عـيـد الـحـب.. بغداد تحتفل به وتترحّم على روح القديس فالنتاين


بتاريخ : الثلاثاء 14-02-2012 08:01 صباحا

 بغداد/ سها الشيخلي.. عدسة/ محمود رؤوف

شمس الحب تشرق علينا في هذا اليوم لتمنحنا الدفء ولتشيع في حنايانا أكسيرا الحياة الذي نطلق عليه تسمية (عيد الحب)، ولتطرز أيامنا بالأمل وحب الحياة من خلال خيوطها الذهبية التي يقول كل خيط فيها، دع الهموم خلف ظهرك وتعال معنا لنحتفل بعيد الحب.

يحتفل الكثير من الذين يحترمون عاطفة الحب! في كل أنحاء العالم في الرابع عشر من شهر شباط من كل عام بعيد الحب أو ما يطلق عليه في دول العالم (ما عدانا نحن الذين نهوى الحزن والعويل) بعيد العشاق. وفي البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، يعتبر هذا هو اليوم التقليدي الذي يعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقات عيد الحب أو إهداء الزهور أو الحلوى لأحبائهم. وتحمل الذكرى اسم اثنين من (الشهداء) المعتنقين للمسيحية في بداية ظهورها، اللذين كانا يحملان اسم فالنتاين بعد ذلك، أصبح هذا اليوم مرتبطًا بمفهوم الحب الرومانسي الذي أبدع في التعبير عنه الأديب الإنجليزي جيفري تشوسر في أوج العصور الوسطى التي ازدهر فيها الحب الغزلي الوجداني .
ويرتبط هذا اليوم أشد الارتباط بتبادل رسائل الحب الموجزة التي تأخذ شكل بطاقات عيد الحب وتتضمن رموز الاحتفال بعيد الحب في العصر الحديث رسومات على شكل قلب وطيور الحمام وكيوبيد ملاك الحب ذي الجناحين، ومنذ القرن التاسع عشر، تراجعت الرسائل المكتوبة بخط اليد لتحل محلها بطاقات المعايدة التي يتم طرحها بأعداد كبيرة، وتشير الإحصائيات التي قامت بها الرابطة التجارية لناشري بطاقات المعايدة في أميركا إلى أن عدد بطاقات عيد الحب التي يتم تداولها في كل أنحاء العالم في كل عام يبلغ مليار بطاقة تقريبا، وهو ما يجعل يوم عيد الحب يأتي في المرتبة الثانية من حيث كثرة عدد بطاقات المعايدة التي يتم إرسالها فيه بعد عيد الميلاد. كما توضح الإحصائيات التي صدرت عن هذه الرابطة أن الرجال ينفقون في المتوسط ضعف ما تنفقه النساء على هذه البطاقات في الولايات المتحدة الأمريكية ، اما هنا في بلد الحب والسلام فقد شاهدنا المحال تعرض القلوب التي ادماها الحب مؤطرة بالزهور الحمراء الخجلة !

قديسان للحب
لنتعرف على شخصية فالنتاين الذي يجهله الكثيرون حيث ارتبط اسمه بعيد الحب، الا ان عددا من شهداء الحب المسيحيين الأوائل حملوا اسم فالنتاين. أما القديسان اللذان يتم تكريمهما في الرابع عشر من شهر شباط فهما: القديس فالنتين الذي كان يعيش في روما، وكذلك القديس فالنتين الذي كان يعيش في مدينة تورني. وكان القديس فالنتين الذي عاش في روما قسيسا في تلك المدينة، وقد قتل حوالي عام 269 بعد الميلاد ، وتم دفن رفاته في كنيسة سانت براكسيد في روما ،أما القديس فالنتاين الذي كان يعيش في تورني فقد أصبح أسقفا لمدينة انترامنا (الاسم الحديث لمدينة تورني) تقريبا في عام 197 بعد الميلاد، ويُقال إنه قد قُتل أثناء فترة الاضطهاد التي تعرض لها المسيحيون أثناء عهد الإمبراطور أوريليان وقد تم دفنه بالقرب من طريق فيا فلامينا، ولكن في مكان مختلف عن المكان الذي تم فيه دفن القديس فالنتاين الذي كان يعيش في روما.

الخشية من الحب
في باحة إحدى الكليات كان لنا هذا اللقاء مع مجموعة من الطلبة، في البداية كان الحديث عن يوم الحب الذي تحتفل بقدومه كل المخلوقات، ما أن طرحنا السؤال الآتي (كيف ترون الحياة من دون الحب) حتى ضحك الطلبة وتفرقوا وكأننا فجرنا قنبلة موقوتة بينهم ، سألناهم لماذا يخشون من الحب؟ قالت الطالبة مها المجتمع لا يرحب بالحب ربما بالكراهية ترحيبهم اكبر! في حين خالفها الرأي زميلها رعد حيث قال :
– انه الجهل بكل أبعاده بالحياة، أو قد يكون السبب عدم الثقة بالشباب والتخوف من نتائج الحب على الصعد كافة، ومهما يكن من الأمر فالتربية الجيدة والإعداد القويم لكل من الفتى والفتاة كفيلان بتحصينهما حصانة كافية ، وهنا تدخّل الطالب احمد محتجاً:
– تحصين وإعداد ؟ ما الأمر هل أننا في معركة ؟ يجب أن يدرك الجميع أن الحياة لا تستقيم من دون الحب والجنس اللطيف ، ثم ضحك احمد وهو يقول ، تصوروا الكلية لو كانت خالية من الجنس اللطيف ، كيف سيكون شكلها ؟ الحياة يا إخواني لا يصنعها الرجل وحده ولا المرأة وحدها ، الحياة يصنعها كل من الرجل والمرأة بشكل متساوٍ فأيامنا جميلة ورائعة إذا ما قامت على الحب والتفاهم ليس بين العشاق فقط بل بين الجميع ، أما لدى سؤالك عن مشاعرنا بيوم الحب فأقول لك إنها أي مشاعرنا جيدة والحمد لله على الرغم من أنني لم أجرب الحب بعد ، أما أن تخلو منه الحياة فالأمر في غاية التعاسة رغم ذلك فالحب لا يعني فقط العاطفة بين الرجل والمرأة بل يتعداها الى حب الوطن حب الأسرة ، وهنا ضحك الجميع من صديقهم احمد وهم يقولون (خطية احمد انه يحب امه فقط … كان الله في عونه!) الطالبة زهراء أكدت أن يوم الحب مناسبة لكي يلتفت كل من الشاب والشابة إلى نفسيهما ويسألها عن نصفه الآخر، فمن دون النصف الآخر لا قيمة للحياة وعن مقولة الأنصاف والنصف الآخر وما أصلها تقول زهراء :
– هناك أسطورة تشير الى أن آلهة اليونان كانوا يصنعون نصف دمية ويضعونها إلى جانب ليصنعوا النصف الآخر من الدمية إلى جانب آخر ولكن ريح عاتية هبت فاختلطت أنصاف الدمى، ومنذ ذلك التاريخ ظل الإنسان يبحث عن نصفه الذي تطاير بفعل الريح، أحياناً يلقاه ولكن اغلب الأحيان لا يلقاه ومن هنا جاءت كلمة النصف والنصف الآخر.

اللغة الثالثة
في باحة كلية علمية كانت لنا هذه الوقفة مع طلبتها بمناسبة عيد فالنتاين ، وعندما سألنا الطلبة هل يعرفون من يكون فالنتاين كان الجواب بالإيجاب، وقد يكون السبب في معرفة القديس فالنتاين هو التقارير المتلفزة وسعة انتشار المعلومات بعد أن اكتسح الانترنت حياتنا، فلم يكن يعرف البعض قبل سنوات من يكون القديس فالنتاين إلا ما ندر، سألنا احد الطلبة هل لغة الأرقام عصية على إدراك لغة القوافي؟ بعد أن استوعب السؤال أجاب حسام، لا لغة الأرقام ولا القوافي قادرة على ترجمة لغة العيون، إذن هناك لغة ثالثة كما يقول سرمد فهي وحدها القادرة على توصيل العاطفة، ولكن ليس كل العيون، حديث العيون لغة خاصة قد تعجز عنها لغة الأرقام ولغة القوافي أنها لغة عالمية لا تخضع إلى حروف أبجدية فأبجديتها معروفة للبعض وليس للجميع، احتجت الطالبة التي كانت إلى جانب سرمد وقالت لماذا كل هذا التجني؟ ارجو أن لا تعمم ، بل اترك الأمر مفتوحا ، فما كان من سرمد إلا الاعتذار. فيما قالت الطالبة زينب إن لغة الأرقام لا تعني أن صاحبها من دون مشاعر، الأمر لا يطرح هكذا أبدا، وعن احتفال العالم بذكرى القديس فالنتاين أكدت زينب أن السنوات القليلة المقبلة ستشهد انفتاحا على الحياة اكبر بكثير مما هو عليه الآن، ذلك لأن عجلة التغيير تسير بسرعة خارقة فنحن في القرن الحادي والعشرين، واختتمت حديثها بالترحم على روح القديس فالنتاين، مؤكدة ان الحرية سوف تعم عالمنا وسيعرف المتشددون ما هو الحب وكيف ينظرون إليه، فالحياة اجمل من أن يقيدها البعض بقيود لا معنى لها سوى استخدام القهر والتعسف .

زهور وبطاقات معايدة
كانت تجارة إنتاج بطاقات عيد الحب في منتصف القرن التاسع عشر مؤشراً لزيادة الطلب عليها وأسلوب تجاري لتحويل فكرة عيد الحب إلى سلع تجارية يمكن التكسب من ورائها. أما في النصف الثاني من القرن العشرين فقد امتد تبادل بطاقات المعايدة ليشمل كل أنواع الهدايا التي يقدمها الرجال عادةً إلى النساء وتتكون هذه الهدايا بصورة تقليدية من زهور(زهرة) وشيكولاتة يتم تغليفها بقماش الساتان الأحمر، ووضعها في صندوق على هيئة قلب. أما في الثمانينات من هذا القرن، فقد ارتقت صناعة الماس بمنزلة عيد الحب لتجعل منه مناسبة لإهداء المجوهرات وارتبط هذا اليوم بالتهنئة الأفلاطونية العامة التي تقول: “أتمنى لك عيد حب سعيد”. وعلى سبيل المزاح، يرتبط عيد الحب بالإشارة إلى “يوم العزّاب”. أما في بعض مدن العالم فيقوم الأطفال في هذا اليوم بتزيين حجرات الدراسة وتبادل بطاقات المعايدة وتناول الحلوى. وعادةً ما تذكر بطاقات المعايدة التي يتبادلها البعض في هذا اليوم التي تجعلهم يشعرون بالتقدير تجاه بعضهم البعض. وقد أسهمت زيادة شعبية الإنترنت في مطلع الألفية الجديدة في ظهور تقاليد جديدة خاصة بالاحتفال بعيد الحب. وفي كل عام، يستخدم الملايين من الناس الوسائل الرقمية لتصميم وإرسال رسائل المعايدة الخاصة بعيد الحب، التي تأخذ شكل: البطاقات الإليكترونية أو كوبونات الحب المصوّرة التي يتبادلها المحبون أو بطاقات المعايدة التي يمكن إعادة طبعها لتحمل مشاعر الحب الرقيقة بين المحبين.

فالنتاين في الكرادة
في أسواق بغداد ومنها أسواق الكرادة كانت لنا هذه الوقفة بمناسبة عيد الحب حيث وجدنا ملامح القديس فالنتاين قد سيطرت على المتاجر العديدة هناك.
وقفتنا الأولى كانت الدخول إلى محل لبيع الزهور الذي ازدان بالزهور الحمراء الى جانب القلوب الحمراء المصنوعة من أغلفة لطيفة والساتان الأحمر سألنا البائع أمجد لماذا الزهور حمراء في عيد الحب قال ضاحكا إنها تعني الدفء والمحبة، فاللون الأحمر لون حار بين الألوان كافة بعكس الأزرق الذي يعتبر لونا باردا ، هكذا تقول لغة الألوان ، وعن أكثر المبيعات من الزهور الطبيعية أم الصناعية أشار أمجد إلى أن الزهور الطبيعية أكثر مبيعاً وهي خاصة بالعشاق وزهرة الروز أكثر الأنواع إقبالاً عليها لجمالها، وأن بيع زهرة مفردة الأكثر شيوعا بين المحبين فهي رسالة تحمل العواطف الرقيقة بين العشاق وهي لغة متداولة بين العشاق في جميع أرجاء العالم ، وإتمام واجهة أحد المتاجر رأينا امرأة تهم بالخروج وقد اشترت دببة حمراء وعندما سألناها لمن هذه الهدايا قالت إنها لولديها الصغيرين.

تحريم الاحتفال
بعيد الحب
أفتى الشيخ محمد بن صالح العثيمين في السعودية في عام 1999، عدم جواز الاحتفال بعيد الحب قائلا: انه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة، ولأنّه يدعو إلى إشغال القلب بالأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك وعلى المسلم أن يكون عزيزاً بدينه وألا يكون مقلدا للبدع الغربية ، وأفتى الدكتور عبد العظيم المطعني عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة وأستاذ الدراسات العليا في جامعة الأزهر بالإباحة قائلا: إن تخصيص أيام بعينها للاحتفال بها من أجل توثيق العلاقات الاجتماعية وفي حدود ما احل شرع الله وبعيدا عن الهرج والمرج والرقص واللهو والخلو والاختلاط والبدع والخرافات وسائر المحرمات والمحظورات، وفي الأعوام الأخيرة منعت الشرطة الدينية أو ما تسمى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية المحال التجارية من إبراز أي مظهر من مظاهر الاحتفاء بعيد الحب.
أما الحب عندنا نحن العراقيون فهو الآخر محرم وينظر إليه الغالبية على انه نزق صبياني لا يمكن الانجرار إليه مهما كانت الأسباب ، وهناك العديد من الأمثال التي تصفه بكونه (أعمى) لا ينظر إلى الظروف التي تكبل المحبين.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *