دروس مَحُو الأُمّية لمن يَجْهل تاريخ الكلدان في القومية / الدرس الثامن/ بقلم د. عبدالمسيح بويا يلدا

ــ هذه سلسلة دروس تخص تاريخ الكلدان في بلاد بين النهرين دجلة والفُرات وأيضاً تاريخ الشعوب المُجاورة. إذن لا يحُق لأي أثوري (كلداني نسطوري) من الذين جَلَبَتْهم بريطانيا (في أحداث الحرب العالمية الأولى) من هكاري/ تركيا وأورمية/ إيران أن يُعَلّق على نصوص هذه الدروس بأي شكل لإنهم ليسوا عراقيين.

إقرأ الاخبار الصحيحة عن الكلدان باللغة العربية والانكليزية في إحدى المواقع التالية:

1. موقع المركز الكلداني للاعلام / سان دييكو أمريكا.

www.kaldaya.net

2. Chaldean Patriarch موقع البطريركية الكلدانية في بغداد:

http://saint-adday.com/

3. موقع كنيسة المشرق الكلدانية:

http://saint-adday.com/old_website/index.htm

 

وليس في موقع عنكاوة كوم الذي تديره الحركة الـ لا ديمقراطية والـ اشورية (الزوعة) المعادية للقومية الكلدانية ونصبت على إدارته كلدان مأسورين ومسلوبي الإرادة، أيادهم مُقّيدة ولسانهم مربوط بشروط الراتب الذي يقبضونه من الزوعة. من حيث الاسم يبدوا الموقع وكأنه واجهة كلدانية ولكن في داخله تعمل *ذئاب خاطفة* مُختصة بـ ألإساءة الى قومية عنكاوة الكلدانية واصبح الموقع يُرَوّج للكلدان عبارات آشور واشوريون التي كانت في التاريخ دائماً كلمات مرادفة لكلمة الخيانة. وفي نفس الوقت أصبح ممنوعاً نشر كلمة القومية الكلدانية في الموقع. ومن يشِك في حُكمي، فلِـيَـتَـفَـضّل ويرسل هذه النصوص للنشر في موقع عنكاوة كوم. من ثِمارهم تعرِفونَهم.

:الدرس الثامن:

إنتشار المسيحية

يسوع المسيح ولد يهودياً لكن تكلم الارامية:

 

وُلد يسوع المسيح في عائلة يهودية، وخُتن بحسب شريعة موشى، وتناول عشاء الفصح اليهودي مع تلاميذه بحسب تعاليم التوراة ثم كشف لهم سر الفصح المسيحي الجديد. كانت اللغة الارامية في أيام السيد المسيح لغة اليهود المحكية ولكن العبرانية كانت لغة الطقوس والعبادة التوراتية لليهود. وتكلم المسيح الارامية (على الصليب عندما صاح، إيلي إيلي لما شبقتني). ومن وحي تلك الحقيقة تم تأليف الفلم اللذي تناول آلام يسوع المسيح (باشن اف ذي كريست) باللغة الارامية.

كان في الكنيسة المسيحية في القرون الاولى ثلاث لغاتان في الكنيسة المسيحية في القرون الاولى ثلاث لغات: الارامية لغة الشعب المحلي صاحب الارض، العبرية لغة الطقوس لدى اليهود المسيحين اللذين اعتنقوا المسيحية، اليونانية لغة اليونانيون الوثنيون الذين اعتنقوا المسيحية بالاضافة الى لغة المستعمرين الروم االلاتينية. عند صلب يسوع المسيح كُـتِـبَ في اعلى الصليب عبارة”يسوع الناصري ملك اليهود” بثلاث لغات هي يونانية ورومانية (لاتينية) وعبرية. وبعد انتشار المسيحية غربا الى اوروبا كان التنافس بين اللغة اليونانية في شرق البحر المتوسط واللغة اللاتينية في اوروبا هو احد اسباب الانشقاق بين كنيسة الروم اليونانية وكنيسة اوروبا اللاتينية. والسبب الثاني للانشقاق كان في اختيار العاصمة للكنيسة المسيحية. الروم البيزنطيون (بعد ان اعتنقوا المسيحية) اصروا ان تكون اللغة اليونانية في المرتبة الاولى وان تبقى القسطنطينية هي العاصمة، بينما تمسكت اوروبا المسيحية باللغة اللاتينية وجعلت من روما العاصمة الغربية لاوربا المسيحية.

كان اليهود في فلسطين ينتظرون المسيح الموعود به في كتب التوراة كي يكون ملكاً قوياُ وقائداًعسكرياً يحرر اليهود من الاحتلال الروماني. لكن عندما كشف المسيح لليهود بأنه مملكته ليست من هذا العالم وإنه لا يدعو الى محاربة العدو الروماني وإن دعوته للتحرر ليست من عبودية الاحتلال الروماني بل من عبودية الخطيئة والتحرر من الخضوع لشريعة الانتقام، قال بعض اليهود ان يسوع هذا ليس مسيحنا المنتَظر بل ننتظر مسيحا أخرا يحررنا من الرومان ويعمل على بناء الدولة اليهودية الكبرى.

من القدس وصلت البشرى المسيحية الى سوريا وفيها اصبحت مدينة انطاكية ثاني مدينة نشطة في التبشير بالمسيحية بعد اورشليم. وفي انطاكية تم تسمية اتباع يسوع المسيح بالمسيحيين. ومن انطاكية انتقلت البشرى الى اسيا الصغرى (تركيا) ومنها إلى شمال بلاد الرافدين دجلة والفرات.

كانت اسيا الصغرى ايضا تحت حكم الاستعمار اليوناني الروماني عدى إمارة صغيرة هي الرها في شمال ميزوبوتامية التي كان لها حكم ذاتي واستقلال سياسي نسبي من السيطرة اليونانية، لذلك كانت إمارة الرها تواقة لاستعمال اللغة الارامية كي تبتعد عن لغة الاستعمار اليوناني. لذلك اصبحت الرها (اورفا الحالية في تركيا) مركزا مهما للغة الارامية وللتبشير المسيحي باللغة الارامية (179-214 ب.م).

من اسيا الصغرى (تركيا) وَصَلت البُشرى المسيحية إلى بلاد الرافدين مباشرة في القرن الأول الميلادي بالوسائل التالية:

 

ـ بحسب إنجيل متي اثناء ولادة يسوع تراءت نجمة مُـشِـعّـة للفرس البرثين المجوس (كانوا يحتلون بابل) وعَرِفوا من خلال المُنَجّمين الكلدان بأنها دلالة على ميلاد ملك عظيم، ذهب المجوس من بابل الى بيت لحم ورأوا يسوع المولود وعند رجوعهم الى بابل بَشّروا بما رأوا في بيت لَـحِـمْ.

ـ وبعد قيامة يسوع المسيح من الموت تم تبشير شمال بلاد الرافدين على يد التلميذ مار توما ومن بعده تلميذه مار ادايي أو تداي أحد السبعين، وثم تلميذي مار اداي هما آجي وماري. تعتير الكنيسة الكلدانية مار اداي رسولها بحسب الوثائق والمخوطاط الكنسية المتبقية من القرون المسيحية الاولى. اما اربِـلا (أربيل) عاصمة اقليم حدياب، تم تبشيرها من قبل شخص من السكان المحلين الذي تتلمذ على يد مار اداي اسمه بقيذا الذي اصبح اول اسقف على الحدياب في الأعوام 104 – 114. بعد أربيلا وصلت المسيحية الى الموصل ايضا بواسطة ثلاثة من الرسل الأثني عشر وهم بطرس وتوما وبرتلماوس، ومعهم أربعة من التلاميذ السبعين هم ادي وماري وبنيامين وسمعان.

ـ في زمن قيامة يسوع المسيح (كانت بابل مُحْتلّة من قِـبَـل الفرس الپرثیين) كان هناك في القدس حُجاج یهود من الفرس الپرثیين للأشتراك في طقوس الفصح اليهودي (سفراعمال الرسل الفصل2 الاية 9)٬ هؤلاء عندما شاهدوا حصول الاعاجيب على يد الرسل بعد قيامة المسيح، آمنوا بما سَمَعوا من التلاميذ بان بيسوع القائم من الاموات هو المسيح الموعود به في الكتب واصبحوا مسيحيين وعندما رجع هؤلاء الحجاج اليهود الى اوطانهم بدأوا يُـكَــرِّزون بالقيامة وهكذا أصبح هؤلاء اليهود من المبشرين المسيحين الاوائل بين الفرس البرثيين.

ـ وصلت المسيحية الى عاصمة الساسانين المجوس قطيسفون عن طريق الأسرى المسيحين اللذين سباهم شابور الاول من أنطاكية خلال إحتلاله لها، هؤلاء أخذوا ينشرون ديانتهم وينظمون شؤونهم الكنسية.غزا شابور الأول (241 – 271 ب.م.) مدينة إنطاكية مرتين وجلا العديد من سكانها إلى البلاد البابلية وإلى سائر المناطق الفارسية. وكان بين السبايا “ديمتريانس” مطران إنطاكية نفسه الذي نفي إلى “كونديشابور” أي بيث لافاط في منطقة الأهواز سنة 257 . وكان شابور هو االذي أسس هذه المدينة وسماها باسمه. وعندما عقد المجمع الكنسي في سلوقيا أنتخب مار إسحاق على كرسي سلوقيا – قطيسفون (المدائن) وبقيت سلوقيا مركز الكرسي البطريريكي لكنيسة ما بين النهرين حتى عام 779 م.

لقد ساهم المسيحيون بالدور الأكبر في عملية الترجمة والنشر التي نشطت في العصر العباسي الاول حيث قاموا بترجمة الكتب العلمية والطبية والفلكية عن اليونانية والارامية- الكلدانية الى العربية، وكان على رأس المترجمين حنين بن اسحق الذي يلقب بشيخ المترجمين والذي لأهميته ودوره الكبير هو والملفان مار افرام، اقيم لهما في بغداد خلال السبعينات من القرن العشرين (الماضي) مهرجان كبير حضره المئات من رجال العلم والمعرفة والتراث من كافة اقطار العالم.

في بلاد الرافدين تعرض المسيحيون على مر العصور لدورات دموية فقدوا فيها ما فقدوه من القساوسة والأتباع بين القتل والارتداد عن الدين بالقوة. اضطهاد المسيحين كان على اشده كلما وقع العراق تحت حكم غير العرب من الفرس والمغول والترك. ويكاد لا يخلو عصر خلال عشرين قرناً من عمر المسيحية ببلاد ما بين النهرين من حوادث مريعة ضدهم.

اعنف موجة اضطهاد للمسيحين حصلت خلال القرنين الماضيين في شرق الانضول (تركيا) وشمال بلاد الرافدين على يد أمراء أتراك وأغوات كرد و كان سببها تورط الأثوريين وعملهم جواسيس وعملاء في الجيوش الأجنبية (البريطاني والروسي). بعدها إعتبر الأتراك كل مسيحيي تركيا عملاء للأجنبي ومن ضمنهم الكلدان والأرمن. في ماردين كان إسحاق أرملة (1879 – 1954) خوري كاثوليكي ومؤرخ ولغوي وكان من القلائل الذين ظلوا في ماردين أثناء مجازر سيفو فـكَـتَبَ ما شاهده وعاشه في كتابه “القصارى في نكبات النصارى”(ممكن تحميل الكتاب مجانا من الانترنت).

حرب القرم (1854 – 1856) حصلت بين روسيا القيصرية وبريطانيا من جهة وتركيا من جهة، في تلك الحرب تطوع الأثوريون الى جانب بريطانيا. وفي الحرب العالمية الأولى تطوع الأثوريون أولاً الى جانب روسيا وبعد الثورة البولشفية في موسكو وإنسحاب الجيش الروسي من تركيا، انتقل المتطوعون الأثوريون للعمل في الجيش البريطاني. وبعد ان جلبت بريطانيا الأثوريين ـ من هكاري في تركيا ومن ارميا في ايران ــ الى العراق، شَكّــلَـتْ بريطانيا من هؤلاء الاثوريين جيشاً بريطانياً تم تَـسْـميته بـ الجيش الليفي.

في بداية المسيحية كانت تحكم في المنطقة إمبراطوريتان قويتان تتنافستان على السيطرة والتوسع كلا منهما على حساب الأخر. الإمبراطورية الفارسية الپرثیة المجوسية كانت تحكم إلى الشرق من الفرات والإمبراطورية الرومانية كانت تحكم غرب الفرات وفي سوريا وفلسطين. وهكذا كان العراق هو في خط التماس والتصادم السياسي والعسكري بين الإمراطوريتين. في بداية المسيحية كان الروم على الديانة الوثنية لذلك قاوموا المسيحية واضطهدوا المسيحيين (في نص الانجيل الذي يتكلم عن صلب يسوع المسيح ياتي ذكر حكام الروم هيرودس وبيلاطس). في حينها كان الفرس يعتبرون المسيحية امراً لا يخصهم لا سلباً ولا ايجاباً لان الفرس كانوا يعتبرون المجوسية ديانة قومية خاصة للفرس وبموجب قوانين الديانة المجوسية لم يكن بامكان اي شخص فارسي ان يترك ديانته المجوسية ويؤمن بدين اخر مثلاً المسيحية. لذلك لم يكن للفرس في البدء موقفاً معادياً من المسيحيين وعاش المسيحيون في حينها بامان في بلاد فارس.

ولكن بعد أن اعتنق قيصر الروم قُسطنطين المسيحية واعطى حرية باعتناق دين الجديد في الإمراطورية الرومانية بموجب مرسوم ميلانو سنة 313 ميلادية، بدأ الفرس يعتبرون الديانة المسيحية ديانة عدوهم الروم واعتبر الفرس كل المسيحيين عُـمَـلاءاً للعدو الروماني ورعايا اجانب في بلاد النهرين الذين هم اصحابه وهم الذين بنوه. وهكذا حصل بعد القرن الميلادي الثالث إضطهاد وقتل مُبَرْمَج للمسيحيين من قبل ملوك الفرس المجوس بلغ ذروته قي عهد الملك الفارسي شابور الثاني الذي حكم سبعين سنة بين 309 -379 ميلادية حكماً دموياً شهد مذابح منتظمة للمسيحين.

عندما كان شابور الثاني والياً على إقليم حدياب قتل وإضطهد المسيحيين هناك قبل أن يصبح ملكاً. وبشكل عام بعد منطقة قُطيسفون وسلوقية (مدائن الحالية) كان شمال بلاد الرافدين (حدياب، اربيلا وكركوك) اكثر المناطق التي تركز عليها الاضطهاد منذ سنة 343م. وسبب ذلك كان وجود قواعد عسكرية ايرانية قوية هناك بمواجهة الخطر الروماني ثم البيزنطي إلى الشرق من نهر الفرات في بلاد ألاناضول وسوريا.

ألإضطهاد الأربعيني (إستمر 40 سنة) ضد المسيحيين:

وبعد إستلامه للحكم، بدأ شابور الثاني يطالب إستعادة الأراضي التي تم إستقطاعها وإحتلالها من قبل الروم سابقاً ﻓﻲ ﻋﻬﺩ ملك الروم ﻏﺎﻟﻴﺭﻴﻭﺱ 305 – 311، وعندما سمع الإمبراطور قسطنطين حول نوايا شابور الثاني، بدأ حملة عسكرية ضد الفرس لم تُكَلّل بالنجاح لأن قسطنطين الملك مات ﻓﻲ 22 ﺃﻴﺎﺭ ﺴﻨﺔ 337 قبل تنفيذ خطته العسكرية. شابور الثاني من طرفه إستغل الفراغ السياسي في الإمبراطورية الرومانية بعد وفات قسطنطين الكبير وخَطّـطَ لهجوم بدأه نحو مدينة نصيبين التي حاصرها لأكثر من شهرين ثم إنسحب منها بعد سماعه بقدوم ملك الروم الجديد ﻗﺴﻁﻨﻁﻴﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ (337 – 361).

ﺸﺎﺒﻭﺭ الثاني فرض على المسيحيين الساكنيين في البقاع الفارسية ضرائب ﻤﻀﺎﻋﻔﺔ لتغطية نفقات الحرب مع الروم لأن المسيحيين (كما جاء في أمر شابور الثاني) ﻴﻘﻁﻨﻭﻥ في ﺒﻼﺩ فارس ﻭﻫﻡ ﻤﻭﺍﻟـﻭﻥ ﻟﻘﻴﺼﺭ ﻋﺩﻭ الفرس، وكلّف الملك الفارسي الجاثاليق ﻤﺎﺭ ﺸﻤﻌﻭﻥ ﺒﺭﺼﺒﺎﻋﻲ ان يقوم بجمع الضرائب من مسيحيي رعيته. الجاثاليق رفض هذه المهمة لانها ليست من واجب رجل دين مسيحي (كما جاء في جواب الجاثاليق).

 

شابور الثاني حكم سبعة عقود 309 – 379 بعد الميلاد وكانت حُـجَـجهِ ضد المسيحين انهم يحتقرون عبادة ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺸﻤﺱ ويرﻓﻀون ﺍﻟﺴﺠﻭﺩ ﻟﻤﻠﻙ ﻤﻠﻭﻙ فارس شابور الثاني. ارتكب بعدها شابور الثاني مذابح مُرَوّعة ضد المسيحيين والتي سُـمّيت بـ الاضطهاد الأربعيني ضد المسيحيين لأنها بدأت سنة 341 وإستمرت 40 سنة وتوقفت فقط بسبب موت شابور الثاني سنة 379 ب.م. وحكم شابور الثاني سبعة عقود إمتدت بين 309 م ــ 379 م اتسمت كلها بالعنف وسفك الدماء. ﺩﻋﻲ مار شمعون برصباعي بطريرك سلوقية ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺜـﻭل ﺒـﻴﻥ ﻴـﺩﻱ ﺍﻟﻤﻠـﻙ ﻟﻼﺴﺘﺠﻭﺍﺏ. ﻭﻫﻨﺎﻙ امر الملك مار شمعون بالسجود للشمس لكن مار شمعون في جوابه افحم الملك شابور قائلاً: رغم كونها مصدر النور، كيف اسجد للشمس التي تواضعت وإظْلَـمّـتْ امام خالقها عندما مات ناسوت خالقها يسوع المسيح على الصليب، لذا ليس لي الا ان اسجد لصليب مخلصي. وﻓﻲ ﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﺍﻟﻌﻅﻴﻤـﺔ ﺃﻤﺭ الملك ﺒﻀﺭﺏ اعناق مار شمعون ﻭﺭﻓﺎﻗﻪ ﺍﻟﻤﺌﺔ ﻭﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﺒﺎﻟﺴﻴﻑ.

وهكذا كان الجاثليق مار شمعون برصباعي ومئة وثلاثين قساً وكاهناً اول مجموعة مسيحية تُـقْـتَـل في بداية الاضطهاد الاربيعي سنة 341. بعد ذلك إستمرت المذبحة الأولى عشرة أيام.

وفي خريف سنة 341م القي القبض على مار شاهدوست الذي خلف مار شمعون على كرسي بطريرك المدائن وعلى 128 شخصا من الكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات، وقد استشهد هؤلاء في 20 شباط سنة 342م،. وفي نهاية سنة 344م وخلال اقامة الملك في ساليق، القي القبض على مجموعة من رجال الدين وقتلوا في 6 نيسان سنة 345م بعد ان امضوا قرابة 6 اشهر في السجن. وبذلت يزداندوخت الشريفة الأربيلية جهوداً مباركة للاعتناء بالشهداء ودفن اجسادهم.

دَوّن المطران أدّي شير الكثير من شهداء الأضطهاد الأربعيني في كتابه الشهير “أشهر شهداء الشرق القديسين” الذي طُـبِع في الموصل في السنوات الاولى من قرن العشرين.

الاضطهاد الأربعيني ضد المسيحيين إستمر 40 سنة، وعندما راى بعض من الحكام والعسكر في هيكل الدولة المجوسية الايمان العميق للمسيحيين الذين لم يتخلوا عن ايمانهم حتى عندما تم اعدام اخوانهم المسيحيين امام اعينهم، وعندما ايقن هؤلاء الحكام والعسكر ان المجازر تـرْتَـكَـب بحق مؤمنين ابرياء، اهتز الايمان بالدين المجوسي عند البعض من هؤلاء الحكام والعسكر بحيث تركوا المجوسية وأمنوا بالمسيحية وجاهروا بها ودخلوا ايضا سجل الشهداء عندما تم اعدامهم من حكام المجوس الكبار. من ضمن هؤلاء خَـلـدَ التاريخ الاسماء التالية:

إهتداء القائد الفارسي قرداغ واستشهاده من اجل المسيح.

مار قرداغ الشهيد:

كان قرداغ صياداَ ماهراً وقوي البُـنْـيـة واصبح في زمن حكم شابور الثاني حاكما فارسيا على ولاية حدياب/اربيلا/اربيل وبنى فيها معبداً وثنياً وقصراً كبيرا لمركز حكمه، بعد ذلك التقى قرداغ مع راهب قال له انك سوف تستشهد لاجل المسيح امام قصر حكمك هذا ونفس الراهب اخبره بانه (قرداغ) سوف يهتدي ويؤمن بيسوع المسيح على يد راهب اخر يسكن في جبال اربيلا اسمه عبد يشوع.

ذهب عبد يشوع للقاء بـ قرداغ في ملعب الكرة والصولجان في اربيل. لكن قرداغ أمر بوضع الراهب في السجن وبدأ مع رفاقه بممارسة لعبة الكرة والصولجان. هنا حدث امر عجيب لـ قرداغ ورفاقه في اللعب بحيث ان الكرة لم تتحرك من مكانها رغم قذفها. هذه كانت اللحظة الاولى التي هزت قلب قرداغ وجعلته يفكر بعمق في عقيدة الراهبين.

بعدها أمر قرداغ بإحضار عبد يشوع لاستجوابه. وفي اللقاء قال الراهب لـ قرداغ ان النار والشمس خلقها الله لذلك اولى بنا ان نعبد الخالق وليس المخلوق. وفي اليوم التالي حصل لـ قرداغ في رحلة صيد امر مثل الذي حصل له في اول لقاء مع الراهب عبديشوع في ملعب الكرة والصولجان في اربيل. هذه المرة سهام الصيد التي كان يرميها قرداغ كانت تسقط أمامه دون أن تنطلق بعيداً. فأدرك قرداغ أن سبب ذلك هي صلوات عبد يشوع الذي أودعه السجن. الاعجوبة الثالثة للراهب عبد يشوع حصلت عندما أخرجه الملاك من السجن بأعجوبة وقاده خارجاً. بعد ذلك تعمق ايمان قرداغ ورسم على جدار غرفته علامة الصليب. بعدها ذهب قرداغ للقاء مع الراهب عبديشوع في صومعته في الجبل حيث اعترف قرداغ امام الراهب وتعرف على راهب اخر اسمه بويا كان يسكن في صومعتة في جبل اخر.بعدها اعتمد قرداغ على يد الراهب عبديشوع ومكث قرداغ عند الراهب عدة اسابيع.عندما رجع قرداغ من الجبل الى قصر حُـكمه في اربيل، أمر بهدم معابد النار وإقامة كنائس مكانها. بعدها امر الملك الساساني شابور الثاني باعدام قرداغ اذا رفض الرجوع الى الوثنية، وامر الملك الساساني ايضاً بهدم الكنائس التي بناها في اربيل. في النهاية تم اعدام قرداغ برميه بالحجارة واستشهد قرداغ في صيف سنة سنة 358 م.

يزداندوخت الشريفة الاربيلية:

 

كانت حفيدة الوزير ابراسام الاربيلي في عهد الملك الساساني اردشير مؤسس الدولة الساسانية. بعد وفاة والدها انتقلت مع والدتها حبانا الى اربيل ومعهما مربيتها باعوث. وفي بداية سنوات الاضطهاد الأربعيني ضد المسيحيين في فترة حكم الملك شابور الثاني إهتدت يزداندوخت الى المسيحية على يد مربيتها باعوث. وعندما كان قرداغ والياً فارسياً (في اللغة الفارسي والي يسمى مزربان) على اربيل، جعلت يزداندوخت مقرها في اربيل وشيدت ديرا وكنيسة في مدينة أربيل بقى من أثار تلك الكنيسة لحد اليوم قبة صغيرة تسمى “مرقد ست امامي”. توفيت يزداندوخت حوالي عام 370م.

بعد الاضطهاد الكبير للمسيحيين داخل بقاع الإمبراطورية الفارسية، توجهت حملات شابور الثاني نحو الروم حيث تمكن من استرجاع المقاطعات التي كان الرومان قد اقتطعوها قبل سبعين سنة في عهد ملكهم دوقليطيان وإحتل شابور الثاني نصيبين سنة 363 ورحّـلَ معظم سكانها إلى الرها ومن جملتهم القديس افرام الملفان الذي أسس مدرسة لهؤلاء النازحين في الرها سميت بمدرسة الفرس. بعد احتلال الفرس لمدينة نصيبين تم ابرام معاهدة سلام هشة بين الإمبراطور الروماني جوفيان وشابور الثاني سنة 363 قضت أن تكون بلاد ما بين النهرين وأرمينيا تحت السيطرة الفارسية.

خاص كلدايا نت

د. عبدالمسيح بويا يلدا

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *