قالت لي إمرأة عراقية – أنتم المسيحيين تساعدون بعضكم في المهجر

zaidmisho@gmail.com

رغبةّ لازمتني منذ وطأت قدمايَ أرض الإغتراب ، هي ( التحرش – حرشة إيجابية ) بكل مَن أجد فيه ملامح عراقية ، إذ أقتحم حريته لأتأكد إن كان من أرض الرافدين أم لا ! ، فقد أثير معه حواراً يزرع بيننا الألفة والمَوَدّة .
توسّعَتْ هذه الرغبة عندي فصرتُ أتحرش بكل مَن يتكلم العربية وبالأخص مع أبناء وطني الأم . وأعزي سبب ذلك  إلى القواسم المشتركة التي تربطني مع المنحدرين من شرقنا العزيز إن كان في اللغة أو التقاليد أو الطباع .
في بعض الأحيان أشعر بالمتعة  بهذا الوقت القليل الذي أقضيه مع محدّثي الشرقي ، وفي أحيان أخرى لاأستسيغه ، لكن ماجرى أثناء لقائي بأختٍ عراقية كردية لهجتها بغدادية نظيفة ،  سيجعلني وعلى ما أعتقد أن أهجر  عادتي هذه ( التحرش ) !! كي لاأعَرّض نفسي إلى مفاجآة غير متوقعة لايتحمّلها قلبي الضعيف .
لقد سألتني عن عملي وهي تعرفني أنني مسيحيّ ( من صليبي المعلّق في رقبتي ) والذي أتفاخر به ، فأجبتها بأني أعمل مع جماعتنا فأجابتْ فوراً ” إيه !! المسيحيّين قلب على قلب واحد يساعد الثاني – فقلت لها .. أقصد بجماعتنا ( الشرقيين ) فأنا أعمل مع مسلمين لبنانيين !!! . فنظرَتْ إليّ بإستغراب ! أما أنا فقد إختلّ توازني لِهَول الثقة العمياء عند تلك السيدة بنا وبعلاقاتنا الحميمة الموجودة بيننا نحن المسيحيين في بلاد المهجر .
فآثرت السكوت وكتمتُ الكلام الذي كاد يخرج من لساني ، وبلعت عدة مرات ريقي الممزوج بمرارة الحقيقة كي لاأفسح المجال – لكلمة مُرّة واحدة – تهرب من  فمي ، وبالتالي تبقى تصوّرات هذه المرأة وتحسدنا عليه .
فـهل تـكـلمَتْ الحـق تلك الأخـت العـراقـية الغالية ! أم كانت تـقـصد مسيحـيّي القـرون الميلادية الأولى ، وقـت إنبثاق الكـنيسة ؟؟
كـم كان بـودّي أن أجـيـبها ……………………
مسيحيي اليوم شعلة حب لاينضب ، يتسابقون على محبة بعض البعض حتى وصلت محبتهم إلى التزاوج وولادة أبناء مسيحيون عراقيون وليست تسمية ثلاثية هجينة أو أخرى تحاول بلع غيرها .
وكل معمذ يصل أرض المطار تستقبله أفواج من أبناء جلدته ، تحتضنه وترعاه وتسعى لتأمين كل مايستلزم لضمان حياة كريمة له ولعائلته .
وصاحب العـمل يأبى أن يعـطيه الحـد الأدنى من الأجـور بل أعـلاها عـدا الحـوافـز . وما نسمعه من وجود إستغلال ليس سوى تشويه من قِـبل الطابور الخامس لأعـداء الحـب .
أما الخـدمات الطوعـية فـقـد زادت عـن المعـقـول ، إذ نجـد مؤسسات خـدمية إنبثـقـتْ من فـيض الحـب الذي يجـمع أبناء شعـبنا ، وهي مؤسسات غـير ربحـية .

ولا يوجد خلافات ولا نميمة ولا ” حـسد عـيشة ” بل الكل متعاوناً حـتى أصحاب الأعـمال من الصنف الواحد تجمعهم علاقات طيبة لا يسودها التـنافـس ولا من يسعى لتـدمير الآخـر وتـفخـيخه . ناهـيك عـن العلاقات المميزة بين كهنتـنا الأفاضل فـيما بينهم بإختلاف طوائفهم وعلاقاتهم المميزة أيضاً مع رعاياهم مقـدمين ذواتهم لهم كما المسيح لأجـل رسالتهم المقـدسة .
نعم أخـتي الكردية العـراقـية ، نحـن المسيحـيِّون في المهجـر نموذج حي للحـب والتسامح والوحـدة . وما  نسمع به أحـياناً عـكس ذلك فهو إفـتراء أرجو أن لا تِـنصتي له .
فـمن يفـقـد صديقاُ يجـد في الغـربة ألف ، وبدل الأخ يوجـد عـشرات ، لا بل مئات ، وتباً لي إن عُـدتُ وسألتُ أحـداً عـن أصله وفـصله وسأترك مشاعـري في مجـمدة متى أصادف شخص ذو ملامح شرقية . وإن سألني أحـدٌ إن كـنت من الشرق ، سأجيـبه :  NO  RAFEEQ   أنا من (  INDIA )   !  بس أعـرف شوَيْ عـربي تـعَـلــَّـمتــُـها مِن شغـلي / بالخـليج “

You may also like...