صناعة التقاعد على مقاعد وثيرة

الأخوة الذين تقلدوا مناصب وزارية ومناصب استشارية في السلطة أو مناصب عليا في الحكومة العراقية طاب لهم المقام فيها ولا ينون رحيلاً، حتى ظن بعضهم أن تبوئه هذا المنصب على أساس المحصاصة الطائفية خاص به ينقصه التسجيل باسمه ليحقق به توريثه جيلا بعد جيل. تجدهم سعداء بحسب مزاجهم عندما يمدحون بعضهم البعض أو عندما يسخرون أو يذمون. هم أيضا سعداء عندما يختلفون وحين يتفقون لقناعتهم بان ” لا خوف عليهم ” من الفقر والعوز المادي أو قلة المناصب. يستغلون مناصبهم الوظيفية وعلاقتهم الحزبية السلطوية لغرض الربح المادي، وفي حالة إقالتهم أو إنهاء خدماتهم تنتظرهم ثروة طائلة توفر لهم وتؤمن العيش الرغيد وشيخوخة هانئة، أما عندما يختلفون في الرأي أو يتعارضون في مواقف يترتب عليها مصالح مادية نفعية فردية أو بسبب خلاف في الآراء و وجهات النظر حول علاقات أو اتفاقيات مع هذا الطرف أو ذاك المنصب السياسي” إلى حين” يجدون بيوت ليس بيوتا بالمعنى المتعارف عليها بل قصور أو بيوت راقية ”خمسة نجوم” بانتظارهم ليسكنوا فيها مع أسرهم بهدوء وطمأنينة دون أن يزعجهم أحد أو حتى يضايقهم متطفل غشيم. كذلك الحال عندما يرتكبوا بعضهم أخطاء جسيمة ويجدوا من يبررها مهنيا، يذهبون في استراحة إلى إشعار أخر، هم منشغلون بتحقيق أهدافهم والاهتمام في مصالحهم الخاصة بغض النظر عن رضا أو سخط من حولهم، لحين يشغلون أي منصب رفيع يشيدون فيه قصور أو بنايات شاهقة عجز عنها الأولون.
يتركوا مناصبهم بعد إقالتهم في صمت دون أن يتم محاسبتهم، قرار سريع التنفيذ لخلافات فيما بينهم وهم يفهمونها دون غيرهم، كل شيء سيكون على أفضل ما يرام لدرجة أن لسان حالك يقول لك ” إقالة الحبيب ” في هذه المواقف عندهم تطيب خواطرهم وتنشد لهم قصائد الثناء و تنهال عليهم كل أنواع التكريمات ( المكافآت ،، الهدايا ) هي هدايا ثمينة لا توضع في علبة مربوطة بشريط الهدايا أو مكافئة ملفوفة في رزمة ورق فوزنها ثقيل وعلي شاكلة ” سيارة همر أمريكية الصنع” التي تكلف عشرات الألوف من الدولارات… ألوف تكفي لتشييد عمارة سكنية تحتوي على عدد من الشقق تكفي لسكن عدد معتبر من العمال أو الموظفين، الذين يعتكفون فيها بما تيسر من خدمات. أين هو كل ذلك من الإحالة للصالح العام ومن لجنة النزاهة ورواتب المتقاعدين ومن خدم بالخدمة المدنية أو العسكرية لسنوات، هؤلاء الذين افنوا زهرة شبابهم في العطاء دون كلل أو ملل من مواقعهم المختلفة في خدمة العراق.. يعيشون ظروف صعبة ويقطعون الطرق ذهابا وإيابا بحثا عن راتبهم التقاعدي المتواضع جدا في ظل أوضاع معيشية بالغة الصعوبة والذي لا يكفي لتغطية مصاريف وليمة من ولائم التكريم؟ أين كل ذلك من الذين قدموا التضحية بعد عطاء السنين الطويلة وتعب الأيام وإهدار سنوات عزيزة من العمر؟ و ما هو اثر كل ذلك علي العدالة و المساواة و تكافؤ الفرص ورفع مستوى معيشة المجتمع؟ و ما هو أثره علي مواصلة العطاء والأداء الأمثل والتفاني في خدمة الواجب؟ يا جماعة ليس من الصحيح ترسيخ مثل هذه المفاهيم المستفزة بين عدد كبير من الناس. أليس من الأفضل والأنسب اختصارها؟ إن لم يكن من الممكن إلغائها.

2010 08 17

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *