علاء الموسوي في خطاب داعشي / لؤي فرنسيس


لم يتوقع مسيحيي العراق بعد القضاء على داعش الارهابي في مناطق سكناهم الاصلية  ان يجابهوا خطابات من مسؤولين رسميين بدرجة رئيس وقف والذي تعادل درجة وظيفته وزير في الدولة العراقية وربما اعلى كوننا نعيش في بلد ثيوقراطي ورئيس الوقف الشيعي ربما يكون اعلى من رئيس وزرائنا لدى الكثيرين من اتباعه ومؤيديه وهم ربما غالبية الشيعة ، وهو يدعو الى الجهاد ضد الاديان الاخرى وخصوصا المسيحيين مطالبا اياهم بتغيير عقيدتهم الى الاسلام او دفع الجزية وهم صاغرون او القتل ، ليعيد الى اذاننا الى ما سمعناه من ابو بكر البغدادي عندما بدأ حملته السياسية لتغيير الحكم في العراق من شيعي الى حكم سني تحت غطاء ديني فقهي مستنبط من الشريعة المكتوبة بعد 900 سنة من ظهور الاسلام ، ولا نلوم ابو بكر البغدادي كون دافعه لم يكن ديني وانما دافع سياسي استخدم الدين والمذهب ليصل الى مآربه السياسية ويستعيد سلطة السنة التي فقدوها بعد 2003 بمساعدة بعض ممن كانوا يؤيدون النظام انذاك ، لكن علاء الموسوي هو رجل شيعي والحكم بيد الشيعة في العراق ، وربما ليس لديه طموح سياسي بالسلطة ، واعتقد بانه ليس عميقا بالمفهوم الفقهي الحقيقي للاسلام ، او ربما يسعى للانتخابات ويجعل خطابه هذا اساسا ومنهاجا لدخول الانتخابات ..لذلك سوف اخاطبه بما ينفي خطابه جملة وتفصيلا .
 الحاجة إلى التعايش امر الله سبحانه وتعالى بها في كتابه الكريم وهي موجودة أينما وجدت شعوب ومجتمعات ،وهي مسؤولية مشتركة تتحملها جميع الاطراف والاختلافات ، فالحاجة إلى إرساء ودعم مفاهيم التعايش حاجة ماسة وضرورية، ولاسيما مع تحول العالم إلى قرية صغيرة .
 فيما يلي مفردات وايات كريمة لابد من التوقف عند كل منها بايجاز: يقول سبحانه وتعالى:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِه وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا) سورة النساء الآية: 1.
 فالكل مخلوق من نفس واحدة ولم يذكر في الاية الكريمة ان كان مسلما او مسيحيا او من اديان اخرى ، أي وحدة الأصل الانساني، والناس أبناء أسرة وعائلة انسانية واحدة، والله عز وجل هو الذي كرّم الانسان دون تمييز، كما في قوله:( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا ) سورة الإسراء الآية: 70. ايضا لم تحدد الاية نوع الدين او الشكل او العرق او الجنس وما هذا الاختلاف في اللغات والألوان ؟
 يقول سبحانه في محكم كتابه: ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ) سورة الروم الآية: 22.
 فالأصل الانساني واحد، والجميع مكرمون، والاختلاف والتنوّع والتعدّد في اللغات والألوان من آياته ومعجزاته للعالم.
 إذا كانت التعددية من آياته سبحانه وتعالى، وهي الأصل في الحياة ؛ فما هو الطريق للتعامل بين مكونات التعددية ، ومالذي دهاك لتتحدث بعيدا عن كلام الله يا رئيس الوقف الشيعي ؟
 ويقول ايضا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )سورة الحجرات: الآية: 13. جميع المخاطبات للبشر … الله سبحانه وتعالى يخاطبهم ايها الناس ولا يقول ايها المسلمون …. فبعد التأكيد مرة أخرى على التعددية يحدد الله عز وجل معيار التفاضل بالتقوى التي هو عليم وخبير بها، ويشير إلى مقدمة من مقدمات التعايش، وهو التعارف بين مكونات نسيج الأسرة العالمية الواحدة:
 التعارف عادة يمهّد للتفهم، والتقارب فالتفاهم والتعاون والتعايش، والآثار الخطيرة للمعرفة الخاطئة أو الناقصة عن فهم الشريعة الحقيقية وفهم مضامين شريعة الآخر، باتت معروفة، ولذلك نؤكد على السيد الموسوي ضرورة تجاوز الخطابات السلبية ، ومعالجتها لدعم التعايش، ودفعه نحو التعاون، كما في قوله تعالى:( وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ).وفي الحديث الشريف عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم 🙁 خير الناس من ينفع الناس ) فاين نفعك للناس يا سيد موسوي .
 نعم التعددية هي الأصل، وهي آية، واختبار،وتنافس، واستباق الخيرات في وقت واحد:( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم قيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم فينبئكم فيما كنتم فيه تختلفون )
 فلا للتجانس القهري بضمانة قوله: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي…) و(فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..). ونعم للتعددية، فالاختلاف والتمايز سيكون دائماً موجوداً، لكن بالإمكان تحويله إلى أداة ايجابية تنافسية فعّالة تغني الأطراف المختلفة المتمايزة، لتجييره في تخديم الأسرة البشرية الواحدة، وهذا ما يأمر به الاسلام الذي تدين به يا سيد علاء الموسوي ……
 اما بالنسبة للامام علي رضي الله عنه فلمْ يجتهد في نشر ثقافة التعايش فحسب، بلْ ساهم في انشاء وبناء وصناعة وعي فردي وجمعي من أجل تعايش إيجابي مستدام ومسؤول، فكان في سلوكه الرسمي وغير الرسمي والفردي والاجتماعي وفي كلّ الظروف والأحوال آية وقدوة للتعايش ودعائمها، لينقل التعايش بمقوّماته من الرصيد المعلوماتي للبشرية إلى الرصيد المعرفي كي يترجم التعايش في السلوك والقرار.
 فاين انت يا سيد علاء الموسوي ومن يحذو حذوك اليوم من ثقافة التعايش مع هذا الرصيد الهائل للامام علي رضي الله عنه ؟

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *