في أربعـينية المرحـوم حـبـيب تـومي

في الحـقـبة الأخـيرة من السنين كـنتُ من بـين متابعي أخـبار المرحـوم حـبـيب تـومي كـناشط قـومي …. وخاصة في الأشهـر الأخـيرة حـين صار يعاني من تـدهـور في حالـته الصحـية ، ورغـم ذلك فـقـد كانت مفاجأة لـنا عـنـدما قـرأنا خـبر إنـتـقاله إلى الحـياة الأبـدية في الأول من كانـون الأول 2015 .

أتـذكـره في ألـقـوش إبّان مطلع االستينات شاباً أعـزباً منـتـمياً إلى جـماعة الـثـوار وخاصة حـين شاع لـقـبه المعـروف ( حُـبّا ) لشجاعـته … وبسبب إنـشغالي بالـدراسة ثم إنـتـقالي إلى بغـداد لم أعـد أسمع عـنه ، خاصة أني لم أكـن من تـياره الفـكـري الستيني .

وقـبل سنـوات قـليلة مضت قـرأت مقالاً له كـتبه عـن نـفـسه موضحاً فـيه أنه بإرادته إنـتـمى إلى التيار الـتـقـدمي المعارض للسلطة حـيـنـذاك وبإرادته تـركه دون أن يطعـن بهـذا أو ذاك …… ثم بإرادته الحـرة تـرك العـراق لـينـتهي به المطاف إلى الـنـرويج…. وكان يتـردد إلى العـراق زائراً ، بل كان يأمل أن يرجع لـيعـيش في بـلـدته ألـقـوش التي يعـتـز بها كـثيراً .

وفي حـديثي معه قـبل بضعة سنـوات أفاد بأنه عـنـد إنـتـقاله إلى بغـداد كان مستـمراً في نـضاله السري ( الـتـقـدمي ) مستعـداً بهمة الشباب للـقـيام بأية مهمة يكـلـف بها تهـدف إلى صالح الشعـب ، إلاّ أن القادة الـتـقـدميّـين آنـذاك خـيّـبـوا أمله وآمال الكـثيرين …..

كان أول لـقاء لي معه في مؤتمر الـنهـضة الكـلـدانية / سان ديـيـﮔـو 2011 وهـو من العـناصر الـنـشطة فـيه ، وكـذلك في المؤتمر الـقـومي الكـلـداني العام / ديترويت 2013  . كان صريحاً وسليم الـتـفـكـير يحاجج بالـدليل والبرهان والمنـطق ، لـذلك تجـنبه الكـثيرون لأية مناظرة مقـتـرحة .

في حـدود السنـوات العـشر الأخـيرة صار يكـتب عـن الإعـتـزاز بقـوميته الكـلـدانية وإعـتـزازه كألـقـوشي أيضاً فـصار شخـصية كـلـدانية معـروفة بغـزارة مطالعاته وعـلمية تـفـكـيره …. كـتاباته تـتمـيز بالرزانة والـدماثة والهـدوء وإحـتـرام المقابل حـتى المخالـف له . كان مولعاً بالمطالعة ومدوّناً كـل ما يثيره أو يعـجـب به كي يستـشهـد به في مقالاته اللاحـقة .

كان حـريصاً في الحـفاظ عـلى الوشائج التي تربطه بالكـنيسة وبشخـص البطرك ساكـو الـذي زاره في مكـتبه البطريركي ، فـيعـلق بكـل إحـترام معـتـزاً بالكـنيسة وينـتـقـد بمهـنية لفائـدة أبناء شعـبنا الكـلـداني دون تهـميش غـيرهم .

لم يكـن وزيراً ولا قائـد فـيلق ولكـنه كان شخـصية أدبـية قـومية كلـدانية تستحـق الإلتـفات إليها ، وعـليه كـنا نـتـوقع أن يـبعـث البطرك ساكـو رسالة مواساة إلى عائـلته الكـلـدانية الألقـوشية إحـتراماً له ( لكـنه لم يفـعـل !) …. أسـوة بالرسالة التي بعـثها إلى عائلة المرحـوم يونان هـوزايا ــ 30 كانـون الأول 2015 ــ الـذي كان يروق له أن يتـسمى بالآثـوري ويناضل من أجـل الآثـوريّـين ونحـن نحـتـرم إخـتياره … ولكـنه مع كـل الأسف فإن البطرك ساكـو تـذكـَّـرَه ، وتجاهـل المرحـوم حـبـيب ،، والله يسامحه .

وقـد جاء في رسالة البطرك إلى عائلة المرحـوم ( هـوزايا ) أنه كان ملتـزماً بقـضية المسيحـيّـين … فـعـلـقـتُ عـليه في الفيسبوك :

((  ألله يرحـم هـوزايا ويرحم جـميع الموتى … كان سياسيا آثـوريا يعـمل من أجـل الآثـوريّـين ، وليس من أجـل المسيحـيّـين كما إدّعى البطرك لـويس )) .

كـلـنا في طريق الحـق سائـرون ولن يـبقى لـنا إلاّ ذكـرياتـنا …… نطـلب من الرب أن يهـب للمرحـوم حـبـيب وهـوزايا وجـميع الموتى ، حـياة أبـدية ولأهـلهم الصبر والعـزاء .

بقـلم  مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *