على ضوء التصريح الأخير لبشار الأسد عن الشعب الكوردي في غربي كوردستان / محمد مندلاوي

 

في مقابلة له بتاريخ 16 09 2015 مع قناة التلفزيونية “روسيا اليوم” كعادته سطر حاكم دمشق مجموعة من الأكاذيب الرخيصة زاعماً: “أن الشعب الكوردي جزء من النسيج السوري وليسوا غرباء, بل يعيشون في سوريا كالعربي والشركسي والأرمني منذ قرون طويلة ومن دونهم لا يمكن أن تكون هناك سوريا متجانسة”. حقاً مَن كذب في حُبه صدق في كُرهه. قبحك الخالق أكثر مما أنت مقبوح يا مضلل, يا من تموه الحق بالباطل, كيف يكون الكوردي كالعربي, أولئك العرب الذين ألصقتم اسمهم مع اسم الكيان المستحدث بعصا الجيش الفرنسي بعد انقلاب عام (1961) الذي قام به عبد الكريم النحلاوي”الجمهورية العربية السورية”. كيف يكون الكوردي كالعربي يا بشار, ذلك العربي الذي يسرح ويمرح كالثور الهائج وكيفما يشاء في داخل الكيان السوري؟! بينما الإنسان الكوردي محروم من أبسط حقوقه المدنية والطبيعية؟!. هل حقاً أن الكوردي كالعربي تحت ظل حكمكم القرقوشي يا بشيّر؟!. تحب من أين نبدأ معك, من الجنسية التي أسقطت عنهم قبل أكثر من نصف قرن ولم تُعد إليهم حتى الآن!!. أم نتحدث عن آلاف الأسماء الكوردية للمدن والمناطق والقرى والأحياء والأنهار وعيون الماء والجبال الخ التي استعربت بمراسيم رسمية جائرة من رئاسة الجمهورية السورية!!. أم نتحدث عن سياسة التعريب المقيتة التي جرت وتجري على قدم وساق منذ عقود طويلة, وعلى غرارها جلبتم ولازلتم تجلبون البهائم البشرية من العربان وتستوطنوهم في إقليم غربي كوردستان عنوة, وتبعدون منه الإنسان الكوردي الذي ولد مع تربته وصخوره بشتى الوسائل والطرق الخبيثة و الدنيئة, ولا تفعل الصهاينة ربع هذه الجرائم النكرة مع العرب في فلسطين!!. كيف يكون الكوردي كالعربي يا أفاق! أليس في عهدك عام  (2007) وبنفس عنصري بغيض جلب وزارة الزراعة السورية خمسة آلاف من العربان إلى منطقة ديريك الكوردية لتعريبها نهائياً!!. وهذا رقم وتاريخ القرار العنصري العروبي الجائر 12/16 /م ز/ 3-4- 2007. وقبل عام 2007, ماذا تقول يا بشيّر عن ما جرى للكورد من مآسي و ويلات عام 2004 على أيدي أزلامك الأوباش وأيدي المستوطنون العربان الذين زرعتموهم في أرض الكورد في غربي كوردستان دون وجه حق؟!. لكن الآن, بعد أن أصبح للكورد في هذا الجزء العزيز من كوردستان قوة قتالية شجاعة متكونة من فتياتهم وفتيانهم الأشاوس وقطعت هذه القوات الباسلة دابركم وغابركم بعزيمتها الفولاذية حيث منعت إيصال أيديكم المجرمة الملطخة بالدماء إلى أبناء الكورد وممتلكاتهم, فلذا حركتم أذنابكم من الدواعش ليرهبوا ويرعبوا ويقتلوا الكورد الأبرياء المسالمين من أجل أن يتركوا غربي كوردستان لكي تستحوذوا عليه نهائياً, وهذا ما اعترف به أحد إرهابيي داعش بعدما وقع أسيراً بأيدي قوات الـ “ي پ گ – Y P G” الكوردية الباسلة. كيف يكون الكوردي كالأرمني الذي قدم إلى البلد قبل قرن من الزمن هارباً من بطش الأتراك الأوباش, وعاد قبل عدة أعوام غالبيتهم إلى وطنهم الأم جمهورية أرمينيا في روسيا الاتحادية. بينما الوجود الكوردي على أرض غربي كوردستان يا بشيّر يسبق الجميع ومنهم العرب بآلاف السنين؟؟. كيف يكون الكوردي كالشركسي الذي قدم إلى البلد البارحة؟ وعاد جلهم مؤخراً إلى وطنهم في روسيا الاتحادية!!. أرجو أن لا يفهم كلامي هذا انتقاصاً من الأرمن والشركس, أو هدراً لحقوقهم كأقليتين قوميتين في هذه البلاد, بقدر ما كان سرداً حقيقياً لتاريخ تواجدهم فيها. يا حبذا يقول لنا بشيّر, كيف يفسر الحزام العربي العنصري المقيت في غربي كوردستان, وما ألحق بسببه من أضرار جسيمة بالكورد شعباً وأرضاً؟!. ألم يتم بموجب هذا الحزام العنصري استيطان أكثر من ربع مليون من العربان في غربي كوردستان على أرض بطول 400 كيلو متر وعرض 10 – 15 كيلو متر, وشيد لهم نظام البعث العنصري عشرات القرى العصرية وجهزها بكافة وسائل الراحة, تماماً كما يفعل كل محتل أثيم, عندما يجلب أناساً مرتزقة أوباش ويزرعهم في أرض غير أرضهم؟. إن كنت صادقاً في إدعاءاتك وأنت رئيساً للجمهورية, اصدر مرسوماً جمهورياً كي وأَعِدْ وفقه الوضع في غربي كوردستان إلى ما كان عليه قبل عام 1962 وإلا كل الذي تقوله مجرد اجترار وكذب وتدليس ونفاق تعودنا عليه من شقي حزب البعث المجرم في كل من سوريا والعراق, و لا يساوي عندنا نحن الكورد شسع نعالنا. وأردف في سياق حديثه المشار إليه أعلاه: ” لا يمكن أن تكون سوريا متجانسة من دون الكورد” عجبي, على أساس أن وجود الكورد قسراً مع الكيان السوري المتهرئ كانت حينها سوريا متجانسة واعتبرت سويسرا الشرق!!. يا ابن ذلك الذي لم يفعل الخير في حياته, أن للكذب حدود يا غلام الشام. مما لا شك فيه, أن السياسيين في بعض الأحيان يغلفوا جانباً من كلامهم بالنفاق ويظهروا خلاف ما يبطنون, ومن ثم يزوقوه بمصطلحات غامضة المعنى ويظهر في الإعلام بالمانشيت العريض وفي الصفحة الأولى على أنه حديث دبلوماسي, لكن هذا في بعض الكلام, وليس جميع ما يقال في السياسة يجب أن يكون محبوكاً بالكذب والنفاق الرخيص كتصريحك الأخير يا ممتهن الكذب. وفي نهاية اللقاء التلفزيوني, قرأ بشار الأسد وصيته الأخيرة قائلاً :”إنه إذا ترك السلطة فإنه سيتركها بناءاً على طلب الشعب, وليس بقرار أمريكي”. كغريمه المقبور صدام حسين يعيش في وهم كبير, كأن الشعب السوري هو الذي جاء به إلى السلطة حتى يطلب منه بطريقة ديمقراطية أن يتركها!. ألم تكن عند موت والدك غلاماً جاهلاً وسنك القانوني أقل من ذلك الذي حدده الدستور السوري لتبوء الرئاسة؟!, ألا أن حزب البعث السوري المجرم كالعادة لا يعير أية أهمية للقانون والدستور, فلذا عقد اجتماعاً عاجلاً في الليلة التي توفى فيها والده حافظ, ورموا تلك الفقرة الدستورية التي يمنعه من تبوء السلطة في سوريا في سلة المهملات, وفي اليوم الثاني, أصبح بشار ابن حافظ رئيساً لجملكية السورية. كان هذا باختصار طريقة تبوئك السلطة, لم يكن الشعب فيها طرفاً؟ فكيف الآن تطلب منه أن يقرر مصيرك ونصفه مهجر وهارب من بطشك وبطش جيشك وحزبك العنصري والتنظيمات الإرهابية التي أنشأتها في دهاليز أجهزة مخابراتك الرهيبة!!.

رغم أني لست بمستوى الذي يعطي النصائح والتوجيهات, لكن خذها نصيحة مني, من مواطن كوردستاني – من جنوب كوردستان – أبسط من البسيط, لا يملك من حطام الدنيا شيئاً. أدعوك من خلال هذه الوريقات, أن تتخلى عن خطاب الستينات القرن الماضي, لأنه ما عاد ينفع, أكل الدهر عليها وشرب. للأسف نحن الكورد في جنوب كوردستان كان لنا قائداً حزبياً, كان صديقاً لوالدك, الآن جليس الكرسي المتحرك وجميع أعضائه البدنية متوقفة عن العمل باستثناء عينيه, هو أيضاً مثلك يعشق الزعامة والرئاسة ولا يريد أن يغادره…, وهو أيضاً يعيش في الماضي ولم يغادره, عندما كنا نستمع إلى خطاباته الجوفاء, كنا نشعر كأننا في زمن جمال عبد الناصر, ولسنا في القرن الواحد والعشرون. يجب عليك الآن تعرف جيداً, إنك وقبلك والدك حافظ لم تنجزا عملاً إنسانياً يخلدكما في التاريخ. ألم ترى والدك حافظ رحل عن هذه الدنيا وأصبح بين ليلة وضحاها نسياً منسياً, لأنه لم يقم بعمل تاريخي كبير حتى يخلده التاريخ, كن أنت إنساناً وتحلى بالإنسانية ولو لمرة واحدة في حياتك, وأنت على أبواب الرحيل من السلطة, وربما من الدنيا أيضاً. يوجد هناك شعب اسمه الشعب الكوردي, قريب منك جغرافياً وليس عرقياً, ألحق الاستعمار البغيض جزءاً من وطنه بالكيان السوري الذي استحدثه اتفاقية “سايكس بيكو” اللعينة, اليوم يتطلع هذا الشعب المسالم إلى غد أفضل, لكي يكون فيه سيد نفسه, خاصة أنتم العرب على مدى قرن من الزمن فشلتم بقيادة الدول التي تحكمونها فشلاً ذريعاً وبكل المقاييس, وابتليت معكم تلك الشعوب والأقليات والطوائف التي أرغمها الاستعمار أن تكون جزءاً من الكيانات التي تحكمونها بالحديد والنار. أما إذا تكن تتخذ قراراً شجاعاً وتفك الارتباط مع الجزء الغربي من كوردستان – الذي ألحق بسوريا قسراً – ودخل معكم فيما بعد في اتحاد اختياري, سيكون الإقليم منطقة عازلة بينكم وبين الكيان التركي الهمجي الذي يهددكم ليل نهار, لأنه عندها لا تبقى حدوداً قائمة بينكم وبين أحفاد هولاكو وجنكيز خان الأوباش, وبعد هذا الاتحاد الاختياري بين العرب والكورد, بين غرب كوردستان وسوريا مما لا شك فيه قط, سيتقم البلد في جميع مناحي الحياة وأن الجميع سينعم بالخير والرفاهية والسلام الدائم.

محمد مندلاوي

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *