حياة من الرعب لمسيحيي العراق

 جيم ميور

 بي بي سي – بغداد

  

مسيحيون

تشييع ضحايا الهجوم على كتدرائية سيدة النجاة

 

 

بعد اسبوع واحد من اسوأ كارثة يواجهها مسيحيو العراق في العصر الحديث، عادت الكنيسة

التي وقع فيها الهجوم الذي اسفر عن مصرع اكثر من خمسين شخصا الى النشاط ثانية.

 

 

فقد جرى تنظيف المبنى واعداده على عجل ليقام فيه قداس ثان في نفس الوقت بالضبط الذي

 هوجم فيه في الاسبوع السابق.

 

 

وبينما كان العمل جاريا لاعداد مبنى كتدرائية سيدة النجاة لاقامة اول صلاة فيها منذ الهجوم،

 خرج رجل دين مسيحي عراقي بارز في لندن، هو المطران أثاناسيوس داود، بدعوة الى افراد

 الطائفة المسيحية بضرورة ترك العراق لأن البقاء فيه اصبح خطرا جدا على حياتهم.

 

 

وقال المطران داود لبي بي سي، بعد ترؤسه قداسا للمسيحيين الارثوذكس العراقيين في

العاصمة البريطانية: “اذا بقينا سيقتلوننا، فأيهما افضل؟ الهرب ام البقاء؟ أن نقتل ام ان نبقى

 على قيد الحياة؟ ولكن عندما اقول لرعيتي “اخرجوا”، فإني اقولها بقلب مجروح.”

 

 

ولكن الزعماء الدينيين والسياسيين المسيحيين في العراق لا يشاركون المطران الرأي، بل

بالعكس فإنهم متحدون في سعيهم لاقناع اتباعهم على البقاء في بلادهم.

 

 

يقول اسقف بغداد للسريان الكاثوليك اغناطيوس متي ميتوك إنه فقد نصف ابرشيته في هجوم

الاسبوع الماضي الذي طال كتدرائية سيدة النجاة المجاورة لمكتب ابرشيته.

 

 

ويضيف: “يقول لي الناس: تريد منا البقاء بعد الذي حصل؟ قد يحصل نفس الشيء ثانية،

ومن الذي سيحمينا آنئذ؟”

 

 

“اقول لهم،” والكلام ما زال للاسقف اغناطيوس ميتوك، “إن الكنيسة تعارض الهجرة. فعلينا

المكوث هنا مهما غلت التضحيات لنكون شهودا لديننا. ولكن الناس بشر، ولا يمكننا منعهم

اذا كانوا مصممين على الرحيل.”

 

 

من جانبهم، عبر الساسة المسيحيون العراقيون عن غضبهم من دعوات الهجرة – ومما تردد

 عن استعداد الدول الغربية لاستقبال المسيحيين العراقيين الهاربين.

 

 

ويقول يونادم كنة، وهو عضو مسيحي في مجلس النواب العراقي: “هذا بلدنا الذي عشنا فيه

جنبا الى جنب مع المسلمين لمئات السنين. هذا قدرنا، وسنبقى هنا سوية.”

 

 

ويمضي كنة للقول: “هذه الدعوات موازية تقريبا لما تفعله القاعدة بنا. فالقاعدة تدفعنا دفعا

للخروج، بينما يقوم الغربيون بسحبنا – وكلاهما ضد شعبي وضد بلدي وضد مصالحي.”

 

 

ووجه يونادم كنة جام غضبه الى خطة قال إن فرنسا وضعتها لدعوة الف مسيحي عراقي

للهجرة اليها، واصفا هذه “الخطة” بأنها “ضد مصالح المسيحيين، فهي تحرض المسلمين

ضدنا. كما انها مخالفة للمباديء الاوروبية التي تدعو للتعامل مع الناس كبشر وليس من

خلال كونهم مسيحيين او مسلمين.”

 

 

وكانت السفارة الفرنسية ببغداد قد اعلنت عن نيتها تنظيم عملية اخلاء جوي يوم الاثنين

لاربعين من الذين اصيبوا في الهجوم على كتدرائية سيدة النجاة ومرافقيهم وذلك لمعلاجتهم

في المستشفيات الفرنسية.

 

 

الا ان السفير الفرنسي بوريس بويون اصر على ان عملية الاخلاء هذه لا تتعدى كونها عملية

طبية انسانية، مضيفا بأن الالف تأشيرة التي ذكرها كنة تشمل العراقيين جميعا وليس

 المسيحيين لوحدهم. وقال إن هذا العرض هو جزء من برنامج اوروبي يعود تاريخه الى عام

2008.

 

 

وقال السفير لبي بي سي: “لفرنسا تقليد عريق يعود لمئات السنين بتوفير المأوى للذين

تتعرض حياتهم للخطر. ولكن مصممون من جانب آخر على ان يحتفظ العراق بهويته التعددية

 – وبقاء المسيحيين في العراق جزء مهم من هذه الهوية.”

 

 

الا ان المخاوف ما زالت تعتمل من احتمال بدء موجة جديدة من الهجرة جراء هجوم الاسبوع

الماضي.

 

 

فادية عيسى واحدة من هؤلاء، إذ قررت مغادرة العراق الى الولايات المتحدة مع زوجها

وولديها وشقيقة زوجها بعد ان انتظروا سنتين للحصول على تأشيرات الدخول.

 

 

وبالرغم من ان قرار فادية وعائلتها لم يكن رد فعل للهجوم على الكتدرائية، عزز الهجوم

 قناعتها بضرورة الرحيل.

 

 

وتقول فادية – التي لم تسافر الى خارج العراق ولم تستقل طائرة في حياتها قط – “من

المحزن طبعا ان تغادر بلادك، المكان الذي ولدت وترعرعت فيه، ولكن ما عسانا فاعلون؟

نحن نعيش في رعب دائم هنا. نحن خائفون عند جلوسنا في المنزل، وخائفون عندما نأخذ

الاطفال الى المدرسة، وخائفون عندما نذهب الى السوق. الخوف يطاردنا في كل مكان.”

 

 

“هل تضمنون حياتنا؟”

 

انكمش حجم الطائفة المسيحية في العراق، وهي طائفة يعود تاريخها الى الفي سنة تقريبا،

بشكل كبير بعد الغزو والاحتلال الامريكي للبلاد. فقد انخفض عدد المسيحيين من حوالي 900

 الف عام 2003 الى نصف هذا العدد الآن.

 

 

يقول الاسقف ميتوك بهذا الصدد: “لم تقع مجازر كهذه قبل سقوط النظام السابق. بالطبع نحن

 قلقون على مصير طائفتنا، ولكن كلما نحثهم على البقاء يسألوننا: هل تضمنون حياتنا؟”

 

 

ويشير الاسقف وغيره من رجال الكنيسة الى ان المعاناة والاستهداف ليستا حكرا على

المسيحيين دون غيرهم.

 

 

وفعلا، قتل 90 عراقيا – جلهم من المسلمين – في هجمات متعددة طالت احياء شيعية ببغداد

 بعد يوم واحد من الهجوم الذي استهدف كتدرائية سيدة النجاة.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *