دور المثقف في الزمن الكلداني الصعب

لا يصلح تعريف المثقف بأنه ذلك الإنسان الذي يملك ذخيرة ضخمة من

المعلومات المتناثرة في ذهنه كي تمكنه آليا من التفاعل مع تجارب الحياة،

وإنما هو ذلك الذي يستطيع توظيف هذه المعلومات على أرض الواقع من

أجل إحداث تغيير نحو الأحسن، وإلا كنا اعتبرنا جهاز الكمبيوتر أكثر

المثقفين ثقافة. وبمعنى آخر،لا يجوز للمثقف الحقيقي أن يكون معزولا

عن المجتمع أو أن تكون خياراته الفكرية وتطلعاته موجه ضد المجتمع

الذي يعيش فيه. وفي حالتنا الكلدانية، مثلا، يحتاج المجتمع في الوقت

الراهن إلى دور قيادي حقيقي للنخبة المثقفة للمساعدة في الخروج من

سياسة الإقصاء والتهميش المتعمدة. وجب علينا هنا أن نتوقف ونتأمل

كياننا ككلدان وتاريخنا وهويتنا المتفردة. فالأزمة التي لمستها ويلمسها

الكثيرون تتلخص بضعف انتماء وتشوش في الرؤية وفي تعريف الذات،

أي ” الهوية الكلدانية  “، رغم ثباتها ورسوخها على مر التاريخ، هذه

الهوية التي تتعرض لضربات قاسية تهدد وجودها وتسعى لطمسها وطيها

تحت مفاهيم لم يعد لها وجود في عالمنا وفي زمننا المعاصر.

الأزمة التي يعانيها الكلدان الآن ربما تعود أصولها إلى عدم مقدرة المثقف

الكلداني على إيجاد آلية تمكنه من التأثير في الواقع السياسي الذي نعيشه

وابتعاده عن الفعل المؤثر في المجتمع الكلداني وانشغاله عن معاناته،

وأيضا عدم مقدرته على التغيير، وبالتالي أصبح وضع البعض عندنا أشبه

بصانعي الشعارات التي لا تسمن ولا تغنى من جوع، فكل الحركات

الإصلاحية القديمة والحديثة والمعاصرة في العالم كان قادتها مثقفين،

حيث الثورة الإجتماعية بداية لاستحداث واقع سياسي جديد نتاجه إن

تتعايش فيه كل شرائح المجتمع بصورة لا تمس حقوق إي مكون أو فرد

فيها، والمثقف الذي يؤثر في المحيط الذي يعيش فيه هو من يفهم كنه

المجتمع الذي يعيش فيه فيتفاعل معه، ويتأثر به ويؤثرفيه. فأهمية

المثقف معيارها والدور الذي يقوم به في مرحلة تاريخية معينة. ولكي

يستطيع المثقف التأثير لابد إن يكون خطابه واضحا قابلا للفهم من قبل

الآخرين.

والمتابع للحال الثقافي والإجتماعي والسياسي في مجتمعنا الكلداني يجد

أننا مازلنا في تراجع وانحسار ولا ينافسنا آخر في ذلك، وكل ذلك نتاج

سيء لسياسات أثرت سلبا على الواقع الحالي وانطلت ملامح هذا التأثير

على المنتوج العددي والنوعي للمجتمع الثقافي والذي كان من المفترض

إن يؤدي هذا الضغط إلى إظهار مقاومة إيجابية يطلع فيها الناس على

الرأي الكلداني الثقافي وإمكانياته في تذليل صعاب الواقع ومشاركته

الفعالة في إزالة كل العراقيل والعوائق إذا افترضنا أن الثقافة عامل مؤثر

في التغيير.

ولعمري إن هذا الأمر لا يتم بين ليلة وضحاها لأنه يحتاج لتضافر

مجموعة عوامل وشروط وظروف موضوعية خاصة وأن الشعب الكلداني

يستهجن الأساليب المنتهجة من قبل النخب الحزبية التي نطلق على

بعضها صفة السياسي واستهجان كثير من الناس لهؤلاء لم يأت من فراغ

لأن الإنسان الكلداني لم يجد المثقف ينوب عنه في عكس انفعالاته بصورة

كاملة يعقبها تجاوب وانصياع من قبل الساسة لإسقاط الفعل التغيري على

الواقع المعاصر. المثقف الذي نعنيه هو من وعى دوره ورسالته في هذا

المجتمع وحاول إن يكون فاعلا في تطوره. ولكن هل ابتعد المثقف الكلداني

عن هذا الدور بفعل فاعل ام بسبب حالة من عدم المبالاة والتغييب التي

يعيشها شعب الكلدان.

اريد إن اقول من الصعب الاحاطة بجميع الامور في هذا المجال وطرح حل

شمولي، ولذلك يكون من المفيد طرح حل جزئي ثم تعميم هذا الجانب على

جوانب اخرى نستفيد من الحل الاول، وهكذا.. ولذلك اقترح العثور على

بعض المفاتيح التي اسميها ” السمات ” لكي تكون هناك، على الاقل،

بعض الاهداف والمباديء المشتركة بين المثقفين للنهوض بالمجتمع

الكلداني حتى تنحسر تجاعيد الحسرة والاحباط عن جباه شعب الكلدان

اتسم بنوه بالسمو والطيبة والمحبة.

31 05 2011

Wadizora@yahoo.com]

You may also like...