رسالة مفتوحة إلى جميع الكلدان البطريركية الكلدانية… رسالة إعتذار

 

حيّا عمّا كلدايا

 

“يقول القديس أوغسطينوس: أن الجسد مائت حتى وإن لم يقتل أما النفس فلا يقتلها إلا الظلم”

 

أرسل لي أحد الأصدقاء رابط موضوع نشر في موقع فقدت ثقتي بمصداقيته منذ سنوات ، الموضوع بعنوان: (رسائل السيد عامر حنا فتوحي لغبطة ابينا البطريرك والرد عليها)، بقلم الأب بولس ساتي المقيم في بلجيكا.

 

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,755686.0.html

 

الحق لم أعر للأمر أهمية لأن هذا متوقع، لكن إلحاح صديقي عليّ بقراءته دعاني لمطالعته، وما أن أنتهيت من قراءته حتى أبتسمت (إستهزاءً) من هكذا عقليات (تقدس الطواطم) وتمارس (لعبة التابو) وتستخدم مواقعها من أجل (إرهاب) الشعب المستكين الذي لا حول له ولا طول. أن هذا النوع من الكتابة التحريضية على وأد الأفكار التنويرية التي لا تقبل بالقوالب الجامدة وترفض إستخدام المنصب من أجل أجندات شخصية، هو من أجل أن لا يعمد الكتاب المتنورون الآخرون إلى نقد إداء هؤلاء الذين يفترض أن يكونوا قدوة للشعب وأمثولة يحتذى بها، مهما (خرجوا عن جادة الصواب) ومهما (كانت ممارساتهممخربة و مؤذية).

 

أن هذا النوع من (الإرهاب الفكري) و(إستصغار الآخر) الذي لا ينطلي إلا على البسطاء قد ولى زمانه، أما من يريد أن يعيش عصر الطواطم و(تقديس الشخص) فما عليه إلا أن ينبش حفرة في الأرض أو كهفاً يداري أوهامه فيه.

 

الحق أنا لم أستغرب ما ورد في كتابة الأب ساتي من أسلوب تهديد (مضحك) ولا من طريقة إستخدامه لعبارات ومفردات من نوع (وقح وهابط وشرير وإلى آخر هذه الإسطوانة المشروخة)، إذ ماذا نتوقع منه وهو يدافع عن رئيسه، في وقت لا يتوانى فيه رئيسه غبطة البطريرك عن إستخدام مفردات ساقطين وغبي بمعنى (أحمق) وقليلي الأدب وخارجين عن القانون بحق رجال دين وكهنة منذورين، ومع ذلك لم نسمع من الأب ساتي أو من غيره كلمة (إمتعاض) واحدة!

 

لعلمك أيها الأب المحترم، فأن الكتاب المقدس الذي يفترض بك أن تكون قد درسته والذي تستشهد به، يذكر بوضوح في الإصحاح الخامس للبشير متى الآية 20: كل من يقول لأخيه (أحمق) يكون مستوجباً لنار جهنم … أتمنى أن تكون رسالة الكتاب المقدس قد وصلتك هذه المرة!

 

دعني هنا أيضاً (أسخر من تهديداتك الفارغة) عن (السب والقذف العلني) و(محاكمتي) و(محاسبتي كنسياً وقانونياً)، ودفاعك عن المطران إبراهيم إبراهيم الذي يمتلك من الجاه والمال ما يفوق خيالك، وله من المحامين جيش يستطيع أن يدافع عنه متى يشاء، هذا إذا ما أعتقد بأنني متجاوز عليه كما أردت أن توحي بذلك.

 

ما أوردته في رسالتي والرد (المتهرب) لغبطة لبطريرك هو (واقع حال)، لا يمكن تجاهله إلا من قبل هؤلاء الذين يعتقدون بأنهم إنما يقودون (قطيعاً من الخراف)، لذلك أقول لك ولكل من يعتقد بأنه يمتلك (ذرة من مصداقية) أن ينفذ وعيده، بل أرجوك وأرجو من القسم القانوني للبطريركية أن يفعل ذلك لكي يرى الشعب ما خفي وما لم يُقل حتى الآن !!

لكي تنطبق الآية الكتابية: “لا تخافوهم. فما من مستور إلا سينكشف، ولا من خفيّ إلا سيظهر” متى 10/26)”)

 

مرة أخرى أقولها لكافة (المعنيين بالأمر) بكل وضوح وصراحة: إن كان عندكم (ذرة مصداقية) و (شجاعة) فأفعلوها لتعرف وأمثالك من الموهومين من (معتنقي سياسة التابو)، الذين يتصورون بأن لا أحد غيرهم في كل الكرة الأرضية يعرف (الحق من الباطل)، وأن تعرفوا حجم الأذى الذي سببته (السياسة الهزيلة) لغبطة البطريرك وحجم الأذى والحيف الذي ألحقته هذه (السياسة الخاطئة) بالأبرياء، إبتداء بعدم تصحيحه (لجريمة) الإستبدال التعسفي لرئيس الوقف المسيحي والديانات الأخرى، السيد رعد عمانوئيل الشماع بعد تسنم غبطته لسدة البطريركية، مروراً بمحاربته للتوجهات القومية الكلدانية وسكوته في الوقت ذاته عن إستكراد مطارين الشمال وأخص بالذكر المطران ربان القس (ذو التاريخ المعروف!)، أنظر في آخر الصفحة رابط موضوع (عملاء الباراستن في المؤسسات الدينية في منطقة بادينان)، وصولاً إلى إداءه الضعيف في إيصال معاناة المسيحيين المعرضين للإبادة الجماعية إلى المجتمع الدولي، والذي لا يمثل 10% مما حققته نائبة يزيدية واحدة (تكلمت من القلب) فألهبت العالم كله حماساً لحماية شعبها اليزيدي.

 

كما يعلم القراء المتابعين لكتاباتي، فقد كان في نيتي نشر موضوعاً من جزئين، نشر أحدهما قبل تسنم غبطته لسدة البطريركية، وعدت القراء في آخره بتناول بعض من ممارسات المطران ساكو (آنذاك) المسيئة والمتجاهلة للتطلعات القومية الكلدانية، ولكن بعد تسنمه سدة البطريركية ، أملت أن نفتح معه صفحة جديدة (لأسباب بينتها في موضوع نشر لاحقاً)، وذلك على أمل حثه على (مباركة العمل القومي الكلداني) دون أن يلعب دوراً مباشراً فيه، لكي لا يدعي البعض بأن الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية المقدسة قد تحولت إلى دكان سياسي يشبه دكان البطريرك دنخا.

 

وعندما رأى البعض من المتأشورين ذلك عمدوا إلى إفتتاح صفحة بأسمي يتهجمون فيها على غبطته، فكتبت له موضحاً عدم علاقتي بهذا الأمر لاسيما وأنني (أشغل منصباً) يمنعني من ذلك، وقد أشرت إلى طبيعة عملي بعد أسمي في ذيل الصفحة تأكيداً على ذلك، وفي ذات الوقت دعوته إلى عدم إستخدام عبارات متشجنة مع من تهجم عليه، مذكراً أياه بالقول الشعري عن النخلة العراقية.

ولو راجع القراء ما كتبته كتكملة للجزء الأول من موضوعي ذاك، لتبين لهم موقفي الواضح من هذا الأمر، حيث أكدت بأن علينا أن نعطي غبطته الوقت المناسب ليعبر عن فكره من خلال تطبيقات مفيدة، فأن لم يفعل فأن من حقنا نقده، وهذا ما فعلته، وليس هنالك ثمة من تغيير لدى كلينا على ما يبدو.

 

لذلك أنا لا أنسى أو أتناسى أيها الأب المحترم ولكنني أسعى دائماً لأن أكسب من هنالك ثمة من أمل فيه، وهذا ما يسميه الكتاب (حكمة الحيات) وليس إنقلاباً أو تحولاً، تؤكد ذلك مراسلاتي مع غبطته ولو شاء نشرتها ليعرف القاصي والداني بأنني لم أجامل أو أداهن على حساب الأمة الكلدانية وقضيتها، وتأكيداً على ذلك أقتبس التالي من رابط الموضوع أدناه:

http://kaldaya.net/2013/Articles/02/31_Feb16_AmerFatouhi.html

 

(من أجل إستيعاب أفضل للترجمة العملية (نتاج البيدر لا حسابات الحقل) لأفكاره (أي غبطة البطريرك) ومضامين شعاره: (أصالة، وحدة، تجدد)، ناهيكم عن تنوع تفاصيل تصريحاته المنشورة في المواقع وما يُكتب عن لسان غبطته دونما تمحيص، لاسيما ما يخص لغتنا (الكلدانية الأم) وإنتماؤنا (القومي الكلداني)، عصب حياة الكلدان وسر بقائهم الذي أشبهه بالعمود الفقري أو (حجر الزاوية) الذي لم يعره إكترثاً عدد من البنّائين، لذلك (أعتذر عن نشر القسم الثاني) من الموضوع، مقتدياً بمقولة سليمان الحكيم في امثال 16 : 24: “اَلْكَلاَمُ الْحَسَنُ شَهْدُ عَسَل، حُلْوٌ لِلنَّفْسِ وَشِفَاءٌ لِلْعِظَامِ”.

 

لكن، إذا ما تم غض الطرف عن التجاوزات والإستهانات والإهانات المستمرة والمتلاحقة الموجهة ضد الكلدان (بالمعنى القومي للكلمة) أو (لا سمح ألله) لم يوضع حد لتلك الجهات التي تسعى (لسرينة) لغتنا (الكلدانية الأم)، ولم يتم التصدي (بحكمة) لتلك المؤامرات التي تدبر وتوجه ضدنا من قبل (زوعة) وممثلي (المجلس الأغجاني) في مجلس النواب، علاوة على عدم وضع حد لتصريحات البطريرك مار دنخا (غير المسؤولة) التي تنتقص من مكانة الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية وأمة الكلدان.

 

فأنني أعلنها هنا، (بكل وضوح وجلاء) بأنني سأكون (في حل من وعدي) الذي أعطيته للمثقفين والناشطين القوميين الكلدان، بخاصة إذا لم يتم متابعة وإصلاح (العمل الإجرامي) المخالف للشرع والقانون الذي أدى إلى الإستبدال التعسفي لرئيس الوقف المسيحي (رعد عمانوئيل الشماع) من أجل أستفراد كنّا وزوعة بمالية الوقف، وأيضاً إذا لم يتم مواجهة التجاوزات المهينة والمقصودة ضد الكلدان حال صدورها من أي طرف كان، وفقاً لمبدأ التعامل بالمثل، وعملاً بوصية رب المجد في (متى):

 

كُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ.

 

فهل هنالك أوضح من هذا الموقف؟

 

أن الذي يريد أن يصلح عليه أن يبدأ بإصلاح بيته من الداخل أيها الأب المحترم، ولكن ليس من خلال فرمانات سلطانية وتشهير إعلامي، وإنما من خلال تعامل أبوي، إذ يفترض أن يكون الأب والأخ الكبير القلب واسع الصدر حكيماً في تعامله مع أهل بيته، يورد الكتاب المقدس:

“سأل بطرس الرب يسوع وقال يارب كم مرة يخطي الي اخي وأنا اغفر له هل الى سبع مرات قال له يسوع لا أقول لك الى سبع مرات بل الى سبعين مرة سبع مرات” متي 21:18

 

كما يورد الكتاب في متَّى 18: 15- 16
“وَإِن أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضًا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ، لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.”

 

فإن كان هذا مستوجباً من العلماني، أليس بالحري أن يفعل ذلك أب الكنيسة (الروحاني كما يفترض) عند تعامله مع أبنائه وأخوته، بدلاً من يسيء لهم علناً، أليس هو القدوة، فهل هكذا يتصرف القدوات؟

وبالتالي ألم تسمع ما قاله القديس أوغسطينوس:

“إذ أخطأ إليك أخوك سرًا ابحث عنه لتصحِّح خطأه خفية… فإن أردت توبيخه أمام الجميع فأنت لا تكون مصلحًا لأمره بل فاشيًا للسرّ”

وما فعله غبطته فيما يخص الأباء الذين أتهمهم بالخروج عن القانون هو خطأ (لغة وأسلوباً وزماناً ومكاناً)، وكان ينبغي عليه أن يستشير خاصته، قبل أن يفتح على نفسه بوابات لا يستطيع غلقها، إلا بالحكمة والتعامل الأبوي الحقيقي وأحترام الآخر وعدم الإستهانة برأي الشعب.

 

إن إستماتتك في الدفاع عن (السياسة الخاطئة) لرئيسك غبطة البطريرك معروفة الأسباب، ولأنه رئيسك فأنك تجاريه في هواه في إستباحة هويتنا الكلدانية والطعن فيها برغم إدعائك بعكس ذلك، ولهذا تقول وبشكل يدعو للرثاء: ترى هل وصل الأمر بأبنائنا الكلدان الجدد دعاة القومية العمياء التي تقصي الآخر لهذا الحد الصارخ من ضيق الأفق؟

 

لعلمك أنه ليس هنالك ثمة من أحد يقصي (القومية الكلدانية) بأستثناء كنّا وأغجان أكثر من غبطة البطريرك ساكو نفسه، لذلك أرد عليك ما أتهمنتي به ، إذ ليس هنالك على ما يبدو من هو (أضيق أفقاً) منك، وتأكيداً على ذلك، فإنني إذا ما تركت التعليق عن عدم إستيعابك لماهية الفرق الشاسع ما بين (الإعتزاز بالهوية القومية) كما هو بين الكلدان وبين (التعصب الأعمى) كما هو عند الآطوريين المستوردين عام 1918م من حيكاري وأورميا، وإذا ما تركت عدم وضوح معنى ومغزى عبارتك المبهمة (الكلدان الجدد)، فأن غبطته هو على رأس قائمة من يطعنون بلغتنا الكلدانية الأم) من أجل تعميم (سرينتها) تماشياً مع أفكار زوعة والمجلس الأغجاني، ناهيك عن عدد من تصريحاته التي لا أساس لها من الموضوعية من نوع (إنشقاق الكنيسة الكلدانية عن كنيسة المشرق الآشورية) المصنعة بقدرة (الإنكيز وحزب البعث!!!)، فمتى (بدرغك) كانت كنيسة المشرق (آشورية) مع أنه في وقت نشؤها كان قد مضى على (إنقراض) الدولة الآشورية آنذاك ما يقرب على سبعة قرون، علماً بأن الهوية القومية للرافديين آنذاك كانت كلدانية بشهادات عديدة منها شهادة مار ماروثا الميافرقيني.

 

إن أي مبتديء في التاريخ لا يمكن أن يوافق على (تحريف مجحف) من هذا النوع، والذي يتعارض جملة وتفصيلاً مع حمل غبطته لشهادة الدكتوراه في التاريخ، علماً أن تصريحاً من هذا النوع، إنما يعد (إهانة للكنيسة الكلدانية الكاثوليكية) و(إهانة للتاريخ العراقي) و(إهانة لتاريخ المسيحية في العراق)، هذا لو كان عندك القدرة على إستيعاب حجم التجني الضمني والعلني وحجم التملق والمحاباة (على حساب الحق) في تصريح من هذا النوع. وهنا أترك لضمائر القراء الحكم على من منا هو (ضيق الأفق) أيها الأب المحترم!

 

لعلمك، أنا غادرت العراق عام 2011م، وخلال فترة عملي في العراق لما يقرب من أربع سنوات، قمت مع فريقي بمساعدة كافة الكنائس (الأربعة عشر) المعترف بها في العراق رسمياً، وتستطيع أن تتأكد من كافة رئاسات تلك الكنائس وعلى رأسهم الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، وإذا ما أنكر أحدهم فأن مساعداتنا موثقة (كتابة وصور)، كما تجاوزت مساعدتنا حدود الكنائس الأربعة عشر إلى مساعدة عدد من الكنائس غير المعترف بها رسمياً في العراق، وليست عضواً في الوقف المسيحي.

 

ولعلمك أيضاً، أن مساعدة فريقي المختص بشؤون الأثنيات والأطياف الدينية تجاوزت المكون المسيحي إلى محاولة كسب تضامن المكونين السني والشيعي، ناهيك عن مساعدتنا لكافة الأطياف الصغيرة، إبتداء بالمندائيين واليزيديين واليهود والشبك والفيلية والبهائية والكاكئية وغيرهم، (فلا تتزاود معي) وأنت (أبن البارحة) على حجم ما قدمته وأقدمه لشعبي العراقي أو لأبناء جلدتي الكلدان منذ أواخر عقد السبعينات، علماً بأنني لا أذكر هذه التفاصيل (اليوم)، إلا لكي ألقم هؤلاء (المقيمين قسراً) في العراق من الذين يزايدون معنا على وطنيتنا حجراً يناسب حجم ثرثراتهم الفارغة ونميمتهم.

 

ذلك أننا نحن (الكلدان القوميين) المحسوبين على المهجر (الذين يستنكف منهم غبطته)، رغم أنه من دون الكلدان سيكون (راع لكرسي وجدران) حسب، قمنا ونقوم بكل ما وسعنا من أجل مساعدة أهلنا المتضررين في العراق، باذلين الغالي والرخيص من أجلهم، وعلى سبيل المثال، فقد قمت شخصياً مع المحامية نازك ﮔبي (رئيسة رابطة المحامين الكلدان / كالدين أميريكان تاسك فورس) بزيارة وزارة الدفاع الأمريكية من أجل الحصول على (مستشفيات متنقلة) توفر الخدمات المناسبة لأهلنا ولاسيما المهجرون منهم في المناطق المعزولة، كما ألتقينا برئيس المنظمة العالمية للإبادة الجماعية (البروفيسور ستانتن) الذي لولاه لما أعترفت الولايات المتحدة بمستوى الإبادة الجماعية الذي ينطبق على المتضررين العراقيين، ولعلمك (أيها الأب المحترم)، فأن جميع سفراتنا ورحلاتنا بالطائرة، وكذلك مصاريف إقامتنا، لم تصرف عليها لا الكنيسة ولا أية جهة مدنية، وإنما نقتطعها من رزق عوائلنا.

 

للمزيد أنظر:

http://kaldaya.net/2014/News/09/25_A2_ChNews.html

تقول: الشتاء قاس في العراق وشعبنا ليس من البدو ليعيش في خيمة؟ لذلك قامت الكنيسة بنقل كل من هو موجود في الخيم وهياكل غير مكتملة الى شقق وفنادق ومجمعات تجارية تقيهم الشتاء القادم، هذا ما تقوله أنت، ولكن السؤال هنا أيها الأب المحترم، هل هذه الشقق والفنادق والمجمعات السكنية تقدم مجاناً أم بالإيجار، وإن كانت بالإيجار (كما تعلم)، فمن أين لهؤلاء المهجرين المبالغ التي يمكن أن يدفعونها لكم، وهل صار دور الكنيسة أن تلعب دور المؤجرين وسماسرة العقار؟

 

عوداً على موضوع المستشفيات المتنقلة أتصلت شخصياً بسيادة المطران بشار وردة هاتفياً وعبر الإيميل وأنا ما زلت بإنتظار جوابه عن حجم إحتياجات مهجري أربيل من هذه المستشفيات، آمل أن يصلني من سيادته جواب خلال الأيام القادمة، كما نعمل على التنسيق مع المعنيين في زاخو ودهوك من أجل ذات الشأن، ومن دون مقابل أو بدل إيجار.

 

ولعلم حضرتك أيضاً وعلم هؤلاء الذين يتزاودون معنا على الوطنية فيلوحون في كل شاردة وواردة بأنهم يعملون (من العراق) وغير ذلك من (إدعاءات فارغة) لا تتعدى حدود الكلمات التي مثلها مثل زبد البحر، أقول لهم ولك ولغبطة البطريرك: أنا لم أغادر العراق من أجل السياحة والإستجمام، ونحن لسنا (خونة) كما خوننا غبطته في تصريح سابق له رده عليه الكاتب الكلداني الغيور (نزار ملاخا)، مع أن كل جريرتنا هو أننا هاجرنا من وطن يعاملنا (نحن سكانه الأصليين كغرباء)، أن (أبشع أنواع الغربة) أيها الأب المحترم، ليست تلك التي يعيشها المغتربون في الخارج، وإنما هيّ (الغربة داخل الوطن)، عندما يعاملك أبن بلدك من الوافدين العرب والكورد وكأنك مواطن من درجة ثانية!

 

من أجل أن أعطيك وأعطي غبطته نموذجاً واحداً من بين عشرات التجارب المأساوية التي عاشها المهاجرون من العراق، فأنني سأتكلم عن نفسي وتجربتي حسب، حيث تم إعتقالي أكثر من عشر مرات في زمن البعث المقبور الذي ينتقد غبطته الهاربين من (جحيم حروبه المجنونة)، كما تم تعذيبي بشكل قاس ولا إنساني لست مرات في الأمن العامة ومراكز تعذيب أجهزة إستخبارات الجنوب والشعبة الخامسة في الكاظمية، مثلما حكم عليّ بالإعدام ثلاث مرات، وكل هذا موثق في منظمة العفو الدولية ومنشور في الصحافة العراقية والأجنبية، بل أن المجلة الأكاديمية العالمية (ورلد لترجر تودي) أختارت في عدد نوفمبر ديسمبر من عام 2009م أهم عشر شخصيات مبدعة في العالم، ممن وقفت في وجه الدكتاتوريات وتعرضت للإعتقال والتعذيب والتصفية الجسدية، وكنت أنا أيها (الأب المحترم) من بين هؤلاء المتميزين العشرة، وفي السيرة المنشورة عني لم أتنكر لهويتي القومية الكلدانية بل ذكرتها بكل محبة وأفتخار.

 

خلاصة المعنى هنا، هو أنني لم أهاجر للسياحة والمتعة ولكنني كنت مكرهاً عليها، فمن أعطى لغبطته الحق لكي يصف المهاجرين بالخيانة، ومن أعطاك الحق لكي تزاود معي على وطنيتي وتلمح بوجودي اليوم خارج العراق، مع أن واجباتك ينبغي لا تتعدى جدران الكنيسة، وهذا ما ينطبق على غبطته (بناء على بياناته) التي يصرح فيها ليل نهار، مؤكداً بأنه ليس سياسياً، وبأنه غير معني بالشأن القومي الكلداني، وبالتالي إن كان وصم هؤلاء المهاجرين الهاربين من جحيم العراق سواء من هاجر في عهد الطاغية صدام أم في عهد الدواعش الإسلامويين بتهمة (الخيانة) هو منطق غبطته فماذا ترك للآخرين ليقولوه؟!

 

ولعلمك وعلم غيرك أيضاً، أنا أدعم توجهات مرعيثا دمار بطرس شليحا عن قناعة كاملة، مع أن شعاري في الحياة مستمد من حكمة قسطنطين كفافيس (أمشي مع الجميع وخطوتي وحدي)، أتمنى أن تستوعب وغيرك ما أقوله، فلا تخلط الحابل بالنابل لكي تتهم الآخرين بما ينطبق عليك.

 

رداً على تساؤل حضرتك عندما تقول: ماذا نفع المهاجرين إلى فرنسا؟ … أجيبك من خلال تجربة قريبتي المهجرة من بيتها، والتي حصلت على شقة محترمة، وراتب تقاعدي، وضمان صحي، حيث تزورها الممرضة كل يوم، كما تستطيع وبكل سهولة الذهاب للتبضع أو إلى الكنيسة والعودة منهما (سالمة معافاة)، فهل تستطيعون أن تضمنوا ذلك لأهلنا في العراق؟!

 

هنا يهمني أن يستوعب غبطته، بأن (الخائن) ليس من هاجر من العراق مكرهاً، وإنما هو دونما مجاملة (كل من يرى شعبه ينتهك ويداس بالأقدام)، ومع ذلك يذهب ليقبل أيادي قتلته أو يشد عليها أو يتوسل بأصحابها من أجل أن يعاملوننا بصفة (ذميين) في (وطننا الأم) … أتمنى أن تكون رسالتي واضحة هذه المرة أيضاً؟!

 

أخيراً أقول لك أن رجل الدين ليس (كائناً سماوياً)، وليس بشراً من (ذوي الدماء الزرقاء)، لكي توجه لي حضرتكم أهانة لا تليق بثوبكم الكهنوتي القائم على (المحبة والتواضع) عندما تقول عني: وكأنه يخاطب شخصاً من مستواه؟!

أن غبطته بالنسبة لك هو رئيسك بمعنى أنه أعلى مستو منك في مجال السلك الكهنوتي، أما بالنسبة لي فأنه ليس إلاهاً أو نبياً أو معصوماً، بل مجرد بشر مثلي مثله، لا أنا أحسن منه أو من غيره ولا هو أحسن مني أو من غيري، ولكنه كمسؤول (قبل عن قناعة تحديات المسؤولية)، لذلك فأنه يتحمل (دونما مجاملة) مسؤولية ما يواجهه شعبنا، وأن لم يرغب غبطته في تحمل أعباء مسؤوليته الجشيمة هذه، فليترك منصبه لمن يعرف كيف يدافع عن حقوق الشعب.

 

أنا لست قائداً مدنياً ولا روحياً، ولكنني أقسم بكل ما هو عظيم لو كنت مكان غبطته لتركت فراشي الوثير وغرفتي المكيفة ونمت في الخيم مع الشعب، حتى يستيقظ ضمير العالم ويضع حداً لمأساة شعبنا. عندما أصبح (فان ﮔو) قساً باع ملابسه ومتعلقاته الشخصية، ولبس ثياب عمال المناجم التعساء وصار يكرز بكلمة الإنجيل في المناجم بين العمال حتى أوقِف عن إداء رسالته، نعم خسر عمال المناجم قساً بروح قديس ولكن العالم كله ربح فناناً قل نظيره. المعنى من يريد أن يخدم لا يخدم بالكلمات والمناظرات ولكن من خلال جعل نفسه قدوة وشمعة للآخرين. أن القائد الذي يخسر المعركة ورئيس الدولة في المجتمعات المتقدمة يتخلى عن منصبه عندما لا يكون إداءه مفيداً، وفي أقل الإحتمالات يعتذر لشعبه.

 

أقول لغبطته، أن الواجب يفرض عليه كأب روحي للكنيسة الكلدانية أن (يعتذر) إعتذار (الأب والأخ) ممن تهجم عليهم وشهّر بهم، ومن ثم يمكنه تطبيق ما شاء من (قوانين كنسية)، ولكن ليس وفقاً لمزاجية شخصية وإنما بناء على المتطلبات الموضوعية لوجودهم وحجم خدماتهم الروحية التي لا يمكن تعويضها بقرارات فوقية. نعم القانون الكنسي يسمح له بإتخاذ ما يرتأيه من قرارات، ولكن مبرر القرار وزمن أتخاذه يؤكدان وبما لا يقبل الشك، بأنه (قرار مسيس) وإنتقامي، وإلا لما أتخذ بعد (عقد أو عقدين) من هجرة هؤلاء الآباء، ولما أتخذ في وقت عصيب كهذا الذي يمر به المسيحيون في العراق، ويكفي أن تنظر أفواج اللاجئين وطالبي إصدار الجوازات من المسيحيين لتعرف حجم الكارثة التي تمر بالمسيحيين العراقيين في عهد رئاسته.

 

نعم أن غبطته يستطيع أن يتعكز على القانون الكنسي من أجل تطبيق أجندته الشخصية، لكن الحق والعدالة والأنصاف والتعامل مع الأمر الواقع والتصرف بحكمة وروية أكبر، من أجل مصلحة المؤمنين في المهجر، أهم من أي قانون.

 

تقول الشاعرة الإنكليزية ماريا أدﮔورث: (أفعال لا أقوال)، فإذا كانت محطات الإنتظار في المطارات المكيفة منجزاً فماذا عن هؤلاء الذين لا يعرفون ماذا سيكون عليه مصير عوائلهم المهجرة في الغد وهم ينتظرون دونما فرج، وماذا عن هؤلاء الذين لا يبيتون اليوم تحت سقف؟ … لذلك أطالب غبطته بإجابات وافية عن أسئلتي الواردة في رسالتي المفتوحة، لأنها أسئلة واقعية وعملية، آملاً أن يقوم بذلك حرصاً على تقليل المماحكات، كما آمل أن يقوم بتوجيه تعليماته لمرؤوسيه ليعودوا إلى حضائرهم وينتبهوا لإداء واجباتهم الروحية حسب، وأن لا يتدخلوا فيما لا طاقة أو قدرة لهم عليه.

 

أن دماء المسيحيين وكرامتهم ينبغي أن تكون من أولويات غبطته وليس ما يقوله عنه الآخرون، كما أن دماء المسيحيين وكرامتهم المهانة وحقوقهم المستباحة هيّ أمانة في عنقه، والعاقل من يعقل..

 

بإحترام / عامر حنا فتوحي بيث شندخ بريخا

رئيس المركز الثقافي الكلداني الأمريكي / متروديترويت

 إنتباهة: في رسالتي المفتوحة لغبطة البطريرك بتاريخ 2 تشرين أول 2014م، بينت وبشكل واضح لا لبس فيه بأنني سأتعرض للطعن من قبل البعض. هذا البعض معروف بمواقفه المتذبذبة وبتبديل جلده بأسرع من تغيير ملابسه الداخلية. كما قلت أيضاً بأن (لحم الخروف معروف)، وهيّ حكمة شعبية ورثها الخلف عن السلف لعمقها وبلاغة حكمتها، والسؤال هنا: ما هو تاريخ هؤلاء الذين هاجمونني وما هيّ حقيقة مواقفهم من القضية الكلدانية، أحدهم على سبيل المثال وأنا هنا أذكرهم بالأسماء (وسام كاكو) كان يدعي الكلدانية ثم تحول بقدرة قادر أسمه (أغجان عبد البارستان) إلى معسكر المعادين لها، بعد لقاء واحد وترضية دسمة، الآخر (يوحنا بيداويد) للأسف كنت أتخيله أكثر عمقاً وصدقاً، ولكن كشف عن معدنه العشائري، لأنني لم أمجد قريبه غبطة البطريرك بيداويد، ولو عرف بعض مما أعرف لخجل وسكت، ومع أنني حزين لأنني كنت آمل منه أن يكون أكثر أرتباطاً بالفكر القومي الكلداني، إلا أنني سعيد أيضاً لأن ما كتبه ضدي منحني فرصة  طيبة لفرز (القمح من الزوان).

 

شخص آخر لا أعرفه شخصياً أو أستعرفه أسمه سمير شابا أو سمير شبلا، مع أنه لم يرد في أي من كتاباتي، إلا أن هذا الموهوم الذي يذكرني بحروب (دون كيخوته) دبج رسالة مفتوحة معنونة لي، وضع فيها تهديدات قانونية ورقية تكشف عن غباء مدقع وعدم معرفة بالآخر من ناحية، ومن ناحية أخرى راح يلمح بعنترياته لأنه باق في العراق وبأننا نعمل من الخارج ولو عرف ما أفعله وما يفعله أمثالي من أبناء المهجر لخرس. وعوداً على عنوان رسالته (المسخرة) التي يمكن لأي تلميذ في مرحلة الإبتدائية أن يستهزأ من عنوانها ومحتواها، علماً بأن من أشار إليه وإلى تصرف غير مقبول أثر كشف غبطته لأحد إسرار السينهودس، هو الأخ الكاتب سيزار ميخا هرمز، وهو شخص متمكن من الكتابة وقادر على الرد متى شاء، فلماذا وجه هذا الحقوقي (الفلتة) عنوان رسالته المفتوحة لي لو كان يفهم في الحقوق؟

 

السبب بسيط ومعروف، وهو أن جلّ ما أراد جناب هذا (الحقوقي!!) أن يقوله عبر رسالته المتملقة والمعنونة بأسمي، هو: أترى عنترياتي وموقفي البطولي من عامر فتوحي يا غبطة البطريرك؟

لغبطته أقول: مبروك عليك مثل هؤلاء الأنصار من توائم كنّا وكجةجي، الذين يريدون أن (يكحلونها) فيعموها، وكان ألله في عوننا في هذا الزمن الأغبر!

 

إنتباهة ثانية: أرجو أن لا تكرمني أيها الأب المحترم بصلاتك أنت الآخر، إذ لو كنت أنا شريراً كما تدعي، فلن تنفع كل صلواتكم من أجلي ولا حتى صلواتكم من أجلكم، أملي أن تستخدموا وقت صلواتكم الثمين ذاك لمساعدة المنكوبين والمهجرين من أهلنا في العراق.

عامر حنا فتوحي

—–

عملاء الباراستن في المؤسسات الدينية في منطقة بادينان

http://www.kurdistanpost.com/view.asp?id=b5405990

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *