فليعرفْ الجميعُ من هو ثائر سعد الله ووسيم صبيح ! بقلم الأب ألبير هشام نعّوم

 

هل يعرفُ كثيرون من هو ثائر سعد الله ووسيم صبيح؟! هل كانت السيرةُ الذاتية لكليهما كافيةً

 لتسليط الضوء على حياة هذين الكاهنين الشابين الشهيدين؟! لا أعتقدُ على الإطلاق، فهناك

 جوانب عديدة في حياتهما يعرفها فقط من عاشَ معهما واختبر عمقهما. واسمحوا لي،

وليسمحا لي هما أيضًا، أن أكتبَ هذه الأسطر بعد سنين من إخوّةٍ وصداقة لن يمحيها الموتُ

 بل سيخلّدها لتبقى حيّةً. وأعلمُ مسبقًا أن أسطرَ مثل هذه تنحرجُ أمامهما وتُصابُ بالخجل أمام

دمائهما البارّة، ولكنها تبقى مع ذلك تعبيرًا من الأعماق لأنها تنبع من عمقِ مَن يعرفون حقًّا

مَن يكونا، وهي رسالةٌ فلنوجهها إلى العالم أجمع ليعرفَ الجميعُ الحقيقة وليس غيرها.

 
مَن يعرفُ هذين الشهيدين؟! أجزمُ وبقوّة أن الفقراءَ، ليس في الكرّادة فقط بل في مناطق أخرى

 من بغداد الجريحة، يعرفون جيدًا مَن هو ثائر سعد الله، إذ لم يكونوا قد نسوه لحظةً، لا بل أن

استشهاده سيحفرُ اسمه في ذاكرتهم وقلوبهم إلى الأبد. واجزمُ أيضًا أن الشبابَ يعرفون جيدًا

 مَن هو وسيم صبيح، ولم ينسوا ولو للحظةٍ ابتسامتَه المشرقة وروحَه المرحة، وقد أحزنهم

 استشهاده الآن والذي كان مثل غيمةٍ سوداء حلّت على جميعنا، ولكنه سيعطيهم معنىً لحياة

 الشباب. أؤكدُ وبثقةٍ كبيرة أن صورتيهما ستظلّ تدورُ في مخيلة الأطفال الذين كانا يلعبان

معهم، وفي كبار السنّ الذين كانا يعتبرانهم مثل والديهم، وفي الناس البسطاء الذينَ يعلمون

الكثير عنهما. ويكفي أن يكونا مَلكين في قلوب مثلَ هؤلاء الناس وذائعي الصيت عندهما،

فهكذا كانَ يسوعُ أيضًا … !

بكلمةٍ واحدة أقول إنّهما لم يصبحا شهيدين يوم الأحد الماضي 31 أكتوبر، بل كانا شهيدين

 منذ أن أصبحا كهنة وخدما الناس بكلّ محبّة وغيرة وتفانٍ. فقد أحبّا الناس وأحبّهم الجميع

إلى درجة أننا نسمعُ عن طيبة قلبيهما وكيف ساعدا المحتاجين، وأصغيا إلى مَن كان بحاجةٍ

للإصغاء وأرشدا كلّ من كان بحاجةٍ إلى إرشاد … تجدونهما يطيران كالحمام في أرجاء

الكنيسة ليلتقيا بالجميع ويلبّيا حاجةَ الكلّ، حتى يَصعبُ أحيانًا وجدانهما، كما وجدَ مريمُ

ويوسفُ صعوبةً في إيجادِ يسوع عندما كان صبيًّا صغيرًا !

هكذا عرفَ الناسُ شهيدانا الأبرار. أليست هذه شهادة؟! إنّها شهادةُ حياةٍ ليست بأقلّ قيمةٍ من

شهادة الدمّ التي قدّماها، لا بل أن هذه الأخيرة كللت أرواحهم بحيث لا أستطيعُ تخيّلهم الآن

سوى ملائكة في السماء، وهناك لن تستطيع من بعد أيّ يدٍ أن تمّسهما لأنّهما يحلّقان في

 سماء ربّنا وينظران إلينا ويرعيانا بهذه النظرة من فوق … !

فيا ريتنا نصلّي من أجلهما في يوم استشهادهما، كما يصلّيان هما أيضًا من أجلنا، ليعرّفا

هذان الشابان الجميعَ كيف يعيشُ المسيحيُ في هذا البلد المسكين، وماذا يريدُ وما نوعيةُ قلبه.

 ليعرفَ الجميعُ من خلال بضع سنين من كهنوتيهما ما معنى الخدمة والصلاح وحبّ الأرض

 التي عاشا فيها. وليعرفَ الجميعُ من خلال استشهاديهما كم المحبةُ غالية ولا تقدّر بثمنٍ وكم

 الكراهية بغيضة ولا تساوي فلسًا. ليعرفَ الجميعُ من خلال شبابهما كم العالمُ بحاجةٍ إلى

رجاء الشباب الواسع وإلى فرح الأطفال غير المحدود وإلى الحبّ المستعد للتضحية بالذات.

فلتصحَ الإنسانيةُ من نومها الذي تغطّ فيه ولتسمعْ صوت دمائهما وهي تسيلُ في أرضِ

الشهداء، وليعرفْ الجميعُ مَن هو ثائر سعد الله ووسيم صبيح … !

الراحة الأبدية أعطهما يا ربّ ولجميع شهدائنا الأبرار، والتعزية والصبر لجميع ذويهم

وأعزّائهم. آمين.

الأب ألبير هشام نعّوم 
1/11/2010

You may also like...

3 Responses

  1. بابا ثائر ستيقى في قلبي
    الحق يا اخوتي اني ذرفت دمعا وبكيت كلطفل لايام وايام من بعد ابونا وحبيبنا ثائر و وسيم
    يا اخوتي واخواتي صلوا معي بأسم يسوع المسيح المخلص الفادي المحب ان يمنحهم الراحه الابديه ويسكنهم في الملكوت يارب يسوع اني بين احضانك ويديك استودع حياتي ومماتي على رجاء القاء الصالح بك لا سيما الاحياء والاموات يا رب يسوع يا رب السلام امطر علينا السلام امنح قلوبنا السلام يا رب يسوع افديك بدمي وبكل ما املك رغم اني واثق انني لن ولم اجازي ذره الم مما تحملت ساعدنا يا يسوع كن معنا انقذنا فأنت من قلت اطلبني في وقت الضيق انقذك فتمجدني … وها نحن الان نطلبك في وقت ضيقنا نسألك ان تمنحنا القوه اكثر واكثر على المسامحه وحب الغير لنسامح اعدائنا ولنبغض مؤذينا يا رب يا من حقا انت هو الله الاب مع ابنك الوحيد انا اثق بك اريد ان اكون معك يا رب تعجز مني الكلمات عما اقول …. لكن انت تعرف ما في قلبي لانك انت حقا اله المحبه اجعلنا بين يديك باسم يسوع الناصري ….. باسم يسوع المسيح اصلي وادعي من كل قلبي وبفخر واقول امــــيــــن

  2. زينة says:

    نودع احبابن بلدموع … وتستقبلهم السماء بلشموخ …

    الله يرحم شهدائنا وهم اكيد بقلوبنة ومارح ننساهم

  3. ريتا سعد says:

    يايسوع بموعضتك على الجبل قلت لنا ( طوبى لكم إن اضطهدوكم أو عيروكم من اجل اسمي ) انني افتخر وسعيد بهذه الطوبى لانني سأرث ملكوت السماء كما ورثا شهدائنا بكنيسة سيدة النجاة وهم فرحين بها ضاحكين بوجوه قاتليهم طالبين الغفران لهم كما انت طلبتها عندما علقوك على خشبة الصليب بقولك (يارب اغفر لهم لانهم لايعرفون ماذا يفعلون ) نحن …سنطلب المغفرة لاهؤلاء الناس الي قتلوا ابنائك ومن ثم نقول ياربي والهي امنح ملكوتك لكل الشهداء…
    آمين
    ——

    ابونا ثائر والاب وسيم محفورين بقلوبنة ومن المستحيل ان ننساهم
    واحنة نصلي الهم من كل قلبنا

    وطبعا كلمة شهداء قليلة بحقهم وحق انجازاتهم الي حققوها من اجلنة ومن اجل خدمة الكنيسة والمجتمع

    الراحة الابدية اعطهم يارب ونورك الدائم ليشرق عليهم

    امين…

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *