رسالة مفتوحة من مواطن كوردي إلى مراجع الدين الشيعة في مدينتي النجف وكربلاء وفي مقدمتهم السيد علي السيستاني / محمد مندلاوي

حقيقة في هذا المقال لا أريد أن أخوض في الجانب التاريخي للشعب الكوردي الجريح، لأنه معروف لدى القاصي والداني بأنه شعب عريق وقديم قدم تربة وطنه كوردستان. إذا لا يستحمر أحد ما نفسه،بلا أدنى شك، يعلم الجميع جيداً، أن الكورد وجدوا في المنطقة قبل جميع الشعوب والأقليات والطوائف فيها، لقد ذكروا في الألواح الطينية عند أبناء جلدتهم السومريون، وعند الآشوريين، وعند السريان الآراميين، وفي المصادر الأوربية وعلى رأسيها اليونانية، وعند الأرامنة، وعند الفرس القدماء، وعند العرب في صدر الإسلام، كالبلاذري، والمسعودي، وياقوت الحموي، وابن أثير الخ الخ الخ. وهكذا عند بعض مؤرخي الأتراك قبل 1000 عام، أي قبل مجيء الأتراك كقبائل غازية من منطقة طوران في آسيا الوسطى إلى المنطقة التي يستوطنوها الآن باسم تركيا. أليس ذكرهم عند هذه الشعوب في الأزمنة القديمة دليل واضح وضوح الشمس في كبد السماء، أن الشعب الكوردي عاش في وطنه كوردستان كشعب مسالم منذ أن وجد، لم ولن يتجاوز قط على أوطان وأراضي الآخرين، كما فعل العرب، والفرس، والأتراك في عصور متباينة. كما أسلفت، أن الكورد يعيشوا على أرض وطنهم كوردستان، الذي يمتد من البحر إلى البحر، إلا أن الشعوب الثلاثة المار ذكرهم أعلاه لم يحترموا مبادئ حسن الجوار، الذي أوصى به الدين الإسلامي ونبيه في إحدى أحاديثه التي جاء إلينا على لسان ابن عمه وخليفته من بعده وهو علي ابن أبي طالب: والله الله في جيرانك، فأنهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم. لكن للأسف أن كيانات الشر الأربعة لم يهتموا بهذه الأحاديث النبوية ولم يتخذوها كمبدأ إنساني راقي في التعامل مع الجيران، لذا قام كل منهم باحتلال جزء من وطن الشعب الكوردي، كوردستان،هذا الشعب الأبي الذي يذكرنا التاريخ كيف أنه استصرخهم في الشدائد، لكن هذا لم يشفع لهم عند هؤلاء.. الذين ضحك لهم الحظ عند (الكفار)، حيث العرب احتلوا جنوب وغرب كوردستان بدعم ومباركة بريطانيا وفرنسا، والفرس احتلوا شرق كوردستان بدعم أمريكي، بريطاني، والأتراك الطورانيون قضموا شمال كوردستان بدعم ومباركة الدول (الكافرة) التي أبرمت معهم معاهدة لوزان(1). واليوم تدعي هذه الكيانات المصطنعة زوراً وبهتاناً أن ذلك الجزء الذي يقع تحت مخالبهم هو جزءاً لا يتجزأ من أراضيها؟؟!! وحدودها صارت مقدسة!، أحدهم باسم الكيان العراقي، والآخر باسم الدويلة السورية، وهكذا الإيراني، وأخيراً الكيان التركي..، الذي تأسس على أيدي الأوروبيين (الكفار) ككياني العراق وسوريا. لكن هنا سؤالاً يطرح نفسه، أليس الذين خطوا حدود العراق وإيران وسوريا وتركيا هم الذين خطوا حدود دولة إسرائيل؟ إذاً لماذا يصروا على بقاء حدودهم كما هي، ويريدوا إزالة دولة إسرائيل من الوجود!!،أليست نفس اليد الغربية (الكافرة) خطت جميع هذه الحدود التي صارت مقدسة عندهم وحدود الآخرين غير مقدسة؟!. عجبي، لماذا يريدوها من جانبهم غفور رحيم ومن جانب غيرهم شديد العقاب؟!. على أية حال، أضف أنهم بعد احتلالهم البغيض لكوردستان، قاموا بممارسة سياسة التتريك والتفريس والتعريب المقيتة ضد أبناء الشعب الكوردي الجريح. لكن هذه السياسة العنصرية البغيضة باءت بالفشل، وذلك بإصرار وثبات الشعب الكوردي المناضل بالحفاظ على هويته القومية الكوردية وانتمائه الأبدي لوطنه الأم كوردستان.

كي لا نغوص كثيراً في بحر التاريخ الغائر، دعونا ندخل إلى صلب موضوعنا، إلا وهو الواقع المُر الذي يعيشه جزء من الشعب الكوردي في إقليم كوردستان والمناطق المستقطعة منه على أيدي شيعة السلطة في الكيان العراقي. لا شك أن الدول والشعوب صارت تعرف جيداً أن الكورد منذ عام 2005 عام الذي كتب فيه الدستور الاتحادي وصوت عليه 85% من شعبي العراق وإقليم كوردستان بنعم يكافح بلا هوادة من أجل تطبيق بنوده، إلا أن شيعة علي في السلطة منذ لحظة توقيعهم على قبولهم بهذا الدستور يراوغوا ولا يريدوا تطبيقه، لأنه في حسابات السياسة تطبيق بنوده ليست في مصلحتهم؟! بمعنى أنهم حنثوا بالقسم الذي أقسموه أمام العالم بأنهم سيكونوا أمناء على تطبيق هذا الدستور، لكن تبين فيما بعد للعالم أجمع أن شيعة علي ليسوا كعلي، الذي قال: والله ما كتمت وشمة، ولا كذبت كذبة. لكن شيعته في السلطة كذابون ومدلسون ودجالون! وبكذبهم وتدليسهم هذا يسيؤون إلى الشيعة وإلى أئمة الشيعة. لكن السؤال هنا، لماذا مراجع الشيعة وعلى رأسهم السيد علي السيستاني الذي يتدخل ويفتي في كل شيء في العراق، من أبسط وأصغر الأشياء إلى أكبرها إلا أنه ومعه المراجع العظام ساكتون عن الجرائم التي تنفذ ضد الكورد المسلمين على أيدي هؤلاء الشيعة!!، الذين يتخذون من فتاوى وأقوال المراجع العظام عناوين لسياساتهم.. كما رأينا في انتخابات عام 2005 وغيرها فيما بعد. ألم تعلم المراجع العظام، والسيد علي السيستاني كيف أن اللعين صدام حسين جاء بآلاف مؤلفة من شيعة جنوب العراق ودفع لهم مبالغ مالية كبيرة واستوطنهم في كركوك والمدن الكوردية الأخرى المغتصبة كسياسة عنصرية يعربية لتغيير ديموغرافية مدن وقرى الوطن الكوردي؟،إلا يستحق الكورد المسلمون من هذه المراجع العظام إصدار فتاوى فورية تُحرم بقاء هؤلاء المستوطنون الشيعة في المدن الكوردية المغتصبة؟ وتقول لهم بصريح العبارة، أن صومهم وصلاتهم غير مقبولة إذا استمروا في البقاء فيها، لأن الأرض التي يقفون عليها أرض كوردية مغتصبة، ونحن نعرف جيداً أن فتاوى السيد علي السيستاني أقوى من القانون. هنا نتساءل، هل أن ما يعانيه الكورد في إقليم كوردستان والمناطق المستقطعة منه على أيدي شيعة السلطة، التي بقائها في السلطة مرهون برضا أو عدم رضا مراجع الشيعة عنها ولاسيما رضا المرجع الأعلى السيد (علي السيستاني) لا يستوجب اهتمام المراجع بهم، بينما يصدروا عشرات الفتاوى فيما يتعلق بأمور بسيطة جداً كبول الحيوان وروثه وبعروره، وذرق الطيور، وحكم الجماع عند الاستحاضة، أو تحريم رباط العنق (كرافته) حتى لا يتشبه المسلم بالكفار! كأن البنطلون ليس من ابتكار الغرب (الكافر) إذاً، لماذا لا يُحرم هو أيضاً؟؟!!. يا ترى ماذا فعلت المراجع العظام وتحديداً آية الله العظمى المرجع الشيعي الأعلى السيد (علي السيستاني) حين قطعت السلطة الشيعية الحاكمة في بغداد رواتب شعب الإقليم منذ عام 2014؟، في الحقيقة لا شيء، أخذ الصمت، ولم ينبس ببنت شفة، كأن أمر هؤلاء المسلمين لا يعنيه بشيء!!، أ هكذا يكون عالم الدين أمام سلطان جائر يحارب شعب مسلم بريء بقوت يومه؟؟ أم الأمر مختلف عنده، لأن هؤلاء الكورد غالبيتهم العظمى من أهل السنة والجماعة، بل أدهى من هذا، تجد في روايات الشيعة أنهم -الكورد- ليسوا من جنس البشر، بل هم من الجن..، لذا لا تعير المراجع الشيعية أي اهتمام يذكر بهم وبوطنهم كوردستان الذي يأن جزء منه تحت نير الاحتلال الشيعي..؟؟. الشيء الآخر الذي يحز في النفس، هو احتلال مدن خانقين وخورماتو وكركوك(2)الخ عام 2017 من قبل ميليشيا الحشد الشعبي، والقوات الإيرانية الأعجمية الغازية. العجيب في الأمر، أن المراجع الشيعية لم تقف ضد هذا الاعتداء السافر على المدن الكوردية، لا بل أيدته وباركته!! وذلك عند وقوفها ضد الاستفتاء الذي أجري في إقليم كوردستان، الذي جيشوا ضده وضد القيادات الكوردية حتى المنابر الحسينية، يا ترى هل أن هذه المواقف.. من المراجع الشيعة تكون دينية! أم سياسية! أم ماذا!. يا ترى أين نضع وصية الإمام (علي بن أبي طالب) لولديه الحسن والحسين: كونا للظالم خصماً وللمظلوم عونا. إلا أن مراجع الشيعة فيما يخص حقوق الكورد المهضومة لم يكونوا للحاكم الشيعي الظالم، القابع في بغداد خصماً، أقوله بمرارة، وقلبي يقطر دماً، وأنا المواطن الكوردي البسيط، الذي لا أفقه من أمور الدين الكثير، إلا أني أعرف جيداً أن الإسلام يقول: الذين يتركون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيولى عليهم أشرارهم، ثم يدعون فلا يستجاب لهم.

في الختام أقول: رغم أني تكلمت بأسلوب نقدي، لكن موضوعي، لأن الكورد أصحاب حق غُدر بهم ظلما. مع كل هذا.. لا زال  الشعب الكوردي بكل أطيافه الدينية والقومية السنية والشيعية والكاكائية والشبك والإيزيدي والعلوي، والفيلي والسوراني والبهديناني والهورامي الخ، يكن كل الاحترام والتقدير والتبجيل للمراجع العظام في مدينتي نجف وكربلاء وينتظر منهم أن تؤازره في محنته، التي طال أمدها كثيراً، وكلفته مئات الآلاف من الأرواح الكوردية البريئة، وهدم وأحرق الجيش العراقي المجرم، وميليشيات الجيش الشعبي الوحشي عشرات المدن الكوردية، وآلاف القرى، وتم تهجير أهلها إلى صحارى العراق، وإلى مدن بعيدة عن تلك التي ولدوا فيها أباً عن جد، واحتلت بيوتهم من قبل الشيعة الذين جاء بهم اللعين صدام حسين ولا زال هذا الاحتلال قائم وهؤلاء المستوطنون الشيعة جاثمون على صدر الشعب الكوردي في مدن جرميان (گرمیان) التي تضمن المدن التالية: بدرة، جصان، زرباتية، مندلي، ورازرو (بلدروز) شهربان، خانقين، خسروآباد (سعدية)، جلولاء، كركوك، خورماتو، شنگاڵ (سنجار) الخ . لكن الذي يحزن المواطن الكوردي كثيراً، أن الذين كانوا يعانون مثلهم على أيدي حزب البعث المجرم، ورئيس المقبور صدام حسين صاروا ينفذوا ذات السياسة العنصرية بالإضافة إلى السياسة الطائفية.. ضد حليفهم الكوردي، الذي آواهم أيام الشدائد في كوردستانه وأوصلهم بسلامة وأمان إلى قبلتهم جمهورية إيران الشيعية. كم كان هذا الكوردي يتوسم بهم خيرا، إلا أن الأيام أثبتت له أن لا فرق بين أنس وعبد زهرة؟ فيما يتعلق بحقوق الكورد المغتصبة، ثبت عنده بالدليل والبرهان أنهما وجهان لعملة واحدة.

السلام على من يناصر الشعب الكوردي الجريح لنيل حقوقه المغتصبة.

(1): اذهب إلى حقل البحث في جوجل (Google) واكتب: معاهدة لوزان. سوف تظهر لك خارطة تركيا قبل وبعد هذه المعاهدة كيف كانت وكيف أصبحت. وهكذا خارطة كل من  العراق وسوريا الكيانان اللذان استحدثا على أيدي ساسة بريطانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى.

(2): من يريد أن يعرف لمن تعود مدينة كركوك عليه الرجوع إلى حقل البحث في الجوجل (Google) ويكتب فيه: خريطة كوردستان العثمانية. سوف تظهر له خارطة عثمانية صدرت عام 1898م وفيها كركوك وموصل كمدينتين كورديتين ضمن ولاية كوردستان.

محمد مندلاوي

14 01 2019   

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *