جَـنـَّتـُنا سامريٌ والفقير، والجهنم لِمـَن يختار السعير

حـينما خـلق الله الإنسان (والبعـض يسره أن يقـول أن الهـواءَ أنجـب الإنسانَ مِن رَحَـم الأرض ) كان حـراً وديمقـراطياً حـتى الـﮔـشر، فـكان يناقـش ويقـترح ويرفـض ويقـبل ويأمر ويطـيع، طـيِّـب مع مـَن كان يمارس هـذه الخـصال؟ الجـواب: مع نـفـسه لأنه كان وحـيـداً، إذن هـذه هي ديمقـراطيـتـنا منذ البدء! ولما جاءت حـرمُه المصون أنـثاه صار ديالكـتيكـياً مضطـراً لأنهما إثـنان يتـناقـشان ويتعاتـبان عـلى أمور الحـياة، حـول مَن يرث الآخـر! فـهذه ديالكـتيكـيَّـتـنا.

والعـنصر البشري تـطـوّر عـلى أيدي المفـكـرين والفلاسفة الذين لم يقـتـنعـوا بالفـراغ الروحي سواءاً في الإنسان أو في الكـون بسبب إعـجابهم به وبالطبـيعة الخلاّبة من جهة والرهـيـبة من جهة أخـرى فـخـلـقـوا للبشرية آلهة كـثيرة حـسب حاجـتهم ثم نصبوا لها إلاهاً ملكاً كـما كان الحال في الإله (زيوس) عـند الإغـريق .

لقد جاء الآباء يوجهون والأنبـياء يتـنبَّـؤون والصارخـون بأصواتهم يمهدون الطريق للمستـقـبل حـتى حان الزمن الموعـود فـتـجـسَّـدَت الكـلمة الواعـية وصارت يسوعاً بـينـنا الذي ومنذ البداية أعـلن رسالته في المحـبة قائلاً: إنْ كـنتم تحـبوني إحـفـظوا وصاياي وهي أن تحـبوا بعـضكم بعـضاً. إن الهـدف هـو تلبـية دعـوة المسيح إلى محـبة البشر وفي مقـدمتهم الأعـداء، وحـين سأل أحـدُهم الربَّ عـن الملكـوت، أجاب: هي في قـلوبكم، وخـير مثال أعـطانا إياه هـو مثل السامري الذي ضمد الأورشليمي (بـين السامرة وأورشليم عـداوة)، وبهـذا تـكـون أخلاقـنا تـصرّفاتـنا أعـمالنا إيمانـنا أقـوالنا المتمثـلة بالسامريّ هي جَـنـَّـتــُـنا، فالمسيحي هـو في الملكـوت كل يوم وليس ينتـظر حـدائق مليئة بالنـفائس والأثمار في السماء. أما مَن تـغـيبُ عـن قـلبه تلك المبادىء فهو غائب عـن الجـنة ويـبقى في صراع مع نـفـسه ويشعـر بأنه هـو الأتون نـفـسه الذي لا يمكـن أن يُـطـفـئه جـسُده الذي هـو النار أصلاً، ولا يعالجه ثاني أوكـسيد الكاربون ما لم ينـقـلب عـلى ذاته ويـبتعـد! فـيـُـبـعِـد الوقـود الذي يذكي النار، عـنـدئذ تـنـطفىء نار الجحـيم فـوراً. إنّ المادة لا تـعاكس ذاتها ما لم يكـن لها وعيٌ من خارجـها (قانون نيوتن الأول – الفـيزياء).

السامريٌّ والجـريحٌ ( لوقا 10 : 33 )

أما نار جـهـنم لا تــُـطْـفأ ( إيشعـياء 66 : 24 )

بقـلم : مايكـل سـيـﭙـي
سـدني

You may also like...