قراءة في كتاب الكلدان والآشوريون والسريان المعاصرون وصراع التسمية  للدكتور عبدالله مرقس رابي (1)


مع صدور كتاب للدكتور عبدالله رابي وفق ما أحتواه من معلومات تاريخية مقيّمة وجديرة بالمطالعة ، حول حقل الأثنيات كمنهاج علمي يتطرق حول الأجتماع والأنثربولوجية ، كونها ضمن المكون الأساسي للمجتمع البشري قديماً وحديثاً ، لمتطلبات العصر والتطور الأنساني الحضاري ، محترماً ومقيّماً تسميته الأثنية لبناء شخصيته القومية ، أستناداً الى أسس ومفردات العرق وما يترتب لتطوره اللاحق ، بفعل العلوم الأجتماعية والسياسية والأقتصادية والتعليمية والصحية المرادفة للعرق ، وكل ما يرتبط بالأنسان من تطور وتقدم ورقي ، عبر مراحله التاريخية التي مرّ ويمر بها الشعب الأثني ، وما رافقته من ظروف ومآسي وعسر ودماء ودموع (الظرف السالب) ونعم انسانية خيرية متقدمة ومتطورة (الظرف الأيجابي) للحياة ، ليتتحول مهاجراً مقلداً الطيور المتنقلة بين القارات السبعة في العالم تارة ، واستقراره النسبي الظرفي تارة أخرى ، وخصوصاً أمريكا وكندا وأستراليا وأوروبا ، طالباً الأمن والأمان والأستقرار المفقود ، في بلدانهم الأصيلة وهم من سكان البلدان الأصلاء عبر آلاف السنين.
المؤلف (الكتاب) الذي بين أيدينا هو غني بمعلوماته ومصادره القيمة ، التي رُبطت أثنياً بين الماضي والحاضر بصيغته  المبسطة والسلسة للقاريء الكريم ، ولكن من خلال قرائتنا الدقيقة وتمعننا الواضح ، لهذا الكتيب القيّم بادرنا بتوضيح الأمور على شكل حلقات ، كي لا يمل القاريء الكريم من الأطالة بالموضوع ، ومن ثم يتشوق لمتابعة حلقاتنا في النقاش وأغناء الموضوع ، حباً وأحتراماً للحقيقة التي نراها من وجهة نظرنا صائبة ، لفائدة الكاتب والقاريء معاً والمعلومة التي نراها من وجهة نظرنا الخاصة ، وخادمة للقضية الفكرية الثقافية بشكلها العام.
1.المقدمة:
الفقرة الثانية من ص4 نقتبس الآتي:
يركز علماء الأجتماع على الصراعات حول الهوية القومية التي أبتدعها السياسيون وأزماتها التي تخلقها التعددية الأثنية، وبالأخص في البلدان النامية.(أنتهى الأقتباس)
نقول: الهويات القومية لم ولن يبتدعها السياسيون أبداً ، بل كانت قائمة ومتواجدة عبر العصور التاريخية المرادفة لمسيرة الأنسان جغرافياً وعالمياً ولحد اللحظة ، والصراع كان ولا يزال قائماً ومستمراً ، قبل ظهور العلم السياسي ومفكريه ومبدعيه من قوى وأحزاب وحركات سياسية فكرية جمعية عامة ، أم فردية أجتهادية خاصة ، حيث الصراع بين الأثنيات والقوميات كان قائماً وموجوداً ، قبل العلم السياسي وبعده ولا زال للأسباب التالية:
أ.العادات والتقاليد المتنوعة للأقوام المتعددة وحتى المختلفة وكما المتناقضة بين الأثنيات نفسها ، كانت قائمة ومتواجدة عبر التاريخ القديم بما فيه التاريخ المعاصر الحديث.
ب.الصراع من أجل البقاء وأستمرارية العيش لكل قوم من الأقوام على حساب القوم أو الأقوام الأخرى ، حيث كانت ولا زالت موجودة ولم تنتهي ، الاّ بنهاية الصراع الطبقي الذي يعاني من الفوران والغليان حتى يومنا هذا وصولاً الى التطور المدني العلماني الرأسمالي ، ومن ثم الأشتراكي العلمي التطوري التقدمي.
ج.الشعور الخاص لمجموعة معينة أثنية ، لا تتلائم وبقية الأثنيات الأخرى مما يؤدي الى حدوث ، صراع قائم يصل الى القتال والأقتتال المتبادل وأراقة الدماء بين الأقوام أنفسهم ، والحروب القديمة والمعاصرة الحديثة خير شاهدة للقاصي والداني على حد سواء.
د.حب السيطرة والنزاعات والأمراض الطفيلية حباً بالكراسي والأموال ، حتى بأستخدام القوة المفرطة والغزوات المستمرة بما فيها السبي والنهب والسلب من قوم معين للآخر وهكذا دواليك.
ه.الموقع الجغرافي ومحاولة كل طرف يريد التشبث بالأرض والسيطرة عليها بالقوة المفرطة ، من خلال التطور الديالكتيكي الأجتماعي للأنسان وفق التطور الحياتي له ، في غياب القانون والدستور على حساب الآخر الأضعف وصولاً الى شريعة الغاب ، كما هو الحال في عراق الديمقراطية الجديدة بتبنيها وممارساتها الفاسدة وصولاً الى (الفوضى الخلاقة).
و.بعد ظهور الأديان المتنوعة وتبني الأثنيات المتعددة لتلك الأديان ، أزدات تلك الصراعات على حساب الأثنيات أنفسها من خلال صراع الأديان ، بالتشبث بالآخرة التي ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقيا) خارج أختصاصات الأثنيات والقوميات ، وعلى حساب الأنسان وديمومة حياته وسعادته المفترض صيانتها والأهتمام بها.
في نهاية ص4 يوكد الكاتب (وما حدث في شمال العراق متمثلاً بالصراع الدائر بين الأكراد والحكومة المركزية العراقية أكثر من نصف قرن) (أنتهى الأقتباس).
وهنا أخفق الكاتب في هذه العبارة أعلاه في الأمور التالية:
أ.الصراع القائم بتنوعاته دام قرناً وليس نصف قرن دون أن يقتصر على الكرد فقط ، بل كان معهم قوى شعبنا بكافة مسمياتهم الأثنية والقومية المحترمة الآثوريين مثالاً وليس حصراً ، المتواجدين في برواري بالا وبقية المناطق الأخرى من عموم العراق ، فأول أمرأة حملت السلاح وقادت معارك عديدة ، بالضد من السلطات العراقية المتعاقية كانت البطلة ماركريت جورج ، التي تم اغتيالها من قبل الكرد أنفسهم ، بسبب علو منزلتها ومكانتها في الحركة الكوردستانية التحررية ، بكافة المكونات القومية والأثنية منذ أيلول 1961 وما بعدها بشكل مستمر ومتواصل ، كما كان لدور والدها جورج موقف عسكري داعم لثورة أيلول عام 1961 ، كونه التحق بالثورة المذكورة منذ أنبثاقها ، بكامل أسلحة مركز شرطة برواري بالا ، كونه يحمل رتبة رئيس عرفاء ومأمور المركز في ذلك الوقت.
ب.الثورة الكوردستانية نشأت بمشاركة فاعلة لكافة المكونات القومية المتواجدة في شمال العراق ، من الكلدانيين والآثوريين والسريان والأرمن والأزيديين والصابئة المندائيين والشبك والكاكائيين ، دون أقتصار الصراع الدائر والنضال المستمر والمتواصل على الكرد وحدهم كما تطرق الكاتب ، بالأضافة أن الصراع الدائر في العراق أبتدأ عام 1946 ولغاية 1991  بعد أنتفاضة آذار المجيدة ، ناهيك عن أستمرارية النضال ما قبل هذا التاريخ بنصف قرن أخر(منذ بداية القرن العشرين).
ج.الصراع الدموي في المنطقة كان بين الثورة الكوردستانية ومع الحكومات المتعددة والمتعاقبة على الحكم في العراق أبتداءاً من نهاية الحكم العثماني وبداية الحكم الملكي وأنتهاءاً بالجمهوري بسلطاته العديدة وحكوماته المتعددة قاسمية وعارفية وبكرية وصدامية على حد سواء.
د.كان على الكاتب أن يذكر القوى السياسية الأخرى التي دعمت الثورة التحررية في شمال العراق ، وخصوصاً قوى الحزب الشيوعي العراقي (الأنصار) ، حيث ساهموا بشكل فعال ومتواصل بدعم الثورة الكوردستانية منذ تشكيل الحزب الشيوعي وأنبثاق ثورة أيلول 1961 ، وبكافة أمكانياته أعلامياً وعسكرياً وثقافياً وحتى أقتصادياً ، أضافة الى الدعم المتواصل من قبل المنظومة الأشتراكة في حينها.
ملاحظاتنا هذه هي وجهة نظرنا الخاصة بعد مطالعة هذا الكتاب الثري بمعلوماته المستنبطة من مصادر متعددة ومهمة ، وجهود الكاتب الدكتور رابي هي كبيرة وفاعلة لأيصال الفكر النير ، بعيداً عن الأنحياز لأي مسمى من المسميات ، التي نجلُها ونحترمها وفق قناعات الأنسان نفسه ، وكان الكاتب بحق متفوقاً في هذا المجال الفكري التوفيقي الى حد كبير، في أحترام وتقييم جميع المسميات المتعددة وفق القناعة الفكرية لكل أثنية من المسميات الثلاث ، بعيداً عن أي أنحياز لأي مكون أو مسمى من المسميات ، مع التركيز على أمة واحدة وقوم واحد من خلال مشتركات بقواسمها الواضحة للجميع.
الفقرة الثانية ص8 ذكر الكاتب الدكتور رابي حول حضوره ورئاسته لمؤتمرين ، الأول في سان ديكو  بولاية كاليفورنيا الأمريكية في نيسان 2012 .. لكن الحقيقة المؤتمر عقد في نهاية آذار 2011 وليس كما ذكر الكاتب أعلاه ، ولربما الكاتب أغفل التاريخ الصحيح ، وعليه أرتأينا التصحيح حباً بالحقيقة التاريخية المطلوب أيصالها للقاريء الكريم.

(يتبع)

منصور عجمايا
20\حزيران\2017

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *