حتى الرهبان صاروا تحت اِبطهم/ بقلم عبدالاحد قلو

في واقعة غريبة من نوعها، ولم تحدث في تاريخ الرهبنة المسيحية وبالذات منها الكلدانية هو التحكم بالدير من قبل اصحاب السياسة. وذلك لأن المعروف عن الدير ورئيسها والرهبان المنتمين للدير لهم ادارة خاصة بهم لا تخضع لأية مؤسسة مدنية واجبهم هو الصوم والصلاة والقراءة والتفرغ لعبادة الله. والاهم من ذلك هو العيش بحياة التقشف بكل ما لها معنى ليتوافق ذلك مع نذورهم متعهدين امام ربهم بأن يتجردوا من كل ماهو مادي مكتفين “بخبزنا كفافا يومنا”.

جزء يسير عن دير الربان هرمزد

وعلى هذا الاساس وجد دير الربان هرمزد القابع على سفح جبل ناحية ألقوش والذي يجذب الزائر عند مدخل هذه الضيعة بعظمة هذا الصرح المحفور في صدر جبل القوش والدالة على عظمة وجبروت انسان ذلك الزمان، في الابداع في بناءه حافرا ومخترقا الصرح الصخري الشاهق ليجعله مسكنا يؤمن تزهده لعبادة خالقه وبعيدا عن الاغراءات الدنيوية التي تعكر مبدئه وهدفه الاسمى، علما بأن ارتفاعه يبلغ ( 900 ) مترا فوق سطح البحر والذي يبتعد عن الموصل شمالا بمسافة ( 30 ) ميلا.

يعتبر دير الربان هرمزد الذي بقى ثابتا لأكثر من اربعة عشر قرنا متحديا عشرات النكبات التي مرت عليه، واحدا من الاطلالات الشامخة على سهل نينوى المليء بالعديد من المواقع الأثرية التي لا تزال اغلبها شاخصة الى يومنا هذا.

وان الذي اشتهر بحمل هذا الاسم، الربان العظيم هرمزد مؤسس الرهبانية الهرمزدية الكلدانية والذي ولد في بيت لافاط (شيراز) من مقاطعة الأهواز في أواخر القرن السادس الميلادي، من أبوين هما (يوسف وتقلا) مؤمنين بمسيحيتهم الكلدانية. وقد عاش مايقارب 94 عاما، قضاها بعد تقبله لنذور الرهبنة، حياة ملؤها الصلاة والعبادة والتقشف متجردا من كل ما هو مادي يبعده عن ربه.

وما الذي يحصل في هذا الدير حاليا؟

ومن خلال ما ذكر في موقع عشتار تي في. وحسب الرابط المذكور ادناه وفحواه مشاركة النائب لويس كارو عضو مجلس النواب العراقي عن القائمة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري في الصلاة التي أقامها الأنبا جبرائيل كوركيس رئيس دير السيدة في القوش في كنسية دير ربان هرمز في القوش بمناسبة الذكرى 66 لتأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني ترحماً على شهداء البارتي في معركة ألوكا الشهيرة والتي راح ضحيتها كوكبة من ابناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري الذين كانوا ضمن صفوف البارتي وقد حضر هذه المراسيم السيد علي عوني مسؤول الفرع العشرين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والسيد حسن مجيد مسؤول التنظيمات الحزبية في الفرع بالإضافة إلى عدد من ممثلي الأحزاب الوطنية والقومية والمؤسسات المدنية والحكومية وحشداً كبيراً من أهالي القوش وبعد إنتهاء الصلاة توجه الحضور إلى المقبرة الخاصة بالشهداء ووضعوا أكليلاً من الزهور تثميناً وتقديراً لما بذلوه من أجل الوطن لإرساء أسس الديمقراطية والحرية التي يشهدها اقليم كوردستان الأن.(انتهى الخبر)

وما هو مدلول هذا الخبر؟

انه لغز محير يبدو لمن لا يعرف تفاصيل هذا الترابط ما بين النائب لويس كارو ورئيس الرهبنة والرهبان والحزب الديمقراطي الكردستاني. والذي يدعو البعض للتسائل! لماذا اختير هذا الدير بالذات لحدث هذه المناسبة المزعومة؟ ألم تكن هنالك اديرة وكنائس اخرى ان لم نقل جوامع او حسينيات توالم هذه الذكرى التي لا تعود بصلة بواقع وتخصص هذا الدير؟ ولماذا لم يبادر رئيس الدير ورهبانه بالصلاة على ارواح شهداء الكلدان والذي ينتمي هذا الدير الى الكنيسة الكاثوليكية للكلدان والتي احتفلت به مناطق عديدة من العالم والذي يصادف في الاول من الشهر الثامن من كل سنة؟ ان لم يعرفوا تاريخه!.

وهل اصبحت ادارة هذا الدير بمن يعتبرون انفسهم الممثلون السياسيون لمسيحي العراق؟ والذين لهم أجندات اخرى ينفذونها ومنها تفتيت الكلدان وذلك بدعم واسناد الاكراد بواسطة العرّابين المتملقين لهم وعلى رأسهم الافندي سركيس آغاجان والذي استطاع اِغواء بعض الناقصين في انتمائهم لقوميتهم الكلدانية والذين باعوا ضمائرهم في سبيل حفنة من المال. والآ على ماذا يدل هذا الحدث؟ ويقال حدث العاقل بما لا يعقل.

وبمتابعتنا لما حصل، ومن مصادر مقربة ولها معلومات مستفيضة عن هذا الدير، فقد علمنا بأنه هنالك رواتب شهرية تدفع لرئيس الدير، مبلغا مقداره 500000 دينارعراقي و 200000 دينار عراقي للرهبان في هذا الدير، من قبل ابو المكارم السيد آغاجان ومن حصة مسيحي العراق الذين معظمهم يتذورون جوعا. لأنهم لا يقبلون منيّة هذا العرّاب والعرّاب الاخر المتذيّل بالمالكي ويداهم لا تمتد متسولة لمثل هؤلاء العرّابين. اما رهباننا يتقبلونها مخالفين والمبدأ الذي اصبحوا فيه رهبانا بعد نذرهم امام الله بالعيش حياة التقشف مكتفين بكفاف خبزنا.

وماذا عن سكوت مطران ألقوش (ميخائيل المقدسي) عن هذه الماساة التي وصلت اليها كنيسة القوش. والذي اِن دلّ على شيء فليس بالبعيد ان ينال من ما يقتاته من موائد هذين العرابين. مساهما في تهجين وتفتيت ابناء كنيسته الكلدانية بعد تخبطهم بالتسميات الغريبة والحديثة التي ابعدتهم عن ايمانهم المسيحي وقوميتهم الكلدانية بالاضافة الى أبتعاده عن طاعة رؤسائه في كنيسته ولغاية ما في نفسه، وبتأثير اللوبي الاشوري المتكئ على الحكومتين في العراق.

موقف البطريركية والمطارنة الاخرين

لقد كتبنا مرارا عديدة بأن يستنهض سيادة بطريركنا المبجل ليجمع شمل رعيته المترامية الاطراف والمتبعثرة وذلك بزيارة مطارينه والابرشيات المنتمية اليهم محاولا لم شملهم، بعدها بعقد السينودس المنتظر والذي اصبح غائبا لأكثر من اربعة سنوات، للحاق بالقافلة التي تسير وعلى غير هواه. وان كانت حالته الصحية عائقا لذلك، فلما الانتظار والتفرج وأبناء كنيسته يتفرقون بعد ان اصبحوا في ضياع بعد ان نشطت الجهات الاخرى التي تكنّ العدائية لكنيسته الكلدانية.

وعليه فقد استفحل مطلب الاقتداء يا سيدنا، بمن سبقوك من الذين لاتسمح حالتهم الصحية في قيادة الرعية وكما فعلها سيادة المطران مار بطرس صفير الطيب الذكر (بطريرك الكنيسة المارونية) والذي تنحى جانبا وبكل مودة وشجاعة، محبة برعيته، وليعطي دورا للاخرين لتولي قيادة البطريركية المارونية، التي اختير من بعده غبطة البطريرك مار بشارة الراعي وقد احتفظ البطريرك صفير بمكانته وسمعته ما بين ابناء رعيته وبمقام عالي. وسيبقى ذكراه (اطال الله في عمره) خالدا لما قدمه من مواقف شجاعة وعظيمة لأبناء رعيته ومنها موقفه بالتنحي من منصبه بسبب مرضه. ونحن نسأل، هل هنالك من مجيب؟!

اذا حصلت المعجزة؟

اقول هذا جدلا، عند قبول غبطة مولانا البطريرك بالتنحي والسبب معروف بشعور غبطته بأن عطاءه الذي كان مثمرا وعبر سنوات طويلة من خدمته الكهنوتية والرعوية، قد وصل الى أمر وهو واقع الحال والذي لايمكن نكرانه بأن يتنحى جانبا وبكل محبة وتواضع، وذلك لعلمه بأن استمرار وجوده على سدة البطريركية في هذا الظرف العصيب، يعني ذلك مزيدا من التباعد والتفتت في اروقة كنيسته، والتي لا تطيب او تروق له لمحبته وايمانه بتلك الكنيسة صاحبة الارث والتاريخ والحضارة العريقة.

ولكنني أتامل حاليا، بماذا سيكون موقف اختيار بديل سيادته في الاجتماعات التي سيعقدها مطاريننا الاجلاء لأختيار المناسب الذي يستطيع ان يحافظ على كنيستنا الكاثوليكية للكلدان متحديا الخروقات في صفوف رعاة هذه الكنيسة. وخوفي ان لا يكون جلوسهم على المائدة المستطيلة التي سيتمسك بتلابيب احد طرفيها، احد العرابين والعراب الاخر لطرف المائدة الاخرى. ليختاروا مطرانا للبطريركية وما يتوافق ورغبتهم في تأشور كنيستنا ان لم يخترق ذلك الاجتماع بطريركهم الاثوري الذي يدعي بالاشورية للجميع. ومن يستطيع الاعتراض وجيوب بعضهم (حاشا من البعض الاخر) مثقّلة بما يعبّى لهم شهريا، وهنا ستكون الطامة الكبرى.

عبدالاحد قلو

الرابط المخجل المذكور في عشتار تي في.

http://ishtartv.com/viewarticle,43769.html

You may also like...