فيثاغورس ونظام الأعداد الكلداني/ج2 بقلم: الأستاذ الدكتور دنحا طوبيا كوركيس

جامعة جدارا/ الأردن

قلنا في الجزء الأول من هذا المقال أن فلسفة الكلدان في الحياة كانت مبنية على مقولة أن “لكل شىء

حساب”. هذا ما يؤكده المؤرخون بقولهم أن الحياة الكلدانية بكافة مرافقها، بشقيها المادي والروحي، كانت

تحكمها الأعداد. وحسب “كتاب الكلدان في الأعداد”، كان يرى الكلدانيون في الأعداد طاقة خلا ّقة دائمة

الحركة ومتناغمة روحيا مع نظام الكون لأنها ترتبط بحركة الكواكب والنجوم والأجرام السماوية المختلفة،

 بل وأنها تناظر الطاقة التي نشأ عنها الخلق وتطور بمرور الزمن. وبناء على هذا التصور الشمولي للوجود

 عُدّ نظام الأعداد نظاما متكاملا في تشخيص حركة الطبيعة وزمن حدوث ظواهرها المتعددة وسبر أعماق

 حياة الناس والمجتمعات برمتها. ولم تكن علوم الطب واللاهوت والفلك بمعزل عن علم الأعداد، بل

انصهرت جميعها في بوتقة علمية واحدة موغلة في القِدم وتحيطها هالة من القداسة. ومن هذا النبع الصافي

ارتوى فيثاغورس وبطليموس وأبقراط وغيرهم وترجموا العلوم الكلدانية إلى الإغريقية التي نقلها عنهم

الرومان في أوروبا والعرب في الأندلس حتى عصر النهضة. ومن الملفت للنظر أن لقب “كلداني” كان يطلق

فخرا على كل إغريقي تلقى العلوم في بلاد كلدو، ومنهم تلامذة فيثاغورس، وكأنه تخرج من جامعة عالمية

 رصينة يُحسب لها ألف حساب.

نؤكد على ما أوردنا في الجزء الأول من موضوعنا الشيق هذا فنقول بأن علماء الأعداد يـُجمعون على حقيقة

أن نظام الأعداد الكلداني هو أقدم وأرقى وأعقد وأدق نظام عددي في الوجود. ماهو هذا النظام الذي توجهت

إليه الأنظار بعد الآف السنين وعكف الخبراء على برمجته حاسوبيا في الألفية الثالثة، وما مغزاه؟ باختصار

 شديد وبشىء من التبسيط، هو نظام حسابي يعتمد على الأرقام 1 – 8 تحديدا، وتمثل هذه الأرقام قيما

للحروف اللغوية، أية لغة كانت، أي أنك تجد زمرة من الحروف تحت الرقم 1، وزمرة ثانية تحت الرقم 2 ،

 وهكذا. وهذه الحروف ليست مرتبة ألفبائيا على شكل متوالية عددية، كأن نقول أ = 1، ب = 2، ج = 3،

 وهلم جرا. إن القيمة العددية مرهونة بعدد ذبذبات وشدة الحروف (الأصوات) التي يتألف منها إسمك، مثلا.

 ليس لك أن تسأل أو تحاجج النظرية  لأن القيمة العددية للحرف سرّ بابلي دفين لا يعلم به سوى كبار كهنة

المعابد في حضارة كلدو القديمة. ما عليك سوى إدخال حروف إسمك، أو إسم حبيبتك التي ستقترن بها، تحت

 ما يناظرها من أرقام وتجمع القيم الناتجة. سترى نفسك بأنك تقع بين الأرقام 1 – 8، ولا يحصل على الرقم

9 أي شخص إلا ما ندر لأن الرقم 9 كان مقدسا لدى الكلدانيين، بعكس فيثاغورس الذي يستخدمه. أجريت

العمليات الحسابية لإسمي فخرجت بحاصل جمع قيمته رقم 6 ، ووجدت تفسيره مطابقا للجزء الأعظم من

شخصيتي وسلوكي في الحياة. ترقبوا الجزء الثالث الذي سيشرح لكم الخطوات العملية في كيفية عمل النظام

العددي الكلداني، هذا النظام الذي يفسر دواخلنا وآمالنا في الحياة، من جهة، ونظرة الناس إلينا وكيفية

التعامل معهم، من جهة ثانية. إن شئت أن تحسبه سحرا أو تنجيما، غض الطرف عنه وصلي صلاتك، ولله

 في خلقه شؤون.

الأردن في 1/8/2010

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *