حوار مع الشاعر والفنان الشماس سمير زوري

حوار
مع الشاعر والفنان الشماس سمير زوري

بدون رتوش
أعداد وحوار //هيثم ملوكا

  لقاؤنا اليوم مع شخصية كلدانية معروفة، يتسم بالتواضع والهدوء، وتعلوا وجهه دائما أبتسامة جميلة مليئة بالتفاؤل والحُب للجميع .فإذا أردنا ان نوصف الأستاذ سمير زوري فهو شخصية أَنعمَ الله عليها بِمواهب كثيرة أبدع في جميعها فهو شاعر كلداني بأمتياز يجيد اللغة الكلدانية بكل براعة، كتابةً  وقراءةً وهذا ما يظهر في مشاركاتهِ في العديد من الندوات واللقاءات الأدبية والفنية والأجتماعية.
ومن جهة أُخرى ،فهورسام ومبدع، حيث تتحرك أنامله بكل أنسيابية  لترسم وتلون أجمل اللوحات ، يحتفظ ببعضها واهدى البعض الآخر منها للأصدقاء.
إضافة الى ذلك فهو شماس خدم ولازالَ في الكنيسة، قدمَ الكثير لها، وأضافت الكنيسة اليه أيضاً الكثير حيث تعلم فيها كتابة وقراءة اللغة الكلدانية القديمة وفروعها وأصولها وكيفية النطق الصحيح لمفرداتها والبحث عن المصادرالأولية لهذهِ اللغة .
هل ممكن أن نُعرفْ القُراءالكرام من هو سمير زوري؟
انا سمير ميخا عيسى زوري من مواليد  بلدة القوش العريقة. انحدرأجدادي من كوكاي تركيا  في حوالي سنة 1740م بسبب الأضطهاد والقتل من قبل الدولة العثمانية ضد الكلدان بتلك المنطقة. وقد أبصرتُ النور سنة 1957م في القوش وبين عائلة كادحة حيث كان والدي فلاحاً ومن ثم  عمل منظف في بلدية القوش ولي الفخر بأبي الذي رباني تربية حسنة وترك بصمة الصبر والتحمل والأصرار في ذهني لكي أواجه كل الصِعاب لأعيش حياة حُرة كريمة مزوداً بسلاح العلم والمعرفة .تنتمي والدتي لعائلة بيت كجو التي سكنت عائلتها بغداد منذ الثلاثينيات  ،
— أنت تمتلك مواهب كثيرة وكما قلنا أبدعت فيها جميعاً ، حيث تجيد الخط الكلداني و كتابة الشعر والقاءه بأحترافية وأيضاً كرسام لك العديد من اللوحات الفنية الرائعة .كيف أستطعت  أن تجمع  بين كل هذه المواهب وتبدع بها .وهل لنا معرفة بداياتك في أكتشاف مواهبك ومن ثم صقلها الى هذا اليوم؟
في بداية حياتي وتحديداً في التاسعة من عمري وأنا في الصف الرابع الأبتدائي في مدرسة القوش الأولى للبنين ،حيث كانت في مبنى كنيسة مار ميخا النوهدري انذاك التي تأسِسَت سنة
1918 م. ظهرت أول مواهبي مع الرسم، ورسمت عدة لوحات متعددة حيث كنت في اللجنة الفنية للمدرسة وشاركت في المعرض المقام( لجميع المدارس)  في ناحية القوش، وقد حصلنا على الجائزة الأولى من مديرية تربية نينوى ولظروف خاصة ،رسِبتُ في الصف الرابع الأبتدائي، ولكن لن تُثني من عزيمتي و موهبتي في الرسم، فأَبدعت في تلك السنة برسم أجمل اللوحات و فازت مدرستي في حينها بالجائزة الأولى. وفي الصف الخامس الأبتدائي رُشِحتُ ان أكون رئيس اللجنة الفنية . وقد ثابرتُ كثيرا ورسِمتُ لوحات عديدة و حصلنا على الجائزة الأولى لتلك السنة، و في الصف السادس الأبتدائي نلنا الجائزة الاولى أيضا وبعد ان أنهيتُ الأبتدائية،  دخلتُ معهد مار يوحنان الحبيب المعهد الكهنوتي الدومنيكي في الموصل لأدرس اللغة الكلدانية والفرنسية والعربية كما ذكرت من قبل. كانت لوحاتي تعرض لسنوات في مدرسة القوش الأولى للبنين من بعد تخرجي منها. حيث حصلت مدرستي لستة سنوات متتالية على الجائزة الأولى في المعارض التي شاركت بها  مدارس كثيرة في القوش. هذه كانت بداياتي في الرسم، وفي المعهد شجعني الأب ريتشارد الدومنيكي رئيس قسم الصغار في المعهد وتعلمت التلوين بالأصباغ المائية والزيتية على يد الأب ميريكو الدومنيكي وساعدني أيضا المطران يوسف توما .
وفي سنة 1975م ، قفل المعهد لأسباب دولية بين العراق وفرنسا ، التجأت الى أعدادية الصناعة في الموصل قسم النجارة وابدعت كثيرا بالرسم في المدرسة وكنت من الأوائل بالرسم الهندسي الصناعي حيث كان مدرسي وأسمه أرشد البنا  متعجبا بلوحاتي، حيثُ قامَ بتكليفي بأن أرسم له لوحات متعددة ومنها للامتحان النهائي، ولم أعلم بذلك وانا في الأمتحان تفاجأت عندما كنت ارى رسمي في الأمتحان.
ومن خلال الرسم الهندسي المتقن اتقنت الخط الكلداني الجميل أيضاً بنوعيه الأسطرنجيلي والشرقي وحتى الغربي .وأبدعت بلوحات فنية وجميلة أيضاَ وانا في الخدمة الألزامية ( العسكرية) كنت رساما ماهراً وقد شاركت في عدد من المعارض الفنية في فرقتي .
ووخلال فترتي في الجيش تعرفتُ على رسامين ماهرين ، منهم مؤيد نعمة وعلي النجار. اتقنت الخط العربي بدقة وامعان جميل وتعلمت بنفسي بدون معلم من كراريس الخطاط المشهور يوسف ذنون .وبعد تعلمي جميع الخطوط العربية الرقعة .النسخ . الديواني. الديواني الجلي، الثُلثْ .الفارسي . كان اصعب الخطوط هو الثلث ،وألفت كراسة قواعد الخط الكلداني. ويرجع فضل تعلمي وبروز موهبتي في الخط والكتابة الى عم والدتي  صادق كجو حيث كان خطاطاً ماهراً بخطه الكلداني الجميل وله عدة مخطوطات كلدانية وهي الان بحوزة أبنه عادل كجو حيث كان بليغا باللغة الكلدانية وفي كل مخطوطة كان يكتب في المقدمة قصيدة طويلة باللغة الكلدانية الفصحى، وقد أُعجبتُ به وجائتني رغبة ان اتعلم هذه اللغةمنذ صغري وتعلمتها في بداية الستينات على يد الشماس هرمز كادو وعاصرتُ الخطاط الكلداني الشهير بولس قاشا . وقد تأثرت به منذ صغري وكنت متعجبا بخطه الجميل وخاصة الخط الأسطرنجيلي اكملت دراستي الأبتدائية في بلدتي القوش وبعدها انتقلت الى معهد مار يوحنان الحبيب المعهد الكهنوتي الدومنيكي في الموصل لأدرس اللغة الكلدانية والفرنسية والعربية. من بعد ان اتقنتُ جميع الخطوط العربية قواعديا، خطر في بالي فكرة ان أرسم الحرف الكلداني بالقياس والأنحراف والزاوية ومن 5 حروف أساسية تأخذ باقي الحروف منها. وعند طباعة الكراس  حصلت على إِجازة للطبع من المجمع العلمي السرياني في العراق تَمَ حذف العنوان (قواعد الخط الكلداني ) الى (خط اللغة السريانية) وفي مقدمة الكراس تم تغيير كل كلمة كلداني الى سرياني ولم أستطع عمل شيئ لم يكن هناكَ من يقف في مواجهة وتصحيح هذت الخطأ من الكلدان والمطالبة بتثبيتها. وكان علي ترك طباعتهِ وعدم قبولي تبديل الحقائق وبسبب الحاح الكثيريين من القُراء والشباب للحصول على نسخة من هذا الكراس لفيمتهِ .تم  طبع 1000 نسخة ووزعتها على جميع الكنائس في العراق وخارج العراق وبقى في حوزتي ما يقارب 70 نسخة فقط .وبعد خدمتي الألزاميةالعسكرية
تعينت مدرساً  .في أعدادية صناعة دهوك كمدرس للرسم الهندسي الصناعي لقسم النجارة وانذاك طلب مني رسم لوحتين كبيرتين للرئيس العراقي الراحل صدام حسين وواحدة ايضا مدخل ناحية القوش وبعدالأنتفاضة الكردية رسمت صورة للقائد الكردي ملا مصطفى البرزاني وفتحها السيد فاضل الميراني المسؤول السياسي الكردي في محافظة دهوك . هذه هي مسيرتي في الفن والرسم والخط .
 انت تنحدر من بلدة  القوش المعروفة  بجمالها وأرثها التأريخي العريق وشموخ جبلها وطيبة وشجاعة اهلها. هل أضافت لك الأبداع في كل ما ذكرناه؟
طبعا ان القوش قريتي العزيزة والحبيبة على قلبي لم ولن انسى طفولتي وشبابي التي عشتها وترعرعتُ فيها . حيث تعلمت فيها اللغة الكلدانية منذ صغري وانا في العاشرة من عمري قرأت ( نقوم شبير) وهي طُلبات تقال في صلاة الرمش باللغة الكلدانية الفصحى، بعد ان تعلمتها من الشماس القدير ايليا سكماني وفي السنة التالية تعلمت خدمة القداس بكاملهِ بلا قراءة الرسالة وثم اتجهت الى المعهد الكهنوتي ودرست اللغة الكلدانية على يد الاب العلامة البير ابونا ، حيث تعلمت لفظ الحرف الكلداني بأتقان جيد مع الحركات وتعلمت كل المزامير. وعند عطلتي الصيفية التي كنت اقضيها في القوش قريتي كنت اُعلم اللغة الكلدانية لطلاب الأبتدائية ( قرايا كلذايا). وكنت اتشجع ان اقرأ ( قريانا ) في القداس الكبير ليوم الأحد حيث كان باللغة الكلدانية وتعلمت ترجمته من الشماس المخضرم  الياس ملوكا الذي هو جَد الأستاذ هيثم ملوكا. حيث كان ينبهني ان لا أكتب او أُأشر على الكتاب بل َ فقط ان اقرأه مترجماً الى السوادية وكان من الصعب عليَ في البداية القيام بذلك.  أجتهدتُ كثيرا وتعلمت الترجمة بدقة وبعد دراستي في المعهد الكهنوتي تعلمت قواعد اللغة الكدانية للمؤلف المطران( اوجين منا) ، واتقنت ما هي الأسماء وانواعها وجمعها وجزمها وكذلك الصفات وأسماء الأشارة وأسماء الموصولة والأفعال وتصريفِها .وقد قمتُ بتعليم شمامسة كثيرون قواعد اللغة الكدانية ومنهم من صار راهبا او كاهناً ، وقد ابدعت باللغة الكلدانية من كتابة الشعر وترجمة بعض الطقوس الكلدانية منها طقس الموتى . وطقس المعموذية . وصلاة مسحة المرضى وصلاة الصباح اليومية وبعض القصائد الشعرية  وتسمى توركامي وبويائي وسوغياثا . واليوم قد اكملت ترجمة الكتاب المقدس بجزئيه العهد القديم بكامله والعهد الجديد  لأول مرة يترجم من اللغة الكلدانية الى السوادية وهو تحت التصحيح والتنضيد ويجهز للطباعة .
في الحقيقة ….وبحسب معرفتي بكَ وما ذكرته سابقاً ،أنتَ شخصية متعددة المواهب والشيء الملفت للنظر انك ابدعت حقاً بها جميعاً .هل لك اي هوايات او نشاطات أُخرى لفتت انتباهك وأهتمامك عبر مسيرة حياتك المليئة في العمل والسهر والأجتهاد؟
نعم لي مواهب عديدة ليست فقط هواية فحسب بل هي كانت أيضا موهبة نمت مع شخصيتي منذ الطفولة مثل كتابة الشعر باللغة الكلدانية والعربية ولي قصائد كثيرة منها
باللغة العربية وزنا وقافية ومنها بالكلدانية الفصحى وزنا وقافية أيضاً و ترتيب الأبيات حسب الحروف الأبجدية.  وبدأتُ بأول قصيدة كتبتها سنة 1969م،  حين تجاوزت العشر سنوات حيث كتبت قصيدة لحادثة جرت في بلدتي القوش وكانت قصتها تدور حول الأعتداء الذي حصل من قبل الأيزيديين على قريتي القوش لأسباب دينية ودافع اهالي ألقوش الشجعان ببسالة ضد المعتدين بمعركة استخدم بها السلاح لثلاثة أيام وهُزم المعتدين من قبل رجال القوش العروفين ببسالتهِم. .وقد عشت هذا الحدث ورأيته بعيني وكتبتهُ عندما انتهى الصراع بعد ايام. وقد رُتِل على شكل سوغيثا او منحلتا بلحن شجي وبعد هذه القصيدة كتبت أيضا قصة حياة مار بهنام واختهِ سارة سنة 1975والمتكونة من 250 بيت مزدوج من الوزن السباعي، إذ كتبها كتقليد للشاعر الكلداني الشهير الأب يوحنان جولاغ كقصيدة جنفياف وقصيدة يزداندوخت، وأستمريت بكتابة الشعر وكنت القي قصائدي في المناسبات وفي سنة 1973م كتبت اربع قصائد باللغة العربية وزنا وقافية ، عندما كنت في معهد مار يوحنا الحبيب ، أسشرتُ استاذي انذاك ، اسمه نافع بزوعي حيث كان مشرف تربوي للغة العربية فقرأها بتأني وقال لي :” سمير من علمك ان تكتب القصائد الشعرية؟  أجبته : لقد قرأت دواوين عديدة للشعراء وأحببت الشعر وانا كما تعلم ذكي باللغة العربية وخاصة القواعد فقال لي نعم وهو كذلك لكن ماذا عن الدروس الأخرى . فسكِتُ!! فقال لي سأقول لك شيئاً !! يُعجبُني اقرأ ما كتبتهُ، و لكن لا تأكل الكعكة قبل الخبز أهتم بدروسك جيدا ولك المجال ان تكون شاعرا مشهورا” وتركت الكتابة بالعربية واتجهت الى اللغة الكلدانية السوادية الى ان التقيت بالأستاذ القدير فاضل بولا وقرأت أمامه قصائدي،  فقال كتاباتك مليئة بأخطاء أملائية وانت شماس يجب ان تكتب بالصيغة الصحيحة. فتفاجئت بهذا الكلام ونصحني ان اكتب القصائد بأن تكون لها بداية مع التركيز والنهاية. وعلمني كيف اكتب املائياً . واستمريت ان اكتب قصائدي حسب توجيهات الأستاذ فاضل بولا وشاركت في عدة أُمسيات شعرية ومهرجانات ثقافية .
اما  هوايتي الأُخرى هي الموسيقى،  تعلمتها وانا في المعهد الكهنوتي من كتاب تعلم الموسيقى باللغة الفرنسية وأتقنته وعرفت النوتة ورسمها وتعلمت العزف على الماصول ومن ثم تعلمت العزف على البزق وأيضاً على الكمان وتعلمت اكثر المقامات العراقية ولحنت عدة اغنيات وتراتيل .
وفي المسرح تعلمت التمثيل في معهد مار يوحنا الحبيب . حيث شاهدت من قبل مسرحية فكاهية في القوش بعنوان دوشو. وانا في المعهد مع الأكركيين، كنا نحضر أحتفال بمناسبة الأعياد المارنية وبهذ الأحتفالات شاهدت مسرحية أعجبتني . فكتبت تلك المسرحية كما شاهدتُها ومثلناها في المعهد سنة 1972 وبقيت ممثلا ومخرجاً في المعهد لسنوات التي قضيتها بالمعهد . وفي سنة 1980 في القوش بعد اغلاق المسرح بها لمدة 10 سنوات فُتِحَت ابواب المسرح ثانية وعملتُ مخرجا وكاتبا مسرحياً ، وحسب أمكانياتنا المتواضعة   كالديكور والمكياج والأكسسوارت. وآخر مسرحية مثلتُ بها كانت مسرحية جبرائيل دنبو للكاتب الأُستاذ سعيد شامايا وأخراج الأستاذ هيثم أبونا، وكان دوري بصفة كاهن مساعد لجبرائيل دنبو مجدد الرهبنة الهرمزدية الكلدانية، وبالطبع الديكور والمكياج من حصتي .
اما عن الأعمال التي مارستها لكسب المعيشة تعلمت الحلاقة للرجال في المعهد الكهنوتي ايضا، وبعدها مارسته في الخدمة الألزامية وكنت أُحلق فقط الضباط،  وفي سنة 1977 م دخلت الى أعدادية الصناعة قسم النجارة وتعلمتها باتقان علمي وهندسي. وثم تعينت مدرسا بهذه المادة.واضيف الى كل ذلك .اني تعلمت اللغة الكدانيةالفصحى باتقان واللغةالعربيةواللغةالفرنسيةواللغةالأنكليزيةلست متفوق بهاوقليلا من اللغة الكردية مع لغتي الأم الكلدانية السوادية ولي فكرة أن الف كتاب قواعداللغة لكلدانيةالسوادية .
 كونكم تعمقتم وتفحصتم وقلبتم الكتب والوثائق التأريخية حول اللغة والكتابة الكلدانية والتقيتم بشخصيات أدبية وثقافية معروفة .هل من الممكن ان تُعرف القراء بِأثباتات او أدلة أو وثائق تأريخية تبين حقيقة وأصالة اللغة الكلدانية المحكية والمقروءة ؟
سؤال مهم جدا وسأرد عليه بأختصار. لأنهُ من هذا السؤال ممكن أن أقوم ببحث طويل للغاية مع الأدلة والمصادر والوثائق والصور لِأثبات الحقيقة . سابدأ أولاَ بأساس اللغة الكلدانية منذ الحضارة البابلية . أحتضنت بلاد الرافدين الأنسان الأول وأصبحتْ مهد الحضارات فبدأ التاريخ من سومر ومن هناك بدأت اللغة السومرية والكتابة المسمارية قبل اكثر من 7 الآف سنة قبل الميلاد . وأستفاد الأكديون الساميون من هذه الأنجازات العظيمة . حيثُ صاغوا الكتابة الصورية ومنها الكتابة المصرية الهيتوغروفية . لم تكن هذه الطريقة كافية  للكتابة حيث اخترعوا الكتابة الصورية الرمزية  التي تمثل الخط المسماري للبابليين الكلدان والأمويين واخذوا منها الآشوريين ولا زال هذا النظام معمولأً به في الصين واليابان ومنها تطورت الى المقطعية،واقدم كتابةاكتشفت في سيناء قبل حوالي 2500 سنة قبل الميلاد ، وتعود الى الحقبةالفينيقية والتي تشير الى المعاني والمقاطع الصوتية بصور وأشارات الى أن تكونت عندهم مجموعة من الحروف وتكونت الأبجدية الكنعانية ومن ثم  تبنتها الأمبراطورية البابلية واليونانيين. وشاعت في جميع أنحاء بابل واطرافها. وثبتت لغة رسمية لكل بلاد الرافدين لسهولة لفظها وكتابتها وسميت التلمود البابلي وكانت المملكةالبابلية أعظم أمبراطورية صاحبة حضارة علمية وأجتماعية وثقافية وعسكرية. إذ شهد لها،  ايشعيا النبي وايرميا النبي والملك سنحاريب وملك الفرس كورش، لأِنها كانت البهاءوالزينة على الأرض ولايوجد مدينة بنيت هندسياً ومعمارياً وحتى طريقةالبزل وتبليط الشوارع بها كانت موجودة في ذلك الزمان .وكانت كل الدول المجاورة والبعيدة لمملكة بابل لها تعامل تجاري وأجتماعي وعسكري معها. حيث كانت اقوام مثل الكنعانيون والآراميون والميديون والعجم وحتى الصين ومصر وكل واحد منهم يتحدث بلغتهِ. ان اللغة الكلدانية ماخوذة من السومرية والأكدية والكنعانية والآرامية كان لها أبجدية حيثُ يتم بها التعامل التجاري والأجتماعي والعسكري وعلوم الطب و الفلك .
لقد دونت بعض الأسفار للكتاب المقدس التوراة بالخط الكلداني وباللغة الكلدانية لأن اليهود قد  تعلموااللغةالكلدانية وصارت الكلدانية هي السائدة .لذا نفتخر بان يسوع المسيح تكلم باللغة الكلدانية .وان جذرأصلهِ من أبراهيم من أور الكلدانية. وهناك ترجمات الكتاب المقدس الى معظم لغات العالم وبقيت بعض العبارات اوالجمل باللغةالكلدانية كما هي الى اليوم تستعمل مثل : بيث لحيم . عمانوئيل. أيل أيل لمانا شوكتان. طليثا قومي. مارن أثا. ايشوع . وبعض الكلمات مثل كملا . قنيا . الب بيث. قرايا . كندل وغيرها .
لقد وجد اقدم آثار للخط الكلداني سنة 317 يوناني اي سنة 6 ميلادي هو نقش على قبر بيرجيك  التي تقع على الشاطئ الأيسر من الفرات على بعد 5كم من مدينة الرها.
وان أول كنيسة شُيدتْ في عهد الرسول توما أحد تلاميذ المسيح في بابل (كوخي)،  ويذكرها مار بطرس برسالته الأولى 5: 13  كان مار ماري تلميذ مار توما قد عُين مسؤولا عن هذه الكنيسة وترجم الأنجيل من اللغة اليونانية الى الكلدانية وكتبه صديقهُ اسمهُ أحا سنة 389 يوناني اي سنة 78 ميلادية .
اما القديس جيروم( 350 ـ 420 م) ترجم الكتاب المقدس من اللغة الكلدانية الى اللاتينية وهناك مخطوطات كثيرة كتبت باللغة الكلدانية وخاصة في القوش مدينة النبي ناحوم الألقوشي واشتهرت اللغة الكلدانية بمجيء مار ميخا النوهدري الى القوش في الجيل الخامس. حيث فتح مدرسة لتعليم اللغة الكلدانية وهي عامرة لحد اليوم وكذلك دير الربان هرمزد الذي أشتهر بمخطوطاتهِ الكثيرة كلها كُتبت باللغة الكلدانية . وقد عملت في هذا الدير في زمن الأنبا ابرهيم يوسف رئيس الدير حيث كلفني ان أُصحح المخطوطات المتلوفة لِأدامتها وتجليدها وكتابة الأوراق الناقصة لم أجد في كل قراءتي لهذه المخطوطات أي إَشارة تُشير الى كاتب أو مؤلف اشوري اوأشارة الى اللغة الاشورية أطلاقا بعكس مايدعي البعض.( وهذا ليس انتقاصاً بأحد ولكن لتوضيح الحقائق لمن لم يطلع علىها من مصادرها الأصلية ).وطبعا هناك قواميس كثيرة في متاحف العالم باللغة الكلدانية ومخطوطات قديمة باللغة الكلدانية  تُثبت قِدم وأصالة هذه اللغة العريقة.
هذا مختصر عن اللغة الكلدانية ولي بحث طويل بالأدلة والوثائق والمصادر تثبت بان اللغة الكلدانية هي الأصل ولها شعب كلداني منذ العهد البابلي والى يومنا هذا. وربما نحتاج الى لقاء آخر لتوضيح كل هذه الحقائق بوثائق تأريخية .
بالتأكيد جيلكم والأجيال التي من قبلكم حملتم هذه المسؤولية والأرث الحضاري والثقافي الكلداني العريق على عاتقكم ، ونقلتموها الى الأجيال التي من بعدكم .ماهي الرسالة التي تريد ان تقولها للأجيال الحالية والقادمة للحفاظ على لغتنا وتأريخنا وثقافتنا التي ورثناها من حضارتنا العريقة عبر الألأف السنين.
رسالتي الى الأجيال التي جاءت من بعدنا .. أكتب لهم كما كُتب لنا من قبل المؤلفات في اللغة الكدانية . فهذه لغتكم الأصيلة هي الأساس لكل فرد كلداني مهما كان مذهبه او عقيدته يجب ان يتعلمها  كتابة وقراءة بجد وكفاح ،لأننا منها تعلمنا وعبر التأريخ …العلم والثقافة والفن والطقوس الدينية والطب والفلك والتاريخ والجغرافية والزراعة والصناعة..الخ. ومن خلال هذه اللغة ترجمت الكثير من العلوم والكتب الى جميع أمم العالم والى لغاتهم وتطورت، فنحن كنا البداية ولا نترك النهاية لغيرنا بل يجب ان نلتزم بها ونعتز ونفتخر بها وننقلها الى أجيالنا القادمة وهكذا. وأتمنى من الجميع الذين يتحاورون في موضوع اللغة وبالأخص للأسف أقولها أنَ بعض المثقفين من أبناء شعبنا الكلداني ، بان لايبيعوا ضميرهم والأمانة العلمية و التأريخية، ويحوروا الحقائق الموجودة في التأريخ من أجل حفنة من الدولارات ويزورون التأريخ هنا وهناك لأن الحقيقة مهما تم أخفاؤها لابد أن تظهر وتطفوا على السطح . تمسكوا في لغتكم وتأريخكم وعلموها لأطفالكم وللأجيال القادمة لتستمر هذه الشعلة والأمانة التأريخية وهاجة الى الأبد.
البعض يحاول تنسيب اللغة الكلدانية على انها لغة سريانية بماذا تردون على هذه الأدعاءات وأصرارهم على الغاء لغة حية ووأصيلة (اللغة الكلدانية)  ؟ وهل لكم وثائق ومصادر تستندون عليها تفندوا هذا الأدعاء تبين وجه الحقيقة؟
انها مشكلة كبيرة وتزوير للتأريخ بتسمية اللغة الكلدانية باللغة السريانية ، ويحتاج هذا السؤال بحثا مطولاً بالادلة والوثائق والمصادر ،بل ساكتب بأختصار شديد لما يسمح به اللقاءان اللغة الكلدانية موجودة قبل الميلاد بحوالي 20 قرن منذ أن كُتب الكتاب المقدس باللغة تسمى التلمود البابلي اي اللغة الكلدانية،وبما ان موقع أور وأرضها هي لشعب كلداني اذن لكل شعب  لغة باسم قومهِ، كما الحال الشعب الأنكليزي له لغته الانكليزية الشعب التركي لغته التركية وكذلك الشعب الكلداني لغته الكلدانية. أما تسمية اللغة السريانية اتت عندما انفصلت كنيسة انطاكيا من كنيسة الرها في الجيل الخامس الميلادي اتخذت كنيسة انطاكيا أسم سريان نسبة الى سوريا وأصبح الشعب المسيحي التابع لكنيسة انطاكيا بالسريان الأرثاذوكس او السريان الغربيين. وحولواأسم اللغة الكلدانية الى السريانية .واما كنيسة الرها سميت كنيسة المشرق (الكلدان النساطرة) نسبة الى البطريرك نوستورس اليوناني . والبعض يقول انها اللغة الآرامية، لا أختلف بهذا لكن اللغة الكلدانية كانت خليط من اللغة الاكدية واللغة الآرامية وسميت لغة التلمود البابلي (الكلدانية) بحروف آرامية لسهولة كتابتها وأبجديتها المنسقة.
وتوسعت الجهة الغربية اي كنيسة انطاكية توسعا كبيرا وأسمَت كل العلماء والكتاب وحتى القديسون باسماء السريان مثل مار افرام السرياني وهو من رها وكان يجب ان يسمى مار افرام الكلداني وحتى الشعراء والأطباء في القطر وفي الحيرة والمناذرة وبابل سميت باسم السريان لقوة كنيسة انطاكية أداريا وماديا ومعنويا آنذاك . اما كنيسة الرها اي الكنيسة الشرقية كانت فقيرة إِداريا وماديا وقد أحتل بيت (ابونا ) كرسي البطريركي بالوراثة وسيطروا على هذا الكرسي وعلى كل املاك الكنيسة حوالي 5 قرون، الى أن انتفض الشعب المسيحي النسطوري الكلداني سنة 1551 م. وترشح رئيس دير ربان هرمز انذاك ( يوحنا هرمز سولاقا من القوش) ونُصب بطريركاً كاثوليكياً على الكلدان. وبسبب فُقر الكنيسة ماديا والأنقسامات الدينية آنذاك،  أضطرت وقبلت الكنيسة ان تَطبَع كتبنا على هذا النمط ( طقس القداديس مع ثلاث قداديس كطقس الكنيسة المقدسة السريانية المشرقية الذين هم الكلدان) اذن كما وضحنا بسبب فقر الكنيسة مادياً  وقوة كنيسة أنطاكيا إدارياً ومالياً تم طبع بعض الكتب والقبول بالتسمية السريانية .
كلمة الختام….. نتركها لك أُستاذ سمير زوري مع شكرنا وتقديرنا لك وبما تحملهُ من خزين من المعلومات المهمة، أوصلناها للقراء الكِرام، متمنين لك المزيد من الأبداع والنجاح في أعمالك الفنية وكتابة الشعر وتدريس اللغة الكلدانية  وترجمة الكتب وايضاً في خدمت كنيسة الرب ولشعبنا المؤمن.
-في ختام هذا اللقاء و(حوار بدون رتوش) ، أُعبر عن شكري وتقديري لك أستاذ هيثم ملوكا لما تقوم بهِ من خلال عملك الأعلامي،  بتقديم شخصيات أدبية وفنية ودينية وسياسية
لتعريف القراء عليها بصورة دقيقة ولطرح افكارهم وعلومهم وأعمالهم للقُراء، وأيضاً للأسئلة المتميزة التي طرحتها ، وحاولت بدوري من خلالها أن أوصل بعض الحقائق  للقارئ الكريم ،كما قرأتُها من مصادرها ومن الوثائق التأريخية والبعض منها لازال موجودا معي .كما عرفت القراءمن هو سمير زوري وما قدمهُ من أعمال أدبية وفنية وبحوث وترجمة للكتب باللغة الكلدانية الأصيلة.


سمير زوري / ترميم كنيسة مار كوركيس الكلدانية في القوش سنة 2007م

سمير زوري(مساعد المخرج) مع مجموعة من الممثلين في القوش للتحضير لمسرحية الثري النبيل

ص1/في مسرحية صخرة العطش من تاليف واخراج وتمثيل سمير زوري سنة 1976 على قاعة الربيع في الموصل/ ص2/ في القوش مع العود

الكاتب هيثم ملوكا في حواربدون رتوش مع الشاعر والفنان سمير زوري/ ملبورن 2021


ص/ في ترميم كنيسة مار كوركيس الكلدانية في القوش سنة 2007/ ص2/ القاء الشعر في احدى المناسبات في ملبورن

صورة مع كادر التمثيل لمسرحية الثري النبيل


ص1/الشاعر والفنان سمير زوري الرابع جلوساً من اليسار .. في محاضرة اقامها الأتحاد الكلداني
مع البروفسور الراحل افرام عيسى في ملبورن /استراليا.
ص2/ البروفسور افرام  عيسى(وسط) / الكاتب هيثم ملوكا(يسار)/ الكاتب يوحنا بيداويد

عزف على البزق سنة 1976 في قاعة الربيع في الموصل

لقاء تلفزيوني في دمشق/ سوريا بأفتتاح معرض فني شارك به الفنان سمير زوري ب12 لوحة زيتية سنة 2010

في تعليم اللغة الكلدانية في مدينة ملبورن سنة 2016

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *