ظاهرة الجنرال… تهاون القيادات!!-القسم الأول-

 

خاص كلدايا نت
*
عامر حنا فتوحي*

لا أعرف تماماً ماهية خلفية السيد غازي خضر إلياس عزيزة الذي يستخدم في كتاباته لقب الجنرال، وما أعنيه هنا بمفردة (خلفيته) هو مستوى تعليمه وماهية الأفكار التي نشأ وترعرع عليها، لكنني برغم عدم توفر معلومات وافرة عن السيد عزيزة، إلا أنني أستطيع أن أجزم من خلال بعض الإيميلات التي كتبها، علاوة على لقاء يتيم منشور في عدد من المواقع الإلكترونية، أن أؤشر جملة من الأمور المتفق عليها في حالة كونه يحمل رتبة عميد (جنرال) سابق، علاوة على الدلالات الأخرى التي وردت هنا وهناك، وهي:

1- أنه مستكمل للتعليم الجامعي.

2- منتم لحزب البعث العربي الإشتراكي (الشوفيني).

3- يجيد التنقل سياسياً من اليسار إلى اليمين وبالعكس، بدليل إنتقاله من حزب (البعث) الذي بدأ إشتراكياً (سويشالست) وأنتهى إسلاموياً عروبياً (ثيوقراطية – شوفينية)، ثم ليعمل بعد تغيير عام 2003م مع حكومة المحاصصة والأحزاب الإسلامية (الثيوقراطية سلفية) لمدة ثلاث سنوات، وإنتهاء بتقديم نفسه كمتحدث بأسم المسيحيين العراقيين، وطرح موضوع (الإضطهاد الديني) الواقع على مسيحيي العراق، إنطلاقاً من رؤية (عروبية – شوفينية) مجانبة للوقائع التاريخية.

4- بصفته مجرد (لاجيء) مقيم في ألمانيا، فأنه (كشخص مفرد) يفتقر إلى الشرعية لتمثيل المسيحيين العراقيين، ما لم يكن هنالك كيان مؤسساتي مختص ينتمي إليه أو يدعمه، ناهيكم عن عدم حيازته على مصادقة أو تزكية الرئاسات الدينية العراقية التي يتعلق بها الأمر أصلاً.

5- إنسان غير متزن لا يعول عليه، بدلالة الألفاظ التي أستخدمها في الإيميلات التي تبادلها مع الأخ الكاتب والمهندس نزار ملاخا والتي لا مجال لذكرها هنا، علماً أن (المسيحي الحقيقي) والمدافع عن (حقوق المسيحيين) ينبغي له أن يتصف بالروية والتسامح وعدم إستخدام ألفاظ من هذا النوع.

6- الأهم من هذا وذاك أن السيد عزيزة ما كان ليجرؤ على طرح نفسه كممثل لمسيحيي العراق في أوربا، لولا تأكده من أن الوضع العراقي الحالي يشبه وضع الحكاية الشعبية العراقية (ولاية بطيخ) أو كما يعبر عنها بالعامية (شليلة وضايع راسها)!

الحق، أنا هنا لا يعنيني هذا الجنرال السابق، سواء كان جنرالاً أو لم يكن وبخاصة في بلد لم نعد يعرف فيه رأسه من أساسه، ذلك أن مستوى الفساد المالي والإداري في دولة ما بعد 2003م الذي صارت فيه الرتب العسكرية والشهادات الجامعية تنثال على كل من هب ودب كالمطر، بناء على الإنتماء الحزبي أو التراصف الطائفي، كما أن السيد عزيزة (شخصياً) ليس بيت القصيد في موضوعي هذا، لأنه ليس أكثر من مثال حسب، ما يهمني هنا، هو تناول هذه الظاهرة التي بدأت تطفو على سطح الواقع العراقي الذي يعيشه الكلدان (المخذولون) اليوم، وهيّ ظاهرة لا تختلف عن ظاهرة الشيخ آياد الآشوري (الغريبة) الذي يقدم نفسه في المجتمعات العراقية بصفة مستشار غبطة البطريرك دليّ مؤكداً ذلك برسالة مختومة، وكأن الكلدان (المؤهلون) قد أنقرضوا ليكون لغبطته مستشاراً هزيلاً من هذا النوع!

أن حالة الإنخذال التي يعاني منها الكلدان اليوم سببها الرئيس (تخاذل الرئاسات)، وهذه حقيقة ظاهرة للعيان من خلال أمثلة لا يختلف عليها أثنان، ولعل أبرزها تمكن يونادم كنّا من سحب البساط من تحت أقدام الرئاسات الدينية، بعدما نجح في زرع بذور الفرقة بينهم، من خلال إغراءات مادية وأمتيازات ومنافع شخصية، حتى تمكن من إزاحة شخصية كلدانية ناشطة من منصبه على رأس الوقف المسيحي والديانات الأخرى، وإستبداله تعسفياً بأداة تابعة له، ناهيكم عن هزالة موقف جميع الرئاسات الدينية العراقية المسيحية، التي أتاحت لكنّا تمرير مخططه الإنتهازي وضرب مصلحة المسيحيين بعرض الحائط، ناهيكم عن طعنه للمسيحيين العراقيين في الخاصرة، عبر تهميش مجلس رؤساء الطوائف المسيحية في العراق وتغيير منظومة (الوقف المسيحي والديانات الأخرى)، التي بدأت بشعبة (وقف مسيحي) تابع لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية أبان عهد النظام البائد، لتتحول إلى (وقف مسيحي) ألحقت به إدارات صغيرة تعنى بشؤون الأخوة الصابئة واليزيديين، لتنتهي بلعبة خبيثة من كنّا، إلى منظومة غير عادلة تحت تسمية (الوقف المسيحي واليزيدي والصابئي المندائي)، التي تنتقص من حقوق المسيحيين وميزانيتهم وسقف مطالبهم، وفي المقابل ترفع من مستوى حقوق المكونات الدينية الأخرى على حساب مسيحيي العراق، علماً أن منح حقوق أوسع للمكونات العراقية يسعدنا تماماً، لكن أعطاء تلك الحقوق لا ينبغي أن يتم على حساب خسارة المسيحيين العراقيين المحرومين أصلاً من الحقوق العادلة، لأن هذا شيء لا نقبله ولا يقبله أي أنسان سوي يمتلك ذرة من ضمير.

المؤسف حقاً، أن الرئاسات الدينية المحسوبة علينا وقفت (مذهولة) وهيّ تتلقى الطعنة أثر الطعنة لتكشف عن حالة عجز مؤلم وخطير، تمثل في عدم أكتراث أي مسؤول عراقي في المركز أو الأقليم لإنصافنا، أو في الأقل إنقاذ ما يمكن أنقاذه، وهذا ما كان ليتم لولا تمكين رئاساتنا لكنّا من عزلهم وتهميشهم، ولولا حقد كنّا المعروف على الكاثوليك ورغبته الشخصية للسيطرة على ميزانية الوقف، وإن دل هذا على شيء، فأنما يدل على حجم (الهشاشة) و(الهزيمة) التي يعيشها اليوم المسيحيون العراقيون عامة والكلدان بشكل خاص، بسبب تهاون الرؤساء.

ربّ قائل يقول: ليس صحيحاً القول بأن الرئاسات لم تفعل شيئاً، بل سعت وبكل طاقتها إلى لقاء المسؤولين الكبار لرفع الحيف وإحقاق الحق. أما جوابي فهو: إن عجز الرئاسة كان واضحاً للآخر الذي لا يحترم غير (منطق الحزم والقوة)، ذلك أننا نعيش في غابة ومن لا يصير ذئباً تأكله النعاج!

أن ساسة العراق اليوم يجيدون تماماً لعبة السياسة مثلما يجيدون تماماً فن الحكم على الآخر، لأنهم وببساطة متناهية (شطّار ومفتحين باللبن) كما يقول المثل الشعبي العراقي. وهم أيضاً مثل الكواسر التي تتابع قطيع الغزال ولا تختار إلا الصغير والضعيف لكي تنهشه. وهذا ما حصل، فقد كشف تراجع غبطة البطريرك عن تهديده بالإنسحاب من الوقف، حالة الوهن التي هيّ سمة سياسة الرئاسة في سنوات ما بعد تغيير عام 2003م.

وكانت نتيجة عدم الإلتزام غبطته بتطبيق التهديد، (أمتناع) ثم (مماطلة وتسويف) رئيس الوزراء لما يزيد على نصف عام، لمجرد مقابلة (أعلى مرجع مسيحي في العراق) و(أحد كبار المراجع الكاثوليكية في العالم)، رغم إلحاح غبطته ورسائله وإتصالاته بالسيد جورج باكوس مسؤول شؤون المسيحيين في مكتب المالكي.

لقد بان عجز الرئاسة أيضاً في عدم جدية تعامل رئيس الجمهورية مام جلال بعد إستقباله للوفد المسيحي برئاسة غبطة البطريرك، وكانت هذه أيضاً نتيجة مقابلة غبطته برئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، كما لم تنفعه مقابلاته الأخرى مع مسؤولين آخرين منهم على سبيل المثال الدكتور أياد علاوي. لأنهم يعرفون بأن (من يقول ولا يفعل)، لا يمثل خطر على أجنداتهم أو مكانتهم أو مصالحهم، وهذه حقيقة لا تقبل الجدال.

أن تهاون رئاسة الكنيسة في المطالبة بحقوق المسيحيين بشكل صحيح وحازم أدى بالنتيجة إلى التعامل مع غبطته والوفد المرافق له بأسلوب الطبطبة على كتف الأطفال عندما يبكون مع وعد بقطعة من الشوكلاتة، والنتيجة لا شوكلاتة ولا هم يحزنون. وهذا النوع من التعامل الفوقي وقلة الإكتراث وعدم الإحترام المقصود لا يمكن ألقاء اللوم فيه على المسؤولين العراقيين الذي لا يحترمون إلا الأقوياء، وإلا لرأيت المالكي مهرولاً لمقابلة غبطته بمجرد إتصال هاتفي. للتذكير حسب، عندما دعا مثلث الرحمات غبطة البطريرك مار يوسف الثاني عمانوئيل جلالة الملك فيصل الأول عام 1931م، لبى الملك المعظم دعوة البطريرك وقام بزيارته في (دير مار أوراها) القريب من الموصل، فهل أن المالكي أكبر منزلة من جلالة الملك الراحل لكي يسوف ويمتنع، لا من زيارته لغبطة البطريرك بل مجرد إستقباله في مكتبه وتلبية طلبه العادل لإحقاق الحق. وللعلم يزور المالكي كل يوم العديد من مريدي المالكي ممن لا يمكن قياس منزلتهم بأي شكل من الأشكال بمنزلة نيافة الكاردينال غبطة البطريرك، الحكمة القديمة تقول: (الأقوياء دائماً على حق)!

الحق، أن هذا التهاون والإنكماش هو ما شجع أفراد طموحين من نوع الجنرال عزيزة للإدعاء بما لا علاقة لهم به، وهذا التهاون ما يدفعني اليوم لتناول ظاهرة (الجنرال) وأبعادها المستقبلية الوخيمة، سواء كان ذلك متمثلاً بالعميد عزيزة كما أشرت أو المستشيخ أياد أو النائب كنّا، لأن هذه الظاهرة بإختصار شديد وكما بينت آنفاً (مؤشر واقعي)، على حالة النكوص والتراجع وحجم الخسارات التي يتعرض لها المسيحيون العراقيون عامة والكلدان (على تنوع كنائسهم) بشكل خاص، وما كان هذا ليحدث لولا (غياب الإرادة الكلدانية) الحقيقية و(إنعدام وجود القائد الحقيقي) وتهاون الرؤساء، ولا جدية معظم القيادات المدنية والروحية المسيحية على حد سواء.

يقيناً أقول: أن مرد ذلك، إما إنعدام في الرؤية وعدم القدرة على إستكناه المستقبل، أو تفشي الروح الإنهزامية وترجيح (المصالح الشخصية والإنتهازية) على أولوية (المباديء) ومصلحة المجموع (الشعب)، أو كلاهما.

للموضوع تتمة

عامر حنا فتوحي
مختص في مجال (التاريخ الرافدي)
مستشار أول في حقل (المجاميع الدينية في العراق والشرق الأوسط)
www.amerfatuhiart.com

مقترح شعارات للحملات الإنتخابية القادمة

من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To: Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put Lipstick on a Pig but it is still a Pig

To: Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI, TURKEY

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *