ديمقراطية حقيقية لحكم شمولي

كلمة رئيس تحرير جريدة الحقيقة

لؤي فرنسيس العدد 285

اثارتني الدهشة والعجب اضافة الى سعادة غامرة وانا الاحظ مجموعة من الشباب يهتفون “الله اكبر الله اكبر” وهم حاملين لافاتات من القماش والكارتون منددين بفعلة شائنة لاحد ضباط الجيش في احد الاحياء الموصلية ، حول اغتصاب فتاة قاصر من اهالي الموصل في احدى السيطرات ، واعتقد هو تصرف شخصي من شاب تنقصه التربية البيتية والعسكرية ، كونه ضابط في الجيش العراقي ، وابن احد القادة العسكريين العراقيين ، ومن عشيرة عربية لها شأنها على المستوى العراقي والعربي .

ان الجيش يكمن واجبه بألتزام الاخلاق والنظام والشجاعة وحماية اعراض الناس والدفاع عنهم، وعلى الجيش ان يكون الجسر الذي يعبر عليه المدنيين ايام الشدة مثلما حصل في اليابان في ازمة الزلازل الاخيرة ، مع ان حديثنا ليس عن الجيش لكن الحق يقال .

ان ما ادهشني هو هذه التظاهرة في منطقة جامعة الموصل والتي كانت ضد الجيش ، وان من يحميها كان الجيش نفسه ، حيث لاحظتُ العشرات من الهمرات العسكرية تسير امام وخلف التظاهرة بالاضافة الى عشرات الجنود من العسكر يحمونها ، كما البيانات التي اعلنت من قبل العشائر والاحزاب والاشخاص على الفضائيات المحلية والعالمية والتي جميعها كانت تندد بهذه الفعلة وتلوم وزارة الدفاع والجيش العراقي عليها.

نعم كان الجيش يحمي التظاهرة التي كانت ضده ،وان هذا يدل على بداية نجاح التحول الديمقراطي الحقيقي لدى العراقيين، وهذا ما لا اعتقده يحصل في اي دولة من الدول العربية او دول العالم الثالث .

فالديمقراطية الحقيقية هي ممارسة الشعب لحقوقه بحرية دون ضغوط ، ويجب ان لاتكون فقط بحرية التظاهر وانما بممارسة حقه الشرعي بالتصويت في الانتخابات دون ضغوط من اي جهة، كما الشفافية في العمل لدى المسؤولين وحرية التعبير عن الراي والتي نلاحظها في مدينتنا الموصل على اكمل وجه، فلا يعبر يوما دون ان نشاهد المواطنين في الموصل وعلى شاشة الموصلية يتحدثون عن المسؤولين ويطرحون مشاكلهم ويؤنبون كبار مسؤولي المدينة على التقصير احيانا وعلى امور ربما لم يكونوا هم المسببين فيها احيانا اخرى، لكن المسؤولون في الحكومة المحلية يتقبلون النقد واحيانا الشتائم بأسلوب شفاف وديمقراطي ، فمثلا حالة الفيضانات التي حصلت في الموصل بسبب الامطار الايام الاخيرة حمل المسؤولين سببها ، ولو نأتي الى حقيقة الموضوع نرى بأن المسؤول ليس هو المسبب بالفيضانات وانما كمية الامطار الكثيرة التي لم تشهد مدينة الموصل قبلها مثيلا ، بالاضافة الى تقصير المواطن نفسه في رمي الاوساخ في المجاري هي التي ادت الى الفيضان في بعض المناطق المنخفضة من المدينة.

في الختام نرى في العراق رغم الاسلوب الدكتاتوري في الحكم لدى الحكومة الاتحادية ، والذي اصبح ظاهرا للعيان من خلال تصرفاتها تجاه المكونات العراقية التي تخالف رئيس الحكومة احيانا بالنهج والرأي، لكن المؤسسة العسكرية العراقية والحكومات المحلية وخاصة في مدينة الموصل ملتزمة بالنهج الديمقراطي وتعمل على تطويره من خلال الممارسة لا من خلال الدراسات النظرية ، نتمنى ان تسير المؤسسة العسكرية والحكومة المحلية على هذا النهج وتعمل على تطويره اكثر فأكثر ، لينعم المواطن الموصلي بالحياة الكريمة ، والحرية الحقيقية .

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *