سباق لدعم جدران مدينة بابل التاريخية

بغداد – عبد علي سلمان

نشرت صحيفة» كريستيان ساينس مونيتور» الاميركية تقريرا لجين عراف من بابل عن المساعي الحثيثة لتكون بابل ضمن الاثار التي تسجل في منظمة اليونسكو العالمية. وقال التقرير إن صدى صوت المطارق يتردد من الطوب القديم الذي يسعى العمال العراقيون لحفظه من الضرر الناجم من المياه والرياح، ضمن السباق التاريخي لدعم جدران بابل المتداعية.

ويقول تيري غراندين، مستشار صندوق الصروح العالمية المشرف على العمال الذين ينصبون السقالات الخشبية لدعم الجدران التي تعود الى 2600 عاما: ان الجدران ستختفي في السنوات العشر القادمة تماما». وسقطت عاصمة الإمبراطورية البابلية، التي كانت واحدة من عجائب العالم القديم، في أوقات صعبة.

ويقول التقرير انه تم حفر جزء صغير فقط من موقع يعود الى 4 الاف عام، ولكن الخرائب التي فوق سطح الأرض تآكلت بفعل الرياح والمياه المالحة، وأُلحِقتْ أضرار واسعة نتيجة اعادة الاعمار التي أمر بها الرئيس السابق صدام حسين في الثمانينات، واكثر منها بسبب الاحتلال الأميركي العسكري الأخير.

وقد تسبب مشروع الرئيس العراقي السابق لإعادة بناء الجدران، باسمه حرفيا، وإنشاء نسخة متخيلة عن المدينة القديمة الى حدوث اضرار كبيرة فيما تبقى من المدينة، الامر الذي عرقل ايضا امكانية حفظ بقايا المدينة. وعلى الرغم من أهمية بابل التاريخية والدينية، فقد رفضت اليونسكو لمرتين محاولة العراق ادراج المدينة القديمة باعتبارها من مواقع التراث العالمي.

ويقول جيفري ألن، وهو مستشار صندوق الصروح العالمية والذي يرأس مشروع المحادثات منذ عام 2009» إن السبب الرئيسي لهذا الرفض كان بسبب التدخلات في عهد صدام حسين. وكان هناك تدخل واسع النطاق في بابل مما غير ديناميات ومظهر الموقع. وهو ما أثر سلبا على سلامة البقايا الأصلية هذه».

آجر متفتت

داخل حدود المدينة القديمة، وعلى تلة فوق أنقاض الحفريات، بنى صدام حسين قصرا حديثا يطل على القصر القديم. والكتابة المنقوشة على الاجر والتي تقول «في عهد صدام حسين» هي صدى لتلك التي تشير للملك التوراتي نبوخذ نصر. والمساحات الفارغة في الجدران تشير الى الاجرات التي اقتلعها الجنود الامريكيين حين سيطروا على المنطقة، على وفق ما يقول مسؤولو الاثار العراقيون.

وتقع جدران المدينة القديمة الهشة الان بين الطوب (ألآجر) الجديد الثقيل الذي يضغط للاسفل على الطوب الاصلي المصنوع من الطين، وبين ارتفاع منسوب المياه الجوفية التي بعثت المياه المالحة التي تتسرب إلى أساسات الجدران القديمة. وفي الثمانينات تم ضخ الخرسانة مقابل الطوب الاصلي. ويرتكز مشروع المحادثة على رسم الخرائط للضرر بواسطة مسح ثلاثي الأبعاد – لبنة لبنة – لمعرفة كيفية تحقيق الاستقرار في الموقع وتغيير نمط صرف المياه المتسربة.

ويقول السيد ألين فيما كان يزيل طبقة ملح من الآجر الذي عمره الفا عام»اذا تذوقت طعم الماء هنا في بابل فإنك ستتذوق طعم الملح فيه، وهو الذي يهاجم ويدمر الطوب ويحول الآجر إلى مسحوق».

والزوار الأجانب الذين ترغب السلطات المحلية باجتذابهم معظمهم من الدبلوماسيين ويكونون تحت حراسة مسلحة، وأحيانا هناك مجموعة سياحية فرنسية متعجبة لكونها حقا في بابل. لكنها مكان شعبي بالنسبة للمدارس العراقية. وفي عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة، كانت تتعالى ضحكات فتيات المدرسة الثانوية وهن يلتقطن صورا لبعضهن البعض. وطرد المرشد السياحي مجموعة من الشباب الذين يحملون الدفوف والذين تسلقوا على البازلت الأسود الذي كان رمزا للعشتار – إلهة الحب والحرب.

ويقول صلاح حسن ، المسؤول الاقليمي عن تعزيز التنمية» بابل هي المدينة التي تنتمي إلى العالم بأسره. انها تراث عالمي وليس تراث عراقي فقط … لذلك نحن نحاول فتح الباب للسياحة «. والتحديات تشتمل على غياب شبه الكامل للبنية التحتية، وتم اعتبار بابل بعد الحرب موقعا عسكريا مغلقا، و- حتى وقت قريب – كان الوضع الامني غير المستقر يبعد الزوار ويحدد عددهم.

واثناء بنائه قصره الخاص في الثمانينات، انشأ صدام حسين مهبطا لطائرات الهليكوبتر، والبنية التحتية هناك جعلت من بابل موقعا جذابا لقادة الجيش الاميركي الباحثين عن قاعدة عسكرية بعد الاطاحة بنظام الرئيس العراقي. وبقيت القوات الأمريكية لمدة ستة أشهر قبل تحويل المكان الى عهدة القوات البولندية المسؤولة عن هذا القطاع.

ويسرد تقرير المتحف البريطاني تفاصيل ما اسماه ضرر كبير لحق بالموقع خلال الاحتلال العسكري – بما في ذلك تسوية أجزاء من المدينة القديمة التي لم يتم بعد الكشف عنها.

ووسط لفائف الاسلاك الشائكة وأكوام أكياس الرمل ما تزال نقطة عسكرية قائمة غير بعيد عن المدينة القديمة ذات الاسوار، وقد اطلق عليها اسم «بوابة وارسو»،وهي الآن مهجورة بشكل مخيف. ونما القصب المتضخم في الطريق التي استخدمتها المركبات العسكرية وعادت الطيور النادرة التي تهاجر من مكان الى اخر إلى المنطقة الآن.

ويقول ألن ان الاقتراح التالي لمنظمة اليونسكو هو اعتبار بابل كموقع من التراث العالمي يتوجب حمايته ويضم ما جرى من اعادة الاعمار في عهد صدام وحتى الاحتلال العسكري الامريكي.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *