـطاركـتـنا عَـبْر الزمن كانوا المتـكلمين بشأنـنا مع السلطات في ستراتيجـيات قـضايانا ، فأحـداث سميل عام 1933 وتـدريس تـفـسير القـرآن الإلزامي في مطلع السبعـينات من القـرن الماضي خـير شاهـد عـلى ذلك بالإضافة إلى أن الـﭘـطريرك الكـلـداني كان في يوم ما عـضواً في مجـلس الأعـيان العـراقي .

أما الـدراسات الإجـتماعـية والنـفـسية التي تـشير إلى أنّ : بعـض القـيم والتـقاليد الإجـتماعـية أقـوى تأثيراً في سلوك الفـرد من القـيم الـدينية تأريخـياً وحاضراً ………….. وأن الحـوار مع الكـنيسة الشرقـية الآشورية سيتأثر بـذلك الإرث الحـضاري والإجـتماعي الموروث لوجـود نظام إجـتماعي تلـقـيني لم يتحـرك خارج نطاق منظوماته …… أعـيـد وأتـساءل : أما كـنا ولا نـزال نـسكـن جـميعـنا في بـيئة شرقـية معـتـنـقـين المسيحـية ، لـنا نـفـس الموروثات الإجـتماعـية ، نـؤدي في جـيش واحـد خـدمتـنا العـسكـرية ونـدرس في مـدارس لها نـفـس المناهج الـتـربـوية … فـما الـذي كـرّس الإخـتلاف في درجة تأثـرنا ، حـتى إذا كـنا نخـتـلف في أسالـيـب تـلـْـقـينـنا وتـثـقـيفـنا ؟ .

وفي الأخـير أقـول للأخ عـبـدالله رابي ، صدقـتَ حـين ذكـرتَ مسألة الـتطرف في الـتواضع ، فالـتواضع الذي يتميز به غـبطة الـﭘـطريك مار لويس ومع جل إحـترامك وتـقـديرك له ، تراه في الأفـق يتجه نحـو فـقـدان التوازن ولكـنـنا نحـن الكـلـدان لـن نـفـقـد تـوازنـنا . كما أحـيـيك عـلى مقالك كـكاتب أصيل ومعـك كـل الكـتاب الـكـلـدان النجـباء …. ولا يوجـد عـنـدنا أشباه الكـتاب بل قـد تجـد أشباه القـرّاء ، ليست لـديهم جـرأة الإجابة عـلى أسئلة الأصلاء .

 بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *